#شبكة الحطامي عاجل
وكالات/اليمن صنعاء 10:15ص
السبت 1 مارس 2025م
من "ابو خرفشة" إلى المشاط.. المسار الأكاديمي كوسيلة لترميم صورة قادة مليشيا الحوثي وتسويق مشروعها
المصدر أونلاين - خاص
في 18 فبراير 2025، أعلن مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى (السلطة التابعة للحوثيين)، عن مناقشة رسالة ماجستير في قسم العلوم السياسية بجامعة صنعاء، لكن المفاجأة لم تكن في موضوع الرسالة نفسه، بل في اختيار مكان المناقشة: القصر الجمهوري، رمز السلطة السياسية للحوثيين، بدلاً من قاعات الجامعة التي يفترض أن تكون فضاءً محايدًا للمعرفة.
هذا القرار، الذي وصفه أساتذة بقسم العلوم السياسية بالجامعة، بـ"الخرق الأكاديمي الواضح"، لم يكن حدثًا عابرًا أو خطأً إجرائيًا، بل تجسيدًا لاستراتيجية حوثية متعمدة تهدف إلى تسخير المؤسسات الأكاديمية لخدمة أهدافهم السياسية والأيديولوجية. الرسالة، التي حملت عنوان "ثورة 21 سبتمبر وأثرها على اليمن والمنطقة العربية"، لم تكن مجرد عمل أكاديمي، بل محاولة لإعادة تأطير استيلاء الحوثيين على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014 - وهو جريمة بنظر الشعب وإسقاط كامل للجمهورية بكل منظوماتها - كثورة مشروعة ذات تأثيرات إيجابية على المستويين المحلي والإقليمي.
هذا الحدث لم يكن عملاً مفرداً، بل حلقة في سلسلة طويلة من مظاهر العبث الذي طال المؤسسات الأكاديمية وفي مقدمتها جامعة صنعاء (كبرى الجامعات اليمنية) فقد سبقه قادة حوثيون آخرون للبسط على شهادات أكاديمية ودرجات علمية واستخدامها كنياشين ورتب للتغطية على عقدة النقص التي يشعر بها قادة جماعة الحوثيين، ،محاولة التخلص من نظرة الإزدراء المجتمعية لهم ك"جهلة قدموا من الجبال"، وفي نفس الوقت شرعنة وجودهم في رأس هرم مؤسسات الدولة التي تولوها دون أي مؤهلات علمية أو خبرة عملية.
ومن خلال مراجعة أخبار الفعاليات الأكاديمية في جامعة صنعاء اتضح أنه قد سبق لذات الفعل عبد المحسن الطاووس، وهو قيادي بارز في الجماعة حصل على درجة الماجستير في العلوم السياسية من نفس القسم قبل أسابيع فقط في 2025، وقاسم الحمران، نائب وزير الإدارة المحلية، الذي نال درجة الدكتوراه من كلية الآداب في 22 فبراير 2022، وكلاهما حظي بتقديرات عليا تثير تساؤلات حول نزاهة العملية الأكاديمية تحت سيطرة الجماعة.
وضمن الهجمة الجماعية من قيادات مليشيا الحوثي للبسط على الدرجات الأكاديمية حصل القيادي الحوثي نايف عبدالله أبو خرفشة، على ماجستير بامتياز في دراسة مخطوطة "الإرشاد الهادي" لعبد الكريم أبو طالب (1309هـ)، وهي نصوص دينية تدعم السردية الإمامية، وأحمد يحيى راصع، رئيس مؤسسة الثورة للصحافة ومحرر صحيفة حوثية، الذي حصل على ماجستير بامتياز في تفسير ديني لعبد الله الشرفي (1062هـ)، معززًا ثقافة أهل البيت التي تشكل جوهر الفكر الحوثي.
وبالتوازي مع محاولة قيادات الجماعة ترميم صورتهم أمام المجتمع من خلال الشهادات الأكاديمية المسلوقة، فإنها قد رأت أنه يمكن استخدام المؤسسات الأكاديمية كوسيلة لتسويق مشروعها ومحاولة شرعنته وتحسين صورته أمام حالة الرفض المجتمعي والسياسي. وبالتالي فقد ظهرت عشرات الأطروحات التي نوقشت كرسائل ماجستير ودكتوراه في جامعات يمنية من قبل عناصر الجماعة كلها تصب في محاولة تعزيز السردية الحوثية.
قبل فترة ناقشت كلية الإعلام بجامعة صنعاء رسالة للباحثة ميثاق صالح عبد الله الصعدي، بعنوان "الصورة الذهنية لأنصار الله بعد 21 سبتمبر"، وهي دراسة مسحية تهدف إلى تلميع صورة الجماعة بعد انقلابها، وحصلت بموجبها على ماجستير في الإعلام بتقدير ممتاز. وأخرى تدعى إيمان علي مقبل مانع، التي نالت دكتوراه بامتياز عن "تاريخ جحاف 1681-1818"، وهي فترة تاريخية تُبرز دور الإمامة في اليمن.
شخص يدعى فايز بطاح عينته الجماعة مسؤولاً أكاديمياً في جامعة صنعاء معنياً بمراجعة وإقرار عناوين الأطروحات المقدمة لنيل الشهادات العليا، ومؤخراً ظهر معتلياً منصة البحث ليناقش رسالة علمية لنيل درجة الماجستير عن رسالة بعنوان "لآلي الفرائد وجواهر الفوائد وبغية الطالب وضالة الناشد في الرد على الفقيه صالح المقبلي ومن ضاهاه، للإمام محمد بن عبدالله الوزير من بداية المخطوط إلى نهاية اللوح 112- دراسة وتحقيق" إلا أن هذه الرسالة تحمل إشارة إلى مجموعة من الرسائل التي صبت في ذات الغرض وهو استغلال الجامعات اليمنية لتمجيد وتبجيل تراث أئمة المذهب الزيدي في اليمن وتحسين صورة العصور المظلمة للإمامة.
هذه الأمثلة ليست حالات فردية، بل نموذج لعشرات الحالات التي تكشف عن أن المليشيا التي تسيطر على صنعاء وأجزاء واسعة من البلاد منذ عشر سنوات دهست كل المعايير والتقاليد الأكاديمية وحولت المؤسسات الأكاديمية الواقعة في مناطق سيطرتها وفي مقدمتها جامعة صنعاء إلى منبر متكامل لتصدير الإمامة والثقافة الحوثية، من القادة إلى القاعدة الطلابية.
وكالات/اليمن صنعاء 10:15ص
السبت 1 مارس 2025م
من "ابو خرفشة" إلى المشاط.. المسار الأكاديمي كوسيلة لترميم صورة قادة مليشيا الحوثي وتسويق مشروعها
المصدر أونلاين - خاص
في 18 فبراير 2025، أعلن مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى (السلطة التابعة للحوثيين)، عن مناقشة رسالة ماجستير في قسم العلوم السياسية بجامعة صنعاء، لكن المفاجأة لم تكن في موضوع الرسالة نفسه، بل في اختيار مكان المناقشة: القصر الجمهوري، رمز السلطة السياسية للحوثيين، بدلاً من قاعات الجامعة التي يفترض أن تكون فضاءً محايدًا للمعرفة.
هذا القرار، الذي وصفه أساتذة بقسم العلوم السياسية بالجامعة، بـ"الخرق الأكاديمي الواضح"، لم يكن حدثًا عابرًا أو خطأً إجرائيًا، بل تجسيدًا لاستراتيجية حوثية متعمدة تهدف إلى تسخير المؤسسات الأكاديمية لخدمة أهدافهم السياسية والأيديولوجية. الرسالة، التي حملت عنوان "ثورة 21 سبتمبر وأثرها على اليمن والمنطقة العربية"، لم تكن مجرد عمل أكاديمي، بل محاولة لإعادة تأطير استيلاء الحوثيين على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014 - وهو جريمة بنظر الشعب وإسقاط كامل للجمهورية بكل منظوماتها - كثورة مشروعة ذات تأثيرات إيجابية على المستويين المحلي والإقليمي.
هذا الحدث لم يكن عملاً مفرداً، بل حلقة في سلسلة طويلة من مظاهر العبث الذي طال المؤسسات الأكاديمية وفي مقدمتها جامعة صنعاء (كبرى الجامعات اليمنية) فقد سبقه قادة حوثيون آخرون للبسط على شهادات أكاديمية ودرجات علمية واستخدامها كنياشين ورتب للتغطية على عقدة النقص التي يشعر بها قادة جماعة الحوثيين، ،محاولة التخلص من نظرة الإزدراء المجتمعية لهم ك"جهلة قدموا من الجبال"، وفي نفس الوقت شرعنة وجودهم في رأس هرم مؤسسات الدولة التي تولوها دون أي مؤهلات علمية أو خبرة عملية.
ومن خلال مراجعة أخبار الفعاليات الأكاديمية في جامعة صنعاء اتضح أنه قد سبق لذات الفعل عبد المحسن الطاووس، وهو قيادي بارز في الجماعة حصل على درجة الماجستير في العلوم السياسية من نفس القسم قبل أسابيع فقط في 2025، وقاسم الحمران، نائب وزير الإدارة المحلية، الذي نال درجة الدكتوراه من كلية الآداب في 22 فبراير 2022، وكلاهما حظي بتقديرات عليا تثير تساؤلات حول نزاهة العملية الأكاديمية تحت سيطرة الجماعة.
وضمن الهجمة الجماعية من قيادات مليشيا الحوثي للبسط على الدرجات الأكاديمية حصل القيادي الحوثي نايف عبدالله أبو خرفشة، على ماجستير بامتياز في دراسة مخطوطة "الإرشاد الهادي" لعبد الكريم أبو طالب (1309هـ)، وهي نصوص دينية تدعم السردية الإمامية، وأحمد يحيى راصع، رئيس مؤسسة الثورة للصحافة ومحرر صحيفة حوثية، الذي حصل على ماجستير بامتياز في تفسير ديني لعبد الله الشرفي (1062هـ)، معززًا ثقافة أهل البيت التي تشكل جوهر الفكر الحوثي.
وبالتوازي مع محاولة قيادات الجماعة ترميم صورتهم أمام المجتمع من خلال الشهادات الأكاديمية المسلوقة، فإنها قد رأت أنه يمكن استخدام المؤسسات الأكاديمية كوسيلة لتسويق مشروعها ومحاولة شرعنته وتحسين صورته أمام حالة الرفض المجتمعي والسياسي. وبالتالي فقد ظهرت عشرات الأطروحات التي نوقشت كرسائل ماجستير ودكتوراه في جامعات يمنية من قبل عناصر الجماعة كلها تصب في محاولة تعزيز السردية الحوثية.
قبل فترة ناقشت كلية الإعلام بجامعة صنعاء رسالة للباحثة ميثاق صالح عبد الله الصعدي، بعنوان "الصورة الذهنية لأنصار الله بعد 21 سبتمبر"، وهي دراسة مسحية تهدف إلى تلميع صورة الجماعة بعد انقلابها، وحصلت بموجبها على ماجستير في الإعلام بتقدير ممتاز. وأخرى تدعى إيمان علي مقبل مانع، التي نالت دكتوراه بامتياز عن "تاريخ جحاف 1681-1818"، وهي فترة تاريخية تُبرز دور الإمامة في اليمن.
شخص يدعى فايز بطاح عينته الجماعة مسؤولاً أكاديمياً في جامعة صنعاء معنياً بمراجعة وإقرار عناوين الأطروحات المقدمة لنيل الشهادات العليا، ومؤخراً ظهر معتلياً منصة البحث ليناقش رسالة علمية لنيل درجة الماجستير عن رسالة بعنوان "لآلي الفرائد وجواهر الفوائد وبغية الطالب وضالة الناشد في الرد على الفقيه صالح المقبلي ومن ضاهاه، للإمام محمد بن عبدالله الوزير من بداية المخطوط إلى نهاية اللوح 112- دراسة وتحقيق" إلا أن هذه الرسالة تحمل إشارة إلى مجموعة من الرسائل التي صبت في ذات الغرض وهو استغلال الجامعات اليمنية لتمجيد وتبجيل تراث أئمة المذهب الزيدي في اليمن وتحسين صورة العصور المظلمة للإمامة.
هذه الأمثلة ليست حالات فردية، بل نموذج لعشرات الحالات التي تكشف عن أن المليشيا التي تسيطر على صنعاء وأجزاء واسعة من البلاد منذ عشر سنوات دهست كل المعايير والتقاليد الأكاديمية وحولت المؤسسات الأكاديمية الواقعة في مناطق سيطرتها وفي مقدمتها جامعة صنعاء إلى منبر متكامل لتصدير الإمامة والثقافة الحوثية، من القادة إلى القاعدة الطلابية.