نعم؛ الشيعة فقدوا السيد نصر الله وخسروا سوريا..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
د. علي المؤمن
لا ننكر على المحور الطائفي- الصهيوني، حقه في أن يبتهج ويشمت بفقدان الشيعة بعض كبار قادتهم وأبطالهم في لبنان وفلسطين والعراق وإيران واليمن على يد الكيان الصهيوني، خلال العام الماضي (2024)؛ بسبب دفاعهم عن فلسطين وأهلها وقضيتها، وفي مقدمتهم السيد حسن نصر الله. ومن الطبيعي أن ينتشي أردوغان وبن سلمان ونتنياهو لأنهم ربحوا سوريا، وربحوا البؤرة التي سيتسللون منها إلى دول الأكثريات الشيعية، للتخريب فيها كعادتهم، وتحديداً لبنان والعراق.
ومن الطبيعي أيضاً أن يتوجّع الشيعي لفقده بعض رموزه، ويكرِّس جهده لملء الفراغات بقادة آخرين وجيل جديد، لتستمر جذوة الصعود والنهوض والعطاء بالتوقد، على كل المستويات. ومن حق الشيعي أن يستشعر الخطر، ويعيد حساباته، ويتأهب للإعداد للصهاينة وحلفائهم الطائفيين ما استطاع من قوة.
نعم؛ خسر الشيعة سوريا، كحلقة في الهلال الشيعي المقاوم، وقبلها بسنوات خسروا أفغانستان، لكنهم لم يخسروا سوريا لأن حكم بشار الأسد قد سقط، بل لأن البديل عنه طائفي تكفيري إرهابي تطبيعي، وها هو يحوّل سوريا إلى بؤرةٍ لفتنةٍ مزدوجة: طائفية تكفيرية إرهابية من جهة، وتطبيعية خيانية من جهة أخرى، بتخطيط ودعم سياسي ومالي ومذهبي مباشر من حكومات تركيا والسعودية وقطر وإسرائيل، وهذه الفتنة بكلا وجهيها، عابرةً للحدود وغير محصورةٍ بسوريا، وهنا تكمن المشكلة المركبة.
لقد فقد الشيعة قادة عظاماً، وخسروا الحلقة السورية، لكنهم لم يخسروا عقيدتهم وإيمانهم وشرفهم وكرامتهم وإنسانيتهم؛ بل راكموا أرباح هذه المناقب؛ لأنها راسخة متجذرة، موصولة برسول الله ووليه وآل بيته ((شيعتنا خلقوا من فاضل طينتنا))، في حين ظل الطائفيون المتهوِّدون يخسرونها بالجملة عند كل امتحان، غير مأسوف عليهم، منذ أن عميت أبصارهم واتّبعوا آل أمية وآل سعود وآل نتنياهو. وهذا ما يجعل (الأعلون) عنواناً للشيعة، وحسب الشيعة هذا التفاوت بينهم وبين خصومهم.
ولم ينتصر الشيعة في معركة العقيدة والكرامة والشرف وحسب، وإنما انتصروا في معركة العقول والقلوب؛ فقد أيقنت عشرات ملايين المسلمين في كل بقاع الأرض، أن مدرسة آل البيت هي مدرسة الفكر والعمل، والقول والفعل، والحق والحقيقة. وإذا كانت خطب ورسائل وتصريحات بعض هذه الملايين السنّية، قد ملأت وسائل الإعلام والتواصل وهي تصرح بأن الشيعة هم المدافعون الوحيدون عن الأمة، وهم قادتها وسادتها؛ فإن مخرجات هذه الرسائل ستتضح بالتدريج خلال السنوات القليلة القادمة، بصورة فتوحات إعجازية لم تحصل نتيجة نشاط تبليغي وتبشيري ودعوي إطلاقاً، وإنما لأن الشيعة خلال (15) شهراً ملتهباً؛ طبّقوا أمر إمامهم جعفر الصادق: ((كونوا دعاةً لنا بغير ألسنتكم))؛ فكانوا كما أراد، من خلال تضحياتهم الصامتة، وإيثارهم وجهدهم وجهادهم وبذلهم، وعطائهم العملي؛ ليقولوا للعالم أجمع: ((هذه هي مدرسة أهل البيت)).
ولم يكتف الشيعة بالدعوة لأهل البيت بأفعالهم بصمت، خلال محنة أهلهم السنة في فلسطين؛ وإنما أظهروا حرصاً بالغاً على التمسك بقولٍ آخر لإمامهم الصادق، وهو يوصيهم بإخوانهم السنة: ((صلّوا في مساجدهم، وعودوا مرضاهم، واشهدوا جنائزهم، وإن استطعتم أن تكونوا الأئمة والمؤذنين فافعلوا؛ فإنكم إذا فعلتم ذلك قالوا: هؤلاء الجعفرية، رحم الله جعفراً، ما كان أحسن ما يؤدب أصحابه، وإذا تركتم ذلك قالوا: هؤلاء الجعفرية، فعل الله بجعفر، ما كان أسوء ما يؤدب أصحابه))؛ فطبّق الشيعة هذا الوصية بدمائهم وأموالهم وممتلكاتهم وبأغلى ما عندهم؛ حتى ضجّت ملايين أهل السنة وهي تقول: ((هؤلاء الجعفرية، رحم الله جعفراً، ما كان أحسن ما يؤدب أصحابه)).
وقد كان من الطبيعي أن يتبيّن المسلمون ذوو البصيرة والفطرة السليمة، الفرق الجوهري بين مدرسة آل البيت ومدرسة الأنظمة الطائفية الخائنة، المتحالفة مع الصهاينة والأمريكان ضد مستضعفي فلسطين ولبنان واليمن وإيران والعراق. أما الضالون؛ فعلى العكس؛ ظلوا على دين سلاطينهم، وتماهوا مع سلوك حلفائهم اليهود والصهاينة.. يطربون لسماع أخبار سقوط الشهداء وتفجير المساجد وتخريب البيوت وتشريد المستضعفين وجوعهم وعطشهم وخوفهم.
وإذا كان الشيعة قد فقدوا حلقةً جغرافيةً هنا وحلقةً هناك؛ فسيأخذون أضعافها لاحقاً، ليستحيل الهلال بدراً. وهذا تاريخ الـ (50) عاماً الأخيرة، إقرأوه لتعوا هذه الحقيقة بوضوح كامل.. أين كان الشيعة قبل العام 1979, وأين صاروا في العام 2025؛ فالتدافع سنّة إلهية لا تتبدل، ومآلاتها سنّة أيضاً.. هنا ربح وهناك خسارة. لكن العار الأبدي في الدنيا والآخرة، يتحمّله من يخسر شرفه وكرامته كل يوم، ويسلِّم أرضه وماله وعرضه للغرباء، ويعادي المسلمين المستضعفين ويتحالف مع الصهاينة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
د. علي المؤمن
لا ننكر على المحور الطائفي- الصهيوني، حقه في أن يبتهج ويشمت بفقدان الشيعة بعض كبار قادتهم وأبطالهم في لبنان وفلسطين والعراق وإيران واليمن على يد الكيان الصهيوني، خلال العام الماضي (2024)؛ بسبب دفاعهم عن فلسطين وأهلها وقضيتها، وفي مقدمتهم السيد حسن نصر الله. ومن الطبيعي أن ينتشي أردوغان وبن سلمان ونتنياهو لأنهم ربحوا سوريا، وربحوا البؤرة التي سيتسللون منها إلى دول الأكثريات الشيعية، للتخريب فيها كعادتهم، وتحديداً لبنان والعراق.
ومن الطبيعي أيضاً أن يتوجّع الشيعي لفقده بعض رموزه، ويكرِّس جهده لملء الفراغات بقادة آخرين وجيل جديد، لتستمر جذوة الصعود والنهوض والعطاء بالتوقد، على كل المستويات. ومن حق الشيعي أن يستشعر الخطر، ويعيد حساباته، ويتأهب للإعداد للصهاينة وحلفائهم الطائفيين ما استطاع من قوة.
نعم؛ خسر الشيعة سوريا، كحلقة في الهلال الشيعي المقاوم، وقبلها بسنوات خسروا أفغانستان، لكنهم لم يخسروا سوريا لأن حكم بشار الأسد قد سقط، بل لأن البديل عنه طائفي تكفيري إرهابي تطبيعي، وها هو يحوّل سوريا إلى بؤرةٍ لفتنةٍ مزدوجة: طائفية تكفيرية إرهابية من جهة، وتطبيعية خيانية من جهة أخرى، بتخطيط ودعم سياسي ومالي ومذهبي مباشر من حكومات تركيا والسعودية وقطر وإسرائيل، وهذه الفتنة بكلا وجهيها، عابرةً للحدود وغير محصورةٍ بسوريا، وهنا تكمن المشكلة المركبة.
لقد فقد الشيعة قادة عظاماً، وخسروا الحلقة السورية، لكنهم لم يخسروا عقيدتهم وإيمانهم وشرفهم وكرامتهم وإنسانيتهم؛ بل راكموا أرباح هذه المناقب؛ لأنها راسخة متجذرة، موصولة برسول الله ووليه وآل بيته ((شيعتنا خلقوا من فاضل طينتنا))، في حين ظل الطائفيون المتهوِّدون يخسرونها بالجملة عند كل امتحان، غير مأسوف عليهم، منذ أن عميت أبصارهم واتّبعوا آل أمية وآل سعود وآل نتنياهو. وهذا ما يجعل (الأعلون) عنواناً للشيعة، وحسب الشيعة هذا التفاوت بينهم وبين خصومهم.
ولم ينتصر الشيعة في معركة العقيدة والكرامة والشرف وحسب، وإنما انتصروا في معركة العقول والقلوب؛ فقد أيقنت عشرات ملايين المسلمين في كل بقاع الأرض، أن مدرسة آل البيت هي مدرسة الفكر والعمل، والقول والفعل، والحق والحقيقة. وإذا كانت خطب ورسائل وتصريحات بعض هذه الملايين السنّية، قد ملأت وسائل الإعلام والتواصل وهي تصرح بأن الشيعة هم المدافعون الوحيدون عن الأمة، وهم قادتها وسادتها؛ فإن مخرجات هذه الرسائل ستتضح بالتدريج خلال السنوات القليلة القادمة، بصورة فتوحات إعجازية لم تحصل نتيجة نشاط تبليغي وتبشيري ودعوي إطلاقاً، وإنما لأن الشيعة خلال (15) شهراً ملتهباً؛ طبّقوا أمر إمامهم جعفر الصادق: ((كونوا دعاةً لنا بغير ألسنتكم))؛ فكانوا كما أراد، من خلال تضحياتهم الصامتة، وإيثارهم وجهدهم وجهادهم وبذلهم، وعطائهم العملي؛ ليقولوا للعالم أجمع: ((هذه هي مدرسة أهل البيت)).
ولم يكتف الشيعة بالدعوة لأهل البيت بأفعالهم بصمت، خلال محنة أهلهم السنة في فلسطين؛ وإنما أظهروا حرصاً بالغاً على التمسك بقولٍ آخر لإمامهم الصادق، وهو يوصيهم بإخوانهم السنة: ((صلّوا في مساجدهم، وعودوا مرضاهم، واشهدوا جنائزهم، وإن استطعتم أن تكونوا الأئمة والمؤذنين فافعلوا؛ فإنكم إذا فعلتم ذلك قالوا: هؤلاء الجعفرية، رحم الله جعفراً، ما كان أحسن ما يؤدب أصحابه، وإذا تركتم ذلك قالوا: هؤلاء الجعفرية، فعل الله بجعفر، ما كان أسوء ما يؤدب أصحابه))؛ فطبّق الشيعة هذا الوصية بدمائهم وأموالهم وممتلكاتهم وبأغلى ما عندهم؛ حتى ضجّت ملايين أهل السنة وهي تقول: ((هؤلاء الجعفرية، رحم الله جعفراً، ما كان أحسن ما يؤدب أصحابه)).
وقد كان من الطبيعي أن يتبيّن المسلمون ذوو البصيرة والفطرة السليمة، الفرق الجوهري بين مدرسة آل البيت ومدرسة الأنظمة الطائفية الخائنة، المتحالفة مع الصهاينة والأمريكان ضد مستضعفي فلسطين ولبنان واليمن وإيران والعراق. أما الضالون؛ فعلى العكس؛ ظلوا على دين سلاطينهم، وتماهوا مع سلوك حلفائهم اليهود والصهاينة.. يطربون لسماع أخبار سقوط الشهداء وتفجير المساجد وتخريب البيوت وتشريد المستضعفين وجوعهم وعطشهم وخوفهم.
وإذا كان الشيعة قد فقدوا حلقةً جغرافيةً هنا وحلقةً هناك؛ فسيأخذون أضعافها لاحقاً، ليستحيل الهلال بدراً. وهذا تاريخ الـ (50) عاماً الأخيرة، إقرأوه لتعوا هذه الحقيقة بوضوح كامل.. أين كان الشيعة قبل العام 1979, وأين صاروا في العام 2025؛ فالتدافع سنّة إلهية لا تتبدل، ومآلاتها سنّة أيضاً.. هنا ربح وهناك خسارة. لكن العار الأبدي في الدنيا والآخرة، يتحمّله من يخسر شرفه وكرامته كل يوم، ويسلِّم أرضه وماله وعرضه للغرباء، ويعادي المسلمين المستضعفين ويتحالف مع الصهاينة.