#سئلت:
قرأت لك جملة لم أفهم معناها (الأنبياء جاؤوا بمحارات العقول لا بمحالاتها)
#قلت:
القاضي عبد الجبار هو أول من أصّل لهذه القاعدة المهمة في رده على البراهمة (الهندوسية ديانة الهند)، إذ أنكر بعضهم النبوات، لأن النبي يأتي بما يخالف العقل ويناقضه، فبيّن لهم أن النبي يفصل ما تعرفه العقول جملة كما أنه يبيّن ما احتارت فيه وتاهت؛ فيرشدها إلى الحق والهدى، ولا يأتي بما هو مستحيل في العقل أو مناقض له.
هذه البذرة التقطها ابن تيمية من بستان القاضي عبد الجبار وزرعها في حديقته، لتصبح ركنا أساسيا في منظومته المعرفية، وعليها شيّد موسوعته الرائدة "درء تعارض العقل والنقل"، حيث يقول:
(و نحن نعلم أن الرسل لا يخبرون بمحالات العقول؛ بل بمحارات العقول، فلا يخبرون بما يعلم العقل انتفاءه، بل يخبرون بما يعجز العقل عن معرفته))
انظر إلى هذا التكامل المعرفي العجيب بين معتزلي وبين سلفي ثم انظر إلى المتعصبة المقلدة في زماننا هذا لتجد البون واسعا بين الحق وبين وهم الانتصار للحق، أمراضنا النفسية غدت دينا...