"أَفَلَا یَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ أَمۡ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقۡفَالُهَاۤ؟!لو اقترب الناس من القرآن، صاحبوه ورافقوه، قرأوا ما في ثناياه بكل هدوء، كلمةً كلمة، بهدوءٍ وروية، وحاولوا تذوق القرآن بقلوبهم، وتأمل اختيار المفردات والكلمات والنسق القرآني، وتأثيره على القلوب، فتارةً تجد كلماتٍ توقظك، وتارةً تجد كلماتٍ قويةٍ صادعة تخر لها الجبال سجداً، وتارة تجد من يطمئن خوفك، من يستجيب دعاءك، من يحكي عن قصتك وقصة أقوامٍ شابهوك في الخير والشر، فترى عواقب الأفعال قبل أن تخوض فيها.
كلما تتدبر السورة تلو السورة، والآية تلو الآية، تجد أثر ذلك في قلبك ولو بعد حين، تجد هداياتٍ وإرشاداتٍ لشتات قلبك وحيرته، تجد إعادة تصحيح لمساراتك وتجديدٍ لنواياك وجمعٌ لتوجه القلب على الحق. وكلما تقترب أكثر وتغرف من بحر معاني القرآن تجد صفاءً في قلبك، ونوراً قد أضاء ظلماتك وأرشدك إلى صراطه المستقيم.
والتدبر ليس مجرد قراءة عابرة، بل غوص في أعماق القرآن، إنه ليس مجرد لقاءٍ عابر بل جلوسٌ مع من تحب. حينها تجد كل سورةٍ بحر وكل آيةٍ لؤلؤة وكل كلمةٍ قنديل وكل حرفٍ باب.
والسؤال ليس: لماذا لا نفهم القرآن؟، بل: هل أقفال القلب ما زالت مُغلقةً وأبوابه موصدة؟
#د.صبري محمد