الحمد لله.. وبعد،
الحالة النفسية التي تدخل بها العشر لها أثر مهم في مدي الانتفاع بهذه الليالي بإذن الله..
أنا الحقيقة لا أعلم حالة هي أنفع للمرء من الدخول على الله هنا من باب الإنكسار المقترن بالإقرار التام والاعتراف بالذنب على أن يكون ذلك ممزوجًا بالطمع في رحمة الله!
أشتهي أن أسميه دخولًا على طريقة أبي بكر الوراق عند قول الله عز وجل: [ يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ]
قال أبو بكر: لو سألني لقلت: غرني كرم الكريم.
كم هي آسرة تلك العبارة: غرني كرم الكريم!
أنت هاهنا تدخل منكسرًا من هذا الباب: يا سيدي! غرني كرم الكريم فاعف عني!
يذكرني هذا بأثر أخاذ قرأته حول قول الله عز وجل: [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ]
قيل: مع الذين صدقوا في الاعتراف بالذنب ولم يعتذروا بالأعذار الكاذبة.
ونحن - أعني نفسي ومن كان حاله مثلي - إذ لم نصدق في صدق الاستقامة أرجو أن نصدق في الاعتراف بالذنب ومن ثم الدخول على الله في هذه الليالي الشريفة.
وليكن شعارنا هذه الليالي: غرني كرم الكريم .. وأعترف بذنبي .. ثم ها أنا إتيه وأطمع في كرمه ومغفرته.
بكل بساطة أنت مذنب مفرط ترجو رحمة الله= هذه الخلاصة!
بمعنى آخر:
ماضيك أفسدته المعاصي .. حاضرك ليس فيه عمل تعول عليه .. لكن عندك أمل عظيم في رحمة الله.
وهبك الله عز وجل هذا الأمل على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم - والحديث في الصحيحين - لما فتح لك أبواب الجنة وأغلق دونك أبواب النار.
ركز جدًا في هذا المعنى، وتعامل مع القرآن والصيام والقيام والدعاء وسائر القربات بهذه النفسية.
إذن مدار هذه العشر يدور على هذه الحالة:
01 - مذنب مقر بكامل جرمة، يتوب ويستغفر ويخشى ذنوبه..
02 - مسكين فقير إلى ربه الرحيم .. يرجو رحمته في الآخرة وتفريج همه في الدنيا .. والزمن زمن رحمات والمشهد مشهد مغفرة .. إذن هنا رجاء بطعم اليقين.
طيب يقين رغم كل ذنوبي التي أعلمها وقلة بضاعتي؟
نعم؛ لأن الله لا يتعامل بقوانين البشر؛ وقوانين السماء بها من الرحمة ما لا يحصيه البشر ولا تحده الحدود ولا تحيط به الظنون.
في قانون السماء قتل رجل مئة نفس ثم غفر الله له بهجرة!
في قانون السماء امرأة تحترف الفاحشة غفر الله لها بسقيا كلب!
فقط يا أخي تب إلى الله وأصدق في نيتك ثم جاهد نفسك وألزمها العمل؛ فإنما هي ساعات وتنقضي.
تذكر أمر آخر:
أنت الآن لك حاجات في دينك ودنياك تريدها ولا يملك تحقيقها إلا الله .. وأبواب السماء تكاد تستقبل الدعوات في هذه العشر بصورة مبهرة ..
عبر عن حاجاتك هذه بالدعاء كيفما شئت، ولو لم تكن تحسن الترتيب وبلاغة الكلمات؛ فالعجمة المذمومة ها هنا عجمة القلب لا عجمة اللسان