Репост из: محمد إلهامي
حينما اقرأ السجالات الفكرية أو الأدبية بين اثنين من الأعلام، يأخذني الخيال لأقول: ترى لو بُعِثا من الموت الآن، هل سيخوضان هذه المعركة أم سينصرفان عنها إلى ما هو خير لهما في الآخرة؟
ولو أنهما خاضاها، فهل سيكون تعاركهما بهذا القدر من الحماس والتدقيق والحرص على إحراج الخصم وهدمه، أم سيُغلبون حسن الظن ويتجاوزون عن الهفوات ويكونون أحرص على الوصول إلى الحق لا الانتصار للنفس؟!
ثم لو أنهما لم يفعلا هذا كله، ثم نظرا في هذا الجيل الحالي فعرفوا أن أغلب الجيل لا يعرفهما أصلا، والنادر الذي يعرفهما لم يتحمس لتكوين موقف من هذه المعركة ولا لتخليد اسم أحدهما، إنما غاية ما في الأمر أن ينصر رأي أحدهما نصرة المتحفظ لا المتحمس، نصرة الناقد لا المقاتل، نصرة من قد يتراجع عن موقفه هذا إن تغير رأيه أو أشير له ببعض المال أو بشيء من المنصب أو لأجل علاقة يطلبها تفتح له بعض الأبواب.. ففي النهاية هو رجل يخوض معركة نفسه وحياته ويطلب أبواب الدنيا كما كان الذين قبله.
لن يفرح أحد إذا بُعِث من بعد موته إلا الذي ترك علما نافعا أخلص فيه لله، فتولى الله له نشره في الناس، فإذا الناس لا تزال تقرأ له وتفيد منه فيتراكم من ذلك كله حسناتُه!
أقسى ما في الموت أنه حقيقة لا سبيل إلى الشك فيها.. حقيقة قاهرة لا يقف أمامها شيء ولا ينجو منها أحد ولا يتعطل لها قانون.. يوما ما سنكون تحت الأرض، سينسانا الناس، ستذهب معنا معاركنا التي نخوضها الآن بحماس، ستذهب الدنيا التي نتعارك عليها لآخرين..
لن ينفعنا إلا ما طلبنا فيه وجه الله..
لذلك كانت إجابة نبينا واضحة، سُئل: من أكيس (أعقل) الناس؟ فقال: أكثرهم ذكرا للموت، وأكثرهم استعدادا لما بعد الموت.
إن الذي يكثر من ذكر الموت هو الذي يحسن انتقاء معاركه، ويحسن خوضها، فلا يخوض منها إلا ما كان كبيرا فارقا حاسما كثير النفع.. وهو حين يخوضها يخوضها ببسالة المقاتل الذي يطلب منها أجر الآخرة، الذي يعرف أن الدنيا قصيرة زائلة.. فهو أشرس المقاتلين في أشرف المعارك..
وليس يمكنك أن تتذكر هذه الأمور إلا لو كان لك ورد ثابت من كتاب الله، قراءة أو سماعا أو مدارسة، القرآن يعيد تذكيرك -تقريبا في كل آية- بحقيقة هذا الوجود.. بالمعارك الكبرى، معركة الحق والباطل، حقيقة الدنيا والآخرة، شأن الصالحين وشأن الكافرين، سيرة الأنبياء والأعداء، لفت النظر إلى خلق السموات والأرض والكائنات ليقع في نفسك تعظيم الله وتذكره.. طوفان من المعاني التي تنتزعك من تفاصيل الدنيا ومشكلاتها الصغيرة ومعاركها التافهة!
بهذا يعتدل ميزان النظر، ومعيار التصور.. يعتدل ميزان الوسائل والغايات، يعتدل ميزان طلب رضا الله وطلب الإعجاب من الناس، هناك تقبل بكل رضا وسلاسة نفس أن تكون ذيلا في الحق وتنفر أن تكون رأسا في الباطل.. يقل كثير الدنيا في عينك، ويكثر قليل الدنيا في عينك.. يرتقي القلب ليكون حاكما على الأمور لا محكوما بها ولا مستعبدا لها..
كان إمام مشهور في اللغة -من طبقة الإمام أحمد لكن غاب عني الآن اسمه واسم شيخه- يقول عن شيخه: هانت علي الدنيا كلما ذكرت أن الأرض ستأكل لسان فلان!
كان انبهاره بالفصاحة والبلاغة المتدفقة من لسان شيخه قويا، وكان هذا الانبهار جديرا أن يجعله يطلب الفصاحة لغرض الكتابة والشعر وأن يكون لسان الأمراء والملوك.. لكن قوة التقوى في نفسه كانت تنزعه نحو معنى آخر، معنى أن هذا اللسان العجيب سيأكله التراب بعد سنوات.. فإذا بهذا المعنى يُحَوِّله إلى الزهد في الدنيا وطلب ما عند الله.
اللهم زهدنا في الدنيا حتى نبلغ رضاك، ورضنا بما آتيتنا في السراء والضراء، وثبتنا على ما يرضيك حتى نلقاك، واجعل لنا لسان صدق في الآخرين.
ولو أنهما خاضاها، فهل سيكون تعاركهما بهذا القدر من الحماس والتدقيق والحرص على إحراج الخصم وهدمه، أم سيُغلبون حسن الظن ويتجاوزون عن الهفوات ويكونون أحرص على الوصول إلى الحق لا الانتصار للنفس؟!
ثم لو أنهما لم يفعلا هذا كله، ثم نظرا في هذا الجيل الحالي فعرفوا أن أغلب الجيل لا يعرفهما أصلا، والنادر الذي يعرفهما لم يتحمس لتكوين موقف من هذه المعركة ولا لتخليد اسم أحدهما، إنما غاية ما في الأمر أن ينصر رأي أحدهما نصرة المتحفظ لا المتحمس، نصرة الناقد لا المقاتل، نصرة من قد يتراجع عن موقفه هذا إن تغير رأيه أو أشير له ببعض المال أو بشيء من المنصب أو لأجل علاقة يطلبها تفتح له بعض الأبواب.. ففي النهاية هو رجل يخوض معركة نفسه وحياته ويطلب أبواب الدنيا كما كان الذين قبله.
لن يفرح أحد إذا بُعِث من بعد موته إلا الذي ترك علما نافعا أخلص فيه لله، فتولى الله له نشره في الناس، فإذا الناس لا تزال تقرأ له وتفيد منه فيتراكم من ذلك كله حسناتُه!
أقسى ما في الموت أنه حقيقة لا سبيل إلى الشك فيها.. حقيقة قاهرة لا يقف أمامها شيء ولا ينجو منها أحد ولا يتعطل لها قانون.. يوما ما سنكون تحت الأرض، سينسانا الناس، ستذهب معنا معاركنا التي نخوضها الآن بحماس، ستذهب الدنيا التي نتعارك عليها لآخرين..
لن ينفعنا إلا ما طلبنا فيه وجه الله..
لذلك كانت إجابة نبينا واضحة، سُئل: من أكيس (أعقل) الناس؟ فقال: أكثرهم ذكرا للموت، وأكثرهم استعدادا لما بعد الموت.
إن الذي يكثر من ذكر الموت هو الذي يحسن انتقاء معاركه، ويحسن خوضها، فلا يخوض منها إلا ما كان كبيرا فارقا حاسما كثير النفع.. وهو حين يخوضها يخوضها ببسالة المقاتل الذي يطلب منها أجر الآخرة، الذي يعرف أن الدنيا قصيرة زائلة.. فهو أشرس المقاتلين في أشرف المعارك..
وليس يمكنك أن تتذكر هذه الأمور إلا لو كان لك ورد ثابت من كتاب الله، قراءة أو سماعا أو مدارسة، القرآن يعيد تذكيرك -تقريبا في كل آية- بحقيقة هذا الوجود.. بالمعارك الكبرى، معركة الحق والباطل، حقيقة الدنيا والآخرة، شأن الصالحين وشأن الكافرين، سيرة الأنبياء والأعداء، لفت النظر إلى خلق السموات والأرض والكائنات ليقع في نفسك تعظيم الله وتذكره.. طوفان من المعاني التي تنتزعك من تفاصيل الدنيا ومشكلاتها الصغيرة ومعاركها التافهة!
بهذا يعتدل ميزان النظر، ومعيار التصور.. يعتدل ميزان الوسائل والغايات، يعتدل ميزان طلب رضا الله وطلب الإعجاب من الناس، هناك تقبل بكل رضا وسلاسة نفس أن تكون ذيلا في الحق وتنفر أن تكون رأسا في الباطل.. يقل كثير الدنيا في عينك، ويكثر قليل الدنيا في عينك.. يرتقي القلب ليكون حاكما على الأمور لا محكوما بها ولا مستعبدا لها..
كان إمام مشهور في اللغة -من طبقة الإمام أحمد لكن غاب عني الآن اسمه واسم شيخه- يقول عن شيخه: هانت علي الدنيا كلما ذكرت أن الأرض ستأكل لسان فلان!
كان انبهاره بالفصاحة والبلاغة المتدفقة من لسان شيخه قويا، وكان هذا الانبهار جديرا أن يجعله يطلب الفصاحة لغرض الكتابة والشعر وأن يكون لسان الأمراء والملوك.. لكن قوة التقوى في نفسه كانت تنزعه نحو معنى آخر، معنى أن هذا اللسان العجيب سيأكله التراب بعد سنوات.. فإذا بهذا المعنى يُحَوِّله إلى الزهد في الدنيا وطلب ما عند الله.
اللهم زهدنا في الدنيا حتى نبلغ رضاك، ورضنا بما آتيتنا في السراء والضراء، وثبتنا على ما يرضيك حتى نلقاك، واجعل لنا لسان صدق في الآخرين.