شاهد أحاديث فضل الفقر من القرآن الكريم...
مما انفرد به محمد الغزالي السقا المعاصر في كتابه: «السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث» الطعن في أحاديث فضل الفقراء يوم القيامة.
وفي قناة العربية ظهر رجل يعيد كلامه.
وسبب إشكالية الغزالي أنه ظن أن هذه الأحاديث تحثُّ على البقاء فقيراً، وأن المرء قد يختار الفقر على الغنى مع المقدرة بسبب هذه الأخبار.
والواقع أن هذا ضيق في الفهم، فعامة البشر يسعون للكفاية ويأنفون عن السؤال والافتقار، والسنة فيها مدح الإنفاق بالخير والنهي عن سؤال الناس والحث على العمل والاكتساب، والأخبار في ذلك لا تحصى.
غير أن كثيراً من الناس الفقر فيهم كالمرض والآفات، لا خيار لهم فيه، وإنما هو أمر اضطروا إليه اضطراراً لظروف قهرت، ومع ذلك صبروا وما حملهم فقرهم على حسد أو سرقة أو أكل لأموال الناس بالباطل.
فهذا عند أهل العلم من يتناوله الفضل، لهذا يتناقشون من أفضل (الغني الشاكر) أم (الفقير الصابر)؟
وهذا باعتبار الجنس، وإلا قد يكون الغني صديقاً أو شهيداً، فيفوق الفقير بهذا الاعتبار، ولكن هذه حالة مفردة أو تفضيل جنس أعلى، فجنس الشهداء أفضل من غيرهم عدا الصديقين.
قال مسلم في صحيحه: "37- (2979) حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح، أخبرنا ابن وهب، أخبرني أبو هانئ، سمع أبا عبد الرحمن الحبلي، يقول: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص وسأله رجل، فقال: ألسنا من فقراء المهاجرين؟ فقال له عبد الله: «ألك امرأة تأوي إليها؟» قال: نعم، قال: «ألك مسكن تسكنه؟» قال: نعم، قال: «فأنت من الأغنياء»، قال: فإن لي خادما، قال: «فأنت من الملوك».
37- قال أبو عبد الرحمن: وجاء ثلاثة نفر إلى عبد الله بن عمرو بن العاص، وأنا عنده، فقالوا: يا أبا محمد إنا، والله ما نقدر على شيء، لا نفقة، ولا دابة، ولا متاع، فقال لهم: ما شئتم، إن شئتم رجعتم إلينا فأعطيناكم ما يسر الله لكم، وإن شئتم ذكرنا أمركم للسلطان، وإن شئتم صبرتم، فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة إلى الجنة، بأربعين خريفا» قالوا: فإنا نصبر، لا نسأل شيئا".
هذا من أصح الأحاديث في الباب.
ولو تأمل منكر هذه الأحاديث في كتاب الله عز وجل لوجد لذلك شاهداً.
قال تعالى: {ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم} [التكاثر].
قال الطبري في تفسيره: "حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: {ثم لتسألن يومئذ عن النعيم} قال: عن كل شيء من لذة الدنيا".
قال الطبري في آخر كلامه على هذه الآية: "والصواب من القول في ذلك: أن يقال: إن الله أخبر أنه سائل هؤلاء القوم عن النعيم، ولم يخصص في خبره أنه سائلهم عن نوع من النعيم دون نوع، بل عم بالخبر في ذلك عن الجميع، فهو سائلهم كما قال عن جميع النعيم، لا عن بعض دون بعض".
وهذه الآية مع هذا التفسير يعضد القول بفضل جنس الفقراء على الأغنياء في الآخرة، فإن الأغنياء أكثر نعماً بدنية من الفقراء، فيقال (فلان صبر على الفقر) ولا يقال (فلان صبر على الغنى)، كما يقال (فلان صبر المرض) ولا يقال (فلان صبر على الصحة).
فدل على أن سؤال الأغنياء في الآخرة سيكون أكثر، وأحمال الفقراء أخف، لذا سيسبقون، هذا بشرط استواء الفريقين في العمل، وإلا من الأغنياء من هو سابق، لسخاء شديد فيه أو سابقة هجرة أو شهادة أو صديقية، كما هو حال عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما.
وللفقراء الجزاء الأوفى من كل خبر في القرآن الكريم في فضل الصابرين، فالغني والفقير يصبرون، ولكن صبر الفقير أكثر.
فالغزالي لا يعترض على كون المرض كفارة وأن المريض يجازى على مرضه يوم القيامة بما يُقدِّمه، ولو نظر إلى الفقر نظرته إلى المرض لذهب استشكاله.
وإن كان الفقر والغنى كلاهما ابتلاء باعتبار التكليف، غير أن ابتلاء الغنى أن يشكر، وابتلاء الفقر أن يصبر.
مما انفرد به محمد الغزالي السقا المعاصر في كتابه: «السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث» الطعن في أحاديث فضل الفقراء يوم القيامة.
وفي قناة العربية ظهر رجل يعيد كلامه.
وسبب إشكالية الغزالي أنه ظن أن هذه الأحاديث تحثُّ على البقاء فقيراً، وأن المرء قد يختار الفقر على الغنى مع المقدرة بسبب هذه الأخبار.
والواقع أن هذا ضيق في الفهم، فعامة البشر يسعون للكفاية ويأنفون عن السؤال والافتقار، والسنة فيها مدح الإنفاق بالخير والنهي عن سؤال الناس والحث على العمل والاكتساب، والأخبار في ذلك لا تحصى.
غير أن كثيراً من الناس الفقر فيهم كالمرض والآفات، لا خيار لهم فيه، وإنما هو أمر اضطروا إليه اضطراراً لظروف قهرت، ومع ذلك صبروا وما حملهم فقرهم على حسد أو سرقة أو أكل لأموال الناس بالباطل.
فهذا عند أهل العلم من يتناوله الفضل، لهذا يتناقشون من أفضل (الغني الشاكر) أم (الفقير الصابر)؟
وهذا باعتبار الجنس، وإلا قد يكون الغني صديقاً أو شهيداً، فيفوق الفقير بهذا الاعتبار، ولكن هذه حالة مفردة أو تفضيل جنس أعلى، فجنس الشهداء أفضل من غيرهم عدا الصديقين.
قال مسلم في صحيحه: "37- (2979) حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح، أخبرنا ابن وهب، أخبرني أبو هانئ، سمع أبا عبد الرحمن الحبلي، يقول: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص وسأله رجل، فقال: ألسنا من فقراء المهاجرين؟ فقال له عبد الله: «ألك امرأة تأوي إليها؟» قال: نعم، قال: «ألك مسكن تسكنه؟» قال: نعم، قال: «فأنت من الأغنياء»، قال: فإن لي خادما، قال: «فأنت من الملوك».
37- قال أبو عبد الرحمن: وجاء ثلاثة نفر إلى عبد الله بن عمرو بن العاص، وأنا عنده، فقالوا: يا أبا محمد إنا، والله ما نقدر على شيء، لا نفقة، ولا دابة، ولا متاع، فقال لهم: ما شئتم، إن شئتم رجعتم إلينا فأعطيناكم ما يسر الله لكم، وإن شئتم ذكرنا أمركم للسلطان، وإن شئتم صبرتم، فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة إلى الجنة، بأربعين خريفا» قالوا: فإنا نصبر، لا نسأل شيئا".
هذا من أصح الأحاديث في الباب.
ولو تأمل منكر هذه الأحاديث في كتاب الله عز وجل لوجد لذلك شاهداً.
قال تعالى: {ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم} [التكاثر].
قال الطبري في تفسيره: "حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: {ثم لتسألن يومئذ عن النعيم} قال: عن كل شيء من لذة الدنيا".
قال الطبري في آخر كلامه على هذه الآية: "والصواب من القول في ذلك: أن يقال: إن الله أخبر أنه سائل هؤلاء القوم عن النعيم، ولم يخصص في خبره أنه سائلهم عن نوع من النعيم دون نوع، بل عم بالخبر في ذلك عن الجميع، فهو سائلهم كما قال عن جميع النعيم، لا عن بعض دون بعض".
وهذه الآية مع هذا التفسير يعضد القول بفضل جنس الفقراء على الأغنياء في الآخرة، فإن الأغنياء أكثر نعماً بدنية من الفقراء، فيقال (فلان صبر على الفقر) ولا يقال (فلان صبر على الغنى)، كما يقال (فلان صبر المرض) ولا يقال (فلان صبر على الصحة).
فدل على أن سؤال الأغنياء في الآخرة سيكون أكثر، وأحمال الفقراء أخف، لذا سيسبقون، هذا بشرط استواء الفريقين في العمل، وإلا من الأغنياء من هو سابق، لسخاء شديد فيه أو سابقة هجرة أو شهادة أو صديقية، كما هو حال عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما.
وللفقراء الجزاء الأوفى من كل خبر في القرآن الكريم في فضل الصابرين، فالغني والفقير يصبرون، ولكن صبر الفقير أكثر.
فالغزالي لا يعترض على كون المرض كفارة وأن المريض يجازى على مرضه يوم القيامة بما يُقدِّمه، ولو نظر إلى الفقر نظرته إلى المرض لذهب استشكاله.
وإن كان الفقر والغنى كلاهما ابتلاء باعتبار التكليف، غير أن ابتلاء الغنى أن يشكر، وابتلاء الفقر أن يصبر.