ولم يقتصر ذلك على العراقيين، بل كانت هناك أعداد كبيرة من السعوديين والبحرانيين والأفغانستانيين والباكستانيين الشيعة وغيرهم، يقيمون في سوريا، ويتحركون بحريتهم، دون أن يجدوا ملاذاً آخر لهم في أية دولة عربية.
وكانت سوريا تلعب دوراً مهماً في دعم شيعة لبنان، معنوياً وسياسياً وعسكرياً، وخاصة حركة أمل وحزب الله والمجلس الشيعي الأعلى، وظلت بعد العام ١٩٨٢، الممر الآمن لمرور الدعم الإيراني المفتوح لشيعة لبنان، بما في ذلك الدعم العسكري الضخم، وكان ذلك سبباً مهماً في قدرة حزب الله على مواجهة الكيان الصهيوني.
ورغم إنصاف نظام الأسد لعلويي سوريا وشيعتها، وحماية شيعة العراق ولبنان والخليج، والتحالف مع إيران الشيعية، إلّا أن إطلاق تهمة الطائفية على نظامه ربما لا تصح؛ لأنه في الوقت نفسه كان يحتضن أيضاً الجماعات الفلسطينية السنية، بما فيها حركة حماس، فضلاً عن الجماعات القومية السنية العربية والأحزاب الماركسية.
ولم يكن نظام الأسد يمارس تهميشاً لسنّة سوريا أو إقصاءً لهم من المناصب الرأسية والقيادية العليا في الحزب والدولة والقوات المسلحة؛ فكون رئيس الحزب ورئيس الجمهورية في سوريا كان شيعياً، لم يحوّل النظام الى نظام طائفي علوي. على العكس مما كان عليه نظام البعث العراق؛ فقد كان رئيس النظام البعثي العراقي و٩٠% من أعضاء مجلس قيادة الثورة وقيادات حزب البعث والوزراء وقيادات الجيش، من السنة العرب، رغم أن نسبة السنة العرب لا تتجاوز ١٦% من نفوس العراق. بينما تبلغ نسبة العلويين والشيعة في سوريا حوالي ٢٠% من السكان، وفي المقابل؛ لا تتعدى نسبة العلويين والشيعة في قيادة حزب البعث السوري والحكومة وكبار المسؤولين نحو ١٠% من عدد المناصب العليا، أي وزيراً واحداً عادة في كل حكومة، وعضوين قياديين في كل تشكيلة قيادية، وربما محافظاً واحداً، بل أن كثيراً من الحكومات البعثية في سوريا كانت تخلو من وزراء علويين وشيعة.
وحتى رئيس الجمهورية السورية، العلوي الشيعي، كان يصلي خلف علماء الدين السنة وهو يتكتف، احتراماً للأكثرية السنية في سوريا؛ بينما كان صدام حسين يصلي وهو متكتف داخل ضريح الإمام علي وفي عقر دار المرجعية الشيعية في النجف. والأكثر من ذلك؛ أن النظام البعثي العراقي منع طباعة رسالة المرجع الأعلى السيد الخوئي بسبب وجود مسألة شرعية تتعلق بمبطلات الصلاة، وأحدها التكتّف؛ لأن رئيس النظام سنياً ويتكتف في الصلاة.
وفي حين كانت مناهج الدين والتاريخ في المدارس والجامعات السورية، سنّية بامتياز، ولم تُكتب يوماً في إطار ثقافة شيعية وعلوية إطلاقاً؛ فإنّ المناهج الدراسية العراقية في الدين والتاريخ، كانت على العكس منذ تأسيس الدولة العراقية في العام ١٩٢١ وحتى العام ٢٠٠٣؛ فقد كانت مذهبية سنية طائفية، وقومية عربية عنصرية، تتطابق تماماً مع ثقافة الأقلية السنية العربية البالغة ١٦% فقط من الشعب العراقي.
٣- على مستوى الحقوق والحريات الدينية والمذهبية والاجتماعية والإعلامية، كان نظام الأسد يعطي فسحة مهمة من النقد الإعلامي والفني والمعارضة السياسية، ويسمح لكل المشارب الدينية والمذهبية بممارسة شعائرها وطقوسها، وكان السوريون يحظون بكل وسائل التواصل والاتصال، من الموبايل إلى الإنترنيت إلى الكمبيوتر إلى الستلايت، وكل هذا لم يكن متاحاً في عراق البعث، بأي شكل. ويعرف المتابعون للدراما والمسرح السوريين منذ سبعينات القرن الماضي وحتى سقوط النظام، حجم النقد الكبير الذي كان يوجّه للحكومة وأجهزتها الأمنية، وهو النقد الذي كان يقود في عراق البعث، حتى ولو واحد بالمائة منه، إلى منصات الإعدام وثرامات اللحم ومسالخ الجلود.
وبالتالي؛ فإن التشابه بين حزب البعث الأسدي وحزب البعث العفلقي الصدامي هو تشابه نظري وشكلي، أي تشابه في الفكر القومي العربي العام، وتشابه في بعض سلوكيات الاستبداد والقمع الداخلي. أما الاختلاف بينهما في المواقف الفكرية والسياسية وفي ثقافة الدولة وسلوك الحكومات؛ فإنه اختلاف جوهري.
وحين تَكرّس بعد العام ٢٠٠٦ انخراط الدولة السورية في محور المقاومة والممانعة الذي تقوده إيران؛ فقد قررت الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني وتركيا والسعودية وقطر والأردن والإمارات، إسقاط نظام البعث - الأسد، وإعادة سوريا الى وضعها الطائفي السابق، وضمِّها الى الحلف الأمريكي الإسرائيلي السعودي، تمهيداً للقضاء على المحور الشيعي برمته، وهو التهديد الذي كان يستهدف أحد أهم أجنحة محور المقاومة، وصولاً إلى تهديد لبنان ثم العراق ثم إيران.
معايير التحالف بين نظام الأسد في سوريا والمحور الشيعي:
كانت علاقة التحالف والدعم المتبادل بين المحور الشيعي، الإيراني اللبناني العراقي السوري الخليجي الأفغانستاني الباكستاني، ونظام الأسد في سوريا، تحكمها خمسة معايير، هي:
وكانت سوريا تلعب دوراً مهماً في دعم شيعة لبنان، معنوياً وسياسياً وعسكرياً، وخاصة حركة أمل وحزب الله والمجلس الشيعي الأعلى، وظلت بعد العام ١٩٨٢، الممر الآمن لمرور الدعم الإيراني المفتوح لشيعة لبنان، بما في ذلك الدعم العسكري الضخم، وكان ذلك سبباً مهماً في قدرة حزب الله على مواجهة الكيان الصهيوني.
ورغم إنصاف نظام الأسد لعلويي سوريا وشيعتها، وحماية شيعة العراق ولبنان والخليج، والتحالف مع إيران الشيعية، إلّا أن إطلاق تهمة الطائفية على نظامه ربما لا تصح؛ لأنه في الوقت نفسه كان يحتضن أيضاً الجماعات الفلسطينية السنية، بما فيها حركة حماس، فضلاً عن الجماعات القومية السنية العربية والأحزاب الماركسية.
ولم يكن نظام الأسد يمارس تهميشاً لسنّة سوريا أو إقصاءً لهم من المناصب الرأسية والقيادية العليا في الحزب والدولة والقوات المسلحة؛ فكون رئيس الحزب ورئيس الجمهورية في سوريا كان شيعياً، لم يحوّل النظام الى نظام طائفي علوي. على العكس مما كان عليه نظام البعث العراق؛ فقد كان رئيس النظام البعثي العراقي و٩٠% من أعضاء مجلس قيادة الثورة وقيادات حزب البعث والوزراء وقيادات الجيش، من السنة العرب، رغم أن نسبة السنة العرب لا تتجاوز ١٦% من نفوس العراق. بينما تبلغ نسبة العلويين والشيعة في سوريا حوالي ٢٠% من السكان، وفي المقابل؛ لا تتعدى نسبة العلويين والشيعة في قيادة حزب البعث السوري والحكومة وكبار المسؤولين نحو ١٠% من عدد المناصب العليا، أي وزيراً واحداً عادة في كل حكومة، وعضوين قياديين في كل تشكيلة قيادية، وربما محافظاً واحداً، بل أن كثيراً من الحكومات البعثية في سوريا كانت تخلو من وزراء علويين وشيعة.
وحتى رئيس الجمهورية السورية، العلوي الشيعي، كان يصلي خلف علماء الدين السنة وهو يتكتف، احتراماً للأكثرية السنية في سوريا؛ بينما كان صدام حسين يصلي وهو متكتف داخل ضريح الإمام علي وفي عقر دار المرجعية الشيعية في النجف. والأكثر من ذلك؛ أن النظام البعثي العراقي منع طباعة رسالة المرجع الأعلى السيد الخوئي بسبب وجود مسألة شرعية تتعلق بمبطلات الصلاة، وأحدها التكتّف؛ لأن رئيس النظام سنياً ويتكتف في الصلاة.
وفي حين كانت مناهج الدين والتاريخ في المدارس والجامعات السورية، سنّية بامتياز، ولم تُكتب يوماً في إطار ثقافة شيعية وعلوية إطلاقاً؛ فإنّ المناهج الدراسية العراقية في الدين والتاريخ، كانت على العكس منذ تأسيس الدولة العراقية في العام ١٩٢١ وحتى العام ٢٠٠٣؛ فقد كانت مذهبية سنية طائفية، وقومية عربية عنصرية، تتطابق تماماً مع ثقافة الأقلية السنية العربية البالغة ١٦% فقط من الشعب العراقي.
٣- على مستوى الحقوق والحريات الدينية والمذهبية والاجتماعية والإعلامية، كان نظام الأسد يعطي فسحة مهمة من النقد الإعلامي والفني والمعارضة السياسية، ويسمح لكل المشارب الدينية والمذهبية بممارسة شعائرها وطقوسها، وكان السوريون يحظون بكل وسائل التواصل والاتصال، من الموبايل إلى الإنترنيت إلى الكمبيوتر إلى الستلايت، وكل هذا لم يكن متاحاً في عراق البعث، بأي شكل. ويعرف المتابعون للدراما والمسرح السوريين منذ سبعينات القرن الماضي وحتى سقوط النظام، حجم النقد الكبير الذي كان يوجّه للحكومة وأجهزتها الأمنية، وهو النقد الذي كان يقود في عراق البعث، حتى ولو واحد بالمائة منه، إلى منصات الإعدام وثرامات اللحم ومسالخ الجلود.
وبالتالي؛ فإن التشابه بين حزب البعث الأسدي وحزب البعث العفلقي الصدامي هو تشابه نظري وشكلي، أي تشابه في الفكر القومي العربي العام، وتشابه في بعض سلوكيات الاستبداد والقمع الداخلي. أما الاختلاف بينهما في المواقف الفكرية والسياسية وفي ثقافة الدولة وسلوك الحكومات؛ فإنه اختلاف جوهري.
وحين تَكرّس بعد العام ٢٠٠٦ انخراط الدولة السورية في محور المقاومة والممانعة الذي تقوده إيران؛ فقد قررت الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني وتركيا والسعودية وقطر والأردن والإمارات، إسقاط نظام البعث - الأسد، وإعادة سوريا الى وضعها الطائفي السابق، وضمِّها الى الحلف الأمريكي الإسرائيلي السعودي، تمهيداً للقضاء على المحور الشيعي برمته، وهو التهديد الذي كان يستهدف أحد أهم أجنحة محور المقاومة، وصولاً إلى تهديد لبنان ثم العراق ثم إيران.
معايير التحالف بين نظام الأسد في سوريا والمحور الشيعي:
كانت علاقة التحالف والدعم المتبادل بين المحور الشيعي، الإيراني اللبناني العراقي السوري الخليجي الأفغانستاني الباكستاني، ونظام الأسد في سوريا، تحكمها خمسة معايير، هي: