هم ليسوا من أهل الحل والعقد، وليس لهم السلطة على الأرض، إلا ما توهمهم به الأمم المتحدة ولجانها.
ثم يجلس أهل الحل والعقد من قادة الجيش والتشكيلات العسكرية، وزعماء القبائل والفعاليات الاجتماعية، وكذلك المشايخ والدعاة وخطباء المساجد وأئمتها؛ يجلسون مكتوفي الأيدي ينتظرون الأمم المتحدة وشركاءها الدوليين والمحليين، أن تنصب لهم إماما يرعى مصالح دينهم ودنياهم!!
فإن سألت عن سبب تضييع أهل العقد والحل لهذا الواجب العظيم، فإن أول أسباب ذلك هو عدم وجود من يدعو إلى دين الله في هذه الجزئية العظيمة، مع أن الدعوة إلى ذلك من فروض الكفايات التي قد لا تقتصر على الدعاة في هذا البلد، بل قد تلحق غيرهم من علماء الأقطار الإسلامية الأخرى ممن لهم قدرة على الاشتراك في حمل هذا الواجب العظيم، وذلك بتقرير الأحكام الشرعية والتذكير بها، وحث أهل الحق على الجد والاجتهاد في الدعوة إلى هذا الواجب الخاص، والفريضة المتعينة في هذا الزمن المخصوص على أهل الحل والعقد من الليبين.
ومن البراهين على هذا التضييع؛ أنك تجد أهل الحل والعقد من الفعاليات الاجتماعية، ومن الدعاة وطلبة العلم أيضا يدعون إلى أمور أخرى أقل شأنا من هذا الأمر العظيم، كالصلح بين متخاصمين، أو التوسط في نزاعات، أو الشفاعة لإيصال بعض الحقوق لأطراف عامة وخاصة، وكل هذا مما يحمدون عليه إذا لم يكن فيه إقرار لمحرم أو دعوة إليه، وهو مما يدل على أن لهم قدرة وشيئا من الأمر الذي يتمكنون من خلاله من الدعوة إلى ذلك الأمر والفرض العظيم، وهو أوجب عليهم وآكد من هذه الأمور الخاصة، ومع ذلك لا تجد من يقوم بذلك على وجهه الصحيح، لا من الدعاة وطلبة العلم، ولا من الوجهاء والقادة الاجتماعيين، وإن كنا قد نعذر الوجهاء لغياب العلم بهذا الواجب الخاص عن أذهانهم، وعدم اهتدائهم إلى طريق تحقيقه، لكن ما هو عذر طلبة العلم؟! والله يقول: ( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ). آل عمران (104). ويقول عز وجل: ( فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ ۗ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ )( وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ). هود (116/ 117)
ويقول سبحانه وتعالى: ( وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ). آل عمران (139)
ويقول في الآية الأخرى: ( فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ). محمد (35)
يقول العلامة السعدي رحمه الله في التفسير: { فَلَا تَهِنُوا } أي: لا تضعفوا عن قتال عدوكم، ويستولي عليكم الخوف، بل اصبروا واثبتوا، ووطنوا أنفسكم على القتال والجلاد، طلبا لمرضاة ربكم، ونصحا للإسلام، وإغضابا للشيطان.
ولا تدعوا إلى المسالمة والمتاركة بينكم وبين أعدائكم، طلبا للراحة، { و } الحال أنكم { أنتم الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ } أي: ينقصكم { أَعْمَالُكُم }
فهذه الأمور الثلاثة، كل منها مقتض للصبر وعدم الوهن كونهم الأعلين، أي: قد توفرت لهم أسباب النصر، ووعدوا من الله بالوعد الصادق، فإن الإنسان، لا يهن إلا إذا كان أذل من غيره وأضعف عددا، وعددا، وقوة داخلية وخارجية.
الثاني: أن الله معهم، فإنهم مؤمنون، والله مع المؤمنين، بالعون، والنصر، والتأييد، وذلك موجب لقوة قلوبهم، وإقدامهم على عدوهم.
الثالث: أن الله لا ينقصهم من أعمالهم شيئا، بل سيوفيهم أجورهم، ويزيدهم من فضله، خصوصا عبادة الجهاد، فإن النفقة تضاعف فيه، إلى سبع مائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، وقال تعالى: { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
فإذا عرف الإنسان أن الله تعالى لا يضيع عمله وجهاده، أوجب له ذلك النشاط، وبذل الجهد فيما يترتب عليه الأجر والثواب، فكيف إذا اجتمعت هذه الأمور الثلاثة فإن ذلك يوجب النشاط التام، فهذا من ترغيب الله لعباده، وتنشيطهم، وتقوية أنفسهم على ما فيه صلاحهم وفلاحهم. انتهى
ثم يجلس أهل الحل والعقد من قادة الجيش والتشكيلات العسكرية، وزعماء القبائل والفعاليات الاجتماعية، وكذلك المشايخ والدعاة وخطباء المساجد وأئمتها؛ يجلسون مكتوفي الأيدي ينتظرون الأمم المتحدة وشركاءها الدوليين والمحليين، أن تنصب لهم إماما يرعى مصالح دينهم ودنياهم!!
فإن سألت عن سبب تضييع أهل العقد والحل لهذا الواجب العظيم، فإن أول أسباب ذلك هو عدم وجود من يدعو إلى دين الله في هذه الجزئية العظيمة، مع أن الدعوة إلى ذلك من فروض الكفايات التي قد لا تقتصر على الدعاة في هذا البلد، بل قد تلحق غيرهم من علماء الأقطار الإسلامية الأخرى ممن لهم قدرة على الاشتراك في حمل هذا الواجب العظيم، وذلك بتقرير الأحكام الشرعية والتذكير بها، وحث أهل الحق على الجد والاجتهاد في الدعوة إلى هذا الواجب الخاص، والفريضة المتعينة في هذا الزمن المخصوص على أهل الحل والعقد من الليبين.
ومن البراهين على هذا التضييع؛ أنك تجد أهل الحل والعقد من الفعاليات الاجتماعية، ومن الدعاة وطلبة العلم أيضا يدعون إلى أمور أخرى أقل شأنا من هذا الأمر العظيم، كالصلح بين متخاصمين، أو التوسط في نزاعات، أو الشفاعة لإيصال بعض الحقوق لأطراف عامة وخاصة، وكل هذا مما يحمدون عليه إذا لم يكن فيه إقرار لمحرم أو دعوة إليه، وهو مما يدل على أن لهم قدرة وشيئا من الأمر الذي يتمكنون من خلاله من الدعوة إلى ذلك الأمر والفرض العظيم، وهو أوجب عليهم وآكد من هذه الأمور الخاصة، ومع ذلك لا تجد من يقوم بذلك على وجهه الصحيح، لا من الدعاة وطلبة العلم، ولا من الوجهاء والقادة الاجتماعيين، وإن كنا قد نعذر الوجهاء لغياب العلم بهذا الواجب الخاص عن أذهانهم، وعدم اهتدائهم إلى طريق تحقيقه، لكن ما هو عذر طلبة العلم؟! والله يقول: ( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ). آل عمران (104). ويقول عز وجل: ( فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ ۗ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ )( وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ). هود (116/ 117)
ويقول سبحانه وتعالى: ( وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ). آل عمران (139)
ويقول في الآية الأخرى: ( فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ). محمد (35)
يقول العلامة السعدي رحمه الله في التفسير: { فَلَا تَهِنُوا } أي: لا تضعفوا عن قتال عدوكم، ويستولي عليكم الخوف، بل اصبروا واثبتوا، ووطنوا أنفسكم على القتال والجلاد، طلبا لمرضاة ربكم، ونصحا للإسلام، وإغضابا للشيطان.
ولا تدعوا إلى المسالمة والمتاركة بينكم وبين أعدائكم، طلبا للراحة، { و } الحال أنكم { أنتم الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ } أي: ينقصكم { أَعْمَالُكُم }
فهذه الأمور الثلاثة، كل منها مقتض للصبر وعدم الوهن كونهم الأعلين، أي: قد توفرت لهم أسباب النصر، ووعدوا من الله بالوعد الصادق، فإن الإنسان، لا يهن إلا إذا كان أذل من غيره وأضعف عددا، وعددا، وقوة داخلية وخارجية.
الثاني: أن الله معهم، فإنهم مؤمنون، والله مع المؤمنين، بالعون، والنصر، والتأييد، وذلك موجب لقوة قلوبهم، وإقدامهم على عدوهم.
الثالث: أن الله لا ينقصهم من أعمالهم شيئا، بل سيوفيهم أجورهم، ويزيدهم من فضله، خصوصا عبادة الجهاد، فإن النفقة تضاعف فيه، إلى سبع مائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، وقال تعالى: { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
فإذا عرف الإنسان أن الله تعالى لا يضيع عمله وجهاده، أوجب له ذلك النشاط، وبذل الجهد فيما يترتب عليه الأجر والثواب، فكيف إذا اجتمعت هذه الأمور الثلاثة فإن ذلك يوجب النشاط التام، فهذا من ترغيب الله لعباده، وتنشيطهم، وتقوية أنفسهم على ما فيه صلاحهم وفلاحهم. انتهى