الْخُطَبُ الْمُفَرَّغَة
بسم الله الرحمن الرحيم
يَسُرُّ إِخْوَانكُمْ بِمركزِ بَشَائِرِ الْخَيْرِ بِصَنْعَاءَ أَنْ يُقَدِمُوا لَكُمْ هَذِهِ المَادَة، وَالْتِي هِيَ بِعنْوَانِ:
إتحاف النبيه ببعض نماذج معرفة المعروف لذويه
وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ تَفْرِيغٍ لِخطبَةِ الْجُمُعَةِ للأخ الفاضل:
أبي عبيدة خالد الشرعبي حَفِظَهُ اللهُ تَعَالَى.
🗓 أُلقِيَتْ هَذِهِ المَادَة 29ربيع ثاني لعام 1446
بِمسْجِدِ بَشَائِرِ الْخَيْرِ.
الْخُطْبَة الأُولَى
الْحَـمْد للهِ، نَحْمَدُهُ تعالى وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمن سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ ([1]).
﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ ([2]).
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾([3]).
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ أَصْدَقَ الحَدِيْثِ كلام اللهِ عز وجل، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وصحبه وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
أيها المسلمون عباد الله؛ جاء ديننا الإسلامي العظيم بالأخلاق العظيمة والشمائل الكريمة، وجعل أهلها هم خير الناس، كما جاء في الصحيحين ([4]) أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا.». ومن بين تلك الأخلاق التي أكد عليها الإسلام وحث عليها حثا عظيما لهو: معرفة المعروف لأهله وشكر الجميل لذويه فإن هذا خلق عظيم؛ أن نعرف المعروف لمن أسدى إلينا المعروف، وأن نشكر الجميل لمن أوصل إلينا الإحسان والجميل، ولذلك أمر الله عز وجل به في كتابه، وجاءت به السنة المتواترة المستفيضة يقول الله عز وجل: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ﴾([5])، فأمر الله عز وجل بشكره وبشكر الوالدين؛ لأنهما أعظم الخلق إسداءً للمعروف؛ بل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بيَّن أنه لا يتم شكر الله عز وجل ولا يتحقق شكر الله عز وجل على الوجه الذي يرضيه إلا إذا قام العبد بشكر من أوصل إليه المعروف والإحسان، ففي سنن الترمذي ([6]) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وبمعناه عند الإمام أحمد من حديث الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «مَنْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرِ اللَّهَ». فانظر كيف أكد نبيك صلى الله عليه وعلى آله وسلم هذا الخلق العظيم من وجهين اثنين في هذا الحديث، فبيّن أولا أن شكر ذوي المعروف من شكر الله رب العالمين سبحانه وتعالى، وبيّن ثانيا أنه لا يتم ولا يتحقق شكرك لله عز وجل حتى تشكر وتعرف الجميل لمن أوصل إليك المعروف؛ لأن ذلك أي معروفه من تمام إنعام الله سبحانه وتعالى، فهو الذي ساق إليك هذا الشخص وسخره ويسره حتى أوصل إليك هذا الخير وهذا المعروف، فلا يشكر الله من لا يشكر الناس.
وروا الإمام أحمد ([7]) وأبو داود ([8]) والنسائي من حديث ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُوهُ، فَادْعُوا لَهُ، حَتَّى تروا ..» وفي رواية: «حَتَّى تَعْلَمُوا أَنْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ» ما اكتفى النبي صلى الله عليه وسلم بالاعتراف القلبي أو الإقرار اللساني بمعروف ذي المعروف؛ بل دعاك أيها المسلم إلى أن تقابل أصحاب المعروف بالمعروف، «مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ» أي تقابل معروفه بمعروف مثله أو أكثر منه إن استطعت ذلك حسب طاقتك، فإن عجزت ماذا تصنع؟ قال: «فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُوهُ، فَادْعُوا لَهُ» أي: تحرَّوا الدعاء له، وأكثروا الدعاء له، واجتهدوا في الدعاء له؛ «حَتَّى تروا» أي: يغلب على ظنكم أنكم قد كافأتموه، أمر بإكثار الدعاء له، وتحريه، والاجتهاد فيه إلى أن تعلم يقيناً أو يغلب على ظنك أن دعاءك له قد كافأ وماثل معروفة.
بسم الله الرحمن الرحيم
يَسُرُّ إِخْوَانكُمْ بِمركزِ بَشَائِرِ الْخَيْرِ بِصَنْعَاءَ أَنْ يُقَدِمُوا لَكُمْ هَذِهِ المَادَة، وَالْتِي هِيَ بِعنْوَانِ:
إتحاف النبيه ببعض نماذج معرفة المعروف لذويه
وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ تَفْرِيغٍ لِخطبَةِ الْجُمُعَةِ للأخ الفاضل:
أبي عبيدة خالد الشرعبي حَفِظَهُ اللهُ تَعَالَى.
🗓 أُلقِيَتْ هَذِهِ المَادَة 29ربيع ثاني لعام 1446
بِمسْجِدِ بَشَائِرِ الْخَيْرِ.
الْخُطْبَة الأُولَى
الْحَـمْد للهِ، نَحْمَدُهُ تعالى وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمن سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ ([1]).
﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ ([2]).
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾([3]).
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ أَصْدَقَ الحَدِيْثِ كلام اللهِ عز وجل، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وصحبه وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
أيها المسلمون عباد الله؛ جاء ديننا الإسلامي العظيم بالأخلاق العظيمة والشمائل الكريمة، وجعل أهلها هم خير الناس، كما جاء في الصحيحين ([4]) أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا.». ومن بين تلك الأخلاق التي أكد عليها الإسلام وحث عليها حثا عظيما لهو: معرفة المعروف لأهله وشكر الجميل لذويه فإن هذا خلق عظيم؛ أن نعرف المعروف لمن أسدى إلينا المعروف، وأن نشكر الجميل لمن أوصل إلينا الإحسان والجميل، ولذلك أمر الله عز وجل به في كتابه، وجاءت به السنة المتواترة المستفيضة يقول الله عز وجل: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ﴾([5])، فأمر الله عز وجل بشكره وبشكر الوالدين؛ لأنهما أعظم الخلق إسداءً للمعروف؛ بل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بيَّن أنه لا يتم شكر الله عز وجل ولا يتحقق شكر الله عز وجل على الوجه الذي يرضيه إلا إذا قام العبد بشكر من أوصل إليه المعروف والإحسان، ففي سنن الترمذي ([6]) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وبمعناه عند الإمام أحمد من حديث الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «مَنْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرِ اللَّهَ». فانظر كيف أكد نبيك صلى الله عليه وعلى آله وسلم هذا الخلق العظيم من وجهين اثنين في هذا الحديث، فبيّن أولا أن شكر ذوي المعروف من شكر الله رب العالمين سبحانه وتعالى، وبيّن ثانيا أنه لا يتم ولا يتحقق شكرك لله عز وجل حتى تشكر وتعرف الجميل لمن أوصل إليك المعروف؛ لأن ذلك أي معروفه من تمام إنعام الله سبحانه وتعالى، فهو الذي ساق إليك هذا الشخص وسخره ويسره حتى أوصل إليك هذا الخير وهذا المعروف، فلا يشكر الله من لا يشكر الناس.
وروا الإمام أحمد ([7]) وأبو داود ([8]) والنسائي من حديث ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُوهُ، فَادْعُوا لَهُ، حَتَّى تروا ..» وفي رواية: «حَتَّى تَعْلَمُوا أَنْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ» ما اكتفى النبي صلى الله عليه وسلم بالاعتراف القلبي أو الإقرار اللساني بمعروف ذي المعروف؛ بل دعاك أيها المسلم إلى أن تقابل أصحاب المعروف بالمعروف، «مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ» أي تقابل معروفه بمعروف مثله أو أكثر منه إن استطعت ذلك حسب طاقتك، فإن عجزت ماذا تصنع؟ قال: «فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُوهُ، فَادْعُوا لَهُ» أي: تحرَّوا الدعاء له، وأكثروا الدعاء له، واجتهدوا في الدعاء له؛ «حَتَّى تروا» أي: يغلب على ظنكم أنكم قد كافأتموه، أمر بإكثار الدعاء له، وتحريه، والاجتهاد فيه إلى أن تعلم يقيناً أو يغلب على ظنك أن دعاءك له قد كافأ وماثل معروفة.