-
مَا أَبهَى مَشَاهِدَ صَفوَةِ الحُفَّاظِ فِي إِدلِبَ العِزِّ هَذَا اليَوم!
كَأَنَّهُم مَرَاوِحُ رَوحٍ تَهُبُّ عَلَى قُلُوبِنَا المُثقَلَةِ بالحُزن، مَصَابِيحُ دُجًى تُنِيرُ سُبُلَ الْقَادِمِينَ مِنَ الظُّلُمَات!
رَأَيتُهُم، فَخُيِّلَ إِلَيَّ أَنَّ غَزَّةَ المُكَبَّلَةَ بِالحِصَارِ قَد نَفَضَت عَنهَا غُبَارَ الجِرَاحِ، وَارتَحَلَت إِلَيهِم بِنُورِهَا وَعِزَّتِهَا.
فَإِنَّ إِدلِبَ لِسُورِيَّا عِندِي كَغَزَّةَ لِفِلَسْطِينِ: أُخْتَانِ فِي الْبَلَاءِ وَالبهَاءِ، شَقِيقَتَانِ فِي المِحنَةِ وَالمَنحَة!
وانقَلَبَتْ أَحزَانِي كَسَيلٍ هَائِجٍ، إِذ ذَكَرتُ صَفوَةَ الحُفَّاظِ فِي غَزَّةَ..
ثُمَّ إِذَا هُم اليومَ — يَا وَيْحَ قلبي — صَفوَةُ الشُّهَدَاء!
نَحسَبُ أنّهم قَد رَفَعَهُمُ المَولَى إِلَى مَظَانِّ الرِّضَا، وَأَسكَنَهُم فِي ظِلَالِ عَرشِهِ، وَأَحَلَّهُمُ الْمَكَانَ المَحمُود.
آهٍ يَا وَجهَ الحُفَّاظِ المُتَهَلِّلِ بِنُورِ القرآن!
آهٍ يَا طَلعةَ المُجَاهِد القَارِئ، يَسجُدُ وَيُقَاتِلُ، وَيَقرَأُ وَيُثخِنُ، حَتَّى يُكتَبَ عِندَ الْمَلَأِ الْأَعلَى شَهِيدًا.
اللَّهُمَّ، اكْتُبْ لَنَا السَّيرَ عَلَى طَرِيقِ صَفوَةِ الحُفَّاظِ، واختِم لَنَا بِخَاتِمَةِ صَفوَةِ الشُّهدَاء.
وَاجعَل لَنَا نَصِيبًا مِن بَرَكَةِ الكِتَابِ وَشَرَفِ المَقام.