🔺 دعاء يوم عرفة:
لا تنس في ذلك اليوم أن تجعل أكثر دعائك:
(لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)؛
فهذا الذكر ذكرٌ ودعاء، ووجه كونه ذكرًا ودعاءً هو أنك الآن بين يدي الملك، فأنت تذكره، وتترك له أن يعطيك بما يناسب عظمته!
ولنضرب لذلك مثالًا:
لو قيل لرجل: ادخل على الملك واطلب منه أعلى ما تريد، فطلب (مليونًا)، وقيل لرجل آخر الأمر نفسه، فقال للملك: أنا أيها الملك أطلب منك ما يناسب عظمتك!
أيهما أبلغ في الطلب؟ مؤكد أنه الثاني.
هذا مثل وقوفنا عند باب الملك سبحانه وتعالى - وله المثل الأعلى-؛ فمؤمن يقول: ((لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)): أنا أشهد أن لا إله لي إلا أنت وحدك، أعبدك ولا أشرك بك شيئًا، أطلبك ولا أنكسر إلا بين يديك، ولا أفتقر إلا إليك، وأنت المستحق لعبادتي؛ لأن لك الملك كله، ولك الحمد كله، وأنت على كل شيء قدير، أنت المطلع على ما قام في قلبي من فقر إليك؛ فأعطني يا رب ما يناسب عظمتك وحكمتك وأوصاف كمالك!
ومؤمن يصف له: يارب بيتي، يا رب زوجي وأولادي...
هناك فرق! وفي كلٍّ خير.
فهذا لا يمنع أن تطلب ما شئت؛ لكن لا بد أن تعرف أن الكمال وخير الدعاء ما أخبرك به نبيك صلى الله عليه وسلم: ((خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ))؛ لأن في هذا ثناءً على الله، واعترافًا بأنه هو وحده الذي يدلُّك على الصواب، هو وحده الذي يقدّر خيرك؛ يعطيك فيبارك لك، ولا يفتنك بما أعطاك.
وأما الطمع؛ فهو في الغفران!
وأما الطمع؛ فهو في حسن الختام!
وأما الطمع؛ فهو في لقيا النبي صلى الله عليه وسلم على الحوض والشرب من مائه الذي هو أشد بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل!
وأما الطمع؛ فهو في مجاوزة الصراط، ودخول الجنات!
وأما الطمع؛ فهو في رؤية وجه الملك العظيم -الذي جئناه اليوم ملبين- في البكور والعشيات!
فاجعل مطامعك أيها الحاج اليوم عالية، واجمع الدنيا كلها في كلمة واحدة :{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً}، لا تحتاج الدنيا أن تفصل في مطامعها، وفر وقتك الآن للمطامع العاليات!
اختر لنفسك مَن تكون مِن هؤلاء الأصناف الأربعة الذين وُصفوا في آخر الكلام عن الحج:
١) {فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ}، فهذا شخص لا يريد إلا الدنيا.
٢) {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}، وهذا شخص جعل الدعوات ثلاثًا؛ فأعطى الثلث للدنيا: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً}، وأبقى فكره منشغلًا بالآخرة؛ فأعطاها من دعائه الثلثين: {وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار}.
٣) {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ}، وهذا شخص له صورتان: صورة أمام الناس تمثل أنه الطائع المحب المنكسر، وصورة من الداخل تنبئ أنه كذاب!
٤) {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ}، وهذه هي الحالة الكاملة.
وقد وُصِفوا لك لتحذر من أن تضع نفسك في غير موضعها في الحج وبعد الحج.
واعلم أنه لا بأس أن تطلب الدنيا والآخرة، ولكن كمّل نفسك بإرادة الآخرة؛ لأن الدنيا كلها غمضة عين؛ فاجمعها كلها في كلمة واحدة: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً} ووجه همك في باقي دعائك للآخرة: {وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}، ثم رقِّ نفسك لتكون ممن: { يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}. ولا يكلفك الله فوق طاقتك.
أخبرك الله تعالى في سورة الحج عن حال الناس يوم يرون زلزلة الساعة: {تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ}، فكأنه يقال لك: أيضًا في يوم لقاء الملك اذهل عن كل شيء من دنياك، وانشغل بتعظيمه، لا بد أن يقع في قلبك تعظيمه، لتبقى لاهجًا بذكره، مُثنيًا عليه، يُذْهلك أنه اصطفاك من بين ملايين الخلق للوقوف بين يديه!
لا بد أن تكون ممن آمَن بالغيب وعلم يقينًا أنه سبحانه وتعالى ينزل في هذه العشية إلى السماء الدنيا؛ فترى بعين بصيرتك قُرْبه سبحانه وتعالى وكمال صفاته!
ولكن ليس كل قلب يرى! وإنما القلوب قلبان: قلب بصير، وقلب أعمى، والبصر عند الناس درجات، فنسأل الله أن يبصر قلوبنا ويرينا عظمته سبحانه في كل شيء، وأن يجبرنا بجمع قلوبنا في ذلك الموقف العظيم؛ فإن من أوصاف كماله الجبر.
مقتبس من لقاء (موعد مع الملك)
لا تنس في ذلك اليوم أن تجعل أكثر دعائك:
(لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)؛
فهذا الذكر ذكرٌ ودعاء، ووجه كونه ذكرًا ودعاءً هو أنك الآن بين يدي الملك، فأنت تذكره، وتترك له أن يعطيك بما يناسب عظمته!
ولنضرب لذلك مثالًا:
لو قيل لرجل: ادخل على الملك واطلب منه أعلى ما تريد، فطلب (مليونًا)، وقيل لرجل آخر الأمر نفسه، فقال للملك: أنا أيها الملك أطلب منك ما يناسب عظمتك!
أيهما أبلغ في الطلب؟ مؤكد أنه الثاني.
هذا مثل وقوفنا عند باب الملك سبحانه وتعالى - وله المثل الأعلى-؛ فمؤمن يقول: ((لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)): أنا أشهد أن لا إله لي إلا أنت وحدك، أعبدك ولا أشرك بك شيئًا، أطلبك ولا أنكسر إلا بين يديك، ولا أفتقر إلا إليك، وأنت المستحق لعبادتي؛ لأن لك الملك كله، ولك الحمد كله، وأنت على كل شيء قدير، أنت المطلع على ما قام في قلبي من فقر إليك؛ فأعطني يا رب ما يناسب عظمتك وحكمتك وأوصاف كمالك!
ومؤمن يصف له: يارب بيتي، يا رب زوجي وأولادي...
هناك فرق! وفي كلٍّ خير.
فهذا لا يمنع أن تطلب ما شئت؛ لكن لا بد أن تعرف أن الكمال وخير الدعاء ما أخبرك به نبيك صلى الله عليه وسلم: ((خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ))؛ لأن في هذا ثناءً على الله، واعترافًا بأنه هو وحده الذي يدلُّك على الصواب، هو وحده الذي يقدّر خيرك؛ يعطيك فيبارك لك، ولا يفتنك بما أعطاك.
وأما الطمع؛ فهو في الغفران!
وأما الطمع؛ فهو في حسن الختام!
وأما الطمع؛ فهو في لقيا النبي صلى الله عليه وسلم على الحوض والشرب من مائه الذي هو أشد بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل!
وأما الطمع؛ فهو في مجاوزة الصراط، ودخول الجنات!
وأما الطمع؛ فهو في رؤية وجه الملك العظيم -الذي جئناه اليوم ملبين- في البكور والعشيات!
فاجعل مطامعك أيها الحاج اليوم عالية، واجمع الدنيا كلها في كلمة واحدة :{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً}، لا تحتاج الدنيا أن تفصل في مطامعها، وفر وقتك الآن للمطامع العاليات!
اختر لنفسك مَن تكون مِن هؤلاء الأصناف الأربعة الذين وُصفوا في آخر الكلام عن الحج:
١) {فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ}، فهذا شخص لا يريد إلا الدنيا.
٢) {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}، وهذا شخص جعل الدعوات ثلاثًا؛ فأعطى الثلث للدنيا: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً}، وأبقى فكره منشغلًا بالآخرة؛ فأعطاها من دعائه الثلثين: {وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار}.
٣) {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ}، وهذا شخص له صورتان: صورة أمام الناس تمثل أنه الطائع المحب المنكسر، وصورة من الداخل تنبئ أنه كذاب!
٤) {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ}، وهذه هي الحالة الكاملة.
وقد وُصِفوا لك لتحذر من أن تضع نفسك في غير موضعها في الحج وبعد الحج.
واعلم أنه لا بأس أن تطلب الدنيا والآخرة، ولكن كمّل نفسك بإرادة الآخرة؛ لأن الدنيا كلها غمضة عين؛ فاجمعها كلها في كلمة واحدة: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً} ووجه همك في باقي دعائك للآخرة: {وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}، ثم رقِّ نفسك لتكون ممن: { يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}. ولا يكلفك الله فوق طاقتك.
أخبرك الله تعالى في سورة الحج عن حال الناس يوم يرون زلزلة الساعة: {تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ}، فكأنه يقال لك: أيضًا في يوم لقاء الملك اذهل عن كل شيء من دنياك، وانشغل بتعظيمه، لا بد أن يقع في قلبك تعظيمه، لتبقى لاهجًا بذكره، مُثنيًا عليه، يُذْهلك أنه اصطفاك من بين ملايين الخلق للوقوف بين يديه!
لا بد أن تكون ممن آمَن بالغيب وعلم يقينًا أنه سبحانه وتعالى ينزل في هذه العشية إلى السماء الدنيا؛ فترى بعين بصيرتك قُرْبه سبحانه وتعالى وكمال صفاته!
ولكن ليس كل قلب يرى! وإنما القلوب قلبان: قلب بصير، وقلب أعمى، والبصر عند الناس درجات، فنسأل الله أن يبصر قلوبنا ويرينا عظمته سبحانه في كل شيء، وأن يجبرنا بجمع قلوبنا في ذلك الموقف العظيم؛ فإن من أوصاف كماله الجبر.
مقتبس من لقاء (موعد مع الملك)