حلم أو رؤيا، وفيها سؤال وجواب لطيف:
نمت بعد الفجر، فرأيت أنني عند عائلة على غير ملّة الإسلام، فأرادوا أن يدعوني إلى ملّتهم، وأنا أريد أن أدعوهم إلى الإسلام!
فطُرح السؤال التالي:
لماذا نرى غير المسلمين يتحوّلون إلى الإسلام بكثرة، بينما لا نرى أحدًا من المسلمين يتحول إلى دين آخر؟
فقلت: لأن دين الإسلام دين فطرة، والأديان الأخرى دين عادة، وسلطان الفطرة يغلب سلطان العادة.
وضربت لهذا مثالًا:
لو كان هناك قريتان، قريةٌ أهلها يمشون على أرجلهم، وقرية أهلها يمشون على أيديهم، فذهب دعاةٌ من كل قرية للأخرى يدعونهم ليمشوا كما يمشون، فمن الذي يستجيب من أهل القريتين للأخرى؟
سيستجيب أهل قرية المشي على الأيدي لأهل قرية المشي على الأرجل.
ثم ستجدهم يتمسّكون بالمشي على أرجلهم أشدّ مِن تمسُّكِهم بالمشي على أيديهم؛ لأنهم يرون أن هذا المشي هو الذي يوافق بُنية أجسامهم وترتاح له، وهو الذي يخدمهم أكثر، مع سرعة تكيّفهم معه، وسيكتشفون أن هذا المشي هو ضالّتهم التي تطلبها أجسادهم وإن لم يتنبّهوا لذلك قبل.
بينما دعاة المشي على الأيدي لن يستجيب لهم أهل قرية المشي على الأرجل؛ لأنهم يرون أن هذه حماقة ونقص في العقل وظلم للبدن.
وهكذا الإسلام هو دين الفطرة الذي يوافق الروح وتطمئن له النفس، ولهذا تجد غير المسلم عندما يُسلِم يتمسّك به أكثر من المسلم الذي وُلِد على الإسلام فلا يتركه؛ لأن من فقَدَ شيئًا ثم وجده تمسّك به أكثر ممن لم يفقده؛ لأن هذه ضالّة روحه، ثم تجد أن الإسلام مع هذا يزيد بكثرة الداخلين فيه، ويتمسّكون به أكثر من تمسُّكِهم بما كانوا عليه قبل، وهذا المعنى هو ما فطن له هرقل عندما سأل أبا سفيان عن المسلمين، وقد كان أبو سفيان حينئذ مشركًا، فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: أخبرني أبو سفيان: «أن هرقل قال له: سألتُك هل يزيدون أم ينقصون؟ فزعمتَ أنهم يزيدون، وكذلك الإيمان حتى يتمّ. وسألتك هل يَرتدُّ أحدٌ سًخطَةً لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فزعمتَ أن لا، وكذلك الإيمان حين تُخالط بَشَاشَتُه القلوبَ لا يَسخَطه أحد» رواه البخاري.
فكما أن المشي على الرجلين يوافق البدن ويرتاح له الإنسان ولا يمكن أن يتركه حتى من كان يمشي قبل على يديه، فكذلك دين الإسلام لأنه يوافق الروح وتطمئن له النفس، ولذلك يستحيل لمن دخله بصدق أن يتركه بصدق.
فالإسلام دين الفطر، والأديان الأخرى دين عادة، قال رسول اللهﷺ: "كلُّ مولودٍ يولَدُ على الفطرةِ فأبواه يُهوِّدانِه أو يُنصِّرانِه أو يُمجِّسانِه"
ولم يقل: أو يُمسلمانه؛ لأن الإسلام هى الفطرة.
وقال الله تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٣٠) ﴾
قال ابن عباس ومجاهد والحسن وغيرهم: (فِطْرَةَ اللَّهِ): أي الإسلام.
ختامًا:
سيبقى أهل قرية المشي على الأيدي يمشون على أيديهم إذا لم يجدوا من يدعوهم للمشي على الأرجل.
أ.د. بندر الشراري
١٠/ ٧/ ١٤٤٦هـ
نمت بعد الفجر، فرأيت أنني عند عائلة على غير ملّة الإسلام، فأرادوا أن يدعوني إلى ملّتهم، وأنا أريد أن أدعوهم إلى الإسلام!
فطُرح السؤال التالي:
لماذا نرى غير المسلمين يتحوّلون إلى الإسلام بكثرة، بينما لا نرى أحدًا من المسلمين يتحول إلى دين آخر؟
فقلت: لأن دين الإسلام دين فطرة، والأديان الأخرى دين عادة، وسلطان الفطرة يغلب سلطان العادة.
وضربت لهذا مثالًا:
لو كان هناك قريتان، قريةٌ أهلها يمشون على أرجلهم، وقرية أهلها يمشون على أيديهم، فذهب دعاةٌ من كل قرية للأخرى يدعونهم ليمشوا كما يمشون، فمن الذي يستجيب من أهل القريتين للأخرى؟
سيستجيب أهل قرية المشي على الأيدي لأهل قرية المشي على الأرجل.
ثم ستجدهم يتمسّكون بالمشي على أرجلهم أشدّ مِن تمسُّكِهم بالمشي على أيديهم؛ لأنهم يرون أن هذا المشي هو الذي يوافق بُنية أجسامهم وترتاح له، وهو الذي يخدمهم أكثر، مع سرعة تكيّفهم معه، وسيكتشفون أن هذا المشي هو ضالّتهم التي تطلبها أجسادهم وإن لم يتنبّهوا لذلك قبل.
بينما دعاة المشي على الأيدي لن يستجيب لهم أهل قرية المشي على الأرجل؛ لأنهم يرون أن هذه حماقة ونقص في العقل وظلم للبدن.
وهكذا الإسلام هو دين الفطرة الذي يوافق الروح وتطمئن له النفس، ولهذا تجد غير المسلم عندما يُسلِم يتمسّك به أكثر من المسلم الذي وُلِد على الإسلام فلا يتركه؛ لأن من فقَدَ شيئًا ثم وجده تمسّك به أكثر ممن لم يفقده؛ لأن هذه ضالّة روحه، ثم تجد أن الإسلام مع هذا يزيد بكثرة الداخلين فيه، ويتمسّكون به أكثر من تمسُّكِهم بما كانوا عليه قبل، وهذا المعنى هو ما فطن له هرقل عندما سأل أبا سفيان عن المسلمين، وقد كان أبو سفيان حينئذ مشركًا، فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: أخبرني أبو سفيان: «أن هرقل قال له: سألتُك هل يزيدون أم ينقصون؟ فزعمتَ أنهم يزيدون، وكذلك الإيمان حتى يتمّ. وسألتك هل يَرتدُّ أحدٌ سًخطَةً لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فزعمتَ أن لا، وكذلك الإيمان حين تُخالط بَشَاشَتُه القلوبَ لا يَسخَطه أحد» رواه البخاري.
فكما أن المشي على الرجلين يوافق البدن ويرتاح له الإنسان ولا يمكن أن يتركه حتى من كان يمشي قبل على يديه، فكذلك دين الإسلام لأنه يوافق الروح وتطمئن له النفس، ولذلك يستحيل لمن دخله بصدق أن يتركه بصدق.
فالإسلام دين الفطر، والأديان الأخرى دين عادة، قال رسول اللهﷺ: "كلُّ مولودٍ يولَدُ على الفطرةِ فأبواه يُهوِّدانِه أو يُنصِّرانِه أو يُمجِّسانِه"
ولم يقل: أو يُمسلمانه؛ لأن الإسلام هى الفطرة.
وقال الله تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٣٠) ﴾
قال ابن عباس ومجاهد والحسن وغيرهم: (فِطْرَةَ اللَّهِ): أي الإسلام.
ختامًا:
سيبقى أهل قرية المشي على الأيدي يمشون على أيديهم إذا لم يجدوا من يدعوهم للمشي على الأرجل.
أ.د. بندر الشراري
١٠/ ٧/ ١٤٤٦هـ