أنا وأنت

كَتَبْتُ فَوَّقَ الرِيَّاحِ .. وَكَتَبْتُ فَوَّقَ المَاءِ
إِسّمْ إِلتّي أَعَشّقُهَا وإِلتَّي وَهَبتُهَا رُوحَ حَوّاء
لَّم أدّرِي إِنّ الرِيَّاحْ .. لا تُحْسِّن الأَصَغاءْ
لَّم أَدّرِي أَنّ المَاءْ .. لا يَحَفظُ الأَسَمّاءْ .

فَجَرّتْ نَوْمَهُ
فَتَناثَرَّ .. فَوَّقَ وِسَادّتهِ
دِمَاءُ أَحَلَّامَهِ الآخِيَّرّة .

وَمَّنْ أنتِ بَعْدّي ؟
خَارَجَ قَلّبِي .. أنتِ لا تُوّجَدِيّن
خَارَجَ عَشِقِّي .. أنتِ سُلّطَانةً
فِي الأَرَضِ لا تَحَكُمِيّن
أنا الّذِي سَوّاكِ إِنَسّانَة
لَولَّا كِتَابَاتِي .. وَلَولَّا يَدّي
لَولّاهُمَا مِّنْ أنتِ فِي السّمَاوَات ؟
لَولّاهُمَا مِّنْ أنتِ فِي العَالمِيّن ؟
رَابيَّةً مَاتَتّ عَصَّافِيّرُهَا
لا تَنَبتُ البَنَفسّجُ .. ولا اليّاسَمْيّن
خَارَجَ صَّدّرِي .. أنتِ مَفْقُودَةً
خَارَجَ شِعْرِي .. أنتِ مَجْهُولَةً
ومَدّفُونَةً تَحَتَ جَلِّيّدِ السّنِيّن
مَلِّيكةٌ .. كُنتِ مَعي دَائمًا
وصَرَتِ بَعْدّي .. صَرَتِ كالأَخَرِيّنَ .

إِنّكَ قَد رَأيتَ الصَوّر
ولكِنكَ غَفلّتَ عَن المَعنّى .

لَمْ يَكُن الصَيفُ صَدّيقِي أبدًا
ولا تَحَمْسّتُ لَطَبقَات الطِلّاء
الأَحَمّرْ .. والأَصَفّرْ .. والأَخَضّرْ
إلّتي يَضّعُها عَلَى وَجَهّهْ
ولا للأَشّجْار إلّتي تُقَلِّد رَاقصَات الكَارَكَاسْ
الخَريفُ وَاحَدّهُ .. هوَ الّذِي يُشّبهْنّي .

لِشّدة زَرَقَاءِ عَيِنيها .. رأيتُها السّماءْ .

غدًا يَّا شّمْس الشّمْوسِ
عِندّما تَصَّلّينَ للسّتيّنَ .. أو للسّبعيّنَ مِّن عمركِ
سينحني ظهرُكِ قليلاً
التَجَاعيّدُ حَولَ عَيّنيَّكِ تُمسّي وَاضَحَةً
مِّثلَ أوَشّامٌ دَهَريّةٌ
يَطلُ البياضُ مِّن ليّلِ شّعْرُكِ
يَنبتُ العُشّبُ بينَ مَفاصِلَّ ذَكريَّاتُكِ
عَلَى مَهّلٍ تَنَهضيّنَ مِّن سَريرِ الوّقَت
مَتَكُوّرةً مِّثلَ نَونَ الحَنان
ثمّة أَدّويَّةً عَلَى المِنضَدةِ
سُعالٌ في الأَروّقةِ
زيارتُكِ إلى الصَّالونَاتِ نَادَرةٌ جدًا
إِلى الطَبيّبِ أَكَثر
بَصِّيرْتُكِ أقوى مِن بَصَّرُكِ
الوّاحَةُ في أعَمَّاقُكِ أكَثرُ نخيلاً مِن الجسّدِ
ما عَشِّناهُ ومَا سَنَعْيشّهُ مَعًا
أشدُ بَرِيقًا مِّن الذَهَب
غدًا حيّنَ تَكبُرينَ
سأُحبُّكِ بِجَنوّن العْشّريّنياتِ
وَسَأكتُبُ لكِ دائمًا أعظمُ قصائدي
يَّا أعظمُ امرأةً شّهدُها التَّارِيّخ
لِن أفتقدَّ القَامَة الرُمحيَّة
لِن أَطلُبَ مَاضِيًّا مَضَىٰ
فكُلَّ رجوعٍ يُضمِرُ خيبتهُ
وكُلَّ عَودَةٍ مَشّوبةٍ بالنُقصَّانِ
سَأُمسّكُ يديكِ في الشُوارعِ
كَمِّن يُمسّكُ مَوّجَةً من مُشّيبِ البَحرْ
كُلُّهُ يَشّيخُ إلا الماءْ
أنتِ جَمْيّلةٌ .. في السّتيّن والسّبعيّنَ
وروحٌ لا تَعرفُ الذَبُول
أنوثتكِ ليسّت شّكلًا .. ولا فُسّتانَ سهرّةً
أنوثتكِ قَلّبٌ يَفيّضُ
وضَحَكةٌ تَجَرِي مِّن تَحتِها الأَنَهار
يَّا سَيَّدتي
ستَبقينَ إلى الأبدِ في عِيُّونّي
تلكَ الصَّبيّةُ .. المَجْنوّنةُ .. الجَمْيّلةُ
وتَبقينَ أجملُ هديَّةً لي مِن رَبُّ السّماءْ
وستَبقينَ إلى الأبدِ .. أجملُ كُلَّ الجميَّلاتِ .

أَنتَظَرِيّنِّي لأَنَامَّ بِعِيّنيَّكِ
لأَنَامَّ مِّن تَعَبي .. وَلأَنَامَّ مِّن أَحَزَانّي
أَنتَظَرِيّنِّي أَيّتُّها المَرّأةُ المُعْجِزّةْ
فَإِنِّي لأَسَمْعُ الزَمَانَ .. حِصَّانٌ .. جَامِّحٌ
يَرّكَضُ خَلَّفِي .

إِنَّ كُنتَ قَوّيًا
أَخَرّجِنّي مِّن هَذا أَلِيّمْ
فأنا لا أَعَرفُ فَنَ العَوّمْ .

مَا دُمّتِ يَّا عَصَّفُوّرتِي الزَرقَاءْ
" حَبيَّبتّي "
إِذَن .. فإِنَّ اللهُ فِي السَّماءْ .

المَوّجُ الأزَرّقُ فِي عَيّنيَّك
يُنَادِيَّنّي نَحَوّ الأَعَمّاقْ ..
إِنِّي أَتَنفَسُ تَحَتُ الّمَاءْ
إِنِّي أَغَرّقْ
أَغَرّقْ
أَغَرّقْ
يَّا كُلَّ الحَاضَرِ والّمَاضِي .. يَّا عُمّرَّ العُمِّرْ
هَل تَسَّمْعُ صَوّتِّي القَاَدِمَّ .. مِّن أَعَمَّاقِ البَحَرْ ؟

أَنا عَنّكِ يَّا حَبِيَّبتّي .. مَا أَخَبّرتّهُمْ
لَكِنّهُمْ .. لَمَحُوّكِ تَغتَسِّلِّيّنَ فِي عِيُّوّنِي
أَنا عَنّكِ يَّا عُمّرِي .. مَا كَلّمتّهُمْ
لَكِنّهُمْ .. قَرَأوَّكِ فِي حِبّرِي وفِي مَكَاتِيَّبي
للّحُبِّ يَّا جَمِيّلِّتّي رَائحَةً .. ولّيسَ بُوّسِعِها
إِنَّ لا تَفُوّحُ .. مَزَارّعُ الِدُرَاقْ .

أَهَطَلُ بِعِيّنيَّكِ كَالسَّحَابَةْ
أَحَمّلُ فِي حَقَائبِي إِليَّهُمَا
تَعَبُ السَّنَوّاتِ .. وتَعَبُ السّفَرْ
أَحَمّلُ إِليَّهُمَا كَنَزًا مِّن الأَحَزَانْ والكَآبَةْ
أَحَمّلُ أَلفَ جَدّوَل .. وأَلفُ أَلفَ غَابَةْ
أَحَمّلُ التَّارِيخَ تَحَتَ مِعْطَفِي .. وأَحَرّفُ الكِتَابَةْ .

وَكُلَّما سَافَرتُ فِي عَينِيَّكِ يَّا حَبِيَّبتي
أَشعُر وكإِنّي أَرَكَبُ سَجَادةً سِحْرِيَّة
فَغَيّمةً وَرّديِّةً تَرَفَعنّي
وغَيّمةً بَنَفسِّجيّةٌ تُنزِلنّي
وبَعدُها أَدُّورُ ..
أدُّورُ فِي عَيِنيَّكِ يَّا حَبِيَّبتي
أَدُّورُ مِّثلَّ الّكُرّةِ الأرَّضيَّة .

لا تَقَلّقِّي مَدىٰ الّدَهرِ
يَّا جَميّلةُ الجَميَّلاتِ
مَا دُمّتِ فِي شِعرِي
وفِي مَكَاتيبِي وفِي كُلَّ كَلِّمَاتي
قَدّ تَكُبرِينَّ مَعَ السِّنِين
وإِنّمَا .. لَمْ تَكبُرِي أبدًا عَلَى أَوَّراقِي
أَبدًا يَّا صَّغِيرّتِي .

كُلَّ نِسّاءِ العَالّميَّنَّ هُوامِشٌّ إلَّاكِ
يَّا مِحْورٌ .. كَالشَّمْسِ للأَفلَّاكِ

وَجَهُكِ تَجَلَّى على عَرّشِ كَوّني
يَّا اِمَرأةً هِيَّ العِشّقُ .. وهِيَّ هَلَّاكِ

لَولَّاكِ مَا شَرِبَ القَرِيضُ مَحْابرِي
أَو كُنتُ يَوّمًا شَاعَرًا صُوّفِيًّا لَولَّاكِ

صَبِيٌّ نَهدِّيكِ .. فِي سَّمَاوَّاتِ فَمِي
سَمْراءُ .. سَجَدَ الّبَدْرُ لحُسِّنُكِ وَلِعِيَّنَاكِ

لو أَنَّ حَوّاء وحُوّريَّاتُ اللهُ وهِبنَ لِي
لعَقَرّتهُّنَّ جَمِعَهُّنَّ عَلَى سَبِيلِ رِضَّاكِ .

لا يَّا صَدّيقَتِّي
لا تَسَّألينّي كَيفَ حَالِّي ؟
إذا كُنتِ تُحبِيَّننّي حقًا
فَإِسَّألي .. كَيفَ هَيَّ حَالُ أَصَّابِعِي ؟