والخفارة لغة واصطلاحاً : الذّمّة والعهد ، والأمان ، والحراسة و الخَفِير المُجِير تقول خَفَر الرَّجُلُ أَي أَجَارَه وكان له خَفيراً يَمْنَعُه ، وتَخَفَّر بفلان استجار به وسألَه أن يكونَ له خَفِيراً. وأخْفَرَه نَقَضَ عَهْدَه .
لكن العصبية الجاهلية واعرافها غالباً أبت ألا تحفظ لهذه الخفارة على الوجه الشرعي المطلوب حيث أنها لكل مسلم معصوم الدم والمال والعِرضْ . فيذكر الفقهاء رحمهم الله الخفارة بمعنى الجُعل ، أو الحراسة في بعض المواضع ؛ بينما هي كعُرف قبلي وتقليد يتم التعامل معه ليس لكل أحد من المسلمين. ومن هنا تنتهك الخفارة ، أو لا ينظر لها كمطلب شرعي وتتجاوز ويحدث القتل وسفك الدماء بين الجاهلين .
فقد روى القاضي العلامة عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف من أمثلة للخفارة من هذا الوجه العرفي القبلي في حضرموت في إدام القوت ، وبضائع التابوت ، بعض من هذه من الحوادث التي أدت إلى سفك الدماء قال في كتابه : (معجم بلدان حضرموت المسمى إدام القوت في ذكر بلدان حضرموت – تحقيق إبراهيم أحمد المقحفي – مكتبة الارشاد – صنعاء الطبعة الأولى ١٤٢٣ هـ- ٢٠٠٣م ص ٥٥٢ -٥٥٤ : منها حادثة قتل جرت في منطقة شرق تريم ، ثم في قاهر :
[ قلت قرية جنوب غرب قرية اللسك وتقع أيضا شرق تسكنها غالبية من قبيلة آل التميمي وهذه المناطق ضمن نطاق السلطنة القعيطية ابتداء من قرية دمون حتى الحدود مع المهرة ] قرية لآل عبد الشيخ ، وهم قبيلة كريمة من آل تميم ، لكن جرت بينهم دويهيه ـ في الأخير ـ تصغر منها الأنامل ، ذلك أن ناصر بن سالم ـ أحد آل سلمه ـ أخذَ جملين من الحطب لآل الكاف في أيام فتنةٍ بين آل سَلَمه وآل تريم ، وكان الجَمَّال يحمل سكيناً من سالم بن عبود بن عبد الشيخ بصفة الخفارة ، فلم يُبَالِ بها ناصر بن سالم ، فلم يكن من آل عبد الشيخ إلاّ أن صَعَدوا الجبل الذي يطل على آل سلمه وأصبحوا يُطلقون عليهم الرصاص حتى حَجَز بينهم آل تميم على شرط أن يردوا الحطب ويدفعوا بندقيةً عربوناً في الخفاره ، فَسُوِّيت المسألة واندفع العار في أعرافهم ، وصادف أن وصل السيد حسين بن حامد المحضار إلى عينات واستدعى آل تميم ليتكلم معهم في كثير من الأمور ، فحضروا ولمّا نَهضَ ناصر بن سالم راجعاً إلى دمون تبعهُ سالم بن عبود ، ولمّا فصلا من عينات هَتفَ به سالم بن عبود وذَكّره بصنيعه ، فتساورا للقتال ، ولكن كان سالم أسبق لاستعداده بحشو بندقيته من قَبْل بخلاف ناصر فما كان إلا آمناً مطمئناً فسقط يتشخط في دمه ، وملأ سالم بن عبود ما صنعه فخراً عند أصحابه الذين لم يزالوا يلسعونه بقارص الكلام ، ومع غضب السيد حسين بن حامد من هذا الصنيع الذي يمس بشرفه وشرف حكومته فلولا وجوده لما انعقد صلح بين آل عبد الشيخ وآل سلمه أبداً ولكنه أجبرهم عليه ، وَفى آل سَلَمة طواعيّة وحياء فأطلبوه وبذلك انتفخ سالم بن عبود ، ولكن ضَرْبه بناقةٍ وأخرى بطعنة ففي سنة ١٣٦٢ وَرَد سالم بن عبود ـ هذا ـ إلى قَسَم وبمعيته السيد عبدالله بن إبراهيم بن علوي السقاف المُلقَّب بن سحاق ، وكان ممنوعاً من دخول قَسَم لِوَحْشَةٍ بينه وبين المُقَدَّم عَبَد بن علي بن أحمد بن عبدالله بن يماني ، فلم يكن من المقدم إلاّ أن أمر بن سحاق بمغادرة قَسَم في الحال ، وكان الأمر بصفة التهديد ؛ فلم يكن بُد من الامتثال ، فرأى سالم أن شرفه قد مُسّ وخشى مَعرّة الكلام ، فحقدها حتى مرت سيّارةً فيها المقدم وإخوانه يخفرهم أحد آل عبد الشيخ ، فلم يُبال به سالم ، وأطلق الرصاص عليهم فَأردَى السائق وواحداً من آل يماني ، ولكنه استشعر الخوف من صهره وخال أولاده وهو محمد بن علي بن عبد الشيخ ، فأفرخ روعه وطيَّبَ خاطره ، ثم لم يشعر سالم إلاّ والرصاص ينهال عليه من دار محمد بن علي بدون أن يصيبوه ، ولكنه لمّا خَفّ لأخذ بندقيته من موضع مكشوف أهلكوه ، ثم حصروا ولده ولكنه ثبت حتى قالوا له أن المسألة قد انتهت ؛ كان لآل يماني قتيل فثأروا به ، وانجلىَ العار عن الخفير من آل عبد الشيخ فكان قَتْل أبيك باباً سد منفذين وما بقي إلا أن تخرج معنا ـ إلى عينات ـ ننادي في سوقها بانفصال القضية وتمام الثأر وجلاء العار وأننا من اليوم إخوة ودماؤنا واحدة ، فقال : لا يطمئن قلبي إلاّ أن تَعهّد لي خال إخواني ـ وهو محمد بن علي بن عبد الشيخ ـ فتعهَّد لهُ وأعطاه وجهه ، فاطمأن إليه ، وخَرَج من داره هو وإياه وسارا ـ هما وآل عبد الشيخ ـ معاً إلى عَيْنَات ومعهم ناس من آل يماني ،ولمّا كانوا في أثناء الطريق أشار إليهم محمد بن علي فوثبوا على بن سالم عبود وكتَّفوه ثم أَطْلَق عليه أحد آل يماني ـ وهو ابن سالم بن أحمد ـ الرصاص ، فَخرّ صريع الغدر والخيانة ، قبحهما الله . وكان الأَوْلَى إغفال القبيحة ولكن الغدر يؤلم قلبي ويحرق جوفي وقد قال أبو الطيب :
لكن العصبية الجاهلية واعرافها غالباً أبت ألا تحفظ لهذه الخفارة على الوجه الشرعي المطلوب حيث أنها لكل مسلم معصوم الدم والمال والعِرضْ . فيذكر الفقهاء رحمهم الله الخفارة بمعنى الجُعل ، أو الحراسة في بعض المواضع ؛ بينما هي كعُرف قبلي وتقليد يتم التعامل معه ليس لكل أحد من المسلمين. ومن هنا تنتهك الخفارة ، أو لا ينظر لها كمطلب شرعي وتتجاوز ويحدث القتل وسفك الدماء بين الجاهلين .
فقد روى القاضي العلامة عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف من أمثلة للخفارة من هذا الوجه العرفي القبلي في حضرموت في إدام القوت ، وبضائع التابوت ، بعض من هذه من الحوادث التي أدت إلى سفك الدماء قال في كتابه : (معجم بلدان حضرموت المسمى إدام القوت في ذكر بلدان حضرموت – تحقيق إبراهيم أحمد المقحفي – مكتبة الارشاد – صنعاء الطبعة الأولى ١٤٢٣ هـ- ٢٠٠٣م ص ٥٥٢ -٥٥٤ : منها حادثة قتل جرت في منطقة شرق تريم ، ثم في قاهر :
[ قلت قرية جنوب غرب قرية اللسك وتقع أيضا شرق تسكنها غالبية من قبيلة آل التميمي وهذه المناطق ضمن نطاق السلطنة القعيطية ابتداء من قرية دمون حتى الحدود مع المهرة ] قرية لآل عبد الشيخ ، وهم قبيلة كريمة من آل تميم ، لكن جرت بينهم دويهيه ـ في الأخير ـ تصغر منها الأنامل ، ذلك أن ناصر بن سالم ـ أحد آل سلمه ـ أخذَ جملين من الحطب لآل الكاف في أيام فتنةٍ بين آل سَلَمه وآل تريم ، وكان الجَمَّال يحمل سكيناً من سالم بن عبود بن عبد الشيخ بصفة الخفارة ، فلم يُبَالِ بها ناصر بن سالم ، فلم يكن من آل عبد الشيخ إلاّ أن صَعَدوا الجبل الذي يطل على آل سلمه وأصبحوا يُطلقون عليهم الرصاص حتى حَجَز بينهم آل تميم على شرط أن يردوا الحطب ويدفعوا بندقيةً عربوناً في الخفاره ، فَسُوِّيت المسألة واندفع العار في أعرافهم ، وصادف أن وصل السيد حسين بن حامد المحضار إلى عينات واستدعى آل تميم ليتكلم معهم في كثير من الأمور ، فحضروا ولمّا نَهضَ ناصر بن سالم راجعاً إلى دمون تبعهُ سالم بن عبود ، ولمّا فصلا من عينات هَتفَ به سالم بن عبود وذَكّره بصنيعه ، فتساورا للقتال ، ولكن كان سالم أسبق لاستعداده بحشو بندقيته من قَبْل بخلاف ناصر فما كان إلا آمناً مطمئناً فسقط يتشخط في دمه ، وملأ سالم بن عبود ما صنعه فخراً عند أصحابه الذين لم يزالوا يلسعونه بقارص الكلام ، ومع غضب السيد حسين بن حامد من هذا الصنيع الذي يمس بشرفه وشرف حكومته فلولا وجوده لما انعقد صلح بين آل عبد الشيخ وآل سلمه أبداً ولكنه أجبرهم عليه ، وَفى آل سَلَمة طواعيّة وحياء فأطلبوه وبذلك انتفخ سالم بن عبود ، ولكن ضَرْبه بناقةٍ وأخرى بطعنة ففي سنة ١٣٦٢ وَرَد سالم بن عبود ـ هذا ـ إلى قَسَم وبمعيته السيد عبدالله بن إبراهيم بن علوي السقاف المُلقَّب بن سحاق ، وكان ممنوعاً من دخول قَسَم لِوَحْشَةٍ بينه وبين المُقَدَّم عَبَد بن علي بن أحمد بن عبدالله بن يماني ، فلم يكن من المقدم إلاّ أن أمر بن سحاق بمغادرة قَسَم في الحال ، وكان الأمر بصفة التهديد ؛ فلم يكن بُد من الامتثال ، فرأى سالم أن شرفه قد مُسّ وخشى مَعرّة الكلام ، فحقدها حتى مرت سيّارةً فيها المقدم وإخوانه يخفرهم أحد آل عبد الشيخ ، فلم يُبال به سالم ، وأطلق الرصاص عليهم فَأردَى السائق وواحداً من آل يماني ، ولكنه استشعر الخوف من صهره وخال أولاده وهو محمد بن علي بن عبد الشيخ ، فأفرخ روعه وطيَّبَ خاطره ، ثم لم يشعر سالم إلاّ والرصاص ينهال عليه من دار محمد بن علي بدون أن يصيبوه ، ولكنه لمّا خَفّ لأخذ بندقيته من موضع مكشوف أهلكوه ، ثم حصروا ولده ولكنه ثبت حتى قالوا له أن المسألة قد انتهت ؛ كان لآل يماني قتيل فثأروا به ، وانجلىَ العار عن الخفير من آل عبد الشيخ فكان قَتْل أبيك باباً سد منفذين وما بقي إلا أن تخرج معنا ـ إلى عينات ـ ننادي في سوقها بانفصال القضية وتمام الثأر وجلاء العار وأننا من اليوم إخوة ودماؤنا واحدة ، فقال : لا يطمئن قلبي إلاّ أن تَعهّد لي خال إخواني ـ وهو محمد بن علي بن عبد الشيخ ـ فتعهَّد لهُ وأعطاه وجهه ، فاطمأن إليه ، وخَرَج من داره هو وإياه وسارا ـ هما وآل عبد الشيخ ـ معاً إلى عَيْنَات ومعهم ناس من آل يماني ،ولمّا كانوا في أثناء الطريق أشار إليهم محمد بن علي فوثبوا على بن سالم عبود وكتَّفوه ثم أَطْلَق عليه أحد آل يماني ـ وهو ابن سالم بن أحمد ـ الرصاص ، فَخرّ صريع الغدر والخيانة ، قبحهما الله . وكان الأَوْلَى إغفال القبيحة ولكن الغدر يؤلم قلبي ويحرق جوفي وقد قال أبو الطيب :