لكن هذا التحول ليس مجرد نتيجة للرسائل الأكاديمية، بل جزء من هجوم شامل على الجامعة يستهدف هيكلها الإداري، مواردها المالية، واستقلالها الفكري، كما تكشف سلسلة هجمات بدأت في 2016 واستمرت حتى 2024، مما يعكس نية واضحة لإخضاع واحدة من أبرز المؤسسات التعليمية في اليمن لسيطرتهم الكاملة.
الهجوم الحوثي على جامعة صنعاء، كما توثقه السجلات الممتدة منذ 2016 وحتى 2024، يتجاوز الجوانب الأكاديمية البحتة إلى استراتيجية متعددة الأبعاد تشمل السيطرة الإدارية، الاستنزاف المالي، التلاعب بالمناهج والاستقلال الأكاديمي، والاستبدال الثقافي، بدعم إيراني واضح يعكس طموحًا لنقل النموذج الإيراني إلى اليمن. بدأ هذا الهجوم في 22 مارس 2016، عندما عزلت مليشيا الحوثي القيادة الشرعية للجامعة، بما في ذلك رئيسها المنتخب ومجلسها الأكاديمي، واستبدلتهم بفوزي الصغير كرئيس موالٍ يتبع تعليمات الجماعة مباشرة، وهو قرار تبعه تعيين القاسم عباس في 2021 كجزء من استمرارية هذه السياسة.
في مارس 2021، طردت المليشيا 41 أستاذًا جامعيًا من مساكنهم داخل الحرم الجامعي، وهي مساكن كانت مخصصة لأعضاء هيئة التدريس منذ تأسيس الجامعة في سبعينيات القرن الماضي، وحلت محلهم عناصر موالية لها، مما يظهر استهدافًا متعمدًا للكوادر الأكاديمية غير الموالية التي كانت تشكل العمود الفقري للجامعة.
في أكتوبر 2018 قال بيان صادر عن نقابة هيئة التدريس ومساعديهم بجامعة صنعاء إن مليشيا الحوثي فصلت أكثر من 160 أستاذا من الجامعة دون وجه حق لتوظيف حوثيين بدلا عنهم.
تشير تقارير أخرى إلى أنه خلال ثلاث سنوات فقط بين 2015-2018 عينت المليشيا أكثر من 300 عضوا في هيئة التدريس من أنصارها.
الاستراتيجية الحوثية لإعادة إنتاج جامعة صنعاء لم تقتصر على الفصل والإحلال فقط، بل وصلت إلى تغيير المناهج الجامعية وإرسال الأساتذة إلى دورات ثقافية إلزامية ودورات عسكرية أيضا.
لم يكتفوا بتغيير الأفراد، بل أنشأوا هيئات موازية مثل "ملتقى الطالب الجامعي"، وهي منظمة طلابية تابعة للحوثيين تتحكم في الأنشطة الثقافية والاجتماعية داخل الجامعة، و"المشرفين الثقافيين"، وهي لجان تابعة للجماعة تشرف على الرسائل الأكاديمية وتضمن توافقها مع رؤية الحوثيين، مشروطين موافقتهم على كل نشاط تعليمي أو بحثي، مما قضى على أي بقايا للاستقلال الإداري الذي كانت تتمتع به الجامعة في السابق.
يعمل الملتقى الطلابي الحوثي إلى إجبار الطلبة على حضور الفعاليات الحوثية والتجسس على الطلبة والطالبات.
كما يعمل الملتقى أيضا الذي يشرف عليه أحمد حامد على قرارات تمس العملية التعليمية، واتخذ الملتقى عدة قرارات بحق الجامعة منها تخصيص ثلاثة أيام للدراسة للطلاب الذكور وثلاثة أيام أخرى للطالبات فقط.
هناك مؤسسة حوثية ثالثة تسمى نادي الخريجين تعمل أيضا على التحكم الشامل بكل تفاصيل حفلات التخرج وفرض جبايات وابتزاز وسيطرة على كل أنشطة التخرج.
في 2016 فور تغيير رئاسة الجامعة الشرعية بجامعة صنعاء زار القائم بأعمال السفارة الإيرانية مرتضى عابدين وافتتح قسم اللغة الفارسية، وأغلق مع فوزي الصغير رئيس الجامعة حينها عدة أقسام علمية.
إعادة الهندسة الحوثية لجامعة صنعاء ووظيفتها يمتد من الإشراف الحوثي التام على رسائل الدراسات العليا الماجستير والدكتوراه وإشراف مشرفهم الثقافي عليها فائز البطاح دون أي قانون ودون أن يكون قد نال درجة الماجستير أو الدكتوراه ويمتد إلى مغريات يقدمها قسم اللغات الفارسية تشمل تقديم أدوات علمية لطلاب المستوى الأول، ثم رحلة إلى إيران بعد المستوى الثاني، وإمكانية مواصلة الدراسات العليا في إيران على حساب السفارة.
يعتقد مصطفى الجبزي الكاتب اليمني أن الحوثي يحاول إعادة توظيف الدراسة في جامعة صنعاء اجتماعيا، وهندستها ووظيفتها مع توجهات جماعة مليشيا الحوثي.
وقال الجبزي في مقال له تعليقا على منح الجامعة الماجستير للمشاط، إن منح جامعة صنعاء شهادات لقيادات الحوثي "تعكس الهيمنة الايديولوجية للجماعة الحوثية أولا ورغبتها في توجيه الاشتغال الاكاديمي بما يناسب سلطتها وهيمنتها وترسيخهما باسم العلم ومن داخل الصروح الاكاديمية".
ويناقش الجبزي أبعادا متعددة لإعادة هندسة الجامعات اليمنية ومنها جامعة صنعاء كبرى الجامعات اليمنية "الشهادات النابعة سيما الماجستير والدكتوراة هي حصيلة طبيعية لاستعمال القوة وإقحام الأكاديميا فيها. وغرض الجماعة إسباغ صفة اكاديميا على معتقداتها وتكريس هيمنة مذهبية وبناء سردية وطنية جديدة تؤله مذهب وأئمة، أي صراع على التاريخ والذاكرة".
------------------------------------
قناة الشبكة في واتس
https://whatsapp.com/channel/0029VaCQ37m6mYPGot5I3U2l
https://t.me/News_now1 قناة التلجرام
--------------------------------
موقعنا في اكس https://2u.pw/gSBhV
🌍📽شبكة_الحطامي_عاجل📡🎙
خدمة اخبارية .. على مدار الساعة