🎤🎤🎤
صلاة التراويح عند أهل السنة والزيدية
. 📚📚📚
🖊️ د. يوسف حسين الرخمي.
🔖 صلاة التراويح سنة بإجماع العلماء، نقل ذلك العلامة النووي وغيره، ولم يخالف في ذلك إلا فِرق الشيعة ومنهم الهادوية، وأما زيد بن علي فرأيه مع الجمهور في أنها سنة، وبقول زيد قال علي بن الحسين زين العابدين، والباقر، وعبد الله بن الحسن، وعبد الله بن موسى بن جعفر (كما حكى ذلك عنهم في شرح الأزهار)، وهو قول يحيى بن حمزة في كتاب (الانتصار)، وبه قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وسيأتي تفاصيل ذلك.
🔖 اتفق أهل العلم على أن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى بأصحابه صلاة التراويح جماعة عدة مرات، وكان الناس يتسامعون بذلك فيكثرون، حتى ضاق بهم المسجد، فخشي النبي صلى الله عليه وسلم -لكمال شفقته بأمته- أن تُفرض عليهم، فترك الخروج للصلاة بهم في المسجد، ولكن الناس استمروا في صلاتها على مجموعات، يصلي الثلاثة بإمام، والأربعة بإمام، وربما صلاها بعضهم فرادى، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يراهم ولا ينهاهم، واستمر النبي صلى الله عليه وسلم يصليها في بيته، فلما كانت خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ورأى الناس يصلونها بالمسجد أوزاعا [جماعات متفرقة]، ورأى أن العلة التي من أجلها لم يستمر النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة بالناس جماعة قد انتهت بموته؛ فإنه لا تشريع بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، جمع الناس لصلاة التراويح خلف أُبيّ بن كعب وتميم الداري رضي الله عنهما؛ لأنهما من أكثر الصحابة حفظا وإتقانا للقرآن، وأمر بوضع السُّرُج في المسجد أثناء الصلاة، وكان هذا بمحضر جميع الصحابة الموجودين بالمدينة من المهاجرين والأنصار فلم ينكر ذلك منهم أحد، فكان هذا منهم إجماعا على صواب ما فعله عمر رضي الله عنه، واستمر الناس بعد ذلك على صلاتها جماعة بالمساجد في جميع الأمصار حتى يومنا هذا.
🔖 الأدلة على استحباب صلاة التراويح جماعة في المسجد كثيرة جدا، وسأذكر بعضها فقط مراعاة للاختصار:
1️⃣ روى البخاري ومسلم في صحيحهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من جوف الليل فصلى في المسجد، فصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس يتحدثون بذلك، فاجتمع أكثر منهم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليلة الثانية، فصلوا بصلاته، فأصبح الناس يذكرون ذلك، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله، فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطفق رجال منهم يقولون: الصلاة، فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى خرج لصلاة الفجر، فلما قضى الفجر أقبل على الناس، ثم تشهد، فقال: «أما بعد، فإنه لم يخف علي شأنكم الليلة، ولكني خشيت أن تُفرض عليكم صلاة الليل فتعجزوا عنها». وقد ورد الحديث بألفاظ كثيرة كلها تؤدي هذا المعنى، ولولا الإطالة لذكرتها كلها، وهذا نص صريح في صلاته صلى الله عليه وسلم التراويح بالناس جماعة، وأنه لم يمنعه من الاستمرار إلا خوف أن تُفرض على الناس فيشقّ عليهم المحافظة عليها.
2️⃣ روى أصحاب السنن عن أبي ذر رضي الله عنه قال: صُمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان فلم يقم بنا شيئا منه، حتى بقي سبع ليال[يعني ليلة 23 من رمضان]، فقام بنا حتى مضى نحو من ثلث الليل، حتى إذا كانت الليلة الخامسة قام بنا حتى مضى نحو من شطر الليل، فقلت: يا رسول الله، لو نفّلتنا بقية ليلتنا هذه. [أي لو أكملت الصلاة بنا إلى آخر الليل] فقال: (إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف فإنه يعدل قيام ليلة)، فلما كانت الليلة الثالثة [يعني لم يبق من رمضان غير ثلاثة أيام، والمراد ليلة 27 من رمضان] جمع نساءه وأهله واجتمع الناس. قال: فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، قيل: وما الفلاح؟ قال: السحور.
ودلالة الحديث ظاهرة، كما أن في الحديث إشارة إلى أن الناس سيلتزمون صلاة التراويح في جماعة لاحقا، ولذا أرشدهم إلى عدم مفارقة الإمام حتى يتم صلاته بالوتر، فإنه من فعل ذلك استحق أجر قيام الليل كله.
3️⃣ روى البخاري في صحيحه عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال: خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: «إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد، لكان أمثل» ثم عزم، فجمعهم على أُبيّ بن كعب، ثم خرجتُ معه ليلة أخرى، والناس يصلون بصلاة قارئهم، قال عمر: «نعم البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون» يريد آخر الليل، وكان الناس يقومون أوله.
وهذا الأثر يدل على أن الناس منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم استمروا يصلونها جماعة ولكن في جماعات صغيرة متفرقة، ولم يزد عمر رضي الله عنه على أن جمعهم جميعا على إمام واحد بعد زوال العلة التي من أجلها توقف النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بهم جماعة.
صلاة التراويح عند أهل السنة والزيدية
. 📚📚📚
🖊️ د. يوسف حسين الرخمي.
🔖 صلاة التراويح سنة بإجماع العلماء، نقل ذلك العلامة النووي وغيره، ولم يخالف في ذلك إلا فِرق الشيعة ومنهم الهادوية، وأما زيد بن علي فرأيه مع الجمهور في أنها سنة، وبقول زيد قال علي بن الحسين زين العابدين، والباقر، وعبد الله بن الحسن، وعبد الله بن موسى بن جعفر (كما حكى ذلك عنهم في شرح الأزهار)، وهو قول يحيى بن حمزة في كتاب (الانتصار)، وبه قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وسيأتي تفاصيل ذلك.
🔖 اتفق أهل العلم على أن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى بأصحابه صلاة التراويح جماعة عدة مرات، وكان الناس يتسامعون بذلك فيكثرون، حتى ضاق بهم المسجد، فخشي النبي صلى الله عليه وسلم -لكمال شفقته بأمته- أن تُفرض عليهم، فترك الخروج للصلاة بهم في المسجد، ولكن الناس استمروا في صلاتها على مجموعات، يصلي الثلاثة بإمام، والأربعة بإمام، وربما صلاها بعضهم فرادى، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يراهم ولا ينهاهم، واستمر النبي صلى الله عليه وسلم يصليها في بيته، فلما كانت خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ورأى الناس يصلونها بالمسجد أوزاعا [جماعات متفرقة]، ورأى أن العلة التي من أجلها لم يستمر النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة بالناس جماعة قد انتهت بموته؛ فإنه لا تشريع بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، جمع الناس لصلاة التراويح خلف أُبيّ بن كعب وتميم الداري رضي الله عنهما؛ لأنهما من أكثر الصحابة حفظا وإتقانا للقرآن، وأمر بوضع السُّرُج في المسجد أثناء الصلاة، وكان هذا بمحضر جميع الصحابة الموجودين بالمدينة من المهاجرين والأنصار فلم ينكر ذلك منهم أحد، فكان هذا منهم إجماعا على صواب ما فعله عمر رضي الله عنه، واستمر الناس بعد ذلك على صلاتها جماعة بالمساجد في جميع الأمصار حتى يومنا هذا.
🔖 الأدلة على استحباب صلاة التراويح جماعة في المسجد كثيرة جدا، وسأذكر بعضها فقط مراعاة للاختصار:
1️⃣ روى البخاري ومسلم في صحيحهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من جوف الليل فصلى في المسجد، فصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس يتحدثون بذلك، فاجتمع أكثر منهم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليلة الثانية، فصلوا بصلاته، فأصبح الناس يذكرون ذلك، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله، فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطفق رجال منهم يقولون: الصلاة، فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى خرج لصلاة الفجر، فلما قضى الفجر أقبل على الناس، ثم تشهد، فقال: «أما بعد، فإنه لم يخف علي شأنكم الليلة، ولكني خشيت أن تُفرض عليكم صلاة الليل فتعجزوا عنها». وقد ورد الحديث بألفاظ كثيرة كلها تؤدي هذا المعنى، ولولا الإطالة لذكرتها كلها، وهذا نص صريح في صلاته صلى الله عليه وسلم التراويح بالناس جماعة، وأنه لم يمنعه من الاستمرار إلا خوف أن تُفرض على الناس فيشقّ عليهم المحافظة عليها.
2️⃣ روى أصحاب السنن عن أبي ذر رضي الله عنه قال: صُمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان فلم يقم بنا شيئا منه، حتى بقي سبع ليال[يعني ليلة 23 من رمضان]، فقام بنا حتى مضى نحو من ثلث الليل، حتى إذا كانت الليلة الخامسة قام بنا حتى مضى نحو من شطر الليل، فقلت: يا رسول الله، لو نفّلتنا بقية ليلتنا هذه. [أي لو أكملت الصلاة بنا إلى آخر الليل] فقال: (إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف فإنه يعدل قيام ليلة)، فلما كانت الليلة الثالثة [يعني لم يبق من رمضان غير ثلاثة أيام، والمراد ليلة 27 من رمضان] جمع نساءه وأهله واجتمع الناس. قال: فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، قيل: وما الفلاح؟ قال: السحور.
ودلالة الحديث ظاهرة، كما أن في الحديث إشارة إلى أن الناس سيلتزمون صلاة التراويح في جماعة لاحقا، ولذا أرشدهم إلى عدم مفارقة الإمام حتى يتم صلاته بالوتر، فإنه من فعل ذلك استحق أجر قيام الليل كله.
3️⃣ روى البخاري في صحيحه عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال: خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: «إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد، لكان أمثل» ثم عزم، فجمعهم على أُبيّ بن كعب، ثم خرجتُ معه ليلة أخرى، والناس يصلون بصلاة قارئهم، قال عمر: «نعم البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون» يريد آخر الليل، وكان الناس يقومون أوله.
وهذا الأثر يدل على أن الناس منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم استمروا يصلونها جماعة ولكن في جماعات صغيرة متفرقة، ولم يزد عمر رضي الله عنه على أن جمعهم جميعا على إمام واحد بعد زوال العلة التي من أجلها توقف النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بهم جماعة.