أَمَّا هُوَ، الرَّسامُ الوحيدُ الذي يَجرؤُ على مُواجهَتِي، فهو يَعرفُني. يُمْسِكُنِي بِخَوفٍ مُتَّقِدٍ، كأنَّني وَحْشٌ يَتَرَدَّدُ بَيْنَ يَدَيْهِ. يُحاوِلُ أنْ يُعِيدَ تَشْكِيلَ الحِكايةِ بِي، أنْ يُسْبِغَنِي بِمَعْناهُ، لكنَّهُ يَفْشَلُ. لأَنَّني لَسْتُ أَدَاةً، ولَسْتُ عَبَثًا. أَنا الحُكْمُ الذي يُطلِقُ كَلِمَتَهُ الأَخِيرَةَ دونَ أنْ يَقْبَلَ اسْتِئْنافًا.
حين يَتآكلُ إِبداعُهُ، وحين تَتَحَطَّمُ ألوانُهُ كزُجاجٍ هَشٍّ، يَعُودُ إِلَيّ. يُلْقِي بِفَرْشاتِهِ فَوقِي، كأنَّنِي نَعْشُ أَفْكارِهِ المُنهَكَةِ. يُحَدِّقُ بِي، يُحاوِلُ أنْ يُعِيدَنِي إِلَى الحَياةِ، لكنَّنِي أَلْتَهِمُهُ. أَنا الأَبْيَضُ، الفَراغُ الذي لا يُمْلَأُ، السُّكُونُ الذي يُمَزِّقُ الصَّرخاتِ قَبْلَ أنْ تُولَدَ.
وفي النِّهايةِ، يَتْرُكُنِي على اللَّوحةِ، صَامِتًا، لكنْ مُنْتَصِرًا. أَنا البِدايةُ التي لا تُدرَكُها أَيدِيكُم، والنِّهايةُ التي تَخْشَوْنَ مُواجَهَتَها. أَنا الفَراغُ، العَدَمُ، الأَبَدُ. أَنا بَيضاويٌّ، بِعُنفٍ لا يُمْكِنُ احْتواؤُه.
“الرَّسَّام يُشبه الكائن الذي يَحاول الإمساك بالضوء بين أصابعه، ظَنًا منه أنَّهُ يستطيع تحويله إلى حقيقة. لكنَّه يُدرك في النهاية أنَّ بعض الجمال يُوجَد فقط حين نَراه، ويَختفي حين نَلمسه.
-أدهم شرقاوي.-
|الكاتبة: آية الهور|
حين يَتآكلُ إِبداعُهُ، وحين تَتَحَطَّمُ ألوانُهُ كزُجاجٍ هَشٍّ، يَعُودُ إِلَيّ. يُلْقِي بِفَرْشاتِهِ فَوقِي، كأنَّنِي نَعْشُ أَفْكارِهِ المُنهَكَةِ. يُحَدِّقُ بِي، يُحاوِلُ أنْ يُعِيدَنِي إِلَى الحَياةِ، لكنَّنِي أَلْتَهِمُهُ. أَنا الأَبْيَضُ، الفَراغُ الذي لا يُمْلَأُ، السُّكُونُ الذي يُمَزِّقُ الصَّرخاتِ قَبْلَ أنْ تُولَدَ.
وفي النِّهايةِ، يَتْرُكُنِي على اللَّوحةِ، صَامِتًا، لكنْ مُنْتَصِرًا. أَنا البِدايةُ التي لا تُدرَكُها أَيدِيكُم، والنِّهايةُ التي تَخْشَوْنَ مُواجَهَتَها. أَنا الفَراغُ، العَدَمُ، الأَبَدُ. أَنا بَيضاويٌّ، بِعُنفٍ لا يُمْكِنُ احْتواؤُه.
“الرَّسَّام يُشبه الكائن الذي يَحاول الإمساك بالضوء بين أصابعه، ظَنًا منه أنَّهُ يستطيع تحويله إلى حقيقة. لكنَّه يُدرك في النهاية أنَّ بعض الجمال يُوجَد فقط حين نَراه، ويَختفي حين نَلمسه.
-أدهم شرقاوي.-
|الكاتبة: آية الهور|