“وطوال اليوم، في انتظار البريد وبعض الأخبار من مكان بعيد.”
عزيزتي ضي،
أحيانًا أشعر أن الانتظار هو أعظم كذبة نخبر بها أنفسنا. نقف على حافة الوقت، نتشبث بآمال باهتة، رغم يقين دفين بأن ما ننتظره لن يأتي. كأن هناك جزءًا في داخلي يعلم الحقيقة، لكنه يصرّ على الصمت، يتركني أسيرة أوهام صنعها قلبي، ربما لأنني لا أملك الشجاعة لأواجه الغياب.
الانتظار يشبه الطرقات الطويلة الفارغة، حيث لا صوت إلا خطى خائفة تدور في رأسي. أنا أنتظر، ليس لأنني لا أرى الحقيقة، بل لأنني أحببت الانتظار أكثر مما أحببت فكرة النهاية.
أما عن حبيبي… فهو ليس شخصًا فقط، هو حالة، هو وطن أهرب إليه حين يضيق العالم. كلما فكرت فيه، شعرت وكأن قلبي يُفتح على مصراعيه ليحتضن ذكرى، صوت، ضحكة، أو حتى غياب. أحببته بكل ما فيّ، بكل يقيني وبكل شكوكي. أفتقده ليس فقط لأنه غائب، بل لأن وجوده كان يمنحني إحساسًا بأنني كاملة، بأنني مرئية، بأنني أنا.
ضي، حين أحببته، أحببت تفاصيله الصغيرة؛ كيف يضحك على أشياء عادية، كيف يصف الأشياء بكلمات لا تشبه أحدًا. أحببت كيف كان ينظر إليّ وكأن العالم يتوقف للحظة. لكن أكثر ما أحببته فيه هو أنه جعلني أصدق أن الحب يمكن أن يغيّر ملامحنا، يجعلنا أجمل، أقوى، وحتى أضعف.
واليوم، أعيش بين حنين لحضوره ويقين بأنه قد لا يعود. ومع ذلك، أنتظره. ربما لأن الانتظار هو كل ما تبقى لي منه.
هل تعلمين يا ضي؟ أصبحت الرسائل جزءًا مني، كما لو أنني أخطّ بها شيئًا لا يقرأه أحد، شيئًا يعنيني وحدي. أنتظر البريد كل يوم، وكأنني أترقب رسالة من العالم الآخر، رسالة تحمل تفاصيل بسيطة تعيدني إليه. أعلم أنها قد لا تأتي، ولكن في كل مرة أفتح فيها صندوق البريد، أشعر أن قلبي ينبض بشدة، كأنني على وشك أن ألقى جزءًا منه هناك.
الرسائل، يا ضي، هي كل ما تبقى لي. أكتبها، وأنتظرها، وأعيش بين الكلمات التي لم تُقال، وبين الحروف التي لم تصل. ربما يومًا ما، ستخبرني رسالة ما بما كنت أحتاج أن أعرفه، أو ربما ستظل الصناديق فارغة، مثل روحي التي تحنّ دائمًا لما لن يعود.
-تقى جبر
عزيزتي ضي،
أحيانًا أشعر أن الانتظار هو أعظم كذبة نخبر بها أنفسنا. نقف على حافة الوقت، نتشبث بآمال باهتة، رغم يقين دفين بأن ما ننتظره لن يأتي. كأن هناك جزءًا في داخلي يعلم الحقيقة، لكنه يصرّ على الصمت، يتركني أسيرة أوهام صنعها قلبي، ربما لأنني لا أملك الشجاعة لأواجه الغياب.
الانتظار يشبه الطرقات الطويلة الفارغة، حيث لا صوت إلا خطى خائفة تدور في رأسي. أنا أنتظر، ليس لأنني لا أرى الحقيقة، بل لأنني أحببت الانتظار أكثر مما أحببت فكرة النهاية.
أما عن حبيبي… فهو ليس شخصًا فقط، هو حالة، هو وطن أهرب إليه حين يضيق العالم. كلما فكرت فيه، شعرت وكأن قلبي يُفتح على مصراعيه ليحتضن ذكرى، صوت، ضحكة، أو حتى غياب. أحببته بكل ما فيّ، بكل يقيني وبكل شكوكي. أفتقده ليس فقط لأنه غائب، بل لأن وجوده كان يمنحني إحساسًا بأنني كاملة، بأنني مرئية، بأنني أنا.
ضي، حين أحببته، أحببت تفاصيله الصغيرة؛ كيف يضحك على أشياء عادية، كيف يصف الأشياء بكلمات لا تشبه أحدًا. أحببت كيف كان ينظر إليّ وكأن العالم يتوقف للحظة. لكن أكثر ما أحببته فيه هو أنه جعلني أصدق أن الحب يمكن أن يغيّر ملامحنا، يجعلنا أجمل، أقوى، وحتى أضعف.
واليوم، أعيش بين حنين لحضوره ويقين بأنه قد لا يعود. ومع ذلك، أنتظره. ربما لأن الانتظار هو كل ما تبقى لي منه.
هل تعلمين يا ضي؟ أصبحت الرسائل جزءًا مني، كما لو أنني أخطّ بها شيئًا لا يقرأه أحد، شيئًا يعنيني وحدي. أنتظر البريد كل يوم، وكأنني أترقب رسالة من العالم الآخر، رسالة تحمل تفاصيل بسيطة تعيدني إليه. أعلم أنها قد لا تأتي، ولكن في كل مرة أفتح فيها صندوق البريد، أشعر أن قلبي ينبض بشدة، كأنني على وشك أن ألقى جزءًا منه هناك.
الرسائل، يا ضي، هي كل ما تبقى لي. أكتبها، وأنتظرها، وأعيش بين الكلمات التي لم تُقال، وبين الحروف التي لم تصل. ربما يومًا ما، ستخبرني رسالة ما بما كنت أحتاج أن أعرفه، أو ربما ستظل الصناديق فارغة، مثل روحي التي تحنّ دائمًا لما لن يعود.
-تقى جبر