تابع / زهد الإمام الطبري وورعه
2⃣
● ومن نماذج زهده : ما رواه الفرغاني في ذيله على تاريخ الطبري : أن ابن جرير لما دخل بغداد في أول أمره في الطلب ، سرقت بضاعتُه التي يتقوت منها ، فباع كمَّيْ قميصه.
فقال له بعض إخوانه : تنشَّط لتأديب ولد الوزير أبي الحسن يحيى بن خاقان؟ قال أبو جعفر : نعم ، فمضى ذلك الصديق وسهل هذا الأمر ، وأعار ابن جرير ثوبًا ، فقربه الوزير ابن خاقان ورفع مجلسه وأجرى عليه عشرة دنانير في الشهر للتأديب.
فقبل أبو جعفر مشترطًا رخصة له في وقت طلبه العلم وللصلاة وللراحة ، وسأله أن يسلفه رزق شهر ففعل الوزير.
فلما دخل حجرة التأديب ، وخرج إليه ابن الوزير وهو المشهور بعدئذٍ بأبي يحيى ، أخذ يعلمه حتى كتب على اللوح ، فأخذه خادمه فرحًا وأدخله على أهله وخدمه لتعلمه الكتابة ، فلم تبق جارية في القصر إلا أهدت لابن جرير صينيةً فيها دراهم ودنانير ، لكنه - رحمه الله - ردَّ الجميع ، وقال : قد شورطت على شيء ، فلا آخذ سواه ، فعلم بذا الوزير فأدخله عليه واعتذر منه ، وعظُم في نفسه.
أقول هذا دلالة على عدم مبالاته لهذا الحطام وإن كَثُرَ ، ولو أخذه لم يلحقه حرج ؛ لأنه ليس مقابل تعليمه ، بل هدية له زيادة على راتبه الذي رتبه مع الوزير واتفق معه عليه ، ولكنه شأن الزهد وفراغ القلب من الدنيا.
● وثالثة أختم بها الكلام عن زهده : أن الوزير العباس بن الحسين أرسل إلى ابن جرير قائلاً : أحببت أن أنظر في الفقه ، وطلب من ابن جرير أن يعمل له مختصرًا فيه ، فكتب ابن جرير كتابه (اللطيف من الخفيف في أحكام شرائع الإسلام) ، وهو مختصر عن كتابه الكبير (لطيف القول) ، فلما تم المختصر أرسله للوزير فأعجبه وأرسل إليه بألف دينار هدية ، لكنه - رحمه الله - لم يقبلها ، ولما طلب منه أن يأخذها ويتصدق بها على من يرى ، قال : لا ، هم أعرف بمن يستحق عطاياهم ، أو هم يرون أهلها.
وهذه شبيهة بما سبقها من طلب الخليفة المكتفي ، ويظهر أنها واقعة ثانية ؛ لاختلاف السياقين ، وربما تكون قصة واحدة لوحدة الموضوع والهدف.
#يتبع إن شاء الله ✍
٠٠٠٠٠┈┅•٭📚🌹📚٭•┅┈٠٠٠٠٠
❀ ✍ معًا نتعلم من الحياة ✍ ❀
📲 https://telegram.me/gasas1
2⃣
● ومن نماذج زهده : ما رواه الفرغاني في ذيله على تاريخ الطبري : أن ابن جرير لما دخل بغداد في أول أمره في الطلب ، سرقت بضاعتُه التي يتقوت منها ، فباع كمَّيْ قميصه.
فقال له بعض إخوانه : تنشَّط لتأديب ولد الوزير أبي الحسن يحيى بن خاقان؟ قال أبو جعفر : نعم ، فمضى ذلك الصديق وسهل هذا الأمر ، وأعار ابن جرير ثوبًا ، فقربه الوزير ابن خاقان ورفع مجلسه وأجرى عليه عشرة دنانير في الشهر للتأديب.
فقبل أبو جعفر مشترطًا رخصة له في وقت طلبه العلم وللصلاة وللراحة ، وسأله أن يسلفه رزق شهر ففعل الوزير.
فلما دخل حجرة التأديب ، وخرج إليه ابن الوزير وهو المشهور بعدئذٍ بأبي يحيى ، أخذ يعلمه حتى كتب على اللوح ، فأخذه خادمه فرحًا وأدخله على أهله وخدمه لتعلمه الكتابة ، فلم تبق جارية في القصر إلا أهدت لابن جرير صينيةً فيها دراهم ودنانير ، لكنه - رحمه الله - ردَّ الجميع ، وقال : قد شورطت على شيء ، فلا آخذ سواه ، فعلم بذا الوزير فأدخله عليه واعتذر منه ، وعظُم في نفسه.
أقول هذا دلالة على عدم مبالاته لهذا الحطام وإن كَثُرَ ، ولو أخذه لم يلحقه حرج ؛ لأنه ليس مقابل تعليمه ، بل هدية له زيادة على راتبه الذي رتبه مع الوزير واتفق معه عليه ، ولكنه شأن الزهد وفراغ القلب من الدنيا.
● وثالثة أختم بها الكلام عن زهده : أن الوزير العباس بن الحسين أرسل إلى ابن جرير قائلاً : أحببت أن أنظر في الفقه ، وطلب من ابن جرير أن يعمل له مختصرًا فيه ، فكتب ابن جرير كتابه (اللطيف من الخفيف في أحكام شرائع الإسلام) ، وهو مختصر عن كتابه الكبير (لطيف القول) ، فلما تم المختصر أرسله للوزير فأعجبه وأرسل إليه بألف دينار هدية ، لكنه - رحمه الله - لم يقبلها ، ولما طلب منه أن يأخذها ويتصدق بها على من يرى ، قال : لا ، هم أعرف بمن يستحق عطاياهم ، أو هم يرون أهلها.
وهذه شبيهة بما سبقها من طلب الخليفة المكتفي ، ويظهر أنها واقعة ثانية ؛ لاختلاف السياقين ، وربما تكون قصة واحدة لوحدة الموضوع والهدف.
#يتبع إن شاء الله ✍
٠٠٠٠٠┈┅•٭📚🌹📚٭•┅┈٠٠٠٠٠
❀ ✍ معًا نتعلم من الحياة ✍ ❀
📲 https://telegram.me/gasas1