#قصة 🌹
ــــــــــــــــــــــــــــــ
كان أصحاب النبي صلّ الله عليه وسلم يعبدون ربهم ، ويشتغلون بالتجارة والزراعة ، ويشتغلون بالصناعات كالحياكة والخياطة وغير ذلك ، فكانوا عبادًا وطلبة علم ، وكانوا مسلمين أولًا وكانوا مسلمين آخرًا ، وكانوا كأوساط الناس ، يأكلون ويشربون ، ويبيعون ويشترون ، وكل ذلك في سبيل الله ، لأنهم يبتغون به وجه الله .
O
ولماذا لا يفعلون ذلك وهم يسمعون نبيهم يقول : لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها ، ويسمعونه يقول : والذي نفس محمد بيده لوددت أن أغزو في سبيل الله فأقتل ثم أغزو فأقتل ثم أغزو فأقتل ، ويسمعونه يقول : إن مقام أحدكم في سبيل الله أفضل من صلاته في بيته سبعين عامًا .
أراد النبي صلّ الله عليه وسلم يوما أن يبعث جماعة من المسلمين إلى أرض العدو تعرف له أخبار المشركين ، وكان يعلم أنها أرض العدو ، وأن المشركين بالمرصاد فاختار عشرة رجال لا يحبون الحياة ولا يكرهون الموت ، وأمر عليهم عاصم بن ثابت الانصاري رضي الله عنه ، ودع هؤلاء أهلهم وأولادهم وأصدقاءهم وقالوا لهم : وداعًا أيها الأحبه وإلى اللقاء غدًا يوم القيامة.
وانطلقوا من المدينة وساروا في سبيل الله حتى وصلوا إلى موضع يقال له الهدأة ، بين عسفان ومكة ، وذهب إلى بنى لحيان رجل يسعى وقال لهم : هل تعلمون أن بالهدأة جماعة من المسلمين ؟ قالوا : والله ما ندري وما عندنا منهم خبر ! ، قال : فإنهم والله بالهدأة ، لقد رأيتهم ، والله بعيني هذه ، وجئت لأخبركم بهم لتروا فيهم رأيكم .
قالوا : جزيت خيرًا ، وكم هم يا أخى بنى فلان ؟ ، قال : أراهم لا يزيدون على عشرة ، قالوا : فينبغي لهم مائة رجل لأن الواحد من هؤلاء يساوي عشرة ، وقام مائة رجل من بني لحيان وقالوا : إلى أعدائنا ، إلى الهدأة حيث ندرك ثأر بدر .
وانطلقوا يسألون عن هؤلاء العشرة ، هل رأيتم رجالًا من يثرب ، هل رأيتم أحدًا يصلي ؟ وذهبوا يرون آثارهم في الرمل حتى اهتدوا إلى مكانهم ، فلما أحس بهم عاصم وأصحابه لجؤوا إلى موضع فأحاط بهم القوم ، وقالوا : انزلوا وأعطوا مابأيدكم ولكم العهد ، ولكن عاصما كان يعرف أن الكافر ليست له ذمة ولا عهد وأن الكافر لا يمنعه من الغدر شيء ، فهو سمع الله يقول : (لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ ) سورة التوبة الآية10 .
كان عاصم يعرف ذلك جيدًا ، فأبى أن يثق بهؤلاء و قال عاصم : أيها القوم ، أما أنا فلا أنزل على ذمة كافر ، وبدأ القتال ، وأطلق المشركون على المسلمين السهام ورموهم بالنبال ، وقتلوا عاصم ، وقتلوا معه ستة .
أكرم الله عاصم بالشهادة وكان عاصم قد قتل رجلًا من عظماء قريش ، فبعثوا إليه رجلًا يأتي بشيء منه ليعرفوا أنه قتل ، وأبى الله أن يمسوا جسده وهو في ذمته ، فقد رأو النحل يحميه ، فخافوا ، ولم يجدوا إلي جثته سبيلًا .
ولما رأى أصحاب عاصم أن عاصم قد قُتل ، وأنهم إذا قتلوا جميعًا من يعرف أخبار المشركين ، ومن يخبر رسول الله صل الله عليه وسلم بأحوالهم ؟ ، وكان عاصم قد اجتهد وكان له أجر ، واجتهد أصحابه وكان لهم أجر ، وكل أراد وجه الله .
نزل ثلاثة نفر على العهد والميثاق ، ولما تمكن المشركون من هؤلاء أطلقوا أوتار قسيهم فربطوهم ، قال الرجل الثالث : هذا أول الغدر ، فقال والله لن أصحبكم ، إن لي بهؤلاء أسوة ، فجروه فأبى فقتلوه .
وانطلقوا بخبيب وزيد بن الدثنة حتى باعوهما في مكة ، وكان خبيب قد قتل الحارث بن عامر يوم بدر ، ولما علم أبناؤه اشتروه ليقتلوه بأبيهم ، ومكث خبيب عند بني الحارث أسيرًا ، وكان حاله غريبا في الأسر ، كانت بنت الحارث تقول فيه : ما رأيت أسيرا كخبيب ، فوالله لقد وجدته يوما يأكل قطف من عنب في يده وهو موثوق بالحديد ، وما بمكة من ثمرة .
ولكن العداوة تعم وتصم ، والكفر يعمي ويصم ، فما رأوه من خبيب لم يمنعهم ليقتلوه ، لما أيقن خبيب بالموت ، قال دعوني أصلي ركعتين ، فتركوه فركع ركعتين ، ولما انصرف من صلاته قال : كنت أريد أن أزيد ، وكنت أحب أن أطيل القيام أمام ربي ، ولكني خشيت أن تقولوا : يريد خبيب أن يتأخر عن الموت ، فيطيل الصلاة .
وها أنا ذا واقف أمامكم فاصنعوا مابدا لكم ، ثم قال : اللهم أحصهم عددًا ، واقتلهم بددًا ، ولا تبق منهم أحدًا ، ورفعوا خبيب على الخشبة وقاموا حوله يطعنونه بالرماح ويتفرجون عليه ، ما أجمله من راكب ، وما أقبحهم من متفرجين ، بعدما طعنوه بالرماح ومزقوا جلده ، وقطعوا لحمه حبوا أن يمتحنوا ولاءه للنبي صلّ الله عليه وسلم .
فسألوه : بالله أخبرنا يا خبيب ، أتحب أن محمدًا مكانك ؟ ، صرخ بأعلى صوته ، وقال : والله ما أحب أن يفديني بشوكة يشاكها في قدمه ، رحمة الله عليك يا خبيب ، لقد سننت سنة للمحبين ، وتركت ذكرًا في الآخرين .
ــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــ
كان أصحاب النبي صلّ الله عليه وسلم يعبدون ربهم ، ويشتغلون بالتجارة والزراعة ، ويشتغلون بالصناعات كالحياكة والخياطة وغير ذلك ، فكانوا عبادًا وطلبة علم ، وكانوا مسلمين أولًا وكانوا مسلمين آخرًا ، وكانوا كأوساط الناس ، يأكلون ويشربون ، ويبيعون ويشترون ، وكل ذلك في سبيل الله ، لأنهم يبتغون به وجه الله .
O
ولماذا لا يفعلون ذلك وهم يسمعون نبيهم يقول : لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها ، ويسمعونه يقول : والذي نفس محمد بيده لوددت أن أغزو في سبيل الله فأقتل ثم أغزو فأقتل ثم أغزو فأقتل ، ويسمعونه يقول : إن مقام أحدكم في سبيل الله أفضل من صلاته في بيته سبعين عامًا .
أراد النبي صلّ الله عليه وسلم يوما أن يبعث جماعة من المسلمين إلى أرض العدو تعرف له أخبار المشركين ، وكان يعلم أنها أرض العدو ، وأن المشركين بالمرصاد فاختار عشرة رجال لا يحبون الحياة ولا يكرهون الموت ، وأمر عليهم عاصم بن ثابت الانصاري رضي الله عنه ، ودع هؤلاء أهلهم وأولادهم وأصدقاءهم وقالوا لهم : وداعًا أيها الأحبه وإلى اللقاء غدًا يوم القيامة.
وانطلقوا من المدينة وساروا في سبيل الله حتى وصلوا إلى موضع يقال له الهدأة ، بين عسفان ومكة ، وذهب إلى بنى لحيان رجل يسعى وقال لهم : هل تعلمون أن بالهدأة جماعة من المسلمين ؟ قالوا : والله ما ندري وما عندنا منهم خبر ! ، قال : فإنهم والله بالهدأة ، لقد رأيتهم ، والله بعيني هذه ، وجئت لأخبركم بهم لتروا فيهم رأيكم .
قالوا : جزيت خيرًا ، وكم هم يا أخى بنى فلان ؟ ، قال : أراهم لا يزيدون على عشرة ، قالوا : فينبغي لهم مائة رجل لأن الواحد من هؤلاء يساوي عشرة ، وقام مائة رجل من بني لحيان وقالوا : إلى أعدائنا ، إلى الهدأة حيث ندرك ثأر بدر .
وانطلقوا يسألون عن هؤلاء العشرة ، هل رأيتم رجالًا من يثرب ، هل رأيتم أحدًا يصلي ؟ وذهبوا يرون آثارهم في الرمل حتى اهتدوا إلى مكانهم ، فلما أحس بهم عاصم وأصحابه لجؤوا إلى موضع فأحاط بهم القوم ، وقالوا : انزلوا وأعطوا مابأيدكم ولكم العهد ، ولكن عاصما كان يعرف أن الكافر ليست له ذمة ولا عهد وأن الكافر لا يمنعه من الغدر شيء ، فهو سمع الله يقول : (لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ ) سورة التوبة الآية10 .
كان عاصم يعرف ذلك جيدًا ، فأبى أن يثق بهؤلاء و قال عاصم : أيها القوم ، أما أنا فلا أنزل على ذمة كافر ، وبدأ القتال ، وأطلق المشركون على المسلمين السهام ورموهم بالنبال ، وقتلوا عاصم ، وقتلوا معه ستة .
أكرم الله عاصم بالشهادة وكان عاصم قد قتل رجلًا من عظماء قريش ، فبعثوا إليه رجلًا يأتي بشيء منه ليعرفوا أنه قتل ، وأبى الله أن يمسوا جسده وهو في ذمته ، فقد رأو النحل يحميه ، فخافوا ، ولم يجدوا إلي جثته سبيلًا .
ولما رأى أصحاب عاصم أن عاصم قد قُتل ، وأنهم إذا قتلوا جميعًا من يعرف أخبار المشركين ، ومن يخبر رسول الله صل الله عليه وسلم بأحوالهم ؟ ، وكان عاصم قد اجتهد وكان له أجر ، واجتهد أصحابه وكان لهم أجر ، وكل أراد وجه الله .
نزل ثلاثة نفر على العهد والميثاق ، ولما تمكن المشركون من هؤلاء أطلقوا أوتار قسيهم فربطوهم ، قال الرجل الثالث : هذا أول الغدر ، فقال والله لن أصحبكم ، إن لي بهؤلاء أسوة ، فجروه فأبى فقتلوه .
وانطلقوا بخبيب وزيد بن الدثنة حتى باعوهما في مكة ، وكان خبيب قد قتل الحارث بن عامر يوم بدر ، ولما علم أبناؤه اشتروه ليقتلوه بأبيهم ، ومكث خبيب عند بني الحارث أسيرًا ، وكان حاله غريبا في الأسر ، كانت بنت الحارث تقول فيه : ما رأيت أسيرا كخبيب ، فوالله لقد وجدته يوما يأكل قطف من عنب في يده وهو موثوق بالحديد ، وما بمكة من ثمرة .
ولكن العداوة تعم وتصم ، والكفر يعمي ويصم ، فما رأوه من خبيب لم يمنعهم ليقتلوه ، لما أيقن خبيب بالموت ، قال دعوني أصلي ركعتين ، فتركوه فركع ركعتين ، ولما انصرف من صلاته قال : كنت أريد أن أزيد ، وكنت أحب أن أطيل القيام أمام ربي ، ولكني خشيت أن تقولوا : يريد خبيب أن يتأخر عن الموت ، فيطيل الصلاة .
وها أنا ذا واقف أمامكم فاصنعوا مابدا لكم ، ثم قال : اللهم أحصهم عددًا ، واقتلهم بددًا ، ولا تبق منهم أحدًا ، ورفعوا خبيب على الخشبة وقاموا حوله يطعنونه بالرماح ويتفرجون عليه ، ما أجمله من راكب ، وما أقبحهم من متفرجين ، بعدما طعنوه بالرماح ومزقوا جلده ، وقطعوا لحمه حبوا أن يمتحنوا ولاءه للنبي صلّ الله عليه وسلم .
فسألوه : بالله أخبرنا يا خبيب ، أتحب أن محمدًا مكانك ؟ ، صرخ بأعلى صوته ، وقال : والله ما أحب أن يفديني بشوكة يشاكها في قدمه ، رحمة الله عليك يا خبيب ، لقد سننت سنة للمحبين ، وتركت ذكرًا في الآخرين .
ــــــــــــــــــ