التدجين بـ(الميمز)…
قد يرى بعض الناس أن من المشين لطلاب العلم الكلام في هذه الأمور، غير أن هذه المسائل لها اتصال بتشويه مفاهيم شرعية، وهدم أسر وتشتيت أبناء وإتعابهم نفسياً، ثم نحن نتعامل مع هذه النتائج في صورتها الأخيرة، فلا بد إذن من معالجة الداء منذ بداية ظهور أعراضه.
ما يسمى بـ"الميمز" هو نمط صور فكاهية منتشر بين أبناء الجيل الجديد، حيث يضعون صوراً ثابتة لقطط أو أشخاص بتعابير معينة، ثم يُركِّبون عليها كلاماً مضحكاً لمن تأمله مع الصورة.
ظهرت لي مرة صورة في الفيس بوك ونظرت في التعليقات فصارت تظهر لي هذه الصور باستمرار، وعامتها لقطط، لذا هي منتشرة بين كل الطبقات حتى الملتزمين والملتزمات.
لاحظت أن الصور التي تنتشر بين النساء (والرجال تبعاً) وتكون عليها تفاعلات كبيرة -لهذا تظهر لي- تتمحور حول مواضيع معينة.
وهي باختصار تحويل سوء خُلُق المرأة ونشوزها إلى حدث مضحك، ينبغي للرجل أن يتقبله على أنه نكتة.
قد تراني مبالغاً، ولكنك إن تتبعت ستتعجب من الأمر وأنه حقاً يتمحور حول هذه الجزئية.
فصورة تتكلم عن امرأة تمثل أنها نائمة لكي لا تحضِّر الفطور لزوجها، والصورة لطفلة نائمة.
وأخرى لقطة مرسومة بالذكاء الاصطناعي وهي تبكي وعليها عبارة: (اتصل بماما خليها تجي تخودني) ويعلق عليها صاحب المنشور أن المرأة تقول هذا إذا لم يرضَ الرجل أن تضع له زوجته ثلجة على قفاه، ومرة كتبوا إذا لم يرضَ أن تعضه، وأخرى كتبوا إذا لم يرضَ أن تصرخ في أذنه.
وأخرى فيها صورة رجل مرسوم على يده آثار العض وفتاة تبكي خلف والدها، ووالدها يقول: (ابنتي لا تفعل ذلك بدون سبب، لا شك أنك استفززتها).
وأخرى صورة قطط تتقاتل، تصوِّر أن امرأة تقاتل زوجها وتكلمه باستهانة، وعلقت عليها الكاتبة بأنها بهذه الطريقة تعاملت مع وصية أمها لها في أن تداري زوجها.
وأخرى تذكر أن الرجل مطحون من الديون والتعب في العمل، وهي تدخل تنكِّد عليه أو تطلب منه مالاً وفيراً.
تأمَّل في كل هذه التصورات، كلها تتمحور حول أذية الرجل بدنياً ونفسياً، أو عدم القيام بحقه، ولو كان شيئاً عابراً لتركتُه ولكنني وجدت أن هذا بالذات هو المنتشر، وما ذكرتها عيِّنات، وكثيراً ما يُخرِج المرء في المزاح مكنونات نفسه.
ونحن في زماننا تنتشر النسوية والاستحقاقية وأساطير يُبرَّر بها سوء الخلق وعدم ضبط النفس، مثل الأنوثة الحقيقية (والتي تساوي الإفراط في الدلال إلى درجة سوء الخلق) أو الرجولة الحقيقية (وهو الإفراط في الاحتمال إلى درجة سقوط الحق وإفساد الطرف الآخر) وأمر الهرمونات وغيرها.
فتكرار مثل هذه المادة في سياق مضحك له أحد نتيجتين:
النتيجة الأولى: أن تتقبل المرأة هذه السلوكيات، ومحاكاتها لها، وعدم اعتبارها عيوباً ينبغي إصلاحها أو ذنوباً ينبغي الاستغفار منها، فالمشكلة في زماننا أن كلاً من الرجل والمرأة يغلطان، ولكن غلط المرأة يحظى بتبريرات أكبر مع نفَس المظلومية المنتشر (وأعلم أنهم سيعلقون على كلامي بأنني أسكت عن الرجل وهذا كذب).
والنتيجة الثانية: أن يتدجن الرجل ولا يمارس قوامته، وهذا يُفسِد البيت ولا يصلحه، بل ذلك نقص في دينه ورجولته.
وفي الشريعة الحث على الصبر على ما يصدر من النساء من أمور لا تكاد تخلو منها امرأة، كما ورد في الحديث: «لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً أحب منها آخر» والحديث الوارد في أنهن خلقن من ضلع أعوج وإن استمتعت بها استمتعت بها على عوج.
غير أن ذلك لا يفتح الباب على مصراعيه للنشوز وسوء الخُلُق وعدم إصلاح النفس، والتحجج بالهرمونات لترك الاعتذار وإصلاح النفس.
فقد ورد الخبر في كفران العشير وأنه من أسباب دخول النساء النار، وورد الحديث في لعن من تمتنع عن فراش زوجها، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: «لا ينظر الله تبارك وتعالى إلى امرأة لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه» رُوي مرفوعاً، والصواب أنه من كلام عبد الله بن عمرو.
وكثير من الدعاة والمثقفين والمؤثِّرين يكتفون بجزء من الخطاب الشرعي محاباةً للجمهور النسائي، وفي محاولة لإنقاذهن من الإلحاد أو كره الدين، تلك الورقة التي تلوِّح بها كثير منهن دائماً في عملية ابتزاز عاطفي لا ينبغي أن تدخل في البحث العقدي والشرعي، وقد قال تعالى: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا} [الأحزاب].
ولا أنسى تلك الرسالة التي نشرها بعض الدعاة عن شخص يقول إن أمه صرحت له أنها متمسكة بقائمة المنقولات، لأن بناتها لا يبنين بيتاً لما هُنَّ عليه من سوء الخُلُق، فتريد هذه الورقة لتربط بها الرجل، وهذا مثال على التعايش مع سوء الخُلُق وإيجاد حلول مزعومة، وهي ظالمة ومدمرة، فتلك الصور (الميمزات) لا يمكن أن نفصلها عن هذا الواقع المشاهد.
قد يرى بعض الناس أن من المشين لطلاب العلم الكلام في هذه الأمور، غير أن هذه المسائل لها اتصال بتشويه مفاهيم شرعية، وهدم أسر وتشتيت أبناء وإتعابهم نفسياً، ثم نحن نتعامل مع هذه النتائج في صورتها الأخيرة، فلا بد إذن من معالجة الداء منذ بداية ظهور أعراضه.
ما يسمى بـ"الميمز" هو نمط صور فكاهية منتشر بين أبناء الجيل الجديد، حيث يضعون صوراً ثابتة لقطط أو أشخاص بتعابير معينة، ثم يُركِّبون عليها كلاماً مضحكاً لمن تأمله مع الصورة.
ظهرت لي مرة صورة في الفيس بوك ونظرت في التعليقات فصارت تظهر لي هذه الصور باستمرار، وعامتها لقطط، لذا هي منتشرة بين كل الطبقات حتى الملتزمين والملتزمات.
لاحظت أن الصور التي تنتشر بين النساء (والرجال تبعاً) وتكون عليها تفاعلات كبيرة -لهذا تظهر لي- تتمحور حول مواضيع معينة.
وهي باختصار تحويل سوء خُلُق المرأة ونشوزها إلى حدث مضحك، ينبغي للرجل أن يتقبله على أنه نكتة.
قد تراني مبالغاً، ولكنك إن تتبعت ستتعجب من الأمر وأنه حقاً يتمحور حول هذه الجزئية.
فصورة تتكلم عن امرأة تمثل أنها نائمة لكي لا تحضِّر الفطور لزوجها، والصورة لطفلة نائمة.
وأخرى لقطة مرسومة بالذكاء الاصطناعي وهي تبكي وعليها عبارة: (اتصل بماما خليها تجي تخودني) ويعلق عليها صاحب المنشور أن المرأة تقول هذا إذا لم يرضَ الرجل أن تضع له زوجته ثلجة على قفاه، ومرة كتبوا إذا لم يرضَ أن تعضه، وأخرى كتبوا إذا لم يرضَ أن تصرخ في أذنه.
وأخرى فيها صورة رجل مرسوم على يده آثار العض وفتاة تبكي خلف والدها، ووالدها يقول: (ابنتي لا تفعل ذلك بدون سبب، لا شك أنك استفززتها).
وأخرى صورة قطط تتقاتل، تصوِّر أن امرأة تقاتل زوجها وتكلمه باستهانة، وعلقت عليها الكاتبة بأنها بهذه الطريقة تعاملت مع وصية أمها لها في أن تداري زوجها.
وأخرى تذكر أن الرجل مطحون من الديون والتعب في العمل، وهي تدخل تنكِّد عليه أو تطلب منه مالاً وفيراً.
تأمَّل في كل هذه التصورات، كلها تتمحور حول أذية الرجل بدنياً ونفسياً، أو عدم القيام بحقه، ولو كان شيئاً عابراً لتركتُه ولكنني وجدت أن هذا بالذات هو المنتشر، وما ذكرتها عيِّنات، وكثيراً ما يُخرِج المرء في المزاح مكنونات نفسه.
ونحن في زماننا تنتشر النسوية والاستحقاقية وأساطير يُبرَّر بها سوء الخلق وعدم ضبط النفس، مثل الأنوثة الحقيقية (والتي تساوي الإفراط في الدلال إلى درجة سوء الخلق) أو الرجولة الحقيقية (وهو الإفراط في الاحتمال إلى درجة سقوط الحق وإفساد الطرف الآخر) وأمر الهرمونات وغيرها.
فتكرار مثل هذه المادة في سياق مضحك له أحد نتيجتين:
النتيجة الأولى: أن تتقبل المرأة هذه السلوكيات، ومحاكاتها لها، وعدم اعتبارها عيوباً ينبغي إصلاحها أو ذنوباً ينبغي الاستغفار منها، فالمشكلة في زماننا أن كلاً من الرجل والمرأة يغلطان، ولكن غلط المرأة يحظى بتبريرات أكبر مع نفَس المظلومية المنتشر (وأعلم أنهم سيعلقون على كلامي بأنني أسكت عن الرجل وهذا كذب).
والنتيجة الثانية: أن يتدجن الرجل ولا يمارس قوامته، وهذا يُفسِد البيت ولا يصلحه، بل ذلك نقص في دينه ورجولته.
وفي الشريعة الحث على الصبر على ما يصدر من النساء من أمور لا تكاد تخلو منها امرأة، كما ورد في الحديث: «لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً أحب منها آخر» والحديث الوارد في أنهن خلقن من ضلع أعوج وإن استمتعت بها استمتعت بها على عوج.
غير أن ذلك لا يفتح الباب على مصراعيه للنشوز وسوء الخُلُق وعدم إصلاح النفس، والتحجج بالهرمونات لترك الاعتذار وإصلاح النفس.
فقد ورد الخبر في كفران العشير وأنه من أسباب دخول النساء النار، وورد الحديث في لعن من تمتنع عن فراش زوجها، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: «لا ينظر الله تبارك وتعالى إلى امرأة لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه» رُوي مرفوعاً، والصواب أنه من كلام عبد الله بن عمرو.
وكثير من الدعاة والمثقفين والمؤثِّرين يكتفون بجزء من الخطاب الشرعي محاباةً للجمهور النسائي، وفي محاولة لإنقاذهن من الإلحاد أو كره الدين، تلك الورقة التي تلوِّح بها كثير منهن دائماً في عملية ابتزاز عاطفي لا ينبغي أن تدخل في البحث العقدي والشرعي، وقد قال تعالى: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا} [الأحزاب].
ولا أنسى تلك الرسالة التي نشرها بعض الدعاة عن شخص يقول إن أمه صرحت له أنها متمسكة بقائمة المنقولات، لأن بناتها لا يبنين بيتاً لما هُنَّ عليه من سوء الخُلُق، فتريد هذه الورقة لتربط بها الرجل، وهذا مثال على التعايش مع سوء الخُلُق وإيجاد حلول مزعومة، وهي ظالمة ومدمرة، فتلك الصور (الميمزات) لا يمكن أن نفصلها عن هذا الواقع المشاهد.