منصور:
-بارك الله فيه وحفظه لك بحفظه ورعايته.
ثم أمال على الصغير وأشار له على الأطفال قائلاً:
-يا ولد، شايف الجمع هاك؟ يلا امشب لهم والعب معهم، العب بالصخال الصغيرة وتونس.
نظر آدم لأبويه، وبمجرد أن أومأ له أبوه بالموافقة،
تحرك مسرعًا باتجاه الأطفال. وما إن ابتعد كادت أمه أن تتبعه مهرولة خلفه، لولا أن منعها منصور بنبرته المحذرة:
-إياك تتبعينه.
نظرت له عايده ثم نظرت لزوجها راجية، فخفض محمود عينيه ولم يعر خوفها أي اهتمام، رغم أنه هو بذاته يشعر باضعاف خوفها،
ولكن عليه أن يمثل هذا الثبات أمامها وأمام الجميع، فلا خيار أمامه غير ذلك.
جلس منصور ثم قال لمحمود: "ماتجلس يارجال إنت وحرمتك إيش بيكم؟
جلس محمود ومن بعده عايده، وعيون الاثنين متعلقة بذلك البعيد الذي انطلق في اللعب مع باقي الأطفال بسعادة،
. فتنهد محمود، وردت عليه الأخرى بتنهيدة مشابهة، وهما يراقبانه بقلوب تنزف وجعًا، وانتبه كل منهما حين جاءت الفتاة بكاسات وإبريق وصبت القهوة وقامت بتقديمها لهم قائلة:
-"بالهنا."
محمود: "تسلم إيدك يا بنتي." ابتسمت له الفتاة وانصرفت، ثم بدأ منصور بشرب القهوة وهو يراقب ملامح عايده وحركة عينيها التي تتبع صغيرها، ثم مال على محمود فحدثه هامسًا:
-مرتك ما عندها جلد يا محمود، وراح تتعب وتتعبك كثير."
محمود:
-كلنا هنتعب مش بس هي يا شيخ منصور."
منصور:
-اسمع، تشرب قهوتك وتقوم تاخذها وتمشي من هنا سريع قبل ما ينتبه الولد ليكم."
قالها وعاود شرب قهوته.
أما محمود فوضع كاسته جانبًا ووقف ناظرًا إلى عايده التي هبت واقفة، ونظرت في اتجاه ابنها وهتفت بترجي:
-أرجوك يا محمود، أبوس إيدك، بلاش."
منصور:-
ام آدم، فراق الحين اهون من فراق كل السنين، روحي ولا تخافي ولدك عندي أمانه والشيخ منصور مايفرط بأمانته، توكلى علي ربك وغادري قبل لا يشوفك الولد ويتعلق بثوبك.
عايده:
- حرام يا ناس والله دا حرام.
منصور:
-حرام عالميخافون الله مو علينا، هيا يا محمود، خذها قبل لا الصغير ينتبه، ايش جاك واقف متل المضيع عقلة ورجوله ماعادت تتحرك؟! هياااا
نهره بقسوة فأمسك محمود بذراع عايده زوجته وجذبها غصبًا تحت اعتراضها المستمر ونظراتها المتوسلة وعباراتها المستعطفة له ان يرحم حالها وحال صغيرها،
ولكن هيهات، فقد تحجر قلبه واُصدر حكمه بنفي قطعة من روحه وروحها ولا يوجد للحكم معارضه او إستئناف.
وصل محمود بعايده الي السيارة اخيراً وبعد معاناة معها لكي تمشي معه،، وكان "منصور" يمشي بمحاذاتهم هو "وقُصير" وقام "محمود" بفتح باب السياره ودفعها بداخلها بكل قسوة،
واغلق الباب ثم ترك مهمة منعها من النزول من السيارة "لقصير" الذي ثبت الباب بيديه القويتان فبائت كل محاولاتها لفتحه بالفشل..
وقام هو بالالتفاف الى الجانب الآخر وصعد السياره وقام باغلاق ابوابها اتوماتكياً وما إن سمع "قصير" صوت القفل حتي ترك الباب وابتعد عنه مطمئناً فقد اُنهيت مهمته..
اقترب منصور من محمود وامال بجسده ليتقابل مع وجه محمود وهمس له مطمئنا وهو يري الخوف في عينيه :
-بعيوني وليدك لا تخاف اعليه،، والله وهالشارب ماراح يمسه سوء طول مافي نفس يطلع وينزل.
ولكن عند شرطنا.. لا تيجي عليه ولا تروح وتنساه، ولك علي اسلمك شاب مافي منه بكل القبايل..
محمود :
-وانا جايبه هنا ياشيخ وعارف ان مفيش مكان أءمنله من القبيلة ولا حد فالدنيا ممكن يخاف عليه ويحميه زيي ويمكن اكتر مني غيرك..
قالها وابتسم لمنصور وهز له منصور رأسه مؤيدا، ثم ابتعد عن السيارة،
لينطلق بها محمود،، بعد ان نظر نظرة اخيره الي ابنه يودعه،وكاد قلبه ينفطر وهو يراه قادما من بعيد نحو السيارة يجري ويصرخ، فكان لابد له ان يبتعد عنه قبل ان يصله.
وها هى صرخات عايده تهز اركان السيارة رداً على صرخات وليدها،،
وزلزلت قلبه وهي تتخبط وتنادي عليه بأعلى طبقات صوتهت،
فهو طفلها الثاني الذي تُحرم منه وماأصعب الفراق..إنه لشعور قاتل.
اما آدم فوقع يلهث على الارض بعد أن جري وصرخ كثيرا مناديا عليهم طالبًا منهم أن ينتظراه،
سقطت دموعه وهو يراهم يختفون عن ناظريه تاركينه في هذا المكان الغريب!
فهرول اليه قصير وقام بحمله من وسط الرمال الساخنه،،
ووصل اليهم منصور وأشار لقصير بأن يتبعه الي الخيمه باالصغير.
فنفذ قصير وتبعه حاملاً من تعلقت عيناه بحيث اختفى والداه وشهقاته تتوالى وتمنعه حتي من التنفس بشكل طبيعي، وينتظر عودتهم فى اي لحظة بالسيارة، فقد صور له عقله الصغير بأنهم نسوه ليس الا، وسيعودان لأخذه.
ولم يكن يعلم أن النسيان سيستمر لسنوات طويلة سيتعب من عدها لاحقاً.
يتبع....
https://darmsr.com/2024/11/20/%d8%b1%d9%88%d8%a7%d9%8a%d8%a9-%d8%b9%d9%82%d8%a7%d8%a8-%d8%a7%d8%a8%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d8%af%d9%8a%d8%a9-%d9%83%d8%a7%d9%85%d9%84%d8%a9-%d8%ac%d9%85%d9%8a%d8%b9-%d9%81%d8%b5%d9%88%d9%84/
-بارك الله فيه وحفظه لك بحفظه ورعايته.
ثم أمال على الصغير وأشار له على الأطفال قائلاً:
-يا ولد، شايف الجمع هاك؟ يلا امشب لهم والعب معهم، العب بالصخال الصغيرة وتونس.
نظر آدم لأبويه، وبمجرد أن أومأ له أبوه بالموافقة،
تحرك مسرعًا باتجاه الأطفال. وما إن ابتعد كادت أمه أن تتبعه مهرولة خلفه، لولا أن منعها منصور بنبرته المحذرة:
-إياك تتبعينه.
نظرت له عايده ثم نظرت لزوجها راجية، فخفض محمود عينيه ولم يعر خوفها أي اهتمام، رغم أنه هو بذاته يشعر باضعاف خوفها،
ولكن عليه أن يمثل هذا الثبات أمامها وأمام الجميع، فلا خيار أمامه غير ذلك.
جلس منصور ثم قال لمحمود: "ماتجلس يارجال إنت وحرمتك إيش بيكم؟
جلس محمود ومن بعده عايده، وعيون الاثنين متعلقة بذلك البعيد الذي انطلق في اللعب مع باقي الأطفال بسعادة،
. فتنهد محمود، وردت عليه الأخرى بتنهيدة مشابهة، وهما يراقبانه بقلوب تنزف وجعًا، وانتبه كل منهما حين جاءت الفتاة بكاسات وإبريق وصبت القهوة وقامت بتقديمها لهم قائلة:
-"بالهنا."
محمود: "تسلم إيدك يا بنتي." ابتسمت له الفتاة وانصرفت، ثم بدأ منصور بشرب القهوة وهو يراقب ملامح عايده وحركة عينيها التي تتبع صغيرها، ثم مال على محمود فحدثه هامسًا:
-مرتك ما عندها جلد يا محمود، وراح تتعب وتتعبك كثير."
محمود:
-كلنا هنتعب مش بس هي يا شيخ منصور."
منصور:
-اسمع، تشرب قهوتك وتقوم تاخذها وتمشي من هنا سريع قبل ما ينتبه الولد ليكم."
قالها وعاود شرب قهوته.
أما محمود فوضع كاسته جانبًا ووقف ناظرًا إلى عايده التي هبت واقفة، ونظرت في اتجاه ابنها وهتفت بترجي:
-أرجوك يا محمود، أبوس إيدك، بلاش."
منصور:-
ام آدم، فراق الحين اهون من فراق كل السنين، روحي ولا تخافي ولدك عندي أمانه والشيخ منصور مايفرط بأمانته، توكلى علي ربك وغادري قبل لا يشوفك الولد ويتعلق بثوبك.
عايده:
- حرام يا ناس والله دا حرام.
منصور:
-حرام عالميخافون الله مو علينا، هيا يا محمود، خذها قبل لا الصغير ينتبه، ايش جاك واقف متل المضيع عقلة ورجوله ماعادت تتحرك؟! هياااا
نهره بقسوة فأمسك محمود بذراع عايده زوجته وجذبها غصبًا تحت اعتراضها المستمر ونظراتها المتوسلة وعباراتها المستعطفة له ان يرحم حالها وحال صغيرها،
ولكن هيهات، فقد تحجر قلبه واُصدر حكمه بنفي قطعة من روحه وروحها ولا يوجد للحكم معارضه او إستئناف.
وصل محمود بعايده الي السيارة اخيراً وبعد معاناة معها لكي تمشي معه،، وكان "منصور" يمشي بمحاذاتهم هو "وقُصير" وقام "محمود" بفتح باب السياره ودفعها بداخلها بكل قسوة،
واغلق الباب ثم ترك مهمة منعها من النزول من السيارة "لقصير" الذي ثبت الباب بيديه القويتان فبائت كل محاولاتها لفتحه بالفشل..
وقام هو بالالتفاف الى الجانب الآخر وصعد السياره وقام باغلاق ابوابها اتوماتكياً وما إن سمع "قصير" صوت القفل حتي ترك الباب وابتعد عنه مطمئناً فقد اُنهيت مهمته..
اقترب منصور من محمود وامال بجسده ليتقابل مع وجه محمود وهمس له مطمئنا وهو يري الخوف في عينيه :
-بعيوني وليدك لا تخاف اعليه،، والله وهالشارب ماراح يمسه سوء طول مافي نفس يطلع وينزل.
ولكن عند شرطنا.. لا تيجي عليه ولا تروح وتنساه، ولك علي اسلمك شاب مافي منه بكل القبايل..
محمود :
-وانا جايبه هنا ياشيخ وعارف ان مفيش مكان أءمنله من القبيلة ولا حد فالدنيا ممكن يخاف عليه ويحميه زيي ويمكن اكتر مني غيرك..
قالها وابتسم لمنصور وهز له منصور رأسه مؤيدا، ثم ابتعد عن السيارة،
لينطلق بها محمود،، بعد ان نظر نظرة اخيره الي ابنه يودعه،وكاد قلبه ينفطر وهو يراه قادما من بعيد نحو السيارة يجري ويصرخ، فكان لابد له ان يبتعد عنه قبل ان يصله.
وها هى صرخات عايده تهز اركان السيارة رداً على صرخات وليدها،،
وزلزلت قلبه وهي تتخبط وتنادي عليه بأعلى طبقات صوتهت،
فهو طفلها الثاني الذي تُحرم منه وماأصعب الفراق..إنه لشعور قاتل.
اما آدم فوقع يلهث على الارض بعد أن جري وصرخ كثيرا مناديا عليهم طالبًا منهم أن ينتظراه،
سقطت دموعه وهو يراهم يختفون عن ناظريه تاركينه في هذا المكان الغريب!
فهرول اليه قصير وقام بحمله من وسط الرمال الساخنه،،
ووصل اليهم منصور وأشار لقصير بأن يتبعه الي الخيمه باالصغير.
فنفذ قصير وتبعه حاملاً من تعلقت عيناه بحيث اختفى والداه وشهقاته تتوالى وتمنعه حتي من التنفس بشكل طبيعي، وينتظر عودتهم فى اي لحظة بالسيارة، فقد صور له عقله الصغير بأنهم نسوه ليس الا، وسيعودان لأخذه.
ولم يكن يعلم أن النسيان سيستمر لسنوات طويلة سيتعب من عدها لاحقاً.
يتبع....
https://darmsr.com/2024/11/20/%d8%b1%d9%88%d8%a7%d9%8a%d8%a9-%d8%b9%d9%82%d8%a7%d8%a8-%d8%a7%d8%a8%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d8%af%d9%8a%d8%a9-%d9%83%d8%a7%d9%85%d9%84%d8%a9-%d8%ac%d9%85%d9%8a%d8%b9-%d9%81%d8%b5%d9%88%d9%84/