﴿ ما حك جلدك مثل ظفرك ﴾
📌 لقد عُرِّفت السياسة بأنها إدارة شؤون الرعية ورعاية مصالحهم أو كما عبر عنها "ديفيد ايستون" بأنها: التوزيــع السلطوي للقيم في المجتمع.
📌 ومن الطبيعي أن ترتبط السياسة بالقيم الأخلاقية والأدبية والفكرية في كل مجتمع بحسبه، فضلاً عن القيم العامة المشتركة بين الناس كترسيخ مبادى الإنسانية العامة وحفظ حقوق الناس وفق الضوابط المرعية في كل مجتمع، لذلك قامت السياسة في شرعنا الحنيف على قيمه السامية ولذلك سميت بالسياسية الشرعية التي عرفها "ابن خلدون" في مقدمته بأنها: "حمل الكافَّة على مقتضى النظر الشرعيِّ في مصالحِهم الآخرويّة والدنيويّة".
📌 ولكن السياسيين في بعض صفحات التاريخ وفي زماننا تصيبهم حالة من ازدواجية المعايير فيتجردون أثناء ممارستهم للسياسية عن القيم الأخلاقية والأدبية والفكرية ليقتصر مفهوم السياسية في ممارساتهم على إدارة المصالح الفئوية أو الشخصية حتى لو تحطمت على أعتابها كل القيم، ويظهر ذلك جلياً في أهوال فيتنام ومآسي أفغانستان والتمييز العنصري بين البيض والسود والحمر، ومجازر البوذيين على الروهينجا والصينيين على التركستان.
📌 وإن من أبرز تجليات انفكاك القيم عن السياسة مجريات أحداث ثورة الشام إذ أنه يخال للناظر إلى المجتمع الدولي ويكأنه غابة دولية تحول السياسيون فيها إلى وحوش كاسرة همهم السلطة والسيطرة وتحصيل المكاسب حتى لو كانت على تلالٍ من جماجم الأبرياء وأنهارٍ من دماء الضعفاء.
📌 فرغم سلمية الثورة السورية في انطلاقتها إلا أن شهوة السلطة أوصلت الكيماوي بشار إلى حالة من الطغيان تجاوزت مجازره إجرام نيرون عندما أحرق روما، وفي حالة من الحَوَل السياسي سارع سياسيو الغابة الدولية إلى مساندة النظام رغم إجرامه وهول مجازره بدلاً من إنقاذ الضحية، فقاتلت روسيا مع إيران وميليشيات العراق ولبنان إلى جانب النظام، وجعلت من الشام حقلاً لتجارب الأسلحة وبيعها، وهرولت أمريكا طمعاً في الثروات وحفظاً لأمن إسرائيل، وأخذت أكثر الدول موقف المتفرج أو المتباكي، وكان أمثلهم طريقةً من شجب وندد وأبدى القلق، ومن استمر في مساندة الثورة من الدول تعرض للحصار ومحاولة الانقلاب.
📌 وهاهم بعد تسع سنوات من المجازر يحاولون إعادة إنتاج النظام من جديد وتدوير الكيماوي بشار باسم العملية السياسية!!!، فماذا بقي من قيم السياسة بعدما سقطت على أعتابها كل القيم؟!.
📌 إذا كان هذا هو حال ساسة الغابة الدولية أمام القضايا الإنسانية العادلة فماذا يمكن أن يحقق الساسة المسلمون من خلال السياسية بعدما غدت لعبة بأيدي ضباع يتلاعبون بالقيم الإنسانية باسم الفيتو ولايبالون بإراقة الأحمر القاني أمام مصالحهم الفئوية الموهومة.
📌 ليست هذه دعوة لترك العمل بالسياسة بل هي إطلالة لفهم الحقيقة المرة الماثلة في انفصام مفهوم السياسة عن القيم الأخلاقية والأدبية والفكرية وارتباطها بمجرد القوة وأنانية المصلحة في عالم يدعي التحضر ويرفع راية حقوق الانسان.
📌 فمن المؤسف في عالم الفكر وسمو المبادئ أن يترسخ في قناعة المظلوم أن القوة هي السبيل الوحيد الذي يُسترد به الحقوق ويزول به الطغيان ليغدو المظلوم بعدها يتيماً عاجزًا عن تحصيل حقه من خلال السياسة العادلة لأنها أضحت ظالمة بفعل ظلم الساسة.
📌 فاجمع قواك أيها الضعيف المظلوم فلن تصحو السياسة الظالمة إن لم تجرد الحسام وتجلجل سلاحك في الميدان، فقد جرت السنن على أن الحقوق تُؤخذ ولا تُوهب، فلا تكسر سيفك فتخسر نفسك وعرضك، فلن ينعم بالحرية من تعوّد على الانحناء، واعلم أنه ما حك جلدك مثل ظفرك كما قال إمامنا الشافعي:
ما حك جلدك مثل ظفرك ... فتول أنت جميع أمـرك
وإذا قصـدت لـحاجــــة ... فاقصــد لمعترفٍ بقـدرك
#معركة_الوعي
✍️ ... أبو محمد الصادق
3 / ربيع الآخر/1441 هجري
✦•┈┈┈•✦•┈┈┈•✦
القناة العلمية:
@alsadek3القناة العامة:
https://t.me/alsadek2