🟢 كتاب الأخلاق في القرآن الجزء الأول 🟢
وقد ورد في «الآية الثالثة»: مقدّمةٌ لقضية مريم عليها السلام، و كفالة زكريّا عليه السلام لها، وفيها الكلام عن تأثير العامل الوراثي، و عامل التربية في تكريس الطهارة و التقوى و الفضيلة، في مضمونالإنسان و محتواه الداخلي، فقال تعالى: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ».
فالذرّية التي بعضها من بعضٍ، إشارة لعامل الوراثة أو التربية الاسريّة، أو كلاهما وهو شاهد حيٌّ يؤيد مُدّعانا من تأثير عناصر الوراثة و التربية، في الشّخصيّة و معطياتها في خط التّقوى و الفضيلة.
و أشارت الرّوايات التي نُقلت في ذيل هذه الآية، لذلك المعنى أيضاً، وعلى كل حال، فإنّ الآيات الآنفة الذّكر، تدلّ على مدى تأثير معطيات التربية والبيئة و الوراثة، في نفسية الإنسان، و أثرها العميق في صياغة قابليّاته، و الإرتفاع به للتّصدي لمقام الرئاسة المعنويّة على الخلق، ولا يمكن إنكار تلك المَعطيات، و لا يمكن أبداً مُقايسة هؤلاء الأطهار الذين عاشوا أجواءَ الفضيلة، بالّذين ورثوا الكفر و الفساد و النّفاق من آبائهم وأجدادهم .
و في «الآية الرابعة»: خاطب الباري تعالى المؤمنين وقال لهم: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ».
وقد تَلت هذه الآية، الآيات الّتي جاءت في بداية سورة التّحريم، و التي حذّرت فيها نساء النّبي صلى الله عليه و آله من أعمالهنّ، وبعدها ذكر المطلب بصورة حكمٍ عامٍّ شمل كلّ المؤمنين.
و من المعلوم أنّ المقصود من هذه النار، هي نار الآخرة، ولا يمكن الإتقاء من تلك النار، إلّا بالإهتمام بعمليّة التعليم و التربية السّليمة في واقع الاسرة، و التي بدورها توجب ترك المعاصي، و الإقبال على الطّاعة و تقوى اللَّه تعالى. و بناءً على ذلك فإنّ هذه الآية تعيّن و تبيّن وظيفة ربّ الاسرة، و دوره في التّربية والتعليم، وكذلك تبيّن أهميّة و تأثير عنصر التربية و التعليم، في ترشيد الفضائل و الأخلاق الحميدة، و السيّرة الحسنة.
و يجب الإهتمام في ترجمة هذا البرنامج، إلى عالم الممارسة و التطبيق، من أوّل لبنةٍ توضع في بناء الاسرة، أي منذ إجراء عقد الزّواج و الرّباط المُقدس، و يجب الإهتمام بإسلوب التربية، من أوّل لحظةٍ يولد فيها الطّفل، و يستمر البرنامج التّربوي في كلّ المراحل التي تعقبها.
فنقرأ في حديثٍ عن الرّسول الأكرم صلى الله عليه و آله، أنّه عندما نزلت هذه الآية الشّريفة، سأله أحد أصحابه، عن كيفيّة الوقاية من النار، له و لعياله، فقال له الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله:
«تَأمُرُهُم بِما أَمَرَ اللَّهُ وَتَنهاهُم عَمّا نَهاهُم اللَّهُ إنْ أَطاعُوكَ كنْتَ قَدْ وَقَيتَهُم وَإِنْ عَصَوكَ كُنْتَ قَدْ قَضَيتَ ما عَلَيكَ» .
و يجب أن يكون معلوماً، أنّ الأمر بالمعروف يعدّ من الوسائل الناجعة لوقاية الاسرة من الإنحراف و السّقوط في هاوية الجحيم، ولأجل الوصول إلى هذا الهدف، علينا الإستعانة بكلّ الوسائل المتاحة لدينا، و كذلك الإستعانة بالجوانب العملية والنفسية و الكلامية، ولا يُستبعد شمول الآية لمسألة الوارثة، فمثلًا أكل لقمة الحلال عند إنعقاد النّطفة و ذكر اللَّه، يُؤثر إيجابياً في تكوين النّطفة، و تنشئة الطّفل و حركته في المستقبل في خطّ الإيمان .
«الآية الخامسة والأخيرة»: تشير إلى قصّة مريم عليها السلام و ولادتها للمسيح عليه السلام، الذي وُلد من دون أب، و تعجّب قومها من ذلك الأمر الفظيع بنظرهم!، فقال الباري تعالى على لسان قومها:
«يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً».
فهذا التعبير، (و خصوصاً نقل القرآن الكريم من موقع الإمضاء و التأييد)، إن دل على شيء فهو يدلّ على معطيات عوامل الوراثة من الأب والام، وكذلك تربية الاسرة وتأثيرها في أخلاق الطفل، وكلّ الناس لمسوا هذه الأمر بالتجربة، فإذا شاهدوا أمراً مُخالفاً للمعهود، إستغربوا و تعجّبوا.
و من مجموع ما تقدم، يمكننا أن نستوحي هذه الحقيقة، وهي أنّ الوراثة و التربية، من العوامل المهمّة، في رسم و غرس القيم الأخلاقيّة في حركة الواقع النفسي للإنسان، إن على مستوى الأخلاق الحسنة أو السيئة .
وقد ورد في «الآية الثالثة»: مقدّمةٌ لقضية مريم عليها السلام، و كفالة زكريّا عليه السلام لها، وفيها الكلام عن تأثير العامل الوراثي، و عامل التربية في تكريس الطهارة و التقوى و الفضيلة، في مضمونالإنسان و محتواه الداخلي، فقال تعالى: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ».
فالذرّية التي بعضها من بعضٍ، إشارة لعامل الوراثة أو التربية الاسريّة، أو كلاهما وهو شاهد حيٌّ يؤيد مُدّعانا من تأثير عناصر الوراثة و التربية، في الشّخصيّة و معطياتها في خط التّقوى و الفضيلة.
و أشارت الرّوايات التي نُقلت في ذيل هذه الآية، لذلك المعنى أيضاً، وعلى كل حال، فإنّ الآيات الآنفة الذّكر، تدلّ على مدى تأثير معطيات التربية والبيئة و الوراثة، في نفسية الإنسان، و أثرها العميق في صياغة قابليّاته، و الإرتفاع به للتّصدي لمقام الرئاسة المعنويّة على الخلق، ولا يمكن إنكار تلك المَعطيات، و لا يمكن أبداً مُقايسة هؤلاء الأطهار الذين عاشوا أجواءَ الفضيلة، بالّذين ورثوا الكفر و الفساد و النّفاق من آبائهم وأجدادهم .
و في «الآية الرابعة»: خاطب الباري تعالى المؤمنين وقال لهم: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ».
وقد تَلت هذه الآية، الآيات الّتي جاءت في بداية سورة التّحريم، و التي حذّرت فيها نساء النّبي صلى الله عليه و آله من أعمالهنّ، وبعدها ذكر المطلب بصورة حكمٍ عامٍّ شمل كلّ المؤمنين.
و من المعلوم أنّ المقصود من هذه النار، هي نار الآخرة، ولا يمكن الإتقاء من تلك النار، إلّا بالإهتمام بعمليّة التعليم و التربية السّليمة في واقع الاسرة، و التي بدورها توجب ترك المعاصي، و الإقبال على الطّاعة و تقوى اللَّه تعالى. و بناءً على ذلك فإنّ هذه الآية تعيّن و تبيّن وظيفة ربّ الاسرة، و دوره في التّربية والتعليم، وكذلك تبيّن أهميّة و تأثير عنصر التربية و التعليم، في ترشيد الفضائل و الأخلاق الحميدة، و السيّرة الحسنة.
و يجب الإهتمام في ترجمة هذا البرنامج، إلى عالم الممارسة و التطبيق، من أوّل لبنةٍ توضع في بناء الاسرة، أي منذ إجراء عقد الزّواج و الرّباط المُقدس، و يجب الإهتمام بإسلوب التربية، من أوّل لحظةٍ يولد فيها الطّفل، و يستمر البرنامج التّربوي في كلّ المراحل التي تعقبها.
فنقرأ في حديثٍ عن الرّسول الأكرم صلى الله عليه و آله، أنّه عندما نزلت هذه الآية الشّريفة، سأله أحد أصحابه، عن كيفيّة الوقاية من النار، له و لعياله، فقال له الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله:
«تَأمُرُهُم بِما أَمَرَ اللَّهُ وَتَنهاهُم عَمّا نَهاهُم اللَّهُ إنْ أَطاعُوكَ كنْتَ قَدْ وَقَيتَهُم وَإِنْ عَصَوكَ كُنْتَ قَدْ قَضَيتَ ما عَلَيكَ» .
و يجب أن يكون معلوماً، أنّ الأمر بالمعروف يعدّ من الوسائل الناجعة لوقاية الاسرة من الإنحراف و السّقوط في هاوية الجحيم، ولأجل الوصول إلى هذا الهدف، علينا الإستعانة بكلّ الوسائل المتاحة لدينا، و كذلك الإستعانة بالجوانب العملية والنفسية و الكلامية، ولا يُستبعد شمول الآية لمسألة الوارثة، فمثلًا أكل لقمة الحلال عند إنعقاد النّطفة و ذكر اللَّه، يُؤثر إيجابياً في تكوين النّطفة، و تنشئة الطّفل و حركته في المستقبل في خطّ الإيمان .
«الآية الخامسة والأخيرة»: تشير إلى قصّة مريم عليها السلام و ولادتها للمسيح عليه السلام، الذي وُلد من دون أب، و تعجّب قومها من ذلك الأمر الفظيع بنظرهم!، فقال الباري تعالى على لسان قومها:
«يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً».
فهذا التعبير، (و خصوصاً نقل القرآن الكريم من موقع الإمضاء و التأييد)، إن دل على شيء فهو يدلّ على معطيات عوامل الوراثة من الأب والام، وكذلك تربية الاسرة وتأثيرها في أخلاق الطفل، وكلّ الناس لمسوا هذه الأمر بالتجربة، فإذا شاهدوا أمراً مُخالفاً للمعهود، إستغربوا و تعجّبوا.
و من مجموع ما تقدم، يمكننا أن نستوحي هذه الحقيقة، وهي أنّ الوراثة و التربية، من العوامل المهمّة، في رسم و غرس القيم الأخلاقيّة في حركة الواقع النفسي للإنسان، إن على مستوى الأخلاق الحسنة أو السيئة .