( شو العصفور؟! )
في ظلامِ الليل، وفي بقعةٍ هادئةٍ، إلا من أصوات الصراخ والتعذيب والبكاء، في آخرِ الليل، قُبيلَ الفجر، وبالتحديد بين الساعةِ الثالثة، والثالثة والعشرين دقيقة، يُفتحُ بابُ الزنزانة، ويصدر الصوتُ من السجان: قم معي، ينهضُ السجينُ، وهو منهكٌ، متعبٌ، من التعذيب المستمر، فيمشي مسافةَ أربعين مترًا.
في الزنزانة المقصودة، فتاةٌ، مع كل صوتٍ لضربة الرجل في الممر، يزيد عمرها مائة سنة من الخوف.
طوالَ مسافة الأربعين مترًا، كان السجينُ يفكرُ بمصيره، ما هو التعذيب القادم؟ ما هي الوجهة؟، ما هو الأسلوب والطريقة الجديدة التي سأُعذب بها؟ فجأة يقف السجان، ويقول للسجين: ادخل واقرأ قصةً للطفل الذي في الداخل!!
دخل السجين، وإذ به يرى فتاةً في السابعة والعشرين من عمرها، مقرفصةً نفسها على نفسها، قد أصابها الهلع، تبكي بصوتٍ غير مسموع، ويجد طفلًا بعمر الخامسة تقريبًا، أسمر البشرة، بريءَ العينين، متورِّم الوجه، حدّق فيهما، ثم سأل الفتاة: ماذا أحكي له؟ لم تجبه، ليس لديها ما تقوله، فذهبَ إلى الطفل، قال له: كان في عصفور، فقال الولد فورًا: شو العصفور؟! تحجّر السجين وتعجب، كيف لطفلٍ في عمره لا يعرف العصفور؟!، وفي بال السجين الصورة المجردة الطبيعية للطفل. فقال له: العصفور الذي يطيرُ على الشجرة، فقال الطفل: شو الشجرة؟!
فعبَّر السجين عن عجزه بأن بدأ يغني له (ماما زمنها جيه)،ثم أسرع إلى الباب، وعيناه مليئتان بالدموع، وتوسل للسجان أن يخرجه من هنا.
تخيَّل المشهد، أن تكون في ذلك المكان، وعلى الرغم من كل ما تعيشه، تتحمل تتجاوز، إلا أنك تعجز أن تحكيَ قصةً لطفل!، لم يستطع السجين، وهو كاتب ومثقف، كتب العديد من الكتب، أن يسليَ الطفل بقصة!
قصة عن عصفور، يحكيها الأباء وتحكيها الأمهاتُ لأطفالهنِّ بكل سهولة، حتى يناموا، هذه القصة نفسها هي التي حُرم منها ذلك الطفل، حُرم من كل شيء، حُرم من أبيه، بل لا يدري من هو أبوه، حُرم من النور، من الشمس والقمر، حُرم من المدرسة والتعليم، حُرم من الأكل والشرب، حُرم من كلِّ شيء حتى من قصة العصفور!
ليتك تدري أيها العصفور!
✍🏼 عمرو سامي بانافع
#سجون_الأسد_لعنه_الله
لمتابعة قناة روائع القصص على التلجرام قم بالدخول على الرابط التالي وتفعيل زر المتابعة
https://t.me/alkeesas101