لا يُمكن أن تلوم الآخرين لإنهم لا يُناسبوا أدوارهم في القصة الخيالية التي كتبتها أنت عن العالم، أن تُعاقب من تُحبهم لإنهم كانوا ذواتهم وحسب، وبذلك خذلوا أدوار لم يقرأوها في مسرحية تدور برأسك، الواقع لا يؤسر لصالح مشهد مثالي، الحياة بأكملها هي خروج عن النص، و كل الأدوار التي تصطنعها للآخرين هي صور من ذاتك، أن تمنح تعريفك الشخصي المثالي للمرأة التي ستُحبها والطفل الذي ستُنجبه والصديق الذي تقبله، يعني أن تعشق في صورهم طيفًا من ذاتك، مثل نرسيس الإغريقي الذي وقع في حُب إنعكاسات ذاته على صفحة الماء، بينما كل جمال يأتي بما يٌضفيه أحدهم من فرادته لقصتك.
كل إختلاف حضر به أحدهم لعالمي، إستنطق من قلبي دواخل لم أكن أعرفها أبدًا، لا أتخيل أن يكتب أحدهم مسرحية عن عالمه المثالي ويصطنع لي دورًا فيها، لست مثاليًا كفاية لأي دور مكتوب في مسرحية أحدهم، لو كانت أدوار الحُب في قصص كل من عرفتهم تعتمد على تجارب الأداء لن أُقبل أبدًا، لن أكون أبدًا الطفل المثالي الذي كانت أمي لتختاره، و لن أكون أبدًا المُحب المثالي لحبيبتي الأولى. أو الصديق المُقرب لصديقي المُقرب.
في كل تخيلاتك أنت لا تخطو خطوة واحدة أبعد من ذاتك، و في كل امريء تقابله خارج النص و الخطة، كون تُجمله إحتمالاته التي لا تعرفها أبدًا، تمنحه لمسة اللُغز ، قشعريرة المجهول التي لا تتجهز لها أبدًا بخطة، نص لا يُمكن التنبؤ به لكن يُمكن عيشه وحسب، لهذا الحياة مُصممة بعناية لتُخبرنا بهمس أبوي حنون كيف أن خططنا المُعدة للآخرين تُشبه قصر المرايا الذي ترى فيه إنعكاسات مختلفة من ذاتك، وتظن أن في ذلك جمالًا بينما قليلًا من المكوث فيه سوف يُصيبك بالجنون
•- حُسام.