مر وقت طويل منذ آخر مرة تعقبت فيها حسن السقاف، فقد بدأت بتعقباتي عليه في عام 2005 في سلسلة «الدفاع عن حديث الجارية»، ودامت التعقبات سنوات.
هنا يطعن حسن السقاف بمعنى الأثر المروي عن مالك: (والكيف مجهول) ويقول إن الثابت (والكيف غير معقول).
والطريف أن رواية (والكيف مجهول) ثبَّتها أعلام الأشعرية، ورواية (والكيف غير معقول) ثبَّتها أعلام من يراهم السقاف مجسمة وما رأوها مناقضة للرواية الأخرى.
فممن ذكر رواية (والكيف مجهول) من الأشاعرة: عبد القاهر البغدادي في «أصول الدين» والجويني في «العقيدة النظامية» والغزالي في «قواعد العقائد» والشهرستاني في «الملل والنحل» والرازي في تفسيره والقرطبي كذلك.
والسقاف لا يقلد أحداً من هؤلاء، غير أن مقلديهم قد يأخذون كلامه، فنذكر هذا لهم.
وهذه اللفظة وإن كان في إثباتها عن مالك نقاش، إلا أنها ثبتت عن غيره:
قال الخطيب البغدادي في تاريخه: "حدثني الحسن بن أبي طالب قال نبأنا أبو الحسن منصور بن محمد بن منصور القزاز -وذكر أن مولده سنة سبع وتسعين ومائتين- قال: سمعت أبا الطيب أحمد بن عثمان السمسار والد أبي حفص بن شاهين يقول: حضرت عند أبي جعفر الترمذي فسأله سائل عن حديث النبي ﷺ: «إن الله تعالى ينزل إلى سماء الدنيا. فالنزول كيف يكون يبقى فوقه علو؟».
فقال أبو جعفر الترمذي: النزول معقول، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة".
وهذا إسناد صحيح لأبي جعفر الترمذي الفقيه الشافعي المعروف.
وأما رواية (والكيف غير معقول) فقال الذهبي في «العلو»: "هذا ثابت عن مالك، وتقدم نحوه عن ربيعة شيخ مالك، وهو قول أهل السنة قاطبة أن كيفية الاستواء لا نعقلها، بل نجهلها".
وفهم الذهبي هذا هو فهم عامة من أورد الأثر، لذا تجد من لا يُشكُّ أنهم من أهل الإثبات يوردونه، كالدارمي وعبد الغني وابن تيمية وابن القيم، وغيرهم ممن لا يتوانى السقاف لحظةً عن رميهم بالتجسيم.
وهو يهمل الشطر الأول من الرواية: (الاستواء معلوم) أو (غير مجهول) والقصد أن معناه معروف، ومعلوم أن الناس في زمن مالك فسروا الاستواء بعدة تفسيرات مبناها على الإثبات.
قال اللالكائي في «شرح أصول اعتقاد أهل السنة»: "662- وأخبرنا أحمد، أخبرنا عبد الله، ثنا ابن شيرويه، ثنا إسحاق، أخبرنا بشر بن عمر، قال: سمعت غير واحد من المفسرين يقولون: {الرحمن على العرش استوى} [طه: 5] قال: على العرش استوى: ارتفع".
وهذا إسناد صحيح، وبشر بن عمر الزهراني هو تلميذ مباشر للإمام مالك، وروايته عنه في صحيح مسلم والسنن.
وأما رواية: (وكيف عنه مرفوع) فهي بمعنى الروايات الأخرى، أي: لا يُسأل عن الكيفية، بدليل أن الرواية فيها: "{الرحمن على العرش استوى} [طه: 5] كما وصف نفسه".
ولو أردنا أن نتنطع كما يتنطع السقاف في تضعيفه لأحاديث الصحيحين والآثار التي لا تعجبه، مثل أثر مالك نفسه: "الله في السماء وعلمه في كل مكان" لقلنا إن هذه الرواية انفرد بها البيهقي، وفي سندها أحمد بن محمد بن إسماعيل بن مهران انفرد الحاكم بالرواية عنه والثناء عليه، والحاكم متساهل جداً، والذهبي وصفه بـ(العدل) وهذا لا يفيد شيئاً بالحفظ، وتعديلات الذهبي ليست محل اعتماد عند السقاف، كما أن أحمد هذا يغرب أحياناً، فقد استغرب الحاكم له خبراً في «الموطأ»، ووالده وشيخه في الرواية ثقة حافظ، إلا أنه اختلط قبل وفاته بعامين، وابنه مكثر عنه، ولكن قد يكون سمع منه قبل الاختلاط وبعده معاً، كما حصل لكثير من الثقات، والرواية عندي ماشية بالجملة على حملها على معنى الروايات الأخرى، ولكنني أكايله مكايلة، فهو معروف بطعنه بأخبار الصحيحين وقوله إن أخبار الآحاد لا تفيد علماً، فكيف يعتمد رواية كهذه!
وقد روى البيهقي في «الأسماء والصفات» بسند رجاله ثقات عن ربيعة شيخ مالك أنه قال: "الكيف مجهول" العبارة التي استنكرها السقاف، وواضح أن رواتها رووها اعتقاداً، فقد رواها والد العجلي عبد الله بن مسلم المقري، ولكن لا أحسبه أدرك ربيعة.
هنا يطعن حسن السقاف بمعنى الأثر المروي عن مالك: (والكيف مجهول) ويقول إن الثابت (والكيف غير معقول).
والطريف أن رواية (والكيف مجهول) ثبَّتها أعلام الأشعرية، ورواية (والكيف غير معقول) ثبَّتها أعلام من يراهم السقاف مجسمة وما رأوها مناقضة للرواية الأخرى.
فممن ذكر رواية (والكيف مجهول) من الأشاعرة: عبد القاهر البغدادي في «أصول الدين» والجويني في «العقيدة النظامية» والغزالي في «قواعد العقائد» والشهرستاني في «الملل والنحل» والرازي في تفسيره والقرطبي كذلك.
والسقاف لا يقلد أحداً من هؤلاء، غير أن مقلديهم قد يأخذون كلامه، فنذكر هذا لهم.
وهذه اللفظة وإن كان في إثباتها عن مالك نقاش، إلا أنها ثبتت عن غيره:
قال الخطيب البغدادي في تاريخه: "حدثني الحسن بن أبي طالب قال نبأنا أبو الحسن منصور بن محمد بن منصور القزاز -وذكر أن مولده سنة سبع وتسعين ومائتين- قال: سمعت أبا الطيب أحمد بن عثمان السمسار والد أبي حفص بن شاهين يقول: حضرت عند أبي جعفر الترمذي فسأله سائل عن حديث النبي ﷺ: «إن الله تعالى ينزل إلى سماء الدنيا. فالنزول كيف يكون يبقى فوقه علو؟».
فقال أبو جعفر الترمذي: النزول معقول، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة".
وهذا إسناد صحيح لأبي جعفر الترمذي الفقيه الشافعي المعروف.
وأما رواية (والكيف غير معقول) فقال الذهبي في «العلو»: "هذا ثابت عن مالك، وتقدم نحوه عن ربيعة شيخ مالك، وهو قول أهل السنة قاطبة أن كيفية الاستواء لا نعقلها، بل نجهلها".
وفهم الذهبي هذا هو فهم عامة من أورد الأثر، لذا تجد من لا يُشكُّ أنهم من أهل الإثبات يوردونه، كالدارمي وعبد الغني وابن تيمية وابن القيم، وغيرهم ممن لا يتوانى السقاف لحظةً عن رميهم بالتجسيم.
وهو يهمل الشطر الأول من الرواية: (الاستواء معلوم) أو (غير مجهول) والقصد أن معناه معروف، ومعلوم أن الناس في زمن مالك فسروا الاستواء بعدة تفسيرات مبناها على الإثبات.
قال اللالكائي في «شرح أصول اعتقاد أهل السنة»: "662- وأخبرنا أحمد، أخبرنا عبد الله، ثنا ابن شيرويه، ثنا إسحاق، أخبرنا بشر بن عمر، قال: سمعت غير واحد من المفسرين يقولون: {الرحمن على العرش استوى} [طه: 5] قال: على العرش استوى: ارتفع".
وهذا إسناد صحيح، وبشر بن عمر الزهراني هو تلميذ مباشر للإمام مالك، وروايته عنه في صحيح مسلم والسنن.
وأما رواية: (وكيف عنه مرفوع) فهي بمعنى الروايات الأخرى، أي: لا يُسأل عن الكيفية، بدليل أن الرواية فيها: "{الرحمن على العرش استوى} [طه: 5] كما وصف نفسه".
ولو أردنا أن نتنطع كما يتنطع السقاف في تضعيفه لأحاديث الصحيحين والآثار التي لا تعجبه، مثل أثر مالك نفسه: "الله في السماء وعلمه في كل مكان" لقلنا إن هذه الرواية انفرد بها البيهقي، وفي سندها أحمد بن محمد بن إسماعيل بن مهران انفرد الحاكم بالرواية عنه والثناء عليه، والحاكم متساهل جداً، والذهبي وصفه بـ(العدل) وهذا لا يفيد شيئاً بالحفظ، وتعديلات الذهبي ليست محل اعتماد عند السقاف، كما أن أحمد هذا يغرب أحياناً، فقد استغرب الحاكم له خبراً في «الموطأ»، ووالده وشيخه في الرواية ثقة حافظ، إلا أنه اختلط قبل وفاته بعامين، وابنه مكثر عنه، ولكن قد يكون سمع منه قبل الاختلاط وبعده معاً، كما حصل لكثير من الثقات، والرواية عندي ماشية بالجملة على حملها على معنى الروايات الأخرى، ولكنني أكايله مكايلة، فهو معروف بطعنه بأخبار الصحيحين وقوله إن أخبار الآحاد لا تفيد علماً، فكيف يعتمد رواية كهذه!
وقد روى البيهقي في «الأسماء والصفات» بسند رجاله ثقات عن ربيعة شيخ مالك أنه قال: "الكيف مجهول" العبارة التي استنكرها السقاف، وواضح أن رواتها رووها اعتقاداً، فقد رواها والد العجلي عبد الله بن مسلم المقري، ولكن لا أحسبه أدرك ربيعة.