وقد قام الأستاذ عبدالعزيز سلطان المنصوب باستنطاق ديوان البرعي، ليجد أن البرعي ذكر الشيخ عمر العرابي ضمن شيوخه، وقد توفي العرابي عام (827ه)، كما أن للبرعي زيارة لقاضي زبيد أحمد بن أبي بكر الرداد (ت821ه) للشفاعة في مساجين كانوا لديه، وكان ابن الرداد قد تولى قضاء زبيد سنة (817ه)، ما يعني أن الزيارة كانت بعد تاريخ توليه القضاء، وقبل تاريخ وفاته، وفيه ألقى قصيدته:
دم المحب على الأطلال مطلول وسيف سحر عيون العين مسلول
وهذا كله يرجح أن وفاته بعد الثلاثين وثمانمئة، ولا ندري هل النسخة التي قام بنشرها وتحقيقها الأستاذ عبدالله الحبشي من تاريخ البريهي الكبير فيها التاريخ الصواب للبرعي، أم أن الأستاذ الحبشي هو من قام بتصحيح تاريخ الوفاة، واستدرك الخطأ الموجود في النسخة المختصرة لتاريخ البريهي، وفقًا لما ذكره الأستاذ المنصوب؟!
عاش البرعي فقيرًا شديد الفاقة، ويظهر ذلك جليًّا في أشعاره، ورغم هذا لم يُسجَّل عليه أنه تهافت على مدح ملوك عصره كغيره من الشعراء، وإنما كان مدحه لبعض الميسورين ممن لا صلة لهم بالدولة عند الضرورة القاهرة، والحاجة الملحة، وعندما امتدح قاضي زبيد ابن الرداد لم يمدحه إلا لكونه من أهل التصوف، وهو خليفة الشيخ إسماعيل الجبرتي في مقامه، وكان امتداحه بقصد الشفاعة لمساجين كانوا لديه.
يخبرنا البريهي عنه، فيقول: “ومن أهل برع الفقيه العالم الفاضل الصالح عفيف الدين عبدالرحيم بن علي المهاجري البرعي المشهور.. كان يسكن ببلدة النيابتين إلى أن توفّي بها. قرأ الفقه والنحو على جماعة من أئمة وقته، فلما تأهل للتدريس والفتوى، أتته الطلبة من أماكن شتى، فدرس وأفتى، واشتهر… ترجم له بعضهم، فقال: هو أحد العلماء الأخيار، وبقية الفضلاء الأحبار، سيد الفضلاء المجتهدين، والأدباء المجودين، والشعراء المبرزين، له ممادح في النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة، قال:
بالأبرق الفرد أطلال دريسات لآل هند سقتهن الغمامات
وملعب لعبت هُوج الرياح به كأنهم فيه ما ظلوا ولا باتوا
…
وله في مدح النبي صلى الله عليه وسلم:
كم ذا أقلب طرفي بين ربعين قد فارقا من أعز الحي حيين
عهدي بهم وهما كانوا على دعة فصاح فيهم غراب البين بالبين
… وأما فوائده في الفقه، وشرح حاله بالصلاح، وما يتعلق بعلم الصوفية، وغير ذلك، فشهرته تغني عن شرحه، وكانت وفاته – رحمه الله – بعد سنة ثلاثين وثمان مئة. (طبقات صلحاء اليمن المعروف بتاريخ البريهي الكبير، دار المقتبس، ط1، 2015، تحقيق عبد الله محمد الحبشي، 1/ 150- 154).
نبذة موجزة عن تحقيق الأستاذ عبدالعزيز سلطان المنصوب على ديوان البرعي:
تعتبر دراسة الأستاذ عبدالعزيز سلطان عن البرعي قيمة وذات أهمية، سلطت ضوءًا كاشفًا عن حياة هذا الشاعر الكبير، وتبقى الملاحظات فقط في تحقيق الديوان الذي، بحسب رأيي، لم يرقَ إلى مستوى الدراسة التي قدمها.
ذكر الأستاذ عبدالعزيز سلطان في مقدمة تحقيقه لديوان البرعي أنه استبعد كل النسخ المطبوعة لديوان البرعي، واستبقى منها نسخة تحمل اسم (شرح ديوان البرعي في المدائح الربانية والنبوية والصوفية للعارف بالله سيدي عبدالرحيم البرعي)، والناشر لها مكتبة القاهرة، مطبعة القاهرة، الطبعة الثانية، 1378ه/ 1958م، ورمز لها بالرمز (ق)، وهي التي يشير إليها في الهامش.
والنسخة الثانية هي نسخة السيد عبدالقادر عبدالحفيظ ساكن صبر، تمت كتابتها في شوال (1138ه)، وهي التي اتخذها أصلاً، وفقًا لمرجحات ترجحت لديه، ورمز لها بالرمز (ع).
ووددت بعد قراءتي للنسخة المحققة، أن لم يكن الأستاذ المنصوب تسرع وتجاهل هذه الطبعات المصرية أو الهندية، وهي – على علاتها – غير بعيد من أن يكون قد أشرف على طباعتها علماء كبار لهم قدر كبير من الإلمام بالعربية والشعر وفنونه، ولأن كل قصائد الديوان من اللون الحكمي الفصيح، ولا تكاد تجد فيها حمينية واحدة، كل هذا يجعلنا نثق إلى حد ليس بالقليل بالنسخ المطبوعة بمصر، ما لم يرد ما يرد هذه الرؤية.
وباستعراض ومقارنة ومقاربة بعض القراءات التي اختارها الأستاذ المنصوب لقصائد الديوان مع النسخة المصرية التي اختار أن يضعها في الهامش، يظهر أن الأستاذ لم يكن موفقًا في اختيار النسخة التي اعتمدها أصلاً، كما أن عمل التحقيق وقراءة النص لم يحظيا بالتجويد والقراءة التي يستحقها الديوان، فضلاً عن أنها أفسدت النص وشوهته، بحيث يتضح أن ماورد في الطبعات القديمة لديوان البرعي كان له حظ كبير من الدقة والصواب.
نظرات في الطبعة اليمنية:
على سبيل المثال، في المطبوعة المصرية في القصيدة التي امتدح فيها البرعي المشايخ المكدشيين ،والتي يقول فيها:
دم المحب على الأطلال مطلول وسيف سحر عيون العين مسلول
وهذا كله يرجح أن وفاته بعد الثلاثين وثمانمئة، ولا ندري هل النسخة التي قام بنشرها وتحقيقها الأستاذ عبدالله الحبشي من تاريخ البريهي الكبير فيها التاريخ الصواب للبرعي، أم أن الأستاذ الحبشي هو من قام بتصحيح تاريخ الوفاة، واستدرك الخطأ الموجود في النسخة المختصرة لتاريخ البريهي، وفقًا لما ذكره الأستاذ المنصوب؟!
عاش البرعي فقيرًا شديد الفاقة، ويظهر ذلك جليًّا في أشعاره، ورغم هذا لم يُسجَّل عليه أنه تهافت على مدح ملوك عصره كغيره من الشعراء، وإنما كان مدحه لبعض الميسورين ممن لا صلة لهم بالدولة عند الضرورة القاهرة، والحاجة الملحة، وعندما امتدح قاضي زبيد ابن الرداد لم يمدحه إلا لكونه من أهل التصوف، وهو خليفة الشيخ إسماعيل الجبرتي في مقامه، وكان امتداحه بقصد الشفاعة لمساجين كانوا لديه.
يخبرنا البريهي عنه، فيقول: “ومن أهل برع الفقيه العالم الفاضل الصالح عفيف الدين عبدالرحيم بن علي المهاجري البرعي المشهور.. كان يسكن ببلدة النيابتين إلى أن توفّي بها. قرأ الفقه والنحو على جماعة من أئمة وقته، فلما تأهل للتدريس والفتوى، أتته الطلبة من أماكن شتى، فدرس وأفتى، واشتهر… ترجم له بعضهم، فقال: هو أحد العلماء الأخيار، وبقية الفضلاء الأحبار، سيد الفضلاء المجتهدين، والأدباء المجودين، والشعراء المبرزين، له ممادح في النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة، قال:
بالأبرق الفرد أطلال دريسات لآل هند سقتهن الغمامات
وملعب لعبت هُوج الرياح به كأنهم فيه ما ظلوا ولا باتوا
…
وله في مدح النبي صلى الله عليه وسلم:
كم ذا أقلب طرفي بين ربعين قد فارقا من أعز الحي حيين
عهدي بهم وهما كانوا على دعة فصاح فيهم غراب البين بالبين
… وأما فوائده في الفقه، وشرح حاله بالصلاح، وما يتعلق بعلم الصوفية، وغير ذلك، فشهرته تغني عن شرحه، وكانت وفاته – رحمه الله – بعد سنة ثلاثين وثمان مئة. (طبقات صلحاء اليمن المعروف بتاريخ البريهي الكبير، دار المقتبس، ط1، 2015، تحقيق عبد الله محمد الحبشي، 1/ 150- 154).
نبذة موجزة عن تحقيق الأستاذ عبدالعزيز سلطان المنصوب على ديوان البرعي:
تعتبر دراسة الأستاذ عبدالعزيز سلطان عن البرعي قيمة وذات أهمية، سلطت ضوءًا كاشفًا عن حياة هذا الشاعر الكبير، وتبقى الملاحظات فقط في تحقيق الديوان الذي، بحسب رأيي، لم يرقَ إلى مستوى الدراسة التي قدمها.
ذكر الأستاذ عبدالعزيز سلطان في مقدمة تحقيقه لديوان البرعي أنه استبعد كل النسخ المطبوعة لديوان البرعي، واستبقى منها نسخة تحمل اسم (شرح ديوان البرعي في المدائح الربانية والنبوية والصوفية للعارف بالله سيدي عبدالرحيم البرعي)، والناشر لها مكتبة القاهرة، مطبعة القاهرة، الطبعة الثانية، 1378ه/ 1958م، ورمز لها بالرمز (ق)، وهي التي يشير إليها في الهامش.
والنسخة الثانية هي نسخة السيد عبدالقادر عبدالحفيظ ساكن صبر، تمت كتابتها في شوال (1138ه)، وهي التي اتخذها أصلاً، وفقًا لمرجحات ترجحت لديه، ورمز لها بالرمز (ع).
ووددت بعد قراءتي للنسخة المحققة، أن لم يكن الأستاذ المنصوب تسرع وتجاهل هذه الطبعات المصرية أو الهندية، وهي – على علاتها – غير بعيد من أن يكون قد أشرف على طباعتها علماء كبار لهم قدر كبير من الإلمام بالعربية والشعر وفنونه، ولأن كل قصائد الديوان من اللون الحكمي الفصيح، ولا تكاد تجد فيها حمينية واحدة، كل هذا يجعلنا نثق إلى حد ليس بالقليل بالنسخ المطبوعة بمصر، ما لم يرد ما يرد هذه الرؤية.
وباستعراض ومقارنة ومقاربة بعض القراءات التي اختارها الأستاذ المنصوب لقصائد الديوان مع النسخة المصرية التي اختار أن يضعها في الهامش، يظهر أن الأستاذ لم يكن موفقًا في اختيار النسخة التي اعتمدها أصلاً، كما أن عمل التحقيق وقراءة النص لم يحظيا بالتجويد والقراءة التي يستحقها الديوان، فضلاً عن أنها أفسدت النص وشوهته، بحيث يتضح أن ماورد في الطبعات القديمة لديوان البرعي كان له حظ كبير من الدقة والصواب.
نظرات في الطبعة اليمنية:
على سبيل المثال، في المطبوعة المصرية في القصيدة التي امتدح فيها البرعي المشايخ المكدشيين ،والتي يقول فيها: