🟢 كتاب الأخلاق في القرآن الجزء الأول 🟢
٢ - دور الأصدقاء والعِشرة
و الموضوع الآخر، الذي أثبتت التجربة تأثيره العميق على السلوك الأخلاقي، و إتّفق عليه جميع علماء الأخلاق والتربية والتعليم، هو عنصر الأصدقاء ودور المعاشرة معهم، ففي حال كون الصّديق فاسداً و منحرفاً، في دائرة السّلوك الأخلاقي، فسيؤثّر على صديقه السليم، من موقع الانحراف كذلك، والعكس صحيح أيضاً، فالكثير من المؤمنين، و الأقوياء الإرادة، إستطاعوا أن يؤثّروا على زملائهم الفاسدين، على مستوى الهداية و الإصلاح، بحيث جعلوا منهم اناساً أتقياء، و ملتزمين في دائرة السّلوك الدّيني و الأخلاقي.
ونعود للقرآن الكريم، و الآيات الّتي تتناول هذ الموضوع:
١ - «وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنْ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ * حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ» .
٢ - «قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنْ الُمصَدِّقِينَ * أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَدِينُونَ * قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ * قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِي * وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنْ الُمحْضَرِينَ» .
٣ - «وَ يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَني وَ كَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا» .
تفسير و إستنتاج :
الآيات الاولى، التي وردت في محلّ البحث، تحدّثت عن جلوس الشّيطان، مع الغافلين عن ذكر اللَّه، من منطق الغُواية، وتوضح تأثير قرين السّوء، في السّلوك الأخلاقي للإنسان ومستقبله، فتقول أولًا: «وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ» .
و بعدها يُبيّن القرآن الكريم، دور قرين السّوء في حركة الإنسان و الحياة، فإنّ الشّياطين يوصدون طريق الهداية و الحركة إلى اللَّه تعالى، أمام الإنسان، و يقفوا عقبةً في طريق الوصول إلى الهدف المقدس، والأنكى من ذلك، أنّ هؤلاء المنخدعين يحسبون أنّهم مهتدون: «وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنْ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ».
وبعدها يتطرّق القرآن الكريم إلى النتيجة، فيقول: إنّ هذا الإنسان عندما يرد في عرصات القيامة، و عند حضور الجميع عند اللَّه تبارك و تعالى، و كشف الأسرار والحقائق، يقول لقرينه الشّيطاني: «حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ».
حيث نستوحي من هذه التعبيرات، بأنّ قرين السّوء، يمكن أن يحرف الإنسان من موقع الأغواء، عن طريق الباري تعالى، و يصدّه عن سبيل الهداية و الصّلاح، فيهدم عليه دعائم الأخلاق، و يشوّه الواقع النّفسي و الفكري له، فينخدع هذا المسكين ويحسب أنّه على هدىً، فإرجاعه عن غيّه، و العودة به إلى الصّراط المستقيم، سيكون ضرباً من المحال، ولن يستيقظ من أوهام الغفلة، إلّا وقد فات الأوان، و بعد غلق طريق العودة عليه.
و كذلك يُستفاد من الآية الشريفة، أنّ قرين السّوء يبقى دائماً مع الإنسان في حياته الاخرويّة الأبديّة، و كم هو مؤلم، أن يرى الشّخص المسبّب في بؤسه و هلاكه، يعيش معه دوماً، ولن تنفع معه اليوم الأماني و الآمال بالإنفصال عنه ومفارقته، فيقول: «وَلَنْ يَنفَعَكُمْ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ» .
وفي مضمون الآيات الآنفة الذّكر، الآية (٢٥) من سورة فصّلت، فتقول:
«وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمْ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ» .
٢ - دور الأصدقاء والعِشرة
و الموضوع الآخر، الذي أثبتت التجربة تأثيره العميق على السلوك الأخلاقي، و إتّفق عليه جميع علماء الأخلاق والتربية والتعليم، هو عنصر الأصدقاء ودور المعاشرة معهم، ففي حال كون الصّديق فاسداً و منحرفاً، في دائرة السّلوك الأخلاقي، فسيؤثّر على صديقه السليم، من موقع الانحراف كذلك، والعكس صحيح أيضاً، فالكثير من المؤمنين، و الأقوياء الإرادة، إستطاعوا أن يؤثّروا على زملائهم الفاسدين، على مستوى الهداية و الإصلاح، بحيث جعلوا منهم اناساً أتقياء، و ملتزمين في دائرة السّلوك الدّيني و الأخلاقي.
ونعود للقرآن الكريم، و الآيات الّتي تتناول هذ الموضوع:
١ - «وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنْ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ * حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ» .
٢ - «قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنْ الُمصَدِّقِينَ * أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَدِينُونَ * قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ * قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِي * وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنْ الُمحْضَرِينَ» .
٣ - «وَ يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَني وَ كَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا» .
تفسير و إستنتاج :
الآيات الاولى، التي وردت في محلّ البحث، تحدّثت عن جلوس الشّيطان، مع الغافلين عن ذكر اللَّه، من منطق الغُواية، وتوضح تأثير قرين السّوء، في السّلوك الأخلاقي للإنسان ومستقبله، فتقول أولًا: «وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ» .
و بعدها يُبيّن القرآن الكريم، دور قرين السّوء في حركة الإنسان و الحياة، فإنّ الشّياطين يوصدون طريق الهداية و الحركة إلى اللَّه تعالى، أمام الإنسان، و يقفوا عقبةً في طريق الوصول إلى الهدف المقدس، والأنكى من ذلك، أنّ هؤلاء المنخدعين يحسبون أنّهم مهتدون: «وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنْ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ».
وبعدها يتطرّق القرآن الكريم إلى النتيجة، فيقول: إنّ هذا الإنسان عندما يرد في عرصات القيامة، و عند حضور الجميع عند اللَّه تبارك و تعالى، و كشف الأسرار والحقائق، يقول لقرينه الشّيطاني: «حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ».
حيث نستوحي من هذه التعبيرات، بأنّ قرين السّوء، يمكن أن يحرف الإنسان من موقع الأغواء، عن طريق الباري تعالى، و يصدّه عن سبيل الهداية و الصّلاح، فيهدم عليه دعائم الأخلاق، و يشوّه الواقع النّفسي و الفكري له، فينخدع هذا المسكين ويحسب أنّه على هدىً، فإرجاعه عن غيّه، و العودة به إلى الصّراط المستقيم، سيكون ضرباً من المحال، ولن يستيقظ من أوهام الغفلة، إلّا وقد فات الأوان، و بعد غلق طريق العودة عليه.
و كذلك يُستفاد من الآية الشريفة، أنّ قرين السّوء يبقى دائماً مع الإنسان في حياته الاخرويّة الأبديّة، و كم هو مؤلم، أن يرى الشّخص المسبّب في بؤسه و هلاكه، يعيش معه دوماً، ولن تنفع معه اليوم الأماني و الآمال بالإنفصال عنه ومفارقته، فيقول: «وَلَنْ يَنفَعَكُمْ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ» .
وفي مضمون الآيات الآنفة الذّكر، الآية (٢٥) من سورة فصّلت، فتقول:
«وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمْ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ» .