نصوص ابن تيمية رحمه الله يكثر فيها التكرار، وهذا ما قد يجعل بعض المحصلين يشيح عن قراءة ما يصدر حديثًا من كتبه مما لم يسبق له النشر بحجة وقوع التكرار فيها، وأن ما سبق نشره يغني عن طلب تحصيل الحاصل.
والحقيقة أن ذلك وإن وكان واقعًا ومقصودًا منه رحمه الله، إلا أنه يقع -عادة- في أصل المعنى لا في لوازمه وتتماته ولا في ألفاظه، فشيخ الإسلام رحمه الله لامتلاكه الفكرة وفهمه العميق لها، وشدة حرصه على بيانها= يُصرِّفها في تصانيفه وينوِّع العبارة فيها بحسب ما يقتضيه كل مقام، ولذا تجد في كل موضع من المواضع زيادة في المعنى تعين على توضيح مقاصده وتفسيرها، مما لا يحوج معه إلى تطلب تفسير لكلامه بغير كلامه، ولو لم يكن في هذا الإبداء والإعادة إلا هذه الفائدة لكفى بها فائدة.. كيف ومن مزاياها الأُخر:
•حسم مادة الخطأ والعبث بكلامه وتأويله على غير مراده؛ لأن العابث إن أسعفه في غرضه موطن لن تسعفه المواطن الأخر..
•وتصحيح ما قد يقع من التصحيف والتحريف في نشرات كتبه الأخرى.إلخ
📍لطيفة:
نقد الجلال الدوَّاني تكلفات بعض المتأخرين في دفعهم التكرار عن نصوص الأكابر، بحمله على وجوه لا تساعدهم تلك النصوص عليها، فقال:
(فإنه(=السهروردي) ومن في طبقته من أعاظم الحكماء لا يتحاشون عن التكرير لمزيد التقرير؛ فإن غرضهم مقصورٌ على إيصال الخير والكمال، فكل ما يسهل طريقًا إلى نيله، ويُعين الطالب فيه= فهو مستحسنٌ عندهم(...) ومن تتبع موارد القوم ومصادرهم شاهد ما ذكرنا واستهجن التكلفات التي يتعلمها المتأخرون من شارحي كلامهم في تقرير معناه على ما عرفوه، وعلى النحو الذي ألفوه... )
الشيخ د. عيسى بن محسن النُّعمي
https://t.me/o_alshair/1013