ما الفرقُ بينَ مَن يحتفلُ بميلاد نبيِّنا محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- ومَن يحتفل بميلادِ نبيِّنا عيسى -عليه السلام- مع أنَّ المُقتضي واحدٌ، فالأمر كلّه محدثٌ وكلاهُما نبيٌ مرسلٌ بالإسلام، -وإن اختلفت الشرائع- ولم يُشرع في شريعتهما.!؟
الجواب عن الأول هو عينُ ما يَهدِم به شُبهة الآخر، لاتحاد المنطلق الذي ينطلي على ضعاف التدّين، وهو التعظيمُ غير المشروع في إظهار المحبة زعموا، والنتيجة غلوٌ فاحشٌ رفعَ به الزّائغون الذّين أُتوا من الإفراط في الجهل، والتفريط في التمسك بتعاليم شرعِهم، والنتيجة أن جعلوا نبيًّا مُرسَلاً ابنًا للمُرسِل..! تعَالى الله عمَّا يَعتقدِه الظّالمون عُلواً كبيراً.
ونفسُ المحبّة زعَمها الغُلاة في نبيِّنا -صلى الله عليه وسلم- حتى أوصلتهم إلى أن اعتقدوا فيه مقامَ الربوبيّة، من علم الغيب.! وأنَّ من جودِه الدُّنيا وضرّتها، أي:-الآخرة-، وأنَّ من علمِه علمُ اللوحِ والقلم، وكذلك مقامَ الألوهيّة حتى جعلَه كبيرُ غلاتِهم بأن يُلاذ به ويعاذ عند حدوث الحادث العمم، والله المستعان على ما يصفون.
الشاهد أنَّ ذاك متفرّع من ذلك والمقتضي واحد، وهو الغلو في مقام الأنبياء والمرسلين حتى أنزلوهم فوقَ المنزلة التي أنزلهم الله إيّاها، وللأسف الشديد أن يتلقف من يدّعي الإسلام شبه النصا.رى، ويقتفي آثارهم شبراً بشبرٍ، حذوَ النعلِ بالنعلِ.
ورسول الله ﷺ قال: «لا تطرونى كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، فإنما أنا عبد الله، فقولوا: عبد الله ورسوله».
وممّا استفده من شرح الشيخ صالح آل الشيخ على كتاب التوحيد في فهم هذا الحديث، قال:
"...وقد ظن بعض الناس أن (الكاف) في قوله «كما أطرت النصارى ابن مريم» أنها كاف المثلية؛ يعني: لا تطروني بمثل ما أطرت النصارى ابن مريم، ويقول هذا الظان: إن النصارى أطرت ابن مريم في شيء واحد، وهو أن قالوا: هو ابن الله جل وعلا، فيكون النهي عن أن تجعل له ﷺ رتبة النبوة فقط، فإذا كان كذلك فما عداه جائز. وهذا هو فهم الخرافيين لهذا النهي؛ كما قال قائلهم البوصيري في هذا المقام:
دع ما ادعته النصارى في نبيهم ** واحكم بما شئت فيه واحتكم.
أو كما قال، يعني: لا تقل: إنه ولد لله، أو إنه ابن لله، فهذا هو القدر المنهي عنه فقط، ولك أن تقول فيه بعد ذلك ما شئت غير ملوم وغير مثرب عليك.
الوجه الثاني وهو الفهم الصحيح، وهو الذي يدل عليه السياق: أن (الكاف) هنا هي كاف القياس، والمعنى: لا تطروني إطراء، كما أطرت النصارى ابن مريم.
وكاف القياس هي كاف التمثيل الناقص، وحقيقتها: أن يكون هناك شبه بين ما بعدها وما قبلها في أصل الفعل، فنهى ﷺ في قوله: «لا تطروني كما أطرت» عن أن يطري كما حصل أن النصارى أطرت ابن مريم فهو تمثيل للحدث بالحدث، لا تمثيل أو نهي عن نوع الإطراء، فمعنى قوله: «لا تطروني كما أطرت» هو نهي عن إطرائه ﷺ؛ لأجل أن النصارى أطرت ابن مريم، فقادهم ذلك إلى الكفر، والشرك بالله، وادعاء أنه ولد لله جل وعلا ولهذا قال: «إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله» .
فالكاف هنا ليست كاف التمثيل الكامل؛ بأن يكون ما بعدها مماثلا لما قبلها من كل وجه، وإنما هي كاف التمثيل الذي يكون ما بعده مشتركا مع ما قبله في المعنى، وهي القياسية التي تجمعها العلة؛ ولهذا قال العلماء كما هو معلوم: هذا كهذا، فيقولون مثلا: نبيذ غير التمر والعنب، كنبيذ التمر والعنب، مساواة بين هذا وهذا، لوجود أصل المعنى بينهما، وهنا نهي عن الإطراء، لأجل وجود أصل الإطراء، في الاشتراك بين إطراء النصارى وما سببه من الشرك، وإطراء ما لو أطري النبي ﷺ وما سيسببه من الشرك". انتهى ملخصًا من التمهيد في شرح كتاب التوحيد.
#تنبيه
هذا الكلام موجه للغلاة أهل الإحداث في الدّين، أمَّا العوام المحتفلين فالغالب يحتاج إلى دعوةٍ وتعليمٍ، وقشع التعتيم الممارس من الأولين.
#منقول #
الجواب عن الأول هو عينُ ما يَهدِم به شُبهة الآخر، لاتحاد المنطلق الذي ينطلي على ضعاف التدّين، وهو التعظيمُ غير المشروع في إظهار المحبة زعموا، والنتيجة غلوٌ فاحشٌ رفعَ به الزّائغون الذّين أُتوا من الإفراط في الجهل، والتفريط في التمسك بتعاليم شرعِهم، والنتيجة أن جعلوا نبيًّا مُرسَلاً ابنًا للمُرسِل..! تعَالى الله عمَّا يَعتقدِه الظّالمون عُلواً كبيراً.
ونفسُ المحبّة زعَمها الغُلاة في نبيِّنا -صلى الله عليه وسلم- حتى أوصلتهم إلى أن اعتقدوا فيه مقامَ الربوبيّة، من علم الغيب.! وأنَّ من جودِه الدُّنيا وضرّتها، أي:-الآخرة-، وأنَّ من علمِه علمُ اللوحِ والقلم، وكذلك مقامَ الألوهيّة حتى جعلَه كبيرُ غلاتِهم بأن يُلاذ به ويعاذ عند حدوث الحادث العمم، والله المستعان على ما يصفون.
الشاهد أنَّ ذاك متفرّع من ذلك والمقتضي واحد، وهو الغلو في مقام الأنبياء والمرسلين حتى أنزلوهم فوقَ المنزلة التي أنزلهم الله إيّاها، وللأسف الشديد أن يتلقف من يدّعي الإسلام شبه النصا.رى، ويقتفي آثارهم شبراً بشبرٍ، حذوَ النعلِ بالنعلِ.
ورسول الله ﷺ قال: «لا تطرونى كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، فإنما أنا عبد الله، فقولوا: عبد الله ورسوله».
وممّا استفده من شرح الشيخ صالح آل الشيخ على كتاب التوحيد في فهم هذا الحديث، قال:
"...وقد ظن بعض الناس أن (الكاف) في قوله «كما أطرت النصارى ابن مريم» أنها كاف المثلية؛ يعني: لا تطروني بمثل ما أطرت النصارى ابن مريم، ويقول هذا الظان: إن النصارى أطرت ابن مريم في شيء واحد، وهو أن قالوا: هو ابن الله جل وعلا، فيكون النهي عن أن تجعل له ﷺ رتبة النبوة فقط، فإذا كان كذلك فما عداه جائز. وهذا هو فهم الخرافيين لهذا النهي؛ كما قال قائلهم البوصيري في هذا المقام:
دع ما ادعته النصارى في نبيهم ** واحكم بما شئت فيه واحتكم.
أو كما قال، يعني: لا تقل: إنه ولد لله، أو إنه ابن لله، فهذا هو القدر المنهي عنه فقط، ولك أن تقول فيه بعد ذلك ما شئت غير ملوم وغير مثرب عليك.
الوجه الثاني وهو الفهم الصحيح، وهو الذي يدل عليه السياق: أن (الكاف) هنا هي كاف القياس، والمعنى: لا تطروني إطراء، كما أطرت النصارى ابن مريم.
وكاف القياس هي كاف التمثيل الناقص، وحقيقتها: أن يكون هناك شبه بين ما بعدها وما قبلها في أصل الفعل، فنهى ﷺ في قوله: «لا تطروني كما أطرت» عن أن يطري كما حصل أن النصارى أطرت ابن مريم فهو تمثيل للحدث بالحدث، لا تمثيل أو نهي عن نوع الإطراء، فمعنى قوله: «لا تطروني كما أطرت» هو نهي عن إطرائه ﷺ؛ لأجل أن النصارى أطرت ابن مريم، فقادهم ذلك إلى الكفر، والشرك بالله، وادعاء أنه ولد لله جل وعلا ولهذا قال: «إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله» .
فالكاف هنا ليست كاف التمثيل الكامل؛ بأن يكون ما بعدها مماثلا لما قبلها من كل وجه، وإنما هي كاف التمثيل الذي يكون ما بعده مشتركا مع ما قبله في المعنى، وهي القياسية التي تجمعها العلة؛ ولهذا قال العلماء كما هو معلوم: هذا كهذا، فيقولون مثلا: نبيذ غير التمر والعنب، كنبيذ التمر والعنب، مساواة بين هذا وهذا، لوجود أصل المعنى بينهما، وهنا نهي عن الإطراء، لأجل وجود أصل الإطراء، في الاشتراك بين إطراء النصارى وما سببه من الشرك، وإطراء ما لو أطري النبي ﷺ وما سيسببه من الشرك". انتهى ملخصًا من التمهيد في شرح كتاب التوحيد.
#تنبيه
هذا الكلام موجه للغلاة أهل الإحداث في الدّين، أمَّا العوام المحتفلين فالغالب يحتاج إلى دعوةٍ وتعليمٍ، وقشع التعتيم الممارس من الأولين.
#منقول #