"أؤمنُ بأنَّه عليَّ أن أصبِر، وأنَّ تجاربَ المرءِ امتحانٌ لإيمانِه، وأنَّ الخُطى المتعِبةَ دَينٌ علينا، ونهجُ حياةٍ للمُمتَحَنين، وأنَّ الدُّنيا إذ خلَت من النَّقصِ فالأمرُ صار جنَّة، وأنَّنا لم نصل للجنَّةِ بعد، ولكن نُحاول. وها أنا، كما يظهرُ للجميع، أكتبُ عن الرِّضى، وأتفنَّن في سبكِ الكلماتِ عن ذلك، وأستطيعُ لسنينَ طِوالَ أن أستمرَّ على هذا النَّهج، نهجِ القول، غير أنَّ نهجَ الفعلِ إذا ما طرَأ، فهنا التَّباينُ بين الحالتَين، وصدقُ إثباتِ اقترانِ النَّهجَينِ سويَّا. وعلى ذلك؛ هذا ما أدعو به ربِّي، أن يوافِقَ قَولي فِعلي، وأن أُحسنَ التَّسليمَ كإحسانِ الكَلِم. وأوقنُ أنَّ سِنامَ الهديِ تركُ التَّسخُّط، وأنَّ انتظارَ الفرَجِ عبادة، وأنَّ الله يحبُّ إذا ما نظرَ لقلبي، أن يجدَه راضيًا رغم التَّعب، وأنَّه عليَّ أن أصبر، كما صبرَ أولو العزمِ مِن قبلي، وإلَّا فما نفعُ رقائقَ كتبناها، ومقاطعَ سجَّلناها، وكلَيماتٍ أطرَبنا بها قارئ، إذا ما اقترنَت بقياسِنا إيَّاها علَينا، قبل أن تُسقَطَ عليهم. فذا الحرفُ الرَّفيقُ الرَّقيق، هويَّتي، وسيرتي الذَّاتيةَ إذا ما سُئِلت، وعلى هذا النَّحوِ أُحاول، أن أعرِّفَ بنفسي، فالنَّاسُ تعرفُني مما أكتبه، وأعرفُ ممَّا أَحجمتُ عن كتابتِه، وخلَوتُ به وحدي، أحدِّث فيه ربِّي، بصفوةٍ وسكينة، بأنَّني أحتاجُ بإذنِك، ما تُحسِن صنعَهُ ووهبَه، وأعجزُ عنه بمُفرَدي. وإذ أرى ما أرى، من طرقٍ متشعِّبةٍ متداخِلة، فأعرفُ السَّيرَ لكن لا أعرفُ الوُجهة، إذا ما بصَّرنيَ الله نحو طريقٍ لا أندمُ بعدَه، على خطواتي فيه. أريدُ لهذا القلبِ أن يهدأ، على نحوٍ يرضي الله عنِّي، ثمَّ يُرضيني، إذ وافقَت مشيئتي مشيئتَه، بقُدرتهِ سبحانه، وألَّا أُضطرَّ للهروبِ من استِفهاماتٍ لا أحبُّها، تُسكَبُ ثقيلةً عليّ، رغم عدم سكبي لها على نُفوسِ الآخرين. لمرَّةٍ واحدة، يريدُ هذا القلبُ أن يفرُدَ قدمَيه، على مكانٍ يؤمنُ بأنَّه له، بصَرحِهِ الكامِل، دون خشيةِ الغفوةِ على كلِّ شيء، واليقظةِ الخائبةِ على اللَّاشيء".
- عابدة أحمد كدور.
- عابدة أحمد كدور.