إلى ديور، لعلك بخير
قد مرّ وقت
وهذه المرة صِدقاً من أرضٍ لا تدرك أنفاسنا...
أيضاً مر وقت مذ آخر همسات حزينة مع الورق، وأقولها بشعور لا يعرف موقعه من الثبوت، هل هو حسرة أم يأس، أم أنه مجرد شعور غائر الألم ونسيت كيف أبكيه، إن هذه معركة لم أخضها طوعاً ولا هي ذات مبدأ.
تتهافت الساعات فجأة وإذا بها سنوات ما زلت في هول مرورها، كيف انقضت ومتى، أحداث كثيرة لا أذكر منها شيئاً، تتلاشى قبل أن أحفظ رسمها، كيف بدت! هل بها ضحكٌ كثير أم أنني أجفلت بعض حزنها، لحظات كانت تأمل أن تُعاش على مهل، لكن العيش اتخذها سِككاً سريعة، أوقعت جزءاً مني أو أنه أراد الوقوع، فلا نستطيع حساب الذي تركناه وحدنا يا ديور، ومالم نقاتل فما نحن سوى مفلتين، ببساطة أصبحت الأشياء تُسرق من يدي طوعاً بلا جوهر، مثل رسالتي هذه، تشبيهاً فاقد السرد.
وأريد أخبارك بأن النسيان يأكل حزني يا ديور، أخذه على نارٍ هادئة وهو يتململ في صميمه يخشى الزوال، كتلك الشمس _ شمسنا_ عند الغروب، أردنا أن ندركها رغم البعد ولكنها وإرادة الطرق والجغرافيا، لطالما أحاطت بنا ونحن على وهننا نتجرع أمالاً خاثرة لا تتسم بالواقعية ولم نتّسم بالغروب؛ أو هكذا ظننت...
وأزيدك بيتاً، أصبحت (واقعية) أبغض الأحلام إن كانت نهايتها عند الصحو، أن أتغنّى بالتحقق ثم ابدأ بعدها.. فلم يعد يروقني الطيران إن كنت في الأصل بلا جناح، هكذا غدوت يا ديور، مهزومةً في مطلعي...
يستهويني الهدوء طالما لن تعكّر مزاجي أشياء تنتظر أن أنهيها _ يتعكر دائماً_فأنا كثيرة الأنصاف وسأدهشك في البدايات المبتورة...
والحزن يا ديور، مرةً أخرى (نعم)، فالأوجاع تنبض حتى وإن كرهنا، لم أفهمه قط، ما عاد يُسكرني ولم يعد يتعد كونه محركاً ينتهي عدوه مع الوقت، كعجوز قارع مشيب الأيام واستوى على كرسيه مستظلاً تناهيه، مسدلاً تجعد جبينه على أعين بدت فاترة الإدهاش، هادئة البصر، بها شيء من الإفصاح عن أشياء مُفتقدة، يتأنى في المشي كما تتأنى الذكريات خبواً إلى أن تُحتجب، ويظل داخله يئن، يحاول أن يمُد في الإشراق مستصعباً رهق المغيب، رغم ذلك لا يبدي أية ردة فعل، يرى الاندفاع والأحلام وفتوّته تلك على أنها فترات مراهقة كان أعقل من أن يخوض غماراها حتى ولو كانت مجازاً، فصمتاً صمتاً، كاليأس والحسرة.
غائراً كندبة...
وددت أن أكون ذلك الشخص الذي رسمته في دفتري، طفلاً عند العاشرة، طائراً أزرق، حصاناً كالزُلاف لا هو ليلة داكنة ولا هو نهار طويل، حلمت وأنا ذلك الصغير.. أسفي على حلمٍ أجشٍ يا ديور، على صرخة أرادت مبارحة المكان لكنها ظلت هناك.
طائري الأزرق لن يشعر باندفاع الهواء حوله، ولا بتدفق الدماء، لن ينتشر ما في صدره معلناً ذاته، تماهيه، التأثر، الإدهاش وعمق الشعور، كلها أشياء خُنقت عند ذاك الجناح، همسات الورق، الواقعية، الحزن والنسيان، ذاك العجوز وقلبي يا ديور.
(وضع النقطة وختم على جوابه)
كالعادة: مخلصك الحزين وبعض الأشياء...
- أروى عادل
قد مرّ وقت
وهذه المرة صِدقاً من أرضٍ لا تدرك أنفاسنا...
أيضاً مر وقت مذ آخر همسات حزينة مع الورق، وأقولها بشعور لا يعرف موقعه من الثبوت، هل هو حسرة أم يأس، أم أنه مجرد شعور غائر الألم ونسيت كيف أبكيه، إن هذه معركة لم أخضها طوعاً ولا هي ذات مبدأ.
تتهافت الساعات فجأة وإذا بها سنوات ما زلت في هول مرورها، كيف انقضت ومتى، أحداث كثيرة لا أذكر منها شيئاً، تتلاشى قبل أن أحفظ رسمها، كيف بدت! هل بها ضحكٌ كثير أم أنني أجفلت بعض حزنها، لحظات كانت تأمل أن تُعاش على مهل، لكن العيش اتخذها سِككاً سريعة، أوقعت جزءاً مني أو أنه أراد الوقوع، فلا نستطيع حساب الذي تركناه وحدنا يا ديور، ومالم نقاتل فما نحن سوى مفلتين، ببساطة أصبحت الأشياء تُسرق من يدي طوعاً بلا جوهر، مثل رسالتي هذه، تشبيهاً فاقد السرد.
وأريد أخبارك بأن النسيان يأكل حزني يا ديور، أخذه على نارٍ هادئة وهو يتململ في صميمه يخشى الزوال، كتلك الشمس _ شمسنا_ عند الغروب، أردنا أن ندركها رغم البعد ولكنها وإرادة الطرق والجغرافيا، لطالما أحاطت بنا ونحن على وهننا نتجرع أمالاً خاثرة لا تتسم بالواقعية ولم نتّسم بالغروب؛ أو هكذا ظننت...
وأزيدك بيتاً، أصبحت (واقعية) أبغض الأحلام إن كانت نهايتها عند الصحو، أن أتغنّى بالتحقق ثم ابدأ بعدها.. فلم يعد يروقني الطيران إن كنت في الأصل بلا جناح، هكذا غدوت يا ديور، مهزومةً في مطلعي...
يستهويني الهدوء طالما لن تعكّر مزاجي أشياء تنتظر أن أنهيها _ يتعكر دائماً_فأنا كثيرة الأنصاف وسأدهشك في البدايات المبتورة...
والحزن يا ديور، مرةً أخرى (نعم)، فالأوجاع تنبض حتى وإن كرهنا، لم أفهمه قط، ما عاد يُسكرني ولم يعد يتعد كونه محركاً ينتهي عدوه مع الوقت، كعجوز قارع مشيب الأيام واستوى على كرسيه مستظلاً تناهيه، مسدلاً تجعد جبينه على أعين بدت فاترة الإدهاش، هادئة البصر، بها شيء من الإفصاح عن أشياء مُفتقدة، يتأنى في المشي كما تتأنى الذكريات خبواً إلى أن تُحتجب، ويظل داخله يئن، يحاول أن يمُد في الإشراق مستصعباً رهق المغيب، رغم ذلك لا يبدي أية ردة فعل، يرى الاندفاع والأحلام وفتوّته تلك على أنها فترات مراهقة كان أعقل من أن يخوض غماراها حتى ولو كانت مجازاً، فصمتاً صمتاً، كاليأس والحسرة.
غائراً كندبة...
وددت أن أكون ذلك الشخص الذي رسمته في دفتري، طفلاً عند العاشرة، طائراً أزرق، حصاناً كالزُلاف لا هو ليلة داكنة ولا هو نهار طويل، حلمت وأنا ذلك الصغير.. أسفي على حلمٍ أجشٍ يا ديور، على صرخة أرادت مبارحة المكان لكنها ظلت هناك.
طائري الأزرق لن يشعر باندفاع الهواء حوله، ولا بتدفق الدماء، لن ينتشر ما في صدره معلناً ذاته، تماهيه، التأثر، الإدهاش وعمق الشعور، كلها أشياء خُنقت عند ذاك الجناح، همسات الورق، الواقعية، الحزن والنسيان، ذاك العجوز وقلبي يا ديور.
(وضع النقطة وختم على جوابه)
كالعادة: مخلصك الحزين وبعض الأشياء...
- أروى عادل