أَكْثَرُ المشَاهدِ رُعباً!
يوم بدرٍ لم يُردِ المسلمون إلا القافلة، ولم يُردِ المشركون إلا نجاتها، ولكنَّ اللهَ تعالى أتى بالفريقين إلى ساحة المعركة! ولو تواعدا لاختلفا في الميعاد، ولكن سبحان من إذا أراد لشيءٍ أن يكون كان!
اصطفَّ الفريقان قُبالة بعضهما البعض إيذاناً بنشوب القتال، عندها رفعَ أبو جهلٍ يديه ودعا قائلاً: اللَّهُم أقْطَعُنا للرَّحِمِ، وآتانَا بما لا يُعرَفُ، فأَحِنْهُ الغَداةَ!
بعد هذا بقليل رأى أبو جهل أكثر المشاهد رعباً في حياته، وجه ملك الموت وهو يقبض روحه على هذه الضلالة!
أبو جهل لم يكن شخصاً ساذجاً بالمناسبة كما تُحاول بعض الأفلام التَّاريخية تصويره، كان عاقلاً وفصيحاً وبليغاً! وما دُعاء النَّبيِّ ﷺ: اللهمَّ أعزَّ الإسلام بأحبِّ الرَّجلين إليك عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام! إلا تأكيد على ما كان فيه من مميزات! ولكنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور!
حتى قبل موته بلحظات كان أبو جهل يرى النَّبيَّ ﷺ قاطعاً للرَّحم، مُفرِّقاً لقومه!
ولكنَّه أدركَ الحقيقة حين اُسدلتِ السِّتارة، ولاتَ حين مندمٍ!
فإن كان من درسٍ من كلِّ هذا فهو أنَّه على كلِّ واحدٍ منا أن يعرضَ تحزَّبه وانتماءه، صداقاته وعداواته على كتاب ربِّنا، فلربما كان الواحد منا على ضلالةٍ وهو يحسبُ أنَّه يُحسنُ صُنعاً!
كلُّ المعجزات التى جاء بها موسى عليه السَّلام لفرعون لم تكُنْ لتهزَّه، ولا لتجعله يراجع نفسه، كان يرى أنَّه على حقٍّ تماماً!
كان لا يرى في موسى عليه السَّلام غير رجلٍ جاء لتبديل دين القوم، وإظهار الفساد في الأرض!
حتى في اللحظة التي شقَّ فيها موسى عليه السَّلام البحرَ ومضى ببني إسرائيل إلى الضَّفة الأخرى، تبعه فرعون بجنوده وهو يعتقدُ أنَّه على حقٍّ!
بعدها بلحظاتٍ رأى أكثر المشاهد رعباً في حياته، جبريل يضعُ الطين في فمه، وملكُ الموتِ يقبضُ روحه إلى النَّار!
مخيفةٌ جداً ثقة النَّاسِ في غير مواضعها، وسعيهم في طريقٍ يحسبونه حقاً، فليس كل غارقٍ في الضلالة منافق، بل الأمر أدهى من هذا، أن يرى الإنسان الحقَّ باطلاً فيحاربه، ويرى الباطل حقاً فيتّبعه!
فلينظر كلُّ واحدٍ منّا إلى موضع قدميه، وليعرضْ وقوفه على كتاب ربِّه، لأنَّ إدراك الحقيقة في وجه ملك الموت هي الحسرة التي لا علاج لها، فقد اُغلِقَ الكتاب، وجفَّتِ الصُّحف!
حين جِيءَ بالشَّقيِّ الضَّال عبد الرحمن بن ملجمٍ للقتلِ قصاصاً لأنه قتل أمير المؤمنين عليَّ ابن أبي طالبٍ رضي الله عنه، قال لهم: لا تقتلوني مرَّةً واحدةً، قطِّعوني إرباً حتى أزداد أجراً!
بعدها بلحظاتٍ رأى ابن ملجمٍ أكثر المشاهد رعباً في حياته، وجه ملكِ الموت وهو يخبره أنه كان يحسبُ أنَّه يُحسنُ صُنعا!
إلى هذا الحدِّ يمكنُ للإنسان أن يحسبَ نفسه على الحقِّ وهو غارقٌ في الباطلِ من رأسه حتى أخمص قدميه!
كلُّ واحدٍ منَّا سيموت وحده، ويُدفنُ وحده، ويُسألُ وحده، ويقوم للحساب وحده، ويقفُ بين يدي اللهِ وحده، فلا يبيعنَّ أحدٌ آخرته بدنيا غيره، ولا تنتفِخْ أوداجه في معارك خاسرة، ولا يُتعِبْ قدميه في طُرقٍ لا يسرُّه يوم القيامة أن يكون مشى فيها!
فاللهُمَّ أرِنا الحقَّ حقاً وارزقنا اتباعه، وأرِنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ونعوذ بوجهك الكريم أن لا نُدرك الحقيقة إلا حين نرى وجه ملك الموت!
أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية
يوم بدرٍ لم يُردِ المسلمون إلا القافلة، ولم يُردِ المشركون إلا نجاتها، ولكنَّ اللهَ تعالى أتى بالفريقين إلى ساحة المعركة! ولو تواعدا لاختلفا في الميعاد، ولكن سبحان من إذا أراد لشيءٍ أن يكون كان!
اصطفَّ الفريقان قُبالة بعضهما البعض إيذاناً بنشوب القتال، عندها رفعَ أبو جهلٍ يديه ودعا قائلاً: اللَّهُم أقْطَعُنا للرَّحِمِ، وآتانَا بما لا يُعرَفُ، فأَحِنْهُ الغَداةَ!
بعد هذا بقليل رأى أبو جهل أكثر المشاهد رعباً في حياته، وجه ملك الموت وهو يقبض روحه على هذه الضلالة!
أبو جهل لم يكن شخصاً ساذجاً بالمناسبة كما تُحاول بعض الأفلام التَّاريخية تصويره، كان عاقلاً وفصيحاً وبليغاً! وما دُعاء النَّبيِّ ﷺ: اللهمَّ أعزَّ الإسلام بأحبِّ الرَّجلين إليك عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام! إلا تأكيد على ما كان فيه من مميزات! ولكنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور!
حتى قبل موته بلحظات كان أبو جهل يرى النَّبيَّ ﷺ قاطعاً للرَّحم، مُفرِّقاً لقومه!
ولكنَّه أدركَ الحقيقة حين اُسدلتِ السِّتارة، ولاتَ حين مندمٍ!
فإن كان من درسٍ من كلِّ هذا فهو أنَّه على كلِّ واحدٍ منا أن يعرضَ تحزَّبه وانتماءه، صداقاته وعداواته على كتاب ربِّنا، فلربما كان الواحد منا على ضلالةٍ وهو يحسبُ أنَّه يُحسنُ صُنعاً!
كلُّ المعجزات التى جاء بها موسى عليه السَّلام لفرعون لم تكُنْ لتهزَّه، ولا لتجعله يراجع نفسه، كان يرى أنَّه على حقٍّ تماماً!
كان لا يرى في موسى عليه السَّلام غير رجلٍ جاء لتبديل دين القوم، وإظهار الفساد في الأرض!
حتى في اللحظة التي شقَّ فيها موسى عليه السَّلام البحرَ ومضى ببني إسرائيل إلى الضَّفة الأخرى، تبعه فرعون بجنوده وهو يعتقدُ أنَّه على حقٍّ!
بعدها بلحظاتٍ رأى أكثر المشاهد رعباً في حياته، جبريل يضعُ الطين في فمه، وملكُ الموتِ يقبضُ روحه إلى النَّار!
مخيفةٌ جداً ثقة النَّاسِ في غير مواضعها، وسعيهم في طريقٍ يحسبونه حقاً، فليس كل غارقٍ في الضلالة منافق، بل الأمر أدهى من هذا، أن يرى الإنسان الحقَّ باطلاً فيحاربه، ويرى الباطل حقاً فيتّبعه!
فلينظر كلُّ واحدٍ منّا إلى موضع قدميه، وليعرضْ وقوفه على كتاب ربِّه، لأنَّ إدراك الحقيقة في وجه ملك الموت هي الحسرة التي لا علاج لها، فقد اُغلِقَ الكتاب، وجفَّتِ الصُّحف!
حين جِيءَ بالشَّقيِّ الضَّال عبد الرحمن بن ملجمٍ للقتلِ قصاصاً لأنه قتل أمير المؤمنين عليَّ ابن أبي طالبٍ رضي الله عنه، قال لهم: لا تقتلوني مرَّةً واحدةً، قطِّعوني إرباً حتى أزداد أجراً!
بعدها بلحظاتٍ رأى ابن ملجمٍ أكثر المشاهد رعباً في حياته، وجه ملكِ الموت وهو يخبره أنه كان يحسبُ أنَّه يُحسنُ صُنعا!
إلى هذا الحدِّ يمكنُ للإنسان أن يحسبَ نفسه على الحقِّ وهو غارقٌ في الباطلِ من رأسه حتى أخمص قدميه!
كلُّ واحدٍ منَّا سيموت وحده، ويُدفنُ وحده، ويُسألُ وحده، ويقوم للحساب وحده، ويقفُ بين يدي اللهِ وحده، فلا يبيعنَّ أحدٌ آخرته بدنيا غيره، ولا تنتفِخْ أوداجه في معارك خاسرة، ولا يُتعِبْ قدميه في طُرقٍ لا يسرُّه يوم القيامة أن يكون مشى فيها!
فاللهُمَّ أرِنا الحقَّ حقاً وارزقنا اتباعه، وأرِنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ونعوذ بوجهك الكريم أن لا نُدرك الحقيقة إلا حين نرى وجه ملك الموت!
أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية