كتابات علي المؤمن


Гео и язык канала: Иран, Арабский
Категория: Книги


قناة خاصة بكتابات علي المؤمن

Связанные каналы  |  Похожие каналы

Гео и язык канала
Иран, Арабский
Категория
Книги
Статистика
Фильтр публикаций




في الداخل.

ولذلك؛ بادرت إيران بتشكيل قوات عقدية خاصة، من مقاتلين إيرانيين وعراقيين ولبنانيين وباكستانيين وأفغانستانيين وآذربيجانيين، ودعمتها بالسلاح والإمكانات اللوجستية والمال والتدريب والتخطيط والقيادة. وقد تألفت هذه القوات (وفق تقديرات العام ٢٠١٦) من:

١- "قوات الدفاع الوطني"، وهي قوات خاصة سورية تتألف من (٢٥) ألف مقاتل شيعي وعلوي سوري.

٢- "قوات زينبيون"، وتتألف من (١٠) آلاف مقاتل أفغانستاني.

٣- "قوات فاطميون"، وتتألف من (٥) آلاف مقاتل باكستاني.

٤- قوات المقاومة الإسلامية العراقية، وتنقسم إلى أربع ألوية أساسية، تتألف بمجموعها من (١٥) ألف مقاتل.

٥- قوات حزب الله اللبناني، وتتألف من (١٠) آلاف مقاتل.

٦- المستشارون الإيرانيون، الذين وصل عددهم إلى (١٥) ألف قائد ومدرب ومستشار.

وقد بلغ مجموع هذه القوات في العام ٢٠١٦ نحو (١٠٠) ألف مقاتل، وهي القوات التي منعت سقوط سوريا طيلة (١٣) عاماً، وكان تأثيرها على الأرض أقوى بكثير من تأثير الجيش السوري، وأقوى من تأثير الطيران والصواريخ الروسية التي دخلت المعركة فيما بعد.
إلّا أنّ قرارات النظام السوري بالتخلي عن هذه القوات بالتدريج، وتحديداً بين العامين ٢٠١٦ و٢٠٢٢، نتج عنها حل الوحدات السورية منها، وإخراج الوحدات غير السورية إلى خارج سوريا، وذلك خضوعاً للتهديدات الأمريكية والتركية والإسرائيلية، والإلحاحات الأردنية والمصرية، والإغراءات الإمارتية والسعودية، بالرغم من الرفض الإيراني وتحذيراته المتكررة.

وكان النظام السوري يطمع مقابل ذلك ببقائه وإطالة عمره وإعادة اندماجه في الواقع العربي ودعمه اقتصادياً، ومساعدته على رفع العقوبات الدولية عنه، وهو ما كانت توحي له به الأنظمة العربية الطائفية، وخاصة الإمارات والسعودية. وكانت النتيجة أن بقيت سوريا عارية دون غطاء ودون درع وسيف. وكان النظام يعتقد أن اعتماده على الجيش سيمنع سقوطه، في الوقت الذي كان أغلب جسد الجيش يتكون من عناصر طائفية لا يعنيها سقوط النظام، وهي العناصر التي قامت بالانقلاب على النظام، وسلمت المدن السورية الواحدة تلو الأُخر إلى جماعة الجولاني. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لمتابعة "كتابات علي المؤمن" الجديدة وارشيف مقالاته ومؤلفاته بنسخة (Pdf) على تلغرام: https://t.me/alialmomen64


١- موقف نظام الأسد المبدئي من القضية الفلسطينية والكيان الصهيوني، والرفض القاطع لكل أنواع التطبيع، مقابل تيار الاستسلام العربي المنخرط في مشروع الولايات المتحدة الأمريكية والمتحالف أمنياً مع الكيان الصهيوني، وهو الموقف الذي ظلّ يكلف نظام الأسد الكثير من أمنه واقتصاده.

٢- إنصاف نظام الأسد لشيعة سوريا وعلوييها، ورفع الظلم والتهميش الطائفي التاريخي عنهم، وتنميتهم سياسياً وثقافياً وتعليمياً ودينياً واجتماعياً ومعيشياً، وفسح المجال أمام التبليغ الشيعي بكل أشكاله.

٣- احتضان نظام الأسد شيعة لبنان والعراق والخليج وأفغانستان وغيرها، في أحلك الظروف وأكثرها قسوة، وتحديداً في فترات المعارضة والأزمات والتشريد، مقابل ما كانوا يتعرضون له من عدوانية من أنظمة الدول العربية الطائفية.

٤- انخراط نظام الأسد في محور المقاومة الذي تقوده إيران، وتحمّل جراء ذلك عقوبات الأنظمة العربية ومؤامراتها، وفي الوقت نفسه رفض إغراءاتها.

٥- مشكلة البديل الذي سيأتي عقب سقوطه، وهو خليط من الجماعات المسلحة والسياسية المرتبطة بالمشاريع الأمريكية والإسرائيلية والتركية والسعودية والقطرية والإماراتية، والتي تتميز بخطابها الطائفي العنيف، والتكفيري غالباً. وهو ما حصل بالفعل، وبوضوح كامل، بعد سقوط نظام الأسد في ٧ كانون الأول/ ديسمبر ٢٠٢٤.

وقد كانت هذه المعايير هي نفسها التي تدفع الأنظمة العربية والجماعات الطائفية والكيان الصهيوني وأمريكا وتركيا، لمعاداة نظام الأسد والتآمر عليه، أو محاولة إغرائه بأن ينقلب على هذه المعايير.

ولذلك؛ فإن المحور الشيعي لم يكن ير في سقوط نظام الأسد مشكلة سورية داخلية؛ إنما مشكلة مركبة عميقة، ستكون لها ارتداداتها الكبيرة على مستوى الصراع مع الكيان الصهيوني ومواجهة المشروع الأمريكي وتيار التطبيع العربي، وامتداد التيارات التكفيرية الأممية إلى لبنان والعراق، فضلاً عما تخلقه من تهديد وجودي وعقدي لشيعة سوريا وعلوييها. وهو ما يعني أن انخراط الشيعة في جبهة نظام الأسد، لمنع سقوطه، لم يكن انخراطاً من أجل شخص الأسد نفسه وأسرته وحزبه، وإنما لما يترتب على سقوطه من كارثة على الواقع الشيعي برمته، سواء من ناحية ما سيتركه من فراغ في محور المقاومة، أو ناحية البديل الطائفي الذي سيحل محله.

وهذا الخطاب الطائفي المتجذر، لم تكن تخفيه جماعات المعارضة السورية، السلمية منها والمسلحة، والتي ظلت ترفع شعارات الوصول إلى كربلاء والنجف، وظلت ترفع الشعارات نفسها بعد استلامها السلطة. وإذا كان جزء من خطابها التكفيري والطائفي، قد تغيّر خلال السنة الأخيرة؛ فإنما هو تغيير مؤقت ومصطنع ونفاقي، من أجل أن يستتب لها الأمر وتستقر، ثم تبدأ بتنفيذ مشروعها الطائفي بعد بضع سنوات.

ولا شك أن الالتحام الدفاعي لأجنحة محور المقاومة بقوات الدولة السورية منذ العام ٢٠١١، لا يعني تسويغ الفكر العنصري العلماني للبعث وخلفياته العفلقية، ولا بالفساد الأخلاقي والسياسي والإداري، ولا السلوكيات القمعية والاستبدادية التي كانت يمارسها النظام ضد معارضيه، ولا السلوكيات الخاطئة التي أثّرت سلباً على أمن العراق بعد العام ٢٠٠٣، وتسببت في إراقة دماء كثير من العراقيين. وهي سلوكيات يتحمل مسؤوليتها ــ غالباً ــ بقايا الطائفيين في حزب البعث السوري ومخابراته، والذين بدأوا بالانقلاب تدريجياً على قيادة الأسد فيما بعد، وتحديداً خلال العام ٢٠٠٥، وهو ما كتبتُ عنه حينها قبل انشقاق عبد الحليم خدام وفاروق الشرع وغيرهما عن النظام.

ولا تزال كلمات السياسي العراقي الدكتور فاضل الأنصاري، عضو القيادة القومية لحزب البعث السوري، ترن في الآذان، وهو يتحدث في العام ١٩٩٩ عن طائفية بعض القيادات السنية في حزب البعث السوري، أمثال عبد الحليم خدام وفاروق الشرع وعبد الله الأحمر، وكيف كان الأحمر يدعم البعثيين العراقيين السنة على حساب البعثيين العراقيين الشيعة، وكيف كان بعض هؤلاء يخاطبونه بمصطلح (عجمي)، بسبب كونه شيعي، وكان الأنصاري يشبِّه طائفية هؤلاء القياديين البعثيين السوريين السنة بطائفية بعث العراق، وقد كادوا يطيحون بالأنصاري أكثر من مرة، لولا دعم الرئيس حافظ الأسد له.

حين كسر النظام السوري درعه وسيفه:

خلال الهجوم الدولي الشامل على سورية بأدوات تكفيرية وطائفية في العام ٢٠١١، وبدعم مباشر من حكومات أمريكا وتركيا و(إسرائيل) والإمارات وقطر والسعودية والأردن ومصر وبريطانيا وفرنسا، استنجد النظام السوري بإيران، وكانت مصلحة محور المقاومة الشيعي تلتقي بمصلحة النظام السوري؛ لأن سوريا كانت حلقة أساسية في سلسلة محور المقاومة، وأن سقوطها بيد الجماعات التكفيرية والطائفية المدعومة من أمريكا وأوروبا وتركيا وإسرائيل والأنظمة الطائفية العربية؛ لن يؤدي إلى تقطيع أوصال المحور وحسب، وإنما سيجعل أمريكا وتركيا وإسرائيل والأنظمة العربية تحاصر شيعة لبنان من الشرق، وشيعة العراق من الغرب، وتحول دون دعم الفلسطينيين


ولم يقتصر ذلك على العراقيين، بل كانت هناك أعداد كبيرة من السعوديين والبحرانيين والأفغانستانيين والباكستانيين الشيعة وغيرهم، يقيمون في سوريا، ويتحركون بحريتهم، دون أن يجدوا ملاذاً آخر لهم في أية دولة عربية.

وكانت سوريا تلعب دوراً مهماً في دعم شيعة لبنان، معنوياً وسياسياً وعسكرياً، وخاصة حركة أمل وحزب الله والمجلس الشيعي الأعلى، وظلت بعد العام ١٩٨٢، الممر الآمن لمرور الدعم الإيراني المفتوح لشيعة لبنان، بما في ذلك الدعم العسكري الضخم، وكان ذلك سبباً مهماً في قدرة حزب الله على مواجهة الكيان الصهيوني.

ورغم إنصاف نظام الأسد لعلويي سوريا وشيعتها، وحماية شيعة العراق ولبنان والخليج، والتحالف مع إيران الشيعية، إلّا أن إطلاق تهمة الطائفية على نظامه ربما لا تصح؛ لأنه في الوقت نفسه كان يحتضن أيضاً الجماعات الفلسطينية السنية، بما فيها حركة حماس، فضلاً عن الجماعات القومية السنية العربية والأحزاب الماركسية.

ولم يكن نظام الأسد يمارس تهميشاً لسنّة سوريا أو إقصاءً لهم من المناصب الرأسية والقيادية العليا في الحزب والدولة والقوات المسلحة؛ فكون رئيس الحزب ورئيس الجمهورية في سوريا كان شيعياً، لم يحوّل النظام الى نظام طائفي علوي. على العكس مما كان عليه نظام البعث العراق؛ فقد كان رئيس النظام البعثي العراقي و٩٠% من أعضاء مجلس قيادة الثورة وقيادات حزب البعث والوزراء وقيادات الجيش، من السنة العرب، رغم أن نسبة السنة العرب لا تتجاوز ١٦% من نفوس العراق. بينما تبلغ نسبة العلويين والشيعة في سوريا حوالي ٢٠% من السكان، وفي المقابل؛ لا تتعدى نسبة العلويين والشيعة في قيادة حزب البعث السوري والحكومة وكبار المسؤولين نحو ١٠% من عدد المناصب العليا، أي وزيراً واحداً عادة في كل حكومة، وعضوين قياديين في كل تشكيلة قيادية، وربما محافظاً واحداً، بل أن كثيراً من الحكومات البعثية في سوريا كانت تخلو من وزراء علويين وشيعة.

وحتى رئيس الجمهورية السورية، العلوي الشيعي، كان يصلي خلف علماء الدين السنة وهو يتكتف، احتراماً للأكثرية السنية في سوريا؛ بينما كان صدام حسين يصلي وهو متكتف داخل ضريح الإمام علي وفي عقر دار المرجعية الشيعية في النجف. والأكثر من ذلك؛ أن النظام البعثي العراقي منع طباعة رسالة المرجع الأعلى السيد الخوئي بسبب وجود مسألة شرعية تتعلق بمبطلات الصلاة، وأحدها التكتّف؛ لأن رئيس النظام سنياً ويتكتف في الصلاة.

وفي حين كانت مناهج الدين والتاريخ في المدارس والجامعات السورية، سنّية بامتياز، ولم تُكتب يوماً في إطار ثقافة شيعية وعلوية إطلاقاً؛ فإنّ المناهج الدراسية العراقية في الدين والتاريخ، كانت على العكس منذ تأسيس الدولة العراقية في العام ١٩٢١ وحتى العام ٢٠٠٣؛ فقد كانت مذهبية سنية طائفية، وقومية عربية عنصرية، تتطابق تماماً مع ثقافة الأقلية السنية العربية البالغة ١٦% فقط من الشعب العراقي.

٣- على مستوى الحقوق والحريات الدينية والمذهبية والاجتماعية والإعلامية، كان نظام الأسد يعطي فسحة مهمة من النقد الإعلامي والفني والمعارضة السياسية، ويسمح لكل المشارب الدينية والمذهبية بممارسة شعائرها وطقوسها، وكان السوريون يحظون بكل وسائل التواصل والاتصال، من الموبايل إلى الإنترنيت إلى الكمبيوتر إلى الستلايت، وكل هذا لم يكن متاحاً في عراق البعث، بأي شكل. ويعرف المتابعون للدراما والمسرح السوريين منذ سبعينات القرن الماضي وحتى سقوط النظام، حجم النقد الكبير الذي كان يوجّه للحكومة وأجهزتها الأمنية، وهو النقد الذي كان يقود في عراق البعث، حتى ولو واحد بالمائة منه، إلى منصات الإعدام وثرامات اللحم ومسالخ الجلود.

وبالتالي؛ فإن التشابه بين حزب البعث الأسدي وحزب البعث العفلقي الصدامي هو تشابه نظري وشكلي، أي تشابه في الفكر القومي العربي العام، وتشابه في بعض سلوكيات الاستبداد والقمع الداخلي. أما الاختلاف بينهما في المواقف الفكرية والسياسية وفي ثقافة الدولة وسلوك الحكومات؛ فإنه اختلاف جوهري.

وحين تَكرّس بعد العام ٢٠٠٦ انخراط الدولة السورية في محور المقاومة والممانعة الذي تقوده إيران؛ فقد قررت الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني وتركيا والسعودية وقطر والأردن والإمارات، إسقاط نظام البعث - الأسد، وإعادة سوريا الى وضعها الطائفي السابق، وضمِّها الى الحلف الأمريكي الإسرائيلي السعودي، تمهيداً للقضاء على المحور الشيعي برمته، وهو التهديد الذي كان يستهدف أحد أهم أجنحة محور المقاومة، وصولاً إلى تهديد لبنان ثم العراق ثم إيران.

معايير التحالف بين نظام الأسد في سوريا والمحور الشيعي:

كانت علاقة التحالف والدعم المتبادل بين المحور الشيعي، الإيراني اللبناني العراقي السوري الخليجي الأفغانستاني الباكستاني، ونظام الأسد في سوريا، تحكمها خمسة معايير، هي:


العلاقة الإشكالية بين نظام الأسد في سوريا والمحور الشيعي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
د. علي المؤمن

منذ سقوط نظام البعث في سوريا في ٧ كانون الأول/ ديسمبر ٢٠٢٤، والأسئلة تتراكم وتتكاثر حول مساحات التشابه والاختلاف بينه وبين نظام البعث العراقي، وأسباب تأييد شيعة العراق لنظام الأسد البعثي ومعارضتهم لنظام صدام البعثي، وحلف الجمهورية الإسلامية الإيرانية وشيعة لبنان مع نظام الأسد.

وسأتناول هذه الأسئلة وأجيب عليها، ليس من منطلق المسموعات والمعرفة النظرية، وإنما بناءً على معايشتي للواقع السوري خلال إقامتي في لبنان منذ العام ١٩٩٢.

التشابه والاختلاف بين نظامي البعث في العراق وسوريا:

بعيداً عن تعقيدات الانشقاق في حزب البعث في شباط/ فبراير ١٩٦٦، الى بعث عراقي وبعث سوري، وأسبابه ومساره التاريخي؛ فإن الجذور الفكرية والثقافية والتنظيمية والسلوكية للحزبين البعثيين في سوريا والعراق هي جذور واحدة، لكن هناك فروقات جوهرية بينهما، أبرزها:

١- إن حزب البعث السوري ليس عفلقياً في آيديولوجيته وقيادته؛ إذ يعتبر البعثيون السوريون ميشيل عفلق منحرفاً فكرياً عن مبادئ البعث، وجاسوساً للغرب، وخائناً، وهو موقفهم نفسه من حزب البعث العراقي وقيادته.

وكان حزب البعث العراقي قد تحوّل من حزب عفلقي الى حزب عفلقي صدّامي منذ العام ١٩٧٩ وحتى وفاة ميشيل عفلق في العام، ثم تحوّل الى حزب صدّامي بامتياز بعد ذلك وحتى الآن. وصدام حسين المولود في عائلة سنية؛ يمثل التيار الأكثر طائفية وعنصرية في حزب البعث العراقي، رغم أنه علماني لا ديني، لكن طائفيته السياسية الاجتماعية العلمانية تستقي جذورها من المشروع القومي العربي العراقي الطائفي.

في حين أن حزب البعث السوري كان عفلقياً حتى العام ١٩٦٦، ثم استحال أسديّاً بامتياز، أي أنه ظل مطبوعاً بطابع الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، وهو علوي متمسك بعلويّته الاجتماعية، مثله مثل الأغلبية الساحقة للعلويين النافدين في الحزب والدولة السورية. ورغم أن العلويين هم شيعة إثنا عشريون، وليسوا كما يشيع عنهم خصومهم بأنهم (علي اللهية) و(نصيرية)، إلّا أن لهم نظاماً اجتماعياً دينياً خاصاً منفصلاً عن النظام الاجتماعي الديني الشيعي الإثني عشري العام، فضلاً عن غلبه الطابع العلماني على علويي الحزب والدولة، شأنهم في ذلك شأن علويي تركيا وإيران ولبنان، مقابل تميّز الشيعة السوريين من غير العلويين بالطابع الديني؛ لكن هذا لم يمنع من التحام الطرفين وتحالفهم على مر التاريخ، بما في ذلك فترة نفوذ العلويين في قرار الحزب والدولة السورية.

٢- الفارق الأهم بين حزب البعث العراقي وحزب البعث السوري يرتبط بالمشروع الطائفي، وهو فارق لا يعترف به الحزبان، بل يتبادلان الاتهام بشأنه فيما بينهما؛ فحزب البعث العراقي يصف حزب البعث السوري بأنه طائفي منحاز لطائفة الأقلية العلوية الشيعية في سوريا، وحزب البعث السوري يتهم حزب البعث العراقي بأنه طائفي منحاز لطائفة الأقلية السنية العربية في العراق، وهذه التوصيفات الطائفية للطرفين ليست اتهامات، وإنما هي حقيقة، ولذلك؛ نجد أن البعثيين العراقيين والإسلاميين السنة العراقيين هم الأكثر فرحاً وترحيباً بسقوط نظام البعث في سوريا، على العكس من الشيعة العراقيين غالباً.

والحقيقة أن دور العلويين عموماً وآل الأسد خصوصاً في إعادة توجيه حزب البعث السوري والدولة السورية باتجاه إنصاف علويّي سوريا خصوصاً والشيعة عموماً، لا يمكن إنكاره بأي وجه؛ فقد تمكن العلويون بعد العام ١٩٧١، وخاصة بيت الأسد، من كبح جماح الطائفية والعنصرية في الحزب وفي الدولة السورية، بل انقلب الواقع تدريجياً على الطائفيين في سوريا عموماً وعلى البعثيين الطائفيين خصوصاً، والذين لم يكونوا يخفون فخرهم بأنهم أمويون قبل العام ١٩٧١، ولم يعد هناك إقصاء وتهميش للشيعة أو السنة أو أية طائفة أخرى، بل أصبحت سوريا حليفة لشيعة لبنان في حياة السيد موسى الصدر، وخاصة بعد العام ١٩٧٤، وهي السنة الذي تحوّل فيها بيت الأسد إلى شيعة إثنى عشرية، وليس مجرد علويين، بفضل السيد موسى الصدر. ثم أصبحت سوريا الأسد حليفة لإيران بعد تأسيس الجمهورية الإسلامية، انطلاقاً من إيمان حافظ الأسد الحقيقي بتشكيل جبهة إقليمية ضد الكيان الصهيوني.

كما بدأت سوريا الأسد منذ العام ١٩٨٠، باحتضان المعارضين الشيعة العراقيين لنظام البعث العراقي، وبقي العراقيون المعارضون والمهاجرون في سوريا، يتحركون كما يشاؤون في سوريا، ويدرسون ويعملون، دون أن يحمل أغلبهم الوثائق الثبوتية من جواز سفر وإقامة، في الوقت الذي كانت الدول العربية تمنع سفر العراقيين إليها، وتلقي القبض على المعارضين وتسلِّمهم إلى نظام صدام.




أرى أن أعظم عظماء الشيعة، بعد أئمة آل البيت، هم أربعة عشر:
المختار الثقفي، السيد زيد بن علي، السيد إدريس الأول، السيد الحسن الأطروش، الشيخ عثمان العمري، الشيخ الصدوق، الشيخ المفيد، الشيخ أبو جعفر الطوسي، حمدان بن حمدون، علي بن بويه، السيد عبيد الله الفاطمي، السيد اسماعيل الصفوي، السيد سعادت علي خان، والإمام الخميني.
وأعظمهم على الإطلاق: الإمام الخميني. علي المؤمن


وفوق كل هذا؛ يرمون الشيعة بدائهم الطائفي المزمن، ويعملون بكل جهد على جر بعض الشيعة المنفعلين والبسطاء إلى الصراعات الطائفية وتبادل الشتائم والمهاترات، لأن انتشار عدوى الطائفية هدف استراتيجي للطائفيين.
هذه دعوة لكل شيعي بأن يبقى على الخط الذي رسمه له إمامه جعفر الصادق، ولا يصاب بداء الطائفية المزمن، ولا يتعلم من الطائفيين لغة العصبية الجاهلية والحقد والضغينة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لمتابعة "كتابات علي المؤمن" الجديدة وارشيف مقالاته ومؤلفاته (بنسخة Pdf) على تلغرام :
https://t.me/alialmomen64


الأخلاق المذهبية بين أتباع الإمام الصادق وأتباع ابن تيمية
د. علي المؤمن
في جلسة عامة في الجزائر خلال العام 1999، وخلال ذروة نشاط الجماعات التكفيرية الوهابية فيها؛ سألني بعض المثقفين الجزائريين العلمانيين عن قضية يتصورونها إشكالية معقدة: ((لماذا أنتم الإسلاميون الشيعة مختلفون عن الآخر المذهبي المتدين أو السلفي اختلافاً في الجوهر والشكل، ونراكم منفتحين ثقافياً وفكرياً وسلوكياً ومذهبياً على الجميع، ولا تكفِّرون أحداً، بل متعاونون مع أهل السنة وداعمون لقضاياهم، رغم أن أغلبهم لا يتقبلكم بالأساس!!)).
قلت لهم: نعم؛ نحن نختلف، والسبب، بكل بساطة؛ إننا أتباع جعفر بن محمد الصادق وهم أتباع أحمد ابن تيمية. إمامنا الصادق يأمرنا أن نتعامل مع أهل السنة كإخوة في مجتمع واحد وأجزاء في أمة واحدة؛ بقوله: ((صلّوا في مساجدهم، وعودوا مرضاهم، واشهدوا جنائزهم، وإن استطعتم أن تكونوا الأئمة والمؤذنين فافعلوا؛ فإنكم إذا فعلتم ذلك قالوا: هؤلاء الجعفرية، رحم الله جعفراً، ما كان أحسن ما يؤدب أصحابه، وإذا تركتم ذلك قالوا: هؤلاء الجعفرية، فعل الله بجعفر، ما كان أسوأ ما يؤدب أصحابه)). أما أحمد بن تيمية فإنه يحكم على الشيعة بالكفر ويستبيح دماءهم ويستحل أعراضهم وأموالهم، بل يستبيح دم كل من يخالفه في الرأي.
ولا يزال هذا الواقع الأخلاقي العقيدي قائماً؛ فنحن دائماً شركاء لإخواننا السنة في قضاياهم وأفراحهم وأحزانهم، بل نعد قضاياهم المصيرية قضايانا؛ فقد وقفنا معهم في ثوراتهم التحررية ومقاومتهم للعدوان، في الجزائر وليبيا وأفغانستان وفلسطين ومصر وسوريا وتركيا والسودان وإندونيسيا والهند وبورما والفليبين وكل البلدان التي يتواجدون فيها. ثم حمل الشيعة همّ فلسطين وقضيتها منذ العام 1979، وبذلوا من أجلها الأرواح والأموال والجهد على كل الصعد، ولولاهم لقضى الحكام العرب على قضية فلسطين، ولأصبحت في مهب التاريخ، ولباتت (إسرائيل) شقيقةً حاضرةً علناً في كل عاصمة عربية.
وبالتالي؛ هناك تباين جوهري، أخلاقي عقيدي، بين أتباع آل البيت في تضامنهم وتعاطفهم وتعاضدهم مع قضايا إخوانهم السنة، وبين الطائفيين الذين يشمتون بالشيعة في مصائبهم.
وفي السنة الماضية؛ بمجرد الإعلان عن اغتيال اسماعيل هنية ثم يحيى السنوار، ضجّت وسائل الإعلام الشيعية وحسابات الشيعة وصفحاتهم في التواصل الاجتماعي، شخصيات وأفراداً وجماعات ومؤسسات وحكومات، وهي تنعى وتعبر عن الحزن والشراكة في المصاب، والدعوة للثأر والانتقام من المعتدي، حتى تعتقد أنهم أصحاب العزاء. ثم يصلي على جثمان هنية مرجع الشيعة، ويقيمون له تشييعاً مليونياً لم يحدث لأية شخصية سنية في التاريخ، حتى في البلدان السنية. وانتقم الشيعة لمقتله عاجلاً، رغم أن هذا الانتقام كلفهم كثيراً من الأنفس والأموال والجهود والتداعيات. وهذه ليست بدعة في المشهد الشيعي، بل هو أصل وقاعدة وجوهر، لأن هذا المشهد يعود بتعاليمه إلى محمد وعلي والحسين وجعفر الصادق.
وفي المقابل؛ نرى الطائفيين في وسائل الصحافة والإعلام والتواصل الاجتماعي، يضجّون بالشماتة والسخرية بعد موت أو مقتل كل شخصية شيعية، منذ إعدام السيد محمد باقر الصدر ووفاة الإمام الخميني، وحتى مقتل السيد إبراهيم رئيسي واغتيال السيد حسن نصر الله. ففي كل مصاب كنا نتمنى أن يبادر شيخ أو جماعة أو مؤسسة أو حكومة إلى التعزية باستشهاد أحد شهداء الشيعة في العراق وإيران ولبنان وأفغانستان والبحرين والسعودية وباكستان وسوريا واليمن ومصر وغيرها، ولكن لا نحصد من انتظارنا سوى خيبة الأمل والألم والاستفزاز.




كتب الأستاذ إياد آل عوض الحسناوي: فيما يلي نص تعقيبنا على مقال المفكر الاسلامي الكبير الاستاذ الفاضل الدكتور علي المؤمن المحترم والمنشور في صفحته على الفيسبوك : (( اطلعت على مقالكم الموسوم (الازمه المعرفيه عند النخب السنية والعلمانية) ،، وقد وجدت انه من المفيد الاشاره الى ما يلي تاييدا لماذا ذهبتم اليه في جانب مهم من هذا الموضوع ؛ وبالمقابل فأننا نجد ان الباحث والمفكر والكاتب ورجل الدين الشيعي هم على اطلاع واسع وتفصيلي لما ورد في مؤلفات وكتب اهل السنه وخاصة كتب التفسير والحديث والفقه والتأريخ والسير والتراجم وغيرها ، وقد الف الكثير منهم كتب في تحليل ونقد في كل ما ورد في هذه المصادر والمراجع وخاصه الكب المعتبره والمعتمده لديهم . وهنا احب ان اذكر الاتي : (1) ان مؤلفات وبحوث الشيعه في العلوم والمواضيع والمعارف الاسلامية والمؤلفة في العصور المتاخرة نجد مصادر ومراجع الكتاب او البحث فيها نسبه كبيرة من مؤلفات لكبار علماء السنه وخاصه المشهور منها ولأعلام متقدمين . (2) ان اي استعراض لمكتبات الشيعه العامه او الخاصه ان كان في العراق او في البلدان الاسلاميه الاخرى فاننا نجد نسبه كبيره منها قد تصل الى 50% او 60% هي من مصادر وكتب علماء اهل السنه وخاصة المتقدمين منهم . (3) في مسائل الاحتجاج والخلاف تجد ان للشيعه لهم اليد الطول والحجة الاقوى في الرد على اهل السنه وذلك لاعتمادهم على مصادر الطرف المقابل الكبيره والمعتبره في اثبات صحه ارائهم وعلى قاعده (من فمك ادينك) في حين نجد الطرف الاخر يقف عاجزا عن الرد بالمثل . (4) اما تجربتي الشخصية بهذا الخصوص فقد كانت بدايتي في اوائل الستينيات من القرن الماضي حيث بدات بتاسيس مكتبه تضم مواضع مختلفة ولكن الغالب عليها هي كتب التراث الاسلامي حيث كنت ولا زال اعشق هذا النوع من الكتب فكان اكثر من 90% من كتب العلوم والمعارف الاسلاميه هي من مؤلفات كبار علماء اهل السنه وخاصه المتقدمين منهم وذات الشهرة الواسعة ولم يوجد فيها كتب او مصادر شيعيه الا القليل كمؤلفات المرحوم الدكتور محمد جواد مغنيه ككتاب (مع علماء النجف الاشرف) و(الاسلام والعقل) و (التفسير الكاشف) و(الفقه على المذاهب الخمسة) وغيرها او كتاب (شرح شرائع الاسلام) للمحقق الحلي ،، ولكن بعد السقوط فقد توفرت كتب ومصادر كثيره لمراجع ومفكرين من الشيعة ان كانوا من المتقدمين او المتقدين حيث اقتنيت اعدادا كبيره منها ،، لقد ثبت لدي بعد هذا المشوار الطويل مع الكتب والمكتبات ان كل عقائد الشيعه المهمه والحساسة اثبتتها كتب ومصادر اهل السنه)) .


هناك (400) مليون شيعي، فيهم خيرة قادة العالم؛ فلماذا يتخيل بعض الشيعة من أصحاب العقول الانهزامية والشخصيات المهزوزة، أن الهندوسي والبوذي والأوروبي والأمريكي والوهابي والسني، يستطيع أن يكون قائداً، وأن الشيعي هو وحده الذي لا يستطيع؟
ينبغي الخروج من سجن العقل وقوقعة الانعزال وجلد الذات، وأن يعرف الشيعي أنه يعيش عصر صعوده ونهضته، ولا يوجد صعود ونهوض دون ثقة عالية بالله وبالنفس، ودون تضحيات.. علي المؤمن


الشيعية العالمية، وخاصة بعد أن بلورها الشيخ الطوسي وأعاد هيكلتها وصنع من النجف عاصمة لها. ولم يكن هذا النظام يوماً نظاماً دينياً محضاً، بل ظل منظومة شاملة لأغلب جوانب الحياة، من العلوم الدينية، إلى الآداب والفلسفة، إلى النظام الاجتماعي، إلى السياسة والاقتصاد والمال، بما يمكن تسميتها بالدولة ناقصة السيادة.

وقد تطور النظام الاجتماعي الديني الشيعي العالمي في القرن العشرين، تطوراً غير مسبوق، وبات يضم أحزاباً سياسية عابرة للحدود، وجماعات جهادية، ورأس مال عالمي، وأوقاف عالمية، ومؤسسات تبليغية عالمية، وصولاً إلى تأسيس دولة كبيرة. وبقي هذا النظام في حالة صعود سريع ونوعي خلال العقود الأربعة الأخيرة، حتى بات أحد الفواعل الأساسية عالمياً، والفاعل الأول في الشرق الأوسط، إلى جانب المشروع الإقليمي الصهيوني ـ الأمريكي، ثم المشروع السعودي الوهابي الطائفي المتحالف مع المشروع الأمريكي، ثم المشروع التركي القومي الطائفي السني الجديد. وبالتالي؛ فإن المشروعين الأساسيين المتصارعين في الشرق الأوسط، هما المشروع الشيعي المقاوِم الذي تقوده إيران، والمشروع الأمريكي ـ الإسرائيلي ـ السعودي المهاجِم، وعلى أطرافها يتمدد المشروع التركي النامي.

وبالتالي؛ هل من الحكمة أن يتنكر الشيعة لنظامهم الاجتماعي الثقافي السياسي الجهادي الديني، والتضحية بإنجازاتهم ومكتسباتهم السياسية والمذهبية والتنموية والثقافية والإعلامية التي حققوها عبر مشروعهم الأممي الطبيعي خلال العقود الأربع الأخيرة، لمجرد وجود فحيح يتهمهم بعدم الوطنية؟، أو لحدوث خسارة هنا وثغرة هناك؟، أو لوجود عقدة لدى بعض القوميين العرب الشيعة عنوانها إيران، على اعتبار أن إيران هي التي تقود هذا المشروع الشيعي الأُممي لزاماً، بوصفها الأخ الأكبر؟، أو لوجود أوهام تذهب إلى أن المشروع الأُممي يحول دون تركيز كل مجتمع شيعي تفكيره وأداءه في واقعه الوطني؟

ولا شك أن هذه الهواجس والحساسيات موجودة في الواقع الشيعي؛ فهناك تيارات شيعية دينية انعزالية وخائفة أساساً، وكانت خائفة ومنعزلة حتى قبل نشوء المشروع العالمي الشيعي الجديد بعد العام 1979، وظل يزداد خوفها ودعوتها للانعزال بشكل مطرد، كلما حقق المشروع الشيعي إنجازاً أو تعرّض لخسارة، وهناك خطوط شيعية مرجعية وسياسية خاصة، بعضها جديد، وبعضها قديم، وهي ــ بالأساس ــ لم تكن منسجمة مع الخط المرجعي الشيعي العام وخط ولاية الفقيه. وتنطلق هذه الخطوط من هواجس فئوية ضيقة متخمة بالحسد والعُقد، وتمارس مناكفات ضد الخط المرجعي العام، وتتمنى لو تحطمت كل المكتسبات الشيعي الجديدة، لمجرد أن الذي يحققها هو الخط المرجعي العام أو خط ولاية الفقيه. وتشمل هذه التيارات أيضاً الجماعات والأفراد الذين لديهم عقدة مستعصية من إيران؛ فهؤلاء يروِّجون بأن كل عمل تقوده إيران أو تشترك فيه إيران، هو عمل مرفوض ومشكوك به، لأنه يحقق مصلحة لإيران، حتى لو كانت نتائج هذا العمل مهمة واستراتيجية لكل شيعة العالم وتضمن لهم كثيراً من مصالحهم.

وهناك أيضاً تيارات حذرة متوجسة، ترعبها التهم التي يوجهها الخصوم الطائفيون للشيعة بعدم الوطنية وبالتبعية للخارج، وتحديداً لإيران، ولذلك؛ تقوم هذه التيارات بالانكفاء محلياً، وطرح خطاب معاد للمرجعيات والجماعات والحكومات الشيعية في البلدان الأخرى، وخاصة المنخرطة في المشروع الشيعي العالمي، وتردد المصطلحات نفسها التي يرددها الإعلام الطائفي والصهيوني والأمريكي، بل لا تخفي براءتها أحياناً من الرموز المعبرة عن الهوية الشيعية العالمية، لكي تثبت وطنيتها واندكاكها بالوطن.

وهذه التيارات، تساهم عمداً أو غفلة، في محاولات تقطيع أوصال حلقات النظام الاجتماعي الديني الشيعي العالمي، وتفكيك التحالفات بين شيعة البلد الواحد، بذريعة أنها تحالفات طائفية، وكذلك تفكيك التحالفات بين شيعة البلدان المختلفة، بذريعة أنها تتعارض مع الانتماء الوطني. وهي بذلك تقدم أكبر مساعدة للمشروع الأمريكي الصهيوني الإقليمي، والمشروع الوهابي السعودي والمشروع التركي القومي السني، بالرغم من كونها مشاريع شمولية عابرة للحدود، ومعادية للشيعة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لمتابعة "كتابات علي المؤمن" الجديدة وارشيف مقالاته ومؤلفاته بنسخة (Pdf) على تلغرام: https://t.me/alialmomen64


المشروع العالمي حرامٌ على الشيعة.. حلالٌ على غيرهم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
د. علي المؤمن

إذا وضعنا الأصول التشريعية لعالمية الإسلام ووحدة المسلمين ووجوب الاهتمام بشؤون المسلمين دون النظر الى الجنسية والقومية والحدود، وعالمية النظام الاجتماع الشيعي، جانباً، وقاربنا موضوع المشاريع العالمية أو الدولية أو الأممية وفق قواعد المصالح والمفاسد الدنيوية والمادية؛ فسنرى أن الإنجازات الكبرى التي حققتها وتحققها البشرية تقوم على المشاريع العالمية العابرة للحدود، كالتحالفات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية، أو التحالفات الشاملة أو الوحدات الاندماجية، ليس بين الدول وحسب، وإنما بين الأفراد والجماعات والشركات، على أساس المشترك المناطقي أو العقدي أو القومي أو الاجتماعي الديني، وغيرها من المشتركات الإنسانية. في حين أن الذي يدمر الدول والمجتمعات والجماعات الإنسانية، ويحجِّمهما ويضعفهما، هو الفكر الانعزالي المحلي وتطبيقاته العملية، وهي سنة إلهية وتاريخية.

ومثال ذلك: المشاريع الأمريكية العالمية والإقليمية، التي لا تقتصر على الدول، بل تشمل الجماعات والعصابات أيضاً، وهي منتشرة في كل قارة وبقعة جغرافية في العالم، ولا تبدأ بحلف شمال الأطلسي، ولا تنتهي بمشروع الشرق الأوسط المتغير.

وكذا الحال بالنسبة للمنظومة الشيوعية، التي كانت تناطح الغرب بأسره باقتدار، منذ أربعينات القرن الماضي، بسبب مشروعها العالمي، رغم حداثته آنذاك، والذي لم يكن قد بلغ ربع قرن من عمره. ولم تتفرد واشنطن بالعالم إلّا بعد تفكك المنظومة الشيوعية العابرة للحدود. وقد ورثت روسيا كثيراً من تحالفات وامتدادات المنظومة الشيوعية العالمية، وظلت محافظة عليها بقوة، لكي تعزز حضورها قوةً عالمية في مقابل الغرب، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية.

وكذلك المشروع الصهيوني العالمي، الذي بدأ في نهايات القرن التاسع عشر، وتحوّل بمرور الزمن إلى أقوى وأنجح مشروع قومي ــ ديني في العالم، رغم حداثته من جهة، ورغم قلة عدد اليهود (5 ملايين نسمة في مطلع القرن العشرين)، ورغم أنهم كانوا أكثر الجماعات الإنسانية المنبوذة والمحتقرة في أوروبا وأمريكا وروسيا، لكنهم تحولوا بفضل مشروعهم العابر للحدود إلى أهم أقلية بشرية مؤثرة في العالم.

وهكذا الأمر بالنسبة للكيان الوهابي السعودي، الذي يبذل منذ تأسيسه، مليارات الدولات سنوياً لإنجاز مشاريع عقدية ــ سياسية عابرة للحدود، وقد نجح بعضها، وتجد له أصداء في جزء من الدول العربية والأفريقية والشرق آسيوية؛ حتى أن الأحزاب العقدية ــ السياسية والجماعات المسلحة المرتبطة بالسعودية، والمشاركة في السلطة في بعض بلدان شرق آسيا ووسط أفريقيا، هي التي تقف وراء ضرب الحضور الإنساني الشيعي هناك بقسوة وقوة. وقد حققت السعودية هذه النجاحات دون أن يكون لديها أية لوازم وأنساق موروثة، سوى المال، أي أنها بدأت في ثلاثينات القرن الماضي من الصفر، حتى بات لدى الوهابية السعودية، عبر ضخ المال، أكبر مشروع طائفي وهابي ـ سني في العالم.

وما الحراكات العابرة للحدود التي تنفّذها تركيا الأرودغانية منذ العام 2003، بدءاً بآذربيجان، ثم الدول الناطقة بالتركية، ثم ليبيا ثم العراق ثم سوريا، إلّا مساعي حثيثة سريعة للحاق بركب المشاريع الشاملة العابرة للحدود، وهي ليست مجرد حراكات مصالح سياسية واقتصادية، إنما هو مشروع مركب، قومي مذهبي سياسي اقتصادي عالمي؛ إذ تتحرك تركيا الأردوغانية على مستويين: قومي، من خلال الدول الناطقة بالتركية، والتي جمعتها في منظمة الدول التركية (Turkish state organization) واتحاد البلديات في العالم التركي، ومستوى مذهبي، وهو يعتمد على احتواء الجماعات الإسلامية السنية غير الوهابية.

وإذا كانت جميع الدول والجماعات الإنسانية الطموحة والصاعدة، تحظى بمشاريع عملاقة عابرة للحدود؛ فلماذا عندما يصل الأمر إلى الشيعة ووحدتهم وتحالفاتهم البينية التي تضمن حقوقهم وحرياتهم ومصالحهم المذهبية والسياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المشتركة، يكون الموضوع محرّماً ومتعارضاً مع الوطنية ومصالح الوطن. في حين أن ما يحقق المصالح الخاصة والمحلية والوطنية، على كل الصعد، هي التحالفات والمشاريع الإقليمية والعالمية، سواء تعلق الأمر بالأفراد أو الجماعات أو الدول. ولعل الشيعة هم أكثر جماعة إنسانية في العالم تمتلك أدوات وأنساقاً لمشاريع عابرة للحدود، سواء على المستوى العقدي والاجتماعي الديني أو على المستوى المادي.

وإذا كانت المشاريع العالمية والإقليمية: الأمريكي الصهيوني، والروسي، والسعودي الوهابي، والتركي القومي السني، مشاريع مصطنعة طارئة لا عمق تاريخي وفكري لها؛ فإن المشروع الشيعي العالمي المقاوِم المستند بالكامل إلى النظام الاجتماعي الديني الشيعي، هو نظام عالمي أصيل وطبيعي ومتجذر يبلغ عمره (1200) عاماً، أي من عمر منظومة المرجعية الدينية


محبتي أصدقائي المعلقين الذين اختلفوا معي في الرأي عندما نشرتُ عن انتصار المحور الشيعي في معركة الـ (15) عشر الأخيرة.. حتى من تكلّم بقلة أدب وبعيداً عن الذوق.
أحترم آراءكم، وأنا على يقين أن حديث أغلبكم ينطلق من الحرص والانتماء، وأود أن أبيِّن وجهة نظري في هذا المجال.
يعرف أغلبكم أنني لا أكتب من منطلق عاطفي أو تعبوي إطلاقاً، وإنما أنطلق في رؤيتي من البحث واستقراء المعطيات، وأكتب بناءً على مسؤولية الكلمة أمام الله والتاريخ، ومسؤولية الموقف أمام انتمائي، ولا يمكن أن أغش أمتي وأهلي.
وبالتالي؛ فإنّ ما أقوله عن نجاح المحور الشيعي في امتحان إسناد غزة، وعن الانتصار في لبنان واليمن وإيران والعراق؛ إنما أراه بوضوح كامل من وجهة نظر استراتيجية عميقة شاملة.
أما ما خسره المحور الشيعي من قيادات وسلاح وبناء؛ فهو فادح لا شك، لكنه يتعوّض قطعاً، وهي مسالة وقت فقط، وهي خسائر تهون أمام النجاح في امتحان الواجب الشرعي والتاريخي والإنساني، وأمام الانتصارات الكبيرة والمؤزرة والاستراتيجية والرادعة، مادياً ومعنوياً. ولعل من أهمها دخول الناس في مدرسة آل البيت أفواجاً أفواجاً أفواجاً، وهي قضية ربما لم يلتفت إليها أغلبكم، ولا أريد أن اتوسع فيها، تجنباً للحساسيات، ولم تعد تنفع كثيراً الدعايات المضادة، لأن الناس تلمّسوا طهارة هذه المدرسة عملياً ومصداقيتها بالفعل وليس في الكتب، مقابل زيف ونفاق خصومها. ولعلكم تسمعون صراخ الوهابيين والطائفيين وازدياد تصريحاتهم ونشاطاتهم في هذا المجال.
يكفي أن الكيان الصهيوني نفسه يكرر اعترافه بالهزيمة في لبنان وإيران واليمن والعراق وغزة، ويكفي أن الوهابيين والطائفيين يعترفون بخسائرهم المعنوية الهائلة أمام المحور الشيعي.
صدقوني حتى أحفادنا سيحصدون ثمار هذه الانتصارات مستقبلاً. متمنياً أن لا يكتفي بعضنا في تلمس القشور، وإنما الغوص في عمق الموضوع، من أجل أن نستثمر الانتصارات ونحصد ثمارها إعلامياً وعلى الأرض، ولا ندع دماء الشهداء القادة تذهب هدراً. وسأكتب عن تفاصيلها في مقال تفصيلي.
علي المؤمن
1/ 16/ 2025
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لمتابعة "كتابات علي المؤمن" الجديدة وارشيف مقالاته ومؤلفاته بنسخة (Pdf) على تلغرام: https://t.me/alialmomen64








وإذا أخذنا الأذان الرسمي - كأبسط مثال- فسنجده في الكويت والبحرين والسعودية وباكستان وأفغانستان وسوريا ولبنان هو أذان سني، رغم أن في هذه الدول مجتمعات شيعية كبيرة، تتفوق عددياً أحياناً على نسبة السنة في العراق، بينما في العراق هو أذان مقسم حسب الوقت؛ حيث أذان الصبح والظهر والمغرب هو أذان شيعي، وأذان العصر والعشاء سني.

وخلاصة هذه الدعوة، هي أن يكون توصيف العراق توصيفاً شيعياً وأنه دولة شيعية، وأن تكون جميع مظاهر الدولة ومفاصلها ومناصبها العليا متطابقة مع هذه الهوية، حالها حال جميع الدول السنية التي تحظى بهوية سنية حصرية، بما فيها البلدان التي تتواجد فيها كثافة سكانية شيعية كبيرة، تقارب ثلث أو ربع عدد السكان كما ذكرنا. وبالتالي؛ فإن المحاصصة الطائفية لهوية الدولة العراقية ومناصبها، ليس فيها ظلماً عظيماً للشيعة وحسب، وإنما هو شذوذ عن باقي الدول العربية والإسلامية من جهة، ويشكل عائقاً كبيراً أمام حركة الدولة وأمنها وسلامتها واستقرارها ونموها من جهة أخرى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لمتابعة "كتابات علي المؤمن" الجديدة وارشيف مقالاته ومؤلفاته بنسخة (Pdf) على تلغرام: https://t.me/alialmomen64


لماذا يجب حصر حكم العراق في الأغلبية الشيعية؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
د. علي المؤمن

ابتداءً؛ أؤكد بأن الدعوة لإلغاء المحاصصة الطائفية والقومية في هوية الدولة العراقية، وفي قرار الدولة، وفي مناصبها، لا علاقة له بالمستجدات الإقليمية والمحلية، ولا بالحدث السوري ولا بالتهديدات الإسرائيلية والأمريكية للعراق، إطلاقاً، إنما هي رؤية قديمة راسخة تعود إلى العام 2005، وهي قائمة على دراسات منهجية شاملة، وقد كتبتُ في ذلك كثيراً. وتتلخص هذه الرؤية في أن الهوية العائمة أحياناً والمتعددة أخرى للدولة العراقية، وكذا نظام المحاصصة المكوناتية والحزبية، هما أهم أسباب الفشل في حركة الدولة العراقية، وتعدد مسارب الفساد فيها، وعدم تحوّلها إلى قوة إقليمية رصينة، وكثرة التدخلات في شؤونها.

ويكمن الحل في أن تكون هوية الدولة العراقية أحادية واضحة، وهي هوية الأغلبية السكانية، أي الهوية الشيعية، وأن يكون حكم العراق بكل مناصبه العليا بيد هذه الأغلبية، أي بيد الشيعة حصراً، كما يتم تشكيل الحكومة من قبل ائتلاف سياسي شيعي واحد، ويمكن لهذا الائتلاف أن يمنح حلفاءه السنة، العرب والكرد والتركمان، حقائب وزارية أو مناصب، بحسب أحجامهم. أما رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ورئاسة مجلس النواب ورئاسة القضاء ورئاسة المحكمة العليا، وقيادات الجيش والقوات المسلحة، والوزارات السيادية؛ فتكون لأصحاب الكفاءة من الشيعة، وممن يختارهم الائتلاف الذي يستطيع تشكيل أغلبية برلمانية.

ولعل هناك من يتساءل: وهل نجح الشيعة بعد العام 2003، لكي نسلمهم حكم العراق بأكمله؟ ولماذا لا يكون المعيار هو الكفاءة، بغض النظر عن الديانة والمذهب والقومية؟، وجواب ذلك:

1- إن الحديث هنا ليس عن المناصب وحسب، وإنما عن أصل هوية الدولة العراقية، وقد شرحنا معنى ذلك وضروراته ومآلاته في دراسة منهجية سابقة.

2- إن الشيعة لم يفعلوا بعد العام 2003 ما فعله الحكم السني قبل 2003؛ فما فعله الحكم السني بالعراق وشعبه وشيعته معروف بكل تفاصيله، منذ العهد العثماني، ثم الملكي ثم الجمهوري العارفي ثم البعثي. وهناك ملايين الوثائق وآلاف الدراسات ومئات الكتب في هذا المجال، وكلها تقطر دماً وقيحاً، ومخنوقة برائحة الرصاص والدمار والخراب والحروب والتشريد والجوع والتخلف.

3- يجب أن لا يكون العراق شاذاً عن البلدان العربية والإسلامية الأخرى، والتي تحكمها الأغلبية السكانية (السنية)؛ فنسبة شيعة السعودية 20% من عدد السكان، وليس لديهم حتى سفير واحد، فضلا عن وزير وأمير ورئيس وملك، ونسبة شيعة باكستان 25% ووضعهم لا يختلف عن وضع شيعة السعودية، وفي أفغانستان النسبة والحالة نفسيهما، وكذا في الكويت (وزير واحد غالباً)، ولم يكن يوماً رئيس الوزراء أو رئيس مجلس النواب شيعياً، رغم أن نسبة الشيعة لا تقل عن 35% من عدد سكان الكويت. وفي سوريا أعلن النظام الجديد أنه شكل وسيشكل الحكومة السورية من الأغلبية السنية حصراً، رغم أن نسبة الشيعة والعلويين تبلغ 20% من عدد السكان، وهي نفس نسبتهم تقريباً في تركيا، وليس بينهم رئيساً أو وزيراً أو سفيراً. أما البحرين فهي حالة متفردة بذاتها، ووضعها الشاذ يشبه وضع العراق قبل العام 2003؛ فنسبة شيعة البحرين تبلغ 70% من عدد السكان، لكن الحكم بيد عائلة سنية واحدة وحلفائها من العوائل والعشائر السنية.

وفي الحال الحاضر؛ فإن العراق هو البلد العربي والمسلم الشاذ الوحيد الذي تشارك الأقليات القومية والطائفية في حكمه، بحجم مشاركة الأغلبية السكانية الشيعية نفسها، رغم أن نسبة الشيعة تبلغ 65% من عدد سكان العراق، والسنة العرب 16% والسنة الكرد 14%؛ بل لا يسمى السنة العرب أقلية مذهبية ولا السنة الكرد أقلية في العراق، في حين يسمى الشيعة أقلية مذهبية في الدول العربية والإسلامية، حالهم حال الأقليات الدينية والقومية.

على مستوى الرئاسات الثلاث في العراق؛ فإن للشيعة في الحال الحاضر، منصب واحد فقط، ولكل من السنة الكرد والسنة العرب منصب واحد أيضاً. وهذه المثالثة موجودة نفسها في جميع الوزارات، ما يعني أن للشيعة ثلث هوية الدولة وقرارها ومناصبها، في حين أن للسنة ثلثي الهوية والقرار والمناصب. وبالتالي؛ فهي مشاركة ليست متساوية وليست عادلة، وهي تقود كل مكون إلى الاستقواء بالخارج، وتسمح لدوله بالتدخل السافر في شؤون العراق، بينما ينبغي أن تكون الهوية واحدة فقط، أي شيعية، وتكون المناصب الرأسية للشيعة حصراً، ويتم اعطاء ثلث ما دونها للسنة العرب والكرد بالتساوي.

وعلى مستوى هوية الدولة أيضاً، ينبغي أن لا تكون المناهج الدينية والتربية الوطنية والتاريخ متحاصصة في العراق، وتُرضي الجميع، وإنما تكون ذات هوية محددة، هي هوية الاغلبية الدينية المذهبية، وهكذا بالنسبة لمواقيت بدايات الأشهر الهجرية والأعياد والمناسبات الدينية.

Показано 20 последних публикаций.