الجُمعةُ الأولى مِن رجب، المعروفة بـ(جمعةِ الرغائب) ليلةٌ عَلَويّةٌ مهدويّةٌ نرغبُ فيها إلى إمامِ زمانِنا:
هناك فئةٌ مِن الشيعةِ ما إن نقترب مِن الجُمعةِ الأُولى في رجب حتّى تُبادر إلى التشكيكِ في فضلِ "جمعةِ الرغائب" بحجّةِ أنّ الروايةَ الواردة في صفةِ الصلاةِ التي يُستحبُّ الإتيانُ بها في هذه الّليلة مرويّةٌ عن المُخالفين،
وكأنّ عظمةَ هذه الّليلة مُنحصِرةٌ في هذه الصلاة!
وقد غفل هؤلاء الشيعةُ عن أشياءَ كثيرة بخُصوص ليلةِ الرغائب، وبخُصوصِ التعامل مع الرواياتِ أيضاً، مِنها:
✦ أوّلاً: معنى
(ليلة الرغائب) يعني ليلةٌ يُرغَبُ فيها إلى اللهِ تعالى بالعبادة (أكانت تلك الّليلة مِن رجب أو شعبان، أو أي شهرٍ آخر)
فهُناك ليالٍ لها خُصوصيّةٌ في ثقافةِ العترةِ تُسمّى بليالي الرغائب، وهي ليالٍ يُرغَبُ فيها إلى الله تعالى،
والجُمعةُ الأولى مِن رجب إحدى هذه الّليالي
وأمّا الصلاةُ الّتي يُستَحبُّ الإتيانُ بها في هذه الّليلة فهي طقسٌ مِن طقوس الإحياء لهذه الّليلة، وليست مظهرَ الإحياءِ الوحيد
ففارقٌ كبير بين(ليلةِ الرغائب) وبين(صلاةِ الرغائب) هذا أوّلاً✦ ثانياً: ليالي الرغائب (الّتي يُرغَبُ فيها إلى الله) جُذورُها موجودةٌ في القرآن..فنحنُ نقرأ في سورةِ التوبة:
{وقالوا حسبُنا اللهُ سيُؤتِينا اللهُ مِن فضلِهِ ورسُولُهُ إنّا إلى اللهِ راغبون}• وفي سورة القلم:
{عسى ربُّنا أن يُبدِلَنا خيراً مِنها إنّا إِلى ربّنا راغبون}• وفي سورة الشرح، في آيةِ تنصيبِ أميرِ المؤمنين نقرأ:
{فإذا فرغتَ فانصب•وإلى ربّك فارغب}فمضمون ليالي الرغائب جُذورُهُ في القرآن،
ونحنُ مأمورون في مقامِ التعاملِ مع الرواياتِ المشكوكةِ أن نعرضَها على القرآن، فإن وافقت القرآنَ فهي صحيحة، وإن خالفتهُ نرمي بها عرضَ الحائط،
هذا منهجُ أهلِ البيتِ في التعاملِ مع الروايات
وليس منهجُ الرواةِ والأسانيد
أضف أنّ هذه الّليلة هي الجُمعةُ الأولى مِن رجب..وهذا المِيعادُ ليس ميعاداً عاديّاً حتّى يُشكَّك في فضلِهِ،
هذا المِيعادُ لا يستشعرُ خُصوصيّتَهُ سوى أهلُ البصائر الّذين تنوّرت قلوبُهُم بمعرفةِ عليٍّ وآل عليّ، كما تُشيرُ سورةُ الشرح:
{فإذا فرغتَ فانصب•وإلى ربّك فارغب}فليالي الرغائب ليالٍ تربِطنُا بعليٍّ وآلِ عليّ،
إنّها ليالٍ تربِطُنا بإمامِ زمانِنا،
فنحنُ نرغبُ في هذه الّليالي إلى إمامِ زمانِنا الّذي هو وجهُ الله
فالشهرُ هو رجب(وهو شهرُ أميرِ المؤمنين)
والجُمعة الّتي نتحدّثُ عنها هي أوّلُ جمعةٍ في شهرِ عليٍّ،
(فقد اجتمعت هنا ألطافٌ عَلَويّة ومهدويّة)فلماذا التشكيكُ في أن يكونَ لهذه الّليلةِ شأناً وفضلاً مُضاعفاً عن سائرِ الّليالي؟!
نأتي للصلاةِ المذكورة في كُتبِ الأدعيةِ ضمن الأعمال الّتي يُستَحبُّ الإتيانُ بها في هذه الّليلةِ مِن رجب:
✦ أوّلاً: هذه الصلاة تُمثّلُ طقساً مِن طقوس الإحياء -كما مر- لا أنّها مظهرُ الإحياء الوحيد على الإطلاق لهذه الّليلة،
فمظاهرُ الإحياء في ليالي الرغائب مُختلفةٌ ومراتبُها مُختلفة أيضاً
✦ ثانياً: حتّى لو كانت هذه الصلاةُ مرويّةً مِن طُرق المُخالفين، فهل هذا يعني القطعُ ببُطلانِها؟
هل مِن منهجِ أهلِ البيتِ أن نحكمَ على الروايات اعتماداً
على الأسانيد؟
أم المنهجُ هو عرضُ المضمون على القرآن؟
المضمون: هو أنّها صلاةٌ كسائرِ الصلوات المُستحبّة،
فهل يوجدُ في هذه الصلاةِ جزءٌ يتعارضُ مع ثقافةِ العترة أو ينتقصُ مِن أهلِ البيت؟!
ثمّ إنّ النواصبَ أساساً يُشنّعون على صلاةِ الرغائب ويصفُونها بالبِدعة، كما يُشنّعون على تعظيمِ ليلةِ المبعث!
راجعوا مواقعَهم بأنفُسِكم
هذا التشنيع على صلاةِ ليلة الراغب مِن قِبَلِ النواصب يُعطي مُؤشّر إلى
احتماليّةِ صحّةِ هذه الصلاة..طالما أنّ "أعداءَ عليٍّ"يرفضونها ويصفونها بالبِدعة،
فأعداءُ عليٍّ خالفوا عليّاً في كُلِّ شيء كما يقولُ إمامُنا الصادق
✸ خُلاصة القول:التشكيك في فضل
"ليلة الرغائب" لا قيمةَ له، لأنّ مضمون هذه الّليلةِ جذورُهُ في القرآن
وصلاةُ ليلةِ الرغائب(طقسٌ عبادي) ليس فيه ما يتعارضُ مع ثقافةِ أهلِ البيت،
فهي ركعاتٌ كصلاةِ الصُبح،
نحنُ لا نقولُ أنّها أهمُّ طقوس الإحياء بموازين أهلِ البيت،
ولكنّها لونٌ مِن ألوان العبادةِ لا تتعارض في جُزءٍ مِنها مع ثقافةِ العترة
أضف أنّ المُتأمّلَ في تفاصيل هذه الصلاة يجد فيها مِن الرموز ما يُشيرُ لأهلِ البيت،
فعددُ ركعاتِها ١٢ركعة بعددِ الأئمّة الإثني عشر،
والسُوَر الّتي تُقرأ فيها؛ (سورة القدر المُرتبطة بالزهراء، تُقرأ بعدد ٣مرّات وهو عدد آياتِ سورة الكوثر المُرتبطة بالزهراء،
والسورة الأخرى سورةُ التوحيد وهي سورةُ أميرِ المؤمنين وتُقرأ أيضاً بهذا العدد المخصوص١٢)
هذه إشارات، تدعونا للتفكُّرِ قبل أن نُسارعَ للتشنيع على هذه الصلاة كما يصنعُ النواصب،
ولنتذكّر قولَ سيّدِ الأوصياء:
(فإنّ أكثرَ الحقِّ فيما تُنكرون)➖➖➖➖➖➖
قناة #الثقافة_الزهرائية على التلغرام
🆔
t.me/zahraa_culture