السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب عن :لماذا لم يرسل الله رسلًا خارج الشرق الأوسط؟
أولًا، من الناحية الإسلامية، نحن لا نسلم بهذا الاعتراض، قال تعالى: "وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ" (سورة فاطر: 24).
وقال أيضًا: "وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا" (سورة الإسراء: 15).
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ)
[ غافر: 78]
فما من أمة إلا وأرسل إليها نذيرًا وبشيرًا من أهلها، يحذرهم عاقبة الشرك ويبشرهم بحلاوة التوحيد وأنه طريق الحق. فلا تقوم لهذه الشبهة إذن قائمة داخل التصور الإسلامي.
فلا يبقى إلا أن نناقشها من الناحية التاريخية:
قال تعالى: "كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون" (سورة الذاريات: 52).
وهنا يتضح لنا أن المرسلين كانوا في أعين قومهم إما مجانين أو سحرة، وبالتالي قومهم لم يهتموا بتدوين سيرتهم.
التدوين التاريخي:
من المعروف في التاريخ، خاصة في الزمن القديم، أن التدوين كان يعتمد على شيئين: النقوش أو الكتابة:
1. بالنسبة للنقوش، فهي تدخل ضمن علم الأركيولوجيا، وهو علم غير دقيق (وحتى منهج دراسته به اختلاف بين الأركيولوجيين)؛ لأن النقوش قد تمحى بسبب ظروف بشرية أو طبيعية كالمناخ و زلازل و البراكين أو ببساطة قد تكون لا زالت غير مكتشفة إلى حد اليوم. وكمثال، العديد من نقوش حياة ملوك آشوريين و ميديين لا نستطيع قراءتها لأنها تعرضت للتشويه. ناهيك عن أن بعض النقوش في المعابد قد يتم تدميرها بسبب احتلال أجنبي أو استخدام مواردها لبناء معابد جديدة، أو من قبل خلفاء ذلك الملك بهدف طمس وجوده، مثل الملكة المصرية خنت وابنها.
2. أما الكتابة، فعلينا أن نعرف أن العالم القديم لم تكن لديه طرق التدوين مثل اليوم. وأول حضارة اكتشفت طريقة التدوين هي الحضارة المصرية باستخدام ورق البردي (papyrus) منذ 4000 سنة، وهو مستخلص من النبات ويعيش فقط في الجو الحار والجاف. ولذلك، أي مخطوطة منه في مكان آخر تتعفن وتصبح معلوماتها غير قابلة للدراسة. وهذه الحضارة المصرية كانت تعتبر متقدمة على زمانها، فما بالك بشعوب تُعتبر همجية ومتخلفة مثل (شعوب أستراليا والهنود الحمر). والكتابة بدورها يجب حمايتها من التلف والضياع، فالتاريخ يشهد على عدة عمليات إتلاف تعرضت لها المؤلفات، وكمثال: حرق مكتبة الإسكندرية عند الغزو الروماني أو حرق كتب المؤرخ الروماني (Salluste) عندما تعرض منزله في روما للإحراق من قبل القوط، أو حتى إتلاف مكتبة رومانية بسبب اندلاع البراكين في إيطاليا. وهنا تنطبق القاعدة "عدم العلم ليس علمًا بالعدم"، أي إذا لم نعلم بوجود شخصية ما سواء نبي أو لا، فهذا لا يعني أنها غير موجودة.
عبارة "التاريخ كتبه المنتصر" عبارة مشهورة جدًا وبها نوع من الحقيقة. فالمؤرخون دائمًا يعملون على نقل أخبار الملوك أو قادة الجيش، ويعملون على تمجيدهم ونفخ أسطورتهم، ولم يهتموا بنقل أخبار صحراء ومجانين كما قلنا. فمن العادي جدًا ألا ينقل لنا خبر هزيمة "الملك" أمام نبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام، أو غرق فرعون وجيشه أمام موسى عليه الصلاة والسلام. وفي المقابل، نجد أن الأنبياء الذين كانوا ملوكًا وأسسوا دولًا مثل نبي الله داود وسليمان عليهم الصلاة والسلام، نجد أسمائهم في النقوش والكتب رغم تعرضها للتبديل من بعد.
3.الأنبياء أو المصلحون: العديد من الحكماء في العالم القديم يعتبر البعض أنهم كانوا أنبياء، وهذا خبر لا يمكن التأكد منه، لأن سير هؤلاء الحكماء وأقوالهم وأفكارهم لم تدوّن في زمنهم وقد طرأ عليها العديد من التغيرات من بعد، مثل زرادشت أو كونفوشيوس الذي كان يقول إنه مبعوث من السماء وأنه يوكل أمره إلى السماء. ولا يوجد برهان تاريخي قاطع ولا شرعي ينفي نبوتهم. وقد ذهب بعض العلماء المسلمين في الهند إلى أن بعض الأسماء المشهورة للآلهة الهندوسية هي في الحقيقة أسماء لأنبياء تم تأليههم مثل المسيح عليه الصلاة والسلام (في معتقد تناسخ الأرواح يمكن للروح أن تنسخ في عالم الآلهة وتصبح منهم، وكذلك يؤمن أتباع بوذا).
وكما قال الإمام ابن حزم في كتابه "الفصل في الملل والنحل": "إن النبوة غير مدفوعة عن كل رجل صحت له معجزة، لكن قد انقطع أمر الأسانيد عندنا فيبقى الأمر على أننا لا نثبت لهم النبوة لكننا لا نقطع أنهم ما كانوا أنبياء" هذا و الله أعلم.
وفي الختام، نحن كمسلمين لا نحتاج دلائل تاريخية تثبت وجود نبي الله موسى أو اليسع أو ذو الكفل، لأن رسالة محمد عليه الصلاة والسلام كافية لتصديق نبوتهم.
و للمزيد من المعلومات أنصحكم بكتاب الدكتور سامي عامري " الوجود التاريخي للأنبياء"
الجواب عن :لماذا لم يرسل الله رسلًا خارج الشرق الأوسط؟
أولًا، من الناحية الإسلامية، نحن لا نسلم بهذا الاعتراض، قال تعالى: "وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ" (سورة فاطر: 24).
وقال أيضًا: "وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا" (سورة الإسراء: 15).
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ)
[ غافر: 78]
فما من أمة إلا وأرسل إليها نذيرًا وبشيرًا من أهلها، يحذرهم عاقبة الشرك ويبشرهم بحلاوة التوحيد وأنه طريق الحق. فلا تقوم لهذه الشبهة إذن قائمة داخل التصور الإسلامي.
فلا يبقى إلا أن نناقشها من الناحية التاريخية:
قال تعالى: "كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون" (سورة الذاريات: 52).
وهنا يتضح لنا أن المرسلين كانوا في أعين قومهم إما مجانين أو سحرة، وبالتالي قومهم لم يهتموا بتدوين سيرتهم.
التدوين التاريخي:
من المعروف في التاريخ، خاصة في الزمن القديم، أن التدوين كان يعتمد على شيئين: النقوش أو الكتابة:
1. بالنسبة للنقوش، فهي تدخل ضمن علم الأركيولوجيا، وهو علم غير دقيق (وحتى منهج دراسته به اختلاف بين الأركيولوجيين)؛ لأن النقوش قد تمحى بسبب ظروف بشرية أو طبيعية كالمناخ و زلازل و البراكين أو ببساطة قد تكون لا زالت غير مكتشفة إلى حد اليوم. وكمثال، العديد من نقوش حياة ملوك آشوريين و ميديين لا نستطيع قراءتها لأنها تعرضت للتشويه. ناهيك عن أن بعض النقوش في المعابد قد يتم تدميرها بسبب احتلال أجنبي أو استخدام مواردها لبناء معابد جديدة، أو من قبل خلفاء ذلك الملك بهدف طمس وجوده، مثل الملكة المصرية خنت وابنها.
2. أما الكتابة، فعلينا أن نعرف أن العالم القديم لم تكن لديه طرق التدوين مثل اليوم. وأول حضارة اكتشفت طريقة التدوين هي الحضارة المصرية باستخدام ورق البردي (papyrus) منذ 4000 سنة، وهو مستخلص من النبات ويعيش فقط في الجو الحار والجاف. ولذلك، أي مخطوطة منه في مكان آخر تتعفن وتصبح معلوماتها غير قابلة للدراسة. وهذه الحضارة المصرية كانت تعتبر متقدمة على زمانها، فما بالك بشعوب تُعتبر همجية ومتخلفة مثل (شعوب أستراليا والهنود الحمر). والكتابة بدورها يجب حمايتها من التلف والضياع، فالتاريخ يشهد على عدة عمليات إتلاف تعرضت لها المؤلفات، وكمثال: حرق مكتبة الإسكندرية عند الغزو الروماني أو حرق كتب المؤرخ الروماني (Salluste) عندما تعرض منزله في روما للإحراق من قبل القوط، أو حتى إتلاف مكتبة رومانية بسبب اندلاع البراكين في إيطاليا. وهنا تنطبق القاعدة "عدم العلم ليس علمًا بالعدم"، أي إذا لم نعلم بوجود شخصية ما سواء نبي أو لا، فهذا لا يعني أنها غير موجودة.
عبارة "التاريخ كتبه المنتصر" عبارة مشهورة جدًا وبها نوع من الحقيقة. فالمؤرخون دائمًا يعملون على نقل أخبار الملوك أو قادة الجيش، ويعملون على تمجيدهم ونفخ أسطورتهم، ولم يهتموا بنقل أخبار صحراء ومجانين كما قلنا. فمن العادي جدًا ألا ينقل لنا خبر هزيمة "الملك" أمام نبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام، أو غرق فرعون وجيشه أمام موسى عليه الصلاة والسلام. وفي المقابل، نجد أن الأنبياء الذين كانوا ملوكًا وأسسوا دولًا مثل نبي الله داود وسليمان عليهم الصلاة والسلام، نجد أسمائهم في النقوش والكتب رغم تعرضها للتبديل من بعد.
3.الأنبياء أو المصلحون: العديد من الحكماء في العالم القديم يعتبر البعض أنهم كانوا أنبياء، وهذا خبر لا يمكن التأكد منه، لأن سير هؤلاء الحكماء وأقوالهم وأفكارهم لم تدوّن في زمنهم وقد طرأ عليها العديد من التغيرات من بعد، مثل زرادشت أو كونفوشيوس الذي كان يقول إنه مبعوث من السماء وأنه يوكل أمره إلى السماء. ولا يوجد برهان تاريخي قاطع ولا شرعي ينفي نبوتهم. وقد ذهب بعض العلماء المسلمين في الهند إلى أن بعض الأسماء المشهورة للآلهة الهندوسية هي في الحقيقة أسماء لأنبياء تم تأليههم مثل المسيح عليه الصلاة والسلام (في معتقد تناسخ الأرواح يمكن للروح أن تنسخ في عالم الآلهة وتصبح منهم، وكذلك يؤمن أتباع بوذا).
وكما قال الإمام ابن حزم في كتابه "الفصل في الملل والنحل": "إن النبوة غير مدفوعة عن كل رجل صحت له معجزة، لكن قد انقطع أمر الأسانيد عندنا فيبقى الأمر على أننا لا نثبت لهم النبوة لكننا لا نقطع أنهم ما كانوا أنبياء" هذا و الله أعلم.
وفي الختام، نحن كمسلمين لا نحتاج دلائل تاريخية تثبت وجود نبي الله موسى أو اليسع أو ذو الكفل، لأن رسالة محمد عليه الصلاة والسلام كافية لتصديق نبوتهم.
و للمزيد من المعلومات أنصحكم بكتاب الدكتور سامي عامري " الوجود التاريخي للأنبياء"