Posts filter


توضيحات في نقد الموضوعية (١) :

الغرض مما أضعه هنا في نقد الموضوعية هو إزاحة اللبس الحاصل في فهم حقيقتها والكشفُ عن أصلها وقاعدتها ، ولا يزال الحديث في أوله .

فالهدف من هذا البيان : نفع القارئ المهتم بهذه القضية ، فقط .

وليس المراد الانخراط في جدلٍ لا طائل منه ؛ فإن هذا مما دلَّت التجارب أنه كثير العناء قليل الغَناء .

وسيأتي في قادم الكلام بإذن الله تحرير موضع الإشكال بدَّقةٍ ، أي بيانُ حقيقة ما يُنتقَد في مبدأ الموضوعية ، مع ضرب بعض الأمثلة التطبيقية .


المدرسة العلمانية (الموضوعية) :


يقول محمد أركون : ( في المدرسة العلمانية ، المدرِّس لا ينحاز إلى حزبٍ سياسيٍّ ، كما لا ينحاز إلى دين . عدم الإنحياز إلى الإيديولوجيا أيًّا كانت ، والدين يتضمَّن نوعًا من الإيديولوجيا ، فلا يُدرَّسُ الدين ، إلا من وجهة نظر المؤرِّخ ، من قبيل : متى ظهر الإسلام ؟ كيف ظهر الإسلام ؟ من هم المقاتلون في المعارك الأولى ؟ وهكذا ) .


الدين وأسئلة الحداثة (ص١٥) .


كيف تنظر الماركسية إلى الموضوعية ؟

هذا السؤال مهمٌّ ؛ لأنَّ من أحسن مداخل نقد الفكر الغربي - وهو في عمومه ليبراليٌّ رأسماليٍّ - النظرُ في الموقف النقدي الماركسي لهذا الفكر ، والذي تميَّز بتعقُّباته الكثيرة عليه ، مع كونه يُشاركه كثيرًا من إرثه .

والموضوعية عند الماركسية تُعرَّف على أنها ( مبدأٌ محدَّدٌ في تناول ظواهر الواقع ، يدعو إلى الامتناع عن أيِّ تقييمٍ نقديٍّ أو استنتاجاتٍ مُتحيِّزةٍ ؛ على أساسٍ مزعومٍ بأنَّ العلمَ عاجزٌ عن التوصُّل إلى مثل هذه الاستنتاجات ) .

ويتمُّ - على ضوء ذلك - نقدُ الموضوعية والتعقيبُ عليها ( .. وقد فضح لينين الموضوعيةَ البورجوازية الضيِّقة ، وبرهن على أنَّ الماركسية تمقتُها تمامًا كما تمقت الذاتوية ؛ لأنَّ الماركسية تستنبط وجهةَ نظرِها المُتحيِّزة بطريقةٍ علميةٍ ، أي أنها تقود الدراسة العلمية نحو استنتاجاتٍ وتقييماتٍ مُتحيِّزةٍ تتطابق مع الحالة الفعلية للأمور ) .

الموسوعة الفلسفية ، روزنتال (ص٥١١) .


وبغضِّ النظر عن خطأ وجهة النظر الماركسية ، فإنَّ موقفَها المنهجيَّ هُنا من اكتشاف الحقيقة ودراسة العلم = هو الموقف الصحيح ، والموافق للتصوُّر الإسلاميِّ لهذه القضية .


أقوى وجوه نقد الموضوعية الحيادية = بيان أنها ناتجٌ عضويٌّ للإطار الفلسفي الغربي ، وهو إطارٌ علمانيٌّ لا يرى الدين علمًا ، بل اختيارًا ذاتيًا لا يمكن التحقق من صحته بطريقةٍ "علميةٍ" ، مما يجعل القول بالموضوعية الحيادية قولًا مفهومًا ومبرَّرًا في سياق هذا الإطار .

لكن الأمر يختلف في سياق الإطار الإسلامي ؛ لأن الدين فيه هو أصل العلم كله ، ويمكن التحقق من صحته بطريقةٍ "علميةٍ" ، مما لا يجعل للموضوعية الحيادية محلًّا في سياق الإطار الإسلامي ، ولا تحضر - إذا حضرت عند الباحث المسلم - إلا في صورةٍ انفصاميةٍ مشوَّهة .

يقول جعفر شيخ إدريس في بيان معنى ما سبق ( .. والدعوة إلى إسلامية العلوم هي إذن دعوةٌ إلى تأكيد الموضوعية لا إلى التخلي عنها ؛ لأنها دعوةٌ إلى أن يكون إطارُها الفلسفيُّ نفسُه قائمًا على حقائق موضوعيةٍ ، إنها دعوةٌ إلى أن يفكر العالِمُ ويشاهد ويجرِّب ويستنتج وهو مؤمنٌ بالله وبأن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن القرآن كلامُ الله ؛ لأن هذه نفسُها حقائقُ موضوعيةٌ عنده دليلٌ عقليٌّ على صحتها .. وإذا كانت الدعوة إلى إسلامية العلوم لا تخالف الموضوعية بل تؤيدُها ، فإنها تضع للعالِم المسلم حلًّا لمشكلةٍ نفسيةٍ لا يشعر بها العالِمُ الملحد ، ولكن يشعر بها كثيرٌ من العلماء المؤمنين بالنصرانية أو المعتقدين في وجود الخالق وفاعليته ، أعني مشكلة الانفصام بين شخصية الإنسان وهو يبحث في مجاله العلمي ويكتب ويناقش ، وشخصيته وهو يتلو كتاب الله تعالى ويصلِّي ويصوم ويتزوج ويعاشر الناس .

والانفصام سببه أنَّ الحالةَ الأولى تفرضُ عليه أن ينسى إيمانه أو يُعلِّقه ، والحالة الثانية تدعوه إلى أن يذكر هذا الإيمان ويستشعره .. إن المبدأ الذي يجمع هذا الشتات هو مبدأ التوحيد ، مبدأ الإيمان بالله واحدًا لا معبود بحقٍّ سواه ، والإيمان بأن طريق محمدٍ صلى الله عليه وسلم هو وحده الطريق الموصل إلى الله ) .

مناهج التفكير الموصلة للحقائق الشرعية والكونية (١٧٤-١٧٩) .


د. فريد الأنصاري
(أبجديات البحث في العلوم الشرعية)


في التفسير الإسلامي للموضوعية .. :




( .. فالمراد الظاهر ب"الموضوعية" هو فصل الظواهر المدروسة عن تأثير العوامل الذاتية ، ولكن القصد الحقيقي هو فصل هذه الظواهر عن القيم الروحية ، والمراد الظاهر ب"العلمانية" هو فصل الدولة السياسية عن ظلم رجال الدين ، ولكن القصد الحقيقي هو فصل القرارات التشريعية عن الأحكام الدينية ، والمراد الظاهر ب" إصلاح التعليم" هو فصل مناهج التعليم عن تأثير القيم الفاسدة ، ولكن القصد الحقيقي هو فصل تربية المواطن عن التوجيه الديني .

وهكذا ، تُفرَض على الأمة مفاهيم ظاهرها الرحمة وباطنها التهلكة ، وهي (الموضوعية) وحقيقتها (فصل المعرفة عن الدين) ، و(العلمانية) وحقيقتها (فصل الدولة عن الدين) ، و(إصلاح التعليم) وحقيقته (فصل التربية عن الدين) ) .


طه عبدالرحمن ، الحق الإسلامي في الاختلاف الفكري (ص٣٠٢و٣٠٣) .


سألت ChatGPT : كيف يكون البحث الأكاديمي علمانيًا ؟


فأجاب :
البحث الأكاديمي يمكن أن يُعتبر علمانيًا إذا كان يعتمد على أسس ومناهج بحثية تتجنب التدخلات الدينية أو المعتقدات الفلسفية الخاصة التي قد تؤثر في النتائج أو التحليل. العلمانية في هذا السياق تعني فصل الدين والمعتقدات الشخصية عن المنهجيات والأدوات العلمية المُعتمدة في البحث الأكاديمي. إليك بعض الجوانب التي يمكن أن تجعل البحث الأكاديمي علمانيًا:

1. الاعتماد على المنهج العلمي والموضوعية:
• البحث الأكاديمي العلماني يعتمد على المنهج العلمي الذي يشمل جمع البيانات، تحليلها، واختبار الفرضيات باستخدام الأدوات الموضوعية والقابلة للتكرار. وهذا المنهج يعتمد على الأدلة والتجارب المثبتة، بدلاً من الاعتماد على النصوص الدينية أو المعتقدات غير القابلة للتحقق.

2. الابتعاد عن التأثيرات الدينية في تفسير النتائج:
• في البحث الأكاديمي العلماني، يجب أن يُفصل بين المعتقدات الدينية الشخصية والتفسير الأكاديمي للبيانات. على سبيل المثال، إذا كان الباحث يدرس ظاهرة اجتماعية أو بيئية، فإن التحليل يعتمد على الحقائق العلمية وليس على تفسيرات دينية أو فلسفية قد تؤثر في النتائج.

3. التعددية الفكرية:
• البحث الأكاديمي العلماني يتعامل مع مختلف وجهات النظر والمعتقدات الفكرية دون تفضيل أو تمييز. يجب أن يُفتح المجال للبحث في كافة المجالات العلمية بعيدًا عن أي تحيز ديني أو أيديولوجي، مما يسمح للباحثين بمناقشة الأفكار بحرية واستقلالية.

4. الحياد والموضوعية في تحليل البيانات:
• الحياد هو أحد المبادئ الأساسية في البحث العلمي العلماني. يجب أن يكون الباحث موضوعيًا في جمع البيانات، وتحليلها، وتفسيرها، بحيث لا يتأثر بأي تأثيرات دينية أو شخصية. الفرضيات والنتائج يجب أن تكون مستندة إلى الأدلة الملموسة وليس إلى مواقف دينية.

5. الابتعاد عن المراجع أو المصادر الدينية:
• في البحث الأكاديمي العلماني، يتم تجنب الاعتماد على المراجع الدينية (مثل الكتب المقدسة أو التفسيرات الدينية) كمصادر رئيسية للبيانات أو الأدلة. بدلاً من ذلك، يعتمد الباحث على المصادر الأكاديمية الموثوقة، مثل المقالات العلمية، الدراسات البحثية، والكتب التي تعتمد على أسس علمية.

6. التركيز على القضايا العالمية والشاملة:
• البحث الأكاديمي العلماني قد يركز على القضايا الشاملة التي يمكن أن تكون ذات أهمية لجميع البشر بغض النظر عن دينهم أو ثقافاتهم، مثل الصحة العامة، التغير المناخي، والعدالة الاجتماعية. هذه المواضيع تُدرس باستخدام أدوات علمية قابلة للتطبيق على نطاق عالمي، وتكون مفتوحة لجميع الأشخاص بغض النظر عن خلفياتهم الدينية.

7. الاستقلالية الفكرية:
• البحث الأكاديمي العلماني يعزز الاستقلالية الفكرية في اتخاذ القرارات البحثية. الباحث في هذا النوع من البحث يتحرر من أي قيد ديني أو اجتماعي قد يفرضه عليه الآخرون، وبالتالي يمكنه تقديم أطروحات ونظريات استنادًا إلى ما يُكتشف من خلال البحث العلمي بدلًا من التأثر بمواقف دينية أو أيديولوجية.

8. التشجيع على التفكير النقدي:
• البحث الأكاديمي العلماني يشجع على التفكير النقدي والتحليل العميق. يتطلب هذا النهج من الباحثين فحص الأدلة والمصادر بشكل دقيق، ويحثهم على التساؤل عن الافتراضات التقليدية والتأكد من صحتها، حتى لو كانت تلك الافتراضات مرتبطة بمعتقدات دينية.

مثال عملي:
• على سبيل المثال، إذا كان باحث في مجال علم النفس يدرس تأثيرات التوتر على الصحة النفسية، فهو في بحث علماني سيركز على البيانات التجريبية والملاحظات الميدانية بدلاً من البحث عن تفسيرات دينية أو روحانية. سيعتمد على الأدلة المستخلصة من الدراسات الميدانية والاستبيانات وليس على نصوص دينية أو تفسيرات مذهبية لتحديد أفضل الطرق لمعالجة التوتر.

خلاصة:

البحث الأكاديمي العلماني لا يعني بالضرورة تجاهل الدين أو القيم الشخصية، ولكن يعني فصل تلك العوامل عن عملية البحث، بحيث يبقى البحث مبنيًا على أسس علمية موضوعية ويخدم الفهم العام بعيدًا عن التأثيرات الذاتية أو الدينية.


من كلام عائشة رضي الله عنها في النبي صلى الله عليه وسلم قولها ( وكان أحبَّ الدِين إليه ما داوم صاحبهُ عليه ) .

متفق عليه


عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لقد رأيتُ رجلًا يتقلَّبُ في الجنة في شجرةٍ قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين ) .

رواه مسلم




"عليكم بالشفائين : القرآنُ والعسل" .

عبدالله بن مسعود رضي الله عنه


"والذي لا إله إلا هو ، ما على وجه الأرض أحوجُ إلى طولِ سجنٍ من لسانٍ" .

عبدالله بن مسعود رضي الله عنه .


الإيمان بالملائكة ركنٌ من أركان الإيمان ، وجاحدُه كافرٌ بالله ورسله ، وقد يقع في الخاطر سؤالٌ تعبيرُه : لماذا استحقّت عقيدة الإيمان بالملائكة أن تكون (ركنًا) من أركان الإيمان ؟

وهذا السؤال يرد عند من يظنُّ أنَّ دور الملائكة في تحقيق عبودية الله على هذا الكون = دورٌ هامشيٌّ ، بخلاف بقية أركان الإيمان ، وهذا وهمٌ شديدٌ .

لماذا ؟
لأن الله تعالى جعل ملائكته وسطاء شرعه وأمره ، فهم الوسطاء بينه وبين رسله وعباده في تبليغ وحيه ، وهم (المدبرات أمرا) في قضائه وقدره ، الموكَّلون بأعمالٍ كثيرةٍ يقومون بها بإذن ربهم ، ممَّا يتعلق بالكون والإنسان في الحال والمآل .

وإذا كان هذا شأنهم ، كان شأن الإيمان بهم جوهريًّا ومركزيًّا في عقيدة المسلم ، وفي تصوُّره لحقيقة الوجود ونظامه ، وأيقن أنه لا يحصل التحقق بالإيمان بشرع الله وقدره لمن هو كافرٌ بالملائكة .


لقد شطحتُ هنا 😄 …




بدايةُ قصيدةٍ جديدةٍ ، وألمٍ جديدٍ …




مِن أحسن التخلُّص إلى المديح ، لأبي الحسن التهامي .

20 last posts shown.