" من منهج التزكية القرآني تربية القلوب على دوام الاستغفار حتى مع عظيم العمل، وذلك من مقتضى مقت النفس في ذات الله، التي يقول فيها ابن القيم رحمه الله: " ﻭﻣﻘﺖ اﻟﻨﻔﺲ في ﺫاﺕ اﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺕ اﻟﺼﺪﻳﻘﻴﻦ، ﻭﻳﺪﻧﻮ اﻟﻌﺒﺪ ﺑﻪ ﻣﻦ اﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻓﻰ ﻟﺤﻈﺔ ﻭاﺣﺪﺓ ﺃﺿﻌﺎﻑ ﺃﺿﻌﺎﻑ ﻣﺎ ﻳﺪﻧﻮ ﺑﻪ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ".
(إغاثة اللهفان ١/٨٧)
فتأمل قوله سبحانه في الثناء على المتقين أهل الجنة في أول آل عمران:
﴿ٱلَّذِینَ یَقُولُونَ رَبَّنَاۤ إِنَّنَاۤ ءَامَنَّا فَٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلصَّـٰبِرِینَ وَٱلصَّـٰدِقِینَ وَٱلۡقَـٰنِتِینَ وَٱلۡمُنفِقِینَ وَٱلۡمُسۡتَغۡفِرِینَ بِٱلۡأَسۡحَارِ﴾.
فقد وصفهم بأنّهم يدعون ربّهم بالمغفرة، ويسألون تكفير الذنب، وذكر أنّهم يتوسلون بإيمانهم به سبحانه، فقال: ﴿ٱلَّذِینَ یَقُولُونَ رَبَّنَاۤ إِنَّنَاۤ ءَامَنَّا﴾، وهذا توسل بالعمل الصالح.
ثم إنّه سبحانه وصفهم بالأوصاف الصالحة، واثنى عليهم بأعمالهم الطاهرة، فقال: ﴿ ٱلصَّـٰبِرِینَ وَٱلصَّـٰدِقِینَ وَٱلۡقَـٰنِتِینَ وَٱلۡمُنفِقِینَ﴾، فيندفع بذلك أن يُظنّ بهم أنهم من أهل التفريط، أو الجراءة على الله، فإنهم وإن ذكر الله عنهم سؤال مغفرة الذنوب، لكنهم من أهل الصبر والصدق والقنوت والنفقة!
ثم عاد السياق ليثني عليهم بالاستغفار في الأوقات الفاضلة، فقال: ﴿وَٱلۡمُسۡتَغۡفِرِینَ بِٱلۡأَسۡحَارِ﴾، وهذا مقتضٍ لصلاتهم الليل، وقيامهم بالسحر، كما جاء عن ابن مسعود أنه كان في اﻟﻤﺴﺠﺪ وﻳﻘﻮﻝ: "ﺭﺏ ﺃﻣﺮﺗﻨﻲ ﻓﺄﻃﻌﺘﻚ، ﻭﻫﺬا ﺳﺤﺮ ﻓﺎﻏﻔﺮ ﻟﻲ"، وجاء عن ابن عمر نحوه، وقال قتادة وغيره هي في المصلين بالأسحار.
فاجتمع في الآيتين ذكر عبادتهم واجتهادهم، مع ذكر خوفهم ومقتهم لأنفسهم ".
- د. محمد آل رميح
(إغاثة اللهفان ١/٨٧)
فتأمل قوله سبحانه في الثناء على المتقين أهل الجنة في أول آل عمران:
﴿ٱلَّذِینَ یَقُولُونَ رَبَّنَاۤ إِنَّنَاۤ ءَامَنَّا فَٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلصَّـٰبِرِینَ وَٱلصَّـٰدِقِینَ وَٱلۡقَـٰنِتِینَ وَٱلۡمُنفِقِینَ وَٱلۡمُسۡتَغۡفِرِینَ بِٱلۡأَسۡحَارِ﴾.
فقد وصفهم بأنّهم يدعون ربّهم بالمغفرة، ويسألون تكفير الذنب، وذكر أنّهم يتوسلون بإيمانهم به سبحانه، فقال: ﴿ٱلَّذِینَ یَقُولُونَ رَبَّنَاۤ إِنَّنَاۤ ءَامَنَّا﴾، وهذا توسل بالعمل الصالح.
ثم إنّه سبحانه وصفهم بالأوصاف الصالحة، واثنى عليهم بأعمالهم الطاهرة، فقال: ﴿ ٱلصَّـٰبِرِینَ وَٱلصَّـٰدِقِینَ وَٱلۡقَـٰنِتِینَ وَٱلۡمُنفِقِینَ﴾، فيندفع بذلك أن يُظنّ بهم أنهم من أهل التفريط، أو الجراءة على الله، فإنهم وإن ذكر الله عنهم سؤال مغفرة الذنوب، لكنهم من أهل الصبر والصدق والقنوت والنفقة!
ثم عاد السياق ليثني عليهم بالاستغفار في الأوقات الفاضلة، فقال: ﴿وَٱلۡمُسۡتَغۡفِرِینَ بِٱلۡأَسۡحَارِ﴾، وهذا مقتضٍ لصلاتهم الليل، وقيامهم بالسحر، كما جاء عن ابن مسعود أنه كان في اﻟﻤﺴﺠﺪ وﻳﻘﻮﻝ: "ﺭﺏ ﺃﻣﺮﺗﻨﻲ ﻓﺄﻃﻌﺘﻚ، ﻭﻫﺬا ﺳﺤﺮ ﻓﺎﻏﻔﺮ ﻟﻲ"، وجاء عن ابن عمر نحوه، وقال قتادة وغيره هي في المصلين بالأسحار.
فاجتمع في الآيتين ذكر عبادتهم واجتهادهم، مع ذكر خوفهم ومقتهم لأنفسهم ".
- د. محمد آل رميح