وقفة تأمُّل عند سببِ نهي الأئمّةِ عن ذِكر كلمةِ(رمضان) لوحدها دون كلمةِ(شهر):
لعلَّ أكثرَكم قرأ أحاديثَ العترةِ الّتي تنهى عن ذِكرِ كلمةِ
(رمضان) لوحدها مِن دون كلمةِ شهر،
ولكن..هل تفكّر أحدُكم في سببِ هذا النهي الشديدِ مِن الأئمّةِ إلى الحدِّ الّذي يأمرُ الأئمّةُ أتباعَهم بالتوبةِ ودفعِ الصدقةِ وأن يصوموا كفّارةً لسُوءِ الأدبِ هذا، كما يقولُ أميرُ المُؤمنين:
(
لا تقولوا رمضان، فإنّكُم لا تدرون ما رمضان؟ فمَن قاله فليتصدّق وليصمْ كفّارةً لقولِه..
ولكن قُولوا: كما قال اللهُ عزَّ وجلَّ: شهرُ رمضان)
[البحار: ج93]
السبب؛ هو أنّ كلمة
(رمضان) هي اسمٌ مِن أسماءِ اللهِ تعالى كما يقولُ إمامُنا الباقر:
(
لا تقولوا هذا رمضان، ولا ذهب رمضان، ولا جاء رمضان، فإنّ رمضان اسمٌ مِن أسماءِ اللهِ عزَّ وجلَّ لا يجيئُ ولا يذهب، وإنّما يجيئُ ويذهبُ الزائل،
ولكن قُولوا: شهرَ رمضان، فإنّ الشهرَ مُضافٌ إلى الإسم، والإسمُ اسمُ اللهِ عزَّ ذِكرُهُ وهو الشهرُ الّذي أُنزل فيه القُرآن، جعلَهُ مَثَلاً وعِيدا)
[الكافي: ج4]
لابُدّ أن نلتفتَ لقولِ الإمام: (
فإنّ رمضان اسمٌ مِن أسماءِ الله)
لأنّ أسماءَ اللهِ في ثقافةِ العترةِ حقائق وليست ألفاظ كأسمائنا،
أسماءُ اللهُ الحُسنى حقائق..إنّها حقائقُ محمّدٍ وآلِ محمّدٍ النُوريّة كما يقولُ إمامُنا الصادق: (
نحنُ الأسماءُ الحُسنى)
ولذا وصف إمامُنا الباقر
(رمضان) أنّه لا يجيئُ ولا يذهب لأنّه
اسمُ الله..واسمُ اللهِ تعالى حقيقةٌ بسيطةٌ مُستقرّةٌ باقيةٌ لا تفنى ولا تزول، كما نقرأ في دعاء ليلةِ المبعثِ في وصفِ اسمِ اللهِ تعالى:
(
وبإسمِكَ الأعظمِ الأعظمِ الأعظم الأعزِّ الأجلِّ الأكرم، الّذي خلقتَهُ فاستقرَّ في ظِلّك فلا يخرجُ مِنك إلى غيرك)
فإسمُ اللهِ تعالى حقيقةٌ مُستقرّةٌ ملأت أركانَ كُلِّ شيء،
فلا تُوصفُ هذه الحقيقةُ بالمَجيئ والذهاب، فإنّ الّذي يجيئُ ويذهب هو
الزائل،
وهذه الحقيقةُ المُستقرّة -الّتي هي اسمُ اللهِ ووجهُهُ- باقيةٌ لا تفنى ولا تزول كما نقرأ في دعاء كميل:
(
وبوجهك الباقي بعد فناءِ كلِّ شيء)
الّذي يأتي ويذهب هو الميعادُ الزمانيُّ الّذي أُمِرنا أن نصومَ فيه..ولذا أُمرنا أن نُسمّيه(شهر رمضان) وليس(رمضان) إشارةً للميعادِ الزماني الّذي يأتي ويذهب
أمّا اسم
"رمضان" فحقيقتُهُ تُشير إلى الإمامِ المعصوم، لأنّ الإمامَ هو اسمُ الله-كما مر-
و(رمضان) هو اسمُ اللهِ كما يقولُ إمامُنا الباقر في الحديث أعلاه.. فهما حقيقةٌ واحدة
وفي زمانِنا هذا..اسمُ اللهِ تعالى ووجهُهُ المُتقلِّبُ بين أظهُرِنا هو إمامُ زمانِنا،
فكلمة
(رمضان) تُشير لإمامِ زمانِنا..لماذا؟
لأنّ شهرَ رمضان إنّما سُمّي بهذا الإسم(رمضان) لأنّه يرمضُ الذنوب، أي يُحرِقُها، كما يقولُ رسولُ الله:
(
أتدرون لِمَ سُمّيَ شعبانُ شعبان؟ لأنّه يتشعّبُ مِنه خيرٌ كثيرٌ لرمضان..وإنّما سُمّيَ رمضانُ رمضان؛ لأنّه تُرمَضُ فيه الذنوب؛ أي تُحرَق)
[مستدرك الوسائل]
وإمامُ زمانِنا أيضاً يرمضُ الذنوب..فولايتُهُ تمحقُ الذنوبَ وتمحوها، كما نخاطِبُهُ في زيارتِهِ:
(
أشهدُ أنّ بولايتِك تُقبَلُ الأعمالُ وتُزكّى الأفعالُ وتُضاعَفُ الحسناتُ وتُمحى السيّئات)
لاحظوا تعبيرَ الزيارة:
الزيارةُ تقول أنّ بولايةِ إمامِ زمانِنا
"تُمحى السيّئات"وشهرُ رمضان(الميعادُ الزماني) سُمّي بهذا الإسم لأنّه يُحرِقُ ذنوبَنا ويمحوها
فالمعنى واحد ويُشيرُ لحقيقةٍ واحدة وهي أنّ كلمة
(رمضان) تُشير إلى الإمامِ المعصوم الّذي هو اسمُ الله،
وإمامُ زمانِنا هو اسمُ اللهِ تعالى ووجهُ اللهِ الّذي إليه يتوجّهُ الأولياء
مِن هنا جاء النهيُ الإلهيُّ: لا تقولوا
(رمضان) هكذا بمفردها..لأنّ الجملةَ يكونُ معناها خاطىء، لأنّ اسم اللهِ لا يُوصَف بالمَجيء والذهاب-كما مر-
أضف أنّ ذِكرَ كلمةِ رمضان بمُفردِها فيه إساءةُ أدبٍ مع إمامِ زمانِنا..ولذا علينا أن نتصدّقَ ونُخرِجَ كفّارةً إذا قُلناها بمفردَها تكفيراً عن سوء الأدبِ هذا بين يدي إمامِنا
ولذا يُفترضُ بالشيعيِّ الصادق فعلاً في تشيُّعِهِ والمُتأدّبِ فعلاً بآدابِ أئمّتِهِ الأطهار والمُقتفي لآثارِهم يُفترَضُ به أن يتنفّرَ حين يسمعُ شخصاً يقولُ كلمةَ(رمضان) لوحدِها هكذا بلا مُبالاة، أو يكتبُها لوحدِها مِن دون كلمةِ شهر،
لأنّ مِثل هذا الشخص يُسيءُ الأدبَ مع اللهِ تعالى ومع إمامِ زمانِهِ مِن حيث يشعر أو لا يشعر،
ويزدادُ سوءُ الأدبِ هذا قُبحاً حين يصدرُ مِنّا ونحنُ في شهرِ ضيافةِ اللهِ وعلى مائدةِ وليّه الأعظم،
فنُسيئُ الأدبَ معه ونحنُ على مائدةِ ضيافتِهِ العامرة!
ثُمّ نأتي ليلةَ القدر بكلِّ سذاجةٍ ولا مُبالاةٍ بعد سلسلةٍ مِن الإساءاتِ وسوءِ الأدبِ بين يدي المُضيف..نأتي ونطلبُ نظرةً خاصّة في "ليلةِ القدر"!
فلنتأدّب بأحسنِ الأدبِ مع إمامِ زمانِنا ووليِّ نعمتِنا..لعلَّ شُعاعاً من نُورِ ألطافِهِ الخاصّةِ يغمرُنا ليلةَ القدرِ فنسعَد
➖➖➖➖➖➖
قناة #الثقافة_الزهرائية على التلغرام
🆔
t.me/zahraa_culture