من درس الليلة
...
كأنهمْ في ظهورِ الخيلِ نبتُ رُبًى * مِنْ شِدَّةِ الحَزْمِ لاَ مِنْ شَدَّةِ الحُزُمِ
طارتُ قلوبُ العِدا مِن بأسِهمِ فَرَقاً * فما تُفَرِّقُ بينَ البَهْمِ والبُهمِ
ومَن تكنْ برسولِ الله نُصرَتُه* إنْ تَلْقَهُ الأُسدُ في آجامِها تَجِمِ
---
بعد أن وصف رضي الله عنه طيب ذكر الصحابة رضي الله عنهم وطيب أخبارهم وصف بأسهم قال:
كأنهم أي ساداتنا الصحابة رضي الله عنهم كائنين على ظهور الخيل نبتُ نَبَتَ على الروابي وهي المرتفعات من الأرض، و"في" بمعنى "على" كقوله تعالى (في جذوع النخل)، وفي استخدام (في) بمعنى (على) بيان تمكنهم من الخيل، وذكر النبات إشارة إلى أنهم ثابتون على السروج كأنهم نبتوا عليها كنبات الزهر على الربى.. وأن تحركهم على ظهور الخيل ليس للسقوط بل للقتال والطعن مع ثبات أصلهم، كحركة النبات حين يمر عليه الريح، وهذا النبت أجمل من غيره إذ هو يأخذ نصيبه من الماء ثم يسيل عنه ويأخذ نصيبه من الهواء والشمس، فتراه أخضر يانعًا، وهو أشدّ ثباتًا من نباتات باقي الأرض، إذ تمتد جذوره حتى تصل الماء، فهم مثله في الجمال والطيب والثبات، واختار نبت الربى لأنه عال لا يوطأ بحوافر الخيل.
وهذا الثبات كائن من شدة حزمهم أي: قوة عزيمتهم وشجاعتهم ويقينهم وثقتهم بوعد الله لهم، لا من قوة ربط الأحزمة المانعة من السقوط، فالمثبت لهم العزم لا الأحزمة. فهي ذاتية فيه جبلة لا مجتلبة مصطنعة.
ولما بين شجاعتهم وثباتهم بين أثر هذه الشجاعة فقال:
طارت قلوب الأعداء أي: اضطربت حتى أشبهت الطائر في طيرانه وهروبه بسبب قوة بأس الصحابة رضي الله عنهم وامتلأت فرَقًا أي: رعبًا وخوفًا، فمن شدة الخوف لم تعد تميز بين البَهم جمع بَهمة كتمر وتمرة، أي صغار الغنم، وبين البُهم أي جمع بُهمة، أي: السيد الشجاع، الذي لا يدرى من أين يؤتى في الحرب، فالخوف والرعب جعلهم لا يفرقون بين سادات الأنام وضعاف الأنعام. فصاروا يفزعون إذا رأوا صغار الغنم خوفًا ورُعبًا يتوهمون أنها الفرسان !!
ثم بين مصدر هذه الشجاعة الفريدة والخصال الحميدة التي كانت عند ساداتنا الصحابة رضي الله عنهم حتى إنهم فعلوا ما فعلوا بالعرب أهل الشجاعة والقتال، فقال:
ومن تكن نصرته ومدده وعزيمته كائنة برسول الله صلى الله عليه وسلم ومفاضة منه إليه، فهو منصور أبدًا مسدد معان مؤيد، حتى إن الأسد على جرأتها وشراستها وأشد ما تكون وهي في آجامها جمع أجَمة، وهي الأشجار الكثيرة الملتفة وهو محل سكناها إن رأته وجمت أي: امتنعت عن الحركة رعبًا ومهابة.
وهذا وقع حقيقة وليس مجرد صورة تشبيه، فهذا سفينة مولى رسول صلى الله عليه وسلم
ركب سفينة في البحر فانكسرت بهم. قال: فتعلقت بشيء منها حتى خرجت إلى جزيرة فإذا فيها الأسد فقلت: أبا الحارث، أنا سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطأطأ رأسه، وجعل يدفعني بجنبه يدلني على الطريق، فلما خرجت إلى الطريق همهم، فظننت أنه يودعني رضي الله عنه.
وهذا الإمام العظيم أبو مدين، رأى رجلًا قد افترس الأسد حماره، فأخذ بأذن الأسد وقال للرجل: استخدمه بدل حمارِك !! فجاء الرجل بعد مدة إليه قائلًا: يا سيدي، هذا الأسد يتبعني أينما ذهبت، وأنا أخافه، فقال للأسد: اذهب، ولا تعد.
وهذا الإمام الرواس عرض له في بعض أسفاره أسد فكان أن طرق طارق من عزيمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فراح يتبختر إلى الأسد فلما رآه ولى هاربًا.
...
كأنهمْ في ظهورِ الخيلِ نبتُ رُبًى * مِنْ شِدَّةِ الحَزْمِ لاَ مِنْ شَدَّةِ الحُزُمِ
طارتُ قلوبُ العِدا مِن بأسِهمِ فَرَقاً * فما تُفَرِّقُ بينَ البَهْمِ والبُهمِ
ومَن تكنْ برسولِ الله نُصرَتُه* إنْ تَلْقَهُ الأُسدُ في آجامِها تَجِمِ
---
بعد أن وصف رضي الله عنه طيب ذكر الصحابة رضي الله عنهم وطيب أخبارهم وصف بأسهم قال:
كأنهم أي ساداتنا الصحابة رضي الله عنهم كائنين على ظهور الخيل نبتُ نَبَتَ على الروابي وهي المرتفعات من الأرض، و"في" بمعنى "على" كقوله تعالى (في جذوع النخل)، وفي استخدام (في) بمعنى (على) بيان تمكنهم من الخيل، وذكر النبات إشارة إلى أنهم ثابتون على السروج كأنهم نبتوا عليها كنبات الزهر على الربى.. وأن تحركهم على ظهور الخيل ليس للسقوط بل للقتال والطعن مع ثبات أصلهم، كحركة النبات حين يمر عليه الريح، وهذا النبت أجمل من غيره إذ هو يأخذ نصيبه من الماء ثم يسيل عنه ويأخذ نصيبه من الهواء والشمس، فتراه أخضر يانعًا، وهو أشدّ ثباتًا من نباتات باقي الأرض، إذ تمتد جذوره حتى تصل الماء، فهم مثله في الجمال والطيب والثبات، واختار نبت الربى لأنه عال لا يوطأ بحوافر الخيل.
وهذا الثبات كائن من شدة حزمهم أي: قوة عزيمتهم وشجاعتهم ويقينهم وثقتهم بوعد الله لهم، لا من قوة ربط الأحزمة المانعة من السقوط، فالمثبت لهم العزم لا الأحزمة. فهي ذاتية فيه جبلة لا مجتلبة مصطنعة.
ولما بين شجاعتهم وثباتهم بين أثر هذه الشجاعة فقال:
طارت قلوب الأعداء أي: اضطربت حتى أشبهت الطائر في طيرانه وهروبه بسبب قوة بأس الصحابة رضي الله عنهم وامتلأت فرَقًا أي: رعبًا وخوفًا، فمن شدة الخوف لم تعد تميز بين البَهم جمع بَهمة كتمر وتمرة، أي صغار الغنم، وبين البُهم أي جمع بُهمة، أي: السيد الشجاع، الذي لا يدرى من أين يؤتى في الحرب، فالخوف والرعب جعلهم لا يفرقون بين سادات الأنام وضعاف الأنعام. فصاروا يفزعون إذا رأوا صغار الغنم خوفًا ورُعبًا يتوهمون أنها الفرسان !!
ثم بين مصدر هذه الشجاعة الفريدة والخصال الحميدة التي كانت عند ساداتنا الصحابة رضي الله عنهم حتى إنهم فعلوا ما فعلوا بالعرب أهل الشجاعة والقتال، فقال:
ومن تكن نصرته ومدده وعزيمته كائنة برسول الله صلى الله عليه وسلم ومفاضة منه إليه، فهو منصور أبدًا مسدد معان مؤيد، حتى إن الأسد على جرأتها وشراستها وأشد ما تكون وهي في آجامها جمع أجَمة، وهي الأشجار الكثيرة الملتفة وهو محل سكناها إن رأته وجمت أي: امتنعت عن الحركة رعبًا ومهابة.
وهذا وقع حقيقة وليس مجرد صورة تشبيه، فهذا سفينة مولى رسول صلى الله عليه وسلم
ركب سفينة في البحر فانكسرت بهم. قال: فتعلقت بشيء منها حتى خرجت إلى جزيرة فإذا فيها الأسد فقلت: أبا الحارث، أنا سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطأطأ رأسه، وجعل يدفعني بجنبه يدلني على الطريق، فلما خرجت إلى الطريق همهم، فظننت أنه يودعني رضي الله عنه.
وهذا الإمام العظيم أبو مدين، رأى رجلًا قد افترس الأسد حماره، فأخذ بأذن الأسد وقال للرجل: استخدمه بدل حمارِك !! فجاء الرجل بعد مدة إليه قائلًا: يا سيدي، هذا الأسد يتبعني أينما ذهبت، وأنا أخافه، فقال للأسد: اذهب، ولا تعد.
وهذا الإمام الرواس عرض له في بعض أسفاره أسد فكان أن طرق طارق من عزيمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فراح يتبختر إلى الأسد فلما رآه ولى هاربًا.