🎤
*خطــبـة جمـعــة بعـنــوان :*
*فضائل.شعـبان.وبعض.أحكامه.tt*
*للـشيـخ/ ناصــر بن مـحـمـد الأحمــد*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*عناصـــر الخطبـــة :*
1/ غفلة الناس عن شعبان 2/ عبادة النبي في شعبان 3/ الحكمة من وصاية النبي بشعبان 4/ ذكر الله في أوقات الغفلة 5/ العبادة في زمن الفتن والملاحم 6/ ليلة النصف من شعبان 7/ التحذير من الخصومة والشحناء 8/ صيام يوم الشك
أمـــا بـــعــــــد :
إن المؤمن ليتقلب في هذا الزمان، ويمد الله له في الأجل، وكل يوم يبقاه في هذه الدنيا هو غنيمة له ليتزود منه لآخرته، ويحرث فيه ما استطاع ويبذر فيه من الأعمال ما استطاعته نفسه وتحملته.
وها قد مضى -أيها الأحبة- شهر رجب، ودخل شعبان، وفاز من فاز بالتقرب والاستعداد في رجب لرمضان، ودخل شعبان والناس عنه غافلة.
ولنا مع هذا الشهر المبارك وقفات ننظر فيها حال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحال سلف الأمة، الذين أُمرنا بالاقتداء بهم، مع ذكر بعض فضائله وأحكامه.
عن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- قال: قلت: يا رسول الله: لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان!! قال: "ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم". [رواه النسائي]. وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يصوم ولا يفطر حتى نقول: ما في نفس رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أن يفطر العام، ثم يفطر فلا يصوم حتى نقول: ما في نفسه أن يصوم العام، وكان أحب الصوم إليه في شعبان. [رواه الإمام أحمد].
ومن شدّة محافظته -صلى الله عليه وسلم- على الصوم في شعبان أن أزواجه -رضي الله عنهن- كن يقلن: إنه يصوم شعبان كله، مع أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يستكمل صيام شهر غير رمضان؛ فهذه عائشة -رضي الله عنها- وعن أبيها تقول: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، وما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صيامًا منه في شعبان. [رواه البخاري ومسلم].
وفي رواية عن النسائي والترمذي قالت: ما رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- في شهر أكثر صيامًا منه في شعبان، كان يصومه إلا قليلاً، بل كان يصومه كله، وفي رواية لأبى داود قالت: كان أحب الشهور إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يصومه شعبان، ثم يصله برمضان.
وهذه أم سلمة -رضي الله عنها- تقول: ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان. ولشدة معاهدته -صلى الله عليه وسلم- للصيام في شعبان، قال بعض أهل العلم: إن صيام شعبان أفضل من سائر الشهور، وإن كان قد ورد النص أن شهر الله المحرم هو أفضل الصيام بعد رمضان، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل". [رواه مسلم].
وعند النسائي بسند صحيح عن جندب بن سفيان -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن أفضل الصلاة بعد المفروضة الصلاة في جوف الليل، وأفضل الصيام بعد رمضان شهر الله الذي تدعونه المحرم". وذكر أهل العلم حكمًا في تفضيل التطوع بالصيام في شعبان على غيره من الشهور: منها: أن أفضل التطوع ما كان قريبًا من رمضان قبله وبعده، وذلك يلتحق بصيام رمضان، لقربه منه، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها، فيلتحق بالفرائض في الفضل، وهي تكملة لنقص الفرائض، وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده، فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالنسبة للصلاة، فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بعد منه، ولذلك فإنك تجد رمضان يُسبق بالصيام من شعبان والاستكثار منه، ثم بعد انقضاء رمضان يسن صيام ست من شوال، فهي كالسنن الرواتب التي قبل وبعد الصلاة المفروضة.
ومن الحكم كذلك في الإكثار من صيام شعبان: ما تضمنه حديث أسامة بن زيد المتقدم ذكره وفيه: قلت: يا رسول الله: لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان!! فبين له -صلى الله عليه وسلم- سبب ذلك فقال له: "ذاك شهر يغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان"، وماذا أيضًا؟! قال: "وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم".
إن هذا الحديث تضمن معنيين مهمين:
أحدهما: أنه شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان.
وثانيهما: أن الأعمال ترفع وتعرض على رب العالمين، فأما كون شعبان تغفل الناس فيه عنه، فإن ذلك بسبب أنه بين شهرين عظيمين، وهما الشهر الحرام رجب، وشهر الصيام رمضان، فاشتغل الناس بهما عنه، فصار مغفولاً عنه، وكثير من الناس يظن أن صيام رجب أفضل من صيام شعبان؛ لأن رجب شهر محرم، وهذا ليس بصحيح، فإن صيام شعبان أفضل من صيام رجب للأحاديث المتقدمة.
*خطــبـة جمـعــة بعـنــوان :*
*فضائل.شعـبان.وبعض.أحكامه.tt*
*للـشيـخ/ ناصــر بن مـحـمـد الأحمــد*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*عناصـــر الخطبـــة :*
1/ غفلة الناس عن شعبان 2/ عبادة النبي في شعبان 3/ الحكمة من وصاية النبي بشعبان 4/ ذكر الله في أوقات الغفلة 5/ العبادة في زمن الفتن والملاحم 6/ ليلة النصف من شعبان 7/ التحذير من الخصومة والشحناء 8/ صيام يوم الشك
أمـــا بـــعــــــد :
إن المؤمن ليتقلب في هذا الزمان، ويمد الله له في الأجل، وكل يوم يبقاه في هذه الدنيا هو غنيمة له ليتزود منه لآخرته، ويحرث فيه ما استطاع ويبذر فيه من الأعمال ما استطاعته نفسه وتحملته.
وها قد مضى -أيها الأحبة- شهر رجب، ودخل شعبان، وفاز من فاز بالتقرب والاستعداد في رجب لرمضان، ودخل شعبان والناس عنه غافلة.
ولنا مع هذا الشهر المبارك وقفات ننظر فيها حال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحال سلف الأمة، الذين أُمرنا بالاقتداء بهم، مع ذكر بعض فضائله وأحكامه.
عن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- قال: قلت: يا رسول الله: لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان!! قال: "ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم". [رواه النسائي]. وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يصوم ولا يفطر حتى نقول: ما في نفس رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أن يفطر العام، ثم يفطر فلا يصوم حتى نقول: ما في نفسه أن يصوم العام، وكان أحب الصوم إليه في شعبان. [رواه الإمام أحمد].
ومن شدّة محافظته -صلى الله عليه وسلم- على الصوم في شعبان أن أزواجه -رضي الله عنهن- كن يقلن: إنه يصوم شعبان كله، مع أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يستكمل صيام شهر غير رمضان؛ فهذه عائشة -رضي الله عنها- وعن أبيها تقول: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، وما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صيامًا منه في شعبان. [رواه البخاري ومسلم].
وفي رواية عن النسائي والترمذي قالت: ما رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- في شهر أكثر صيامًا منه في شعبان، كان يصومه إلا قليلاً، بل كان يصومه كله، وفي رواية لأبى داود قالت: كان أحب الشهور إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يصومه شعبان، ثم يصله برمضان.
وهذه أم سلمة -رضي الله عنها- تقول: ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان. ولشدة معاهدته -صلى الله عليه وسلم- للصيام في شعبان، قال بعض أهل العلم: إن صيام شعبان أفضل من سائر الشهور، وإن كان قد ورد النص أن شهر الله المحرم هو أفضل الصيام بعد رمضان، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل". [رواه مسلم].
وعند النسائي بسند صحيح عن جندب بن سفيان -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن أفضل الصلاة بعد المفروضة الصلاة في جوف الليل، وأفضل الصيام بعد رمضان شهر الله الذي تدعونه المحرم". وذكر أهل العلم حكمًا في تفضيل التطوع بالصيام في شعبان على غيره من الشهور: منها: أن أفضل التطوع ما كان قريبًا من رمضان قبله وبعده، وذلك يلتحق بصيام رمضان، لقربه منه، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها، فيلتحق بالفرائض في الفضل، وهي تكملة لنقص الفرائض، وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده، فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالنسبة للصلاة، فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بعد منه، ولذلك فإنك تجد رمضان يُسبق بالصيام من شعبان والاستكثار منه، ثم بعد انقضاء رمضان يسن صيام ست من شوال، فهي كالسنن الرواتب التي قبل وبعد الصلاة المفروضة.
ومن الحكم كذلك في الإكثار من صيام شعبان: ما تضمنه حديث أسامة بن زيد المتقدم ذكره وفيه: قلت: يا رسول الله: لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان!! فبين له -صلى الله عليه وسلم- سبب ذلك فقال له: "ذاك شهر يغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان"، وماذا أيضًا؟! قال: "وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم".
إن هذا الحديث تضمن معنيين مهمين:
أحدهما: أنه شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان.
وثانيهما: أن الأعمال ترفع وتعرض على رب العالمين، فأما كون شعبان تغفل الناس فيه عنه، فإن ذلك بسبب أنه بين شهرين عظيمين، وهما الشهر الحرام رجب، وشهر الصيام رمضان، فاشتغل الناس بهما عنه، فصار مغفولاً عنه، وكثير من الناس يظن أن صيام رجب أفضل من صيام شعبان؛ لأن رجب شهر محرم، وهذا ليس بصحيح، فإن صيام شعبان أفضل من صيام رجب للأحاديث المتقدمة.