ولذلك؛ انسلخ ساطع الحصري من تاريخه العنصري التركي الى واقع مفارق ومناقض ومعاكس تماماً، وهو ما يكشف عن ذكاء عميق، وقدرة فائقة على التلوّن واستغفال الآخرين؛ فأسس في العراق للثقافة العنصرية الطائفية (العربية السنية)، وزرعها في عقل الدولة العراقية (دولة العرب السنة) ومفاصلها، وبالأخص في مناهج التعليم والاجتماع السياسي والثقافي العراقي، وعمل على تحويل العروبة من رابطة نسبية ولغوية كريمة يعتز بها العربي، لأنها لغة القرآن والدين ولغة رسول الله ونسبه، الى آيديولوجية عنصرية سياسية طائفية تزدري الآخر القومي والمذهبي وتهمشه، وتدعو الى وحدة الجماعة اللغوية العربية (الناطقين بالعربية) على أساس معيار أفضلية الجنس العربي على القوميات الأخرى.
وقد اعتمد ساطع الحصري على الآيديولوجيا النازية الألمانية في التأسيس لنازيته العربية، وخاصة أفكار "يوهان فيخته" و"فان دن بروك" و"مارتن هايدغر" و"أوسفالد شبنغلر". ومن يراجع أقوال الفيلسوف النازي "فان دون بروك"، سيجد أن ساطع الحصري نسخها كما هي، بعد أن رفع كلمة ألمانيا والأمة الألمانية، ووضع مكانها الوطن العربي والأمة العربية.
وتقوم آيديولوجيا ساطع الحصري القومية على احتقار الآخر القومي غير العربي والمذهبي غير السني، وتعمّد السخرية منه، والتعالي على القوميات غير العربية والطوائف غير السنية، وتعتبر الأوطان التي تسكنها أغلبية ناطقة باللغة العربية هي ملك العرب جميعاً، وتخضع لحكم قوميتهم المتفوقة، كما كانت النازية تعد الجنس الجرماني الآري هو الأفضل والمتفوق. وبالتالي؛ لم يكن الحصري يعترف بالوطن ولا باستقلال العراق السياسي والقانوني عن باقي العرب، بل يعد الوطن هو كل البلاد التي تسكنها أغلبية ناطقة بالعربية، وكان يعتبر الحضارات السومرية والبابلية والسوريانية والآرامية والفرعونية، حضارات ميتة لا ينبغي إحياؤها والانتساب اليها، وكذا كل الحضارات المحلية؛ لأن ذلك يتعارض مع الآيديولوجيا القومية العربية وامتلاك العرب لهذه البلدان.
وقد عبّر الضابط العثماني فخري البارودي عن فكرة الحصري بقصيدته: ((بلاد العرب أوطاني.. من الشام لبغدان)). والمفارقة أن سيرة البارودي تشبه سيرة الحصري وتتزامن معها؛ ففخري الباردوي سوري أيضاً، وكان هو وأبوه وجده موظفين كبار في السلطنة العثمانية، كما كان الباردودي ضابطاً متطوعاً في الجيش العثماني خلال الحرب العالمية الأولى، لشدة تعصبه للأتراك، وحارب الثورة العربية المضادة للدولة العثمانية في أكثر من جبهة، منذ العام 1916، مثله مثل ساطع الحصري، حتى أسره الإنجليز بعد سنتين. وخلال فترة الأسر أقنعه الإنجليز بالعمل معهم، لأن الدولة العثمانية ستنهار، وسينتهي مستقبله السياسي بنهايتها. حينها أرسلوه الى دمشق ليبايع أمير سوريا فيصل بن الحسين، ويعمل معه، الأمر الذي جعل فخري البارودي يتحول، بقدرة قادر، من مقاتل عثماني متعصب الى قومي عربي متعصب، وأنشد القصيدة القومية المذكورة، وهو ما فعله ساطع الحصري أيضاً.
ورغم الانقلاب السياسي والتحول المتعارض في الولاء الآيديولوجي والقومي والوطني لساطع الحصري، إلّا أنه وغيره من العثمانيين السابقين وعملاء الانجليز الجدد، ظلوا أوفياء لطائفيتهم السياسية التي ورثوها من هويتهم العثمانية الطائفية، وحافظوا على نظرتهم الآيديولوجية للشيعة، بوصفهم مواطنين من الدرجة الثالثة، وكونهم (عجم) وأعداء للأغلبية العربية السنية؛ فقد عمل ساطع الحصري على ربط الآيديولوجية القومية العربية بالمذهب السني، كما كان يربط الايديولوجية العثمانية التركية بالمذهب السني الحنفي، وهو الذي زرع في الاجتماع السياسي والثقافي العراقي مفهوم أن كل شيعي هو (عجمي) حتى يثبت العكس، كما كان الحصري يشيع بأن الشيعة هم حلفاء اليهود، وهذا الحلف يريد الكيد بالعرب على مر التاريخ، وغيرها من المفاهيم الطائفية والعنصرية التي تلقفها البعثيون فيما بعد، وحوّلوها الى ثقافة سياسية وشعبية، رغم أن الحصري كان يعيش في بلد أغلبيته السكانية من الشيعة.
وظلت ثقافة ازدراء الشيعة والكرد في الدولة العراقية الحديثة، منذ تأسيسها في العام 1921 وحتى سقوطها في العام 2003، تقوم ــ غالباً ــ على ايديولوجيا ساطع الحصري القومية الطائفية؛ إذ كانت نظرته الى الشيعة في العراق والبلدان العربية تماثل نظرة هتلر الى اليهود في ألمانيا وأوروبا، فيما كانت نظرته الى الأكراد تماثل نظرة هتلر الى الشعوب السلافية.
وكان الحصري، الى جانب الملك فيصل ورئيس الوزراء الطائفي عبد المحسن السعدون، وراء تسفير مراجع النجف والكاظمية (الإصفهاني والنائيني والشهرستاني والخالصي) الى ايران في العام 1924، تنفيذاً لأوامر المحتلين الإنجليز، وهو أول عملية تسفير للشيعة وعلمائهم في تاريخ العراق الحديث.
وقد اعتمد ساطع الحصري على الآيديولوجيا النازية الألمانية في التأسيس لنازيته العربية، وخاصة أفكار "يوهان فيخته" و"فان دن بروك" و"مارتن هايدغر" و"أوسفالد شبنغلر". ومن يراجع أقوال الفيلسوف النازي "فان دون بروك"، سيجد أن ساطع الحصري نسخها كما هي، بعد أن رفع كلمة ألمانيا والأمة الألمانية، ووضع مكانها الوطن العربي والأمة العربية.
وتقوم آيديولوجيا ساطع الحصري القومية على احتقار الآخر القومي غير العربي والمذهبي غير السني، وتعمّد السخرية منه، والتعالي على القوميات غير العربية والطوائف غير السنية، وتعتبر الأوطان التي تسكنها أغلبية ناطقة باللغة العربية هي ملك العرب جميعاً، وتخضع لحكم قوميتهم المتفوقة، كما كانت النازية تعد الجنس الجرماني الآري هو الأفضل والمتفوق. وبالتالي؛ لم يكن الحصري يعترف بالوطن ولا باستقلال العراق السياسي والقانوني عن باقي العرب، بل يعد الوطن هو كل البلاد التي تسكنها أغلبية ناطقة بالعربية، وكان يعتبر الحضارات السومرية والبابلية والسوريانية والآرامية والفرعونية، حضارات ميتة لا ينبغي إحياؤها والانتساب اليها، وكذا كل الحضارات المحلية؛ لأن ذلك يتعارض مع الآيديولوجيا القومية العربية وامتلاك العرب لهذه البلدان.
وقد عبّر الضابط العثماني فخري البارودي عن فكرة الحصري بقصيدته: ((بلاد العرب أوطاني.. من الشام لبغدان)). والمفارقة أن سيرة البارودي تشبه سيرة الحصري وتتزامن معها؛ ففخري الباردوي سوري أيضاً، وكان هو وأبوه وجده موظفين كبار في السلطنة العثمانية، كما كان الباردودي ضابطاً متطوعاً في الجيش العثماني خلال الحرب العالمية الأولى، لشدة تعصبه للأتراك، وحارب الثورة العربية المضادة للدولة العثمانية في أكثر من جبهة، منذ العام 1916، مثله مثل ساطع الحصري، حتى أسره الإنجليز بعد سنتين. وخلال فترة الأسر أقنعه الإنجليز بالعمل معهم، لأن الدولة العثمانية ستنهار، وسينتهي مستقبله السياسي بنهايتها. حينها أرسلوه الى دمشق ليبايع أمير سوريا فيصل بن الحسين، ويعمل معه، الأمر الذي جعل فخري البارودي يتحول، بقدرة قادر، من مقاتل عثماني متعصب الى قومي عربي متعصب، وأنشد القصيدة القومية المذكورة، وهو ما فعله ساطع الحصري أيضاً.
ورغم الانقلاب السياسي والتحول المتعارض في الولاء الآيديولوجي والقومي والوطني لساطع الحصري، إلّا أنه وغيره من العثمانيين السابقين وعملاء الانجليز الجدد، ظلوا أوفياء لطائفيتهم السياسية التي ورثوها من هويتهم العثمانية الطائفية، وحافظوا على نظرتهم الآيديولوجية للشيعة، بوصفهم مواطنين من الدرجة الثالثة، وكونهم (عجم) وأعداء للأغلبية العربية السنية؛ فقد عمل ساطع الحصري على ربط الآيديولوجية القومية العربية بالمذهب السني، كما كان يربط الايديولوجية العثمانية التركية بالمذهب السني الحنفي، وهو الذي زرع في الاجتماع السياسي والثقافي العراقي مفهوم أن كل شيعي هو (عجمي) حتى يثبت العكس، كما كان الحصري يشيع بأن الشيعة هم حلفاء اليهود، وهذا الحلف يريد الكيد بالعرب على مر التاريخ، وغيرها من المفاهيم الطائفية والعنصرية التي تلقفها البعثيون فيما بعد، وحوّلوها الى ثقافة سياسية وشعبية، رغم أن الحصري كان يعيش في بلد أغلبيته السكانية من الشيعة.
وظلت ثقافة ازدراء الشيعة والكرد في الدولة العراقية الحديثة، منذ تأسيسها في العام 1921 وحتى سقوطها في العام 2003، تقوم ــ غالباً ــ على ايديولوجيا ساطع الحصري القومية الطائفية؛ إذ كانت نظرته الى الشيعة في العراق والبلدان العربية تماثل نظرة هتلر الى اليهود في ألمانيا وأوروبا، فيما كانت نظرته الى الأكراد تماثل نظرة هتلر الى الشعوب السلافية.
وكان الحصري، الى جانب الملك فيصل ورئيس الوزراء الطائفي عبد المحسن السعدون، وراء تسفير مراجع النجف والكاظمية (الإصفهاني والنائيني والشهرستاني والخالصي) الى ايران في العام 1924، تنفيذاً لأوامر المحتلين الإنجليز، وهو أول عملية تسفير للشيعة وعلمائهم في تاريخ العراق الحديث.