عباد الله: ما أحسن حال من التجأَ إلى رب الأرباب، وما أطيب مآل من انتمى إلى كلِ صالحٍ أواب، ما ألذَّ حديث التائبين، وما أنفعَ بكاءَ المحزونين، وما أعذبَ مناجاة القائمين، وما أمرَّ عيش المحجوبين، وأعظم حسرة الغافلين، وما أشنعَ عيش المطرودين.
عباد الله: إن الأفراد والأمم لمحتاجون لفترات من الراحة والصفاء لتجديد معالم الإيمان، وإصلاح ما فسد من أحوال، وعلاج ما جد من أدواء، وشهر رمضان المبارك هو الفترة الروحية التي تجد فيها هذه الأمة فرصة لاستجلاء تاريخها، وإعادة أمجادها، وإصلاح أوضاعها، إنه محطة لتعبئة القوى الروحية والخلقية التي تحتاج إليها الأمة، بل يتطلع إليها كل فردٍ في المجتمع، إنه مدرسة لتجديد الإيمان، وتهذيب الأخلاق، وتقوية الأرواح، وإصلاح النفوس، وضبط الغرائز، وكبح جماح الشهوات، إنه مضمار يتنافس فيه المتنافسون للوصول إلى قمم الفضائل، ومعالي الشمائل، وبه تتجلى وحدة الأمة الإسلامية.
الصيام مدرسة للبذل والجود والبر والصلة، هو حقًّا معين الأخلاق ورافد الرحمة، ومنهل عذب لأعمال الخير في الأمة.فما أجدر الأمة الإسلامية وهي تستقبل شهرها أن تقوم بدورها! وتحاسب نفسها! وتراجع حساباتها! وتعيد النظر في مواقفها.
إنه فرصة للطائعين للاستزادة من العمل الصالح، وفرصة للمذنبين للتوبة والإنابة، كيف لا يفرح المؤمن بفتح أبواب الجنان؟! وكيف لا يفرح المذنب بإغلاق أبواب النيران؟! يا لها من فرصٍ لا يرحم فيها إلا مرحوم، ولا يحرمها إلا محروم! ويا بشرى للمسلمين بحلول شهر الصيام والقيام!
فَهَيَّا بِنَا -عِبَادَ اللهِ- جَمِيعًا بِلا استِثنَاءٍ، لِنُصلِحِ القُلُوبَ، وَلْنُطَهِّرِ الأَفئِدَةَ، وَلْنُزِلْ مَا في الصُّدُورِ وَلْنُزَكِّ النُّفُوسَ، فَـ (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) لنبعد من قلوبنا ونَجتَثَّ أَيَّ شائبة مِن شِركٍ أَو رِيَاءٍ أَو شَكٍّ، وَلْنَطرُدْ أَيَّ دَخِيلٍ مِن شَحنَاءَ أَو حَسَدٍ أَو بَغضَاءَ، فَقَبِيحٌ بِنَا وَقَد أَقبَلَ شَهرُ الخَيرِ وَدَنَا مَوسِمُ البِرِّ، وَجَاءَ شَهرُ القُرآنِ وَالغُفرَانِ وَالإِحسَانِ، أَن نَرفَعَ أَعمَالاً صَالِحَةً في أَوعِيَةٍ فَاسِدَةٍ، فَوَاللهِ! لَو أَرَادَ أَحَدُنَا أَن يُقَدِّمَ طَعَامًا لأَقَلِّ ضُيُوفِهِ قَدرًا، لاستَحيَا أَن يُقَدِّمَهُ في قَدَحٍ دَنِسٍ، فَكَيفَ -وَللهِ المَثَلُ الأَعلَى- نُقَدِّمُ لِرَبِّنَا وَخَالِقِنَا أَعمَالاً ظَاهِرُهَا الصَّلاحُ وَالنَّقَاءُ وَالصَّفَاءُ، في قُلُوبٍ دَاخَلَتهَا الأَدوَاءُ وَالأَهوَاءُ، وَأَفئِدَةٍ أفسَدَتهَا الشَّحنَاءُ وَالبَغضَاءُ؟!.
أَمَا يَستَحيِي أَحَدُنَا أَن يَدخُلَ عَلَيهِ رَمَضَانُ وَهُوَ عَاقٌّ أَو قَاطِعٌ أَو مُشَاحِنٌ، أَو مُصِرٌّ عَلَى تَنَاوُلِ الحَرَامِ يَسمَعُ قَولَ مَولاهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالى: (وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه غافر الذنوب والخطيئات.
*الخطبـــة.الثانيـــة.cc*
الحمد لله لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمد بن عبد الله وبعـــد
عبـــــــــاد الله :- فليكن رمضان هذا العام مختلف عن كل عام فنؤدي فيه الصيام بشروطه وأحكامه وآدابه ونعزم فيه على التوبة من الذنوب والمعاصي ونرد فيه الحقوق و المظالم إلى أهلها ونستغل أوقاته بالصلاة والقيام وصلاة التراويح والذكر والدعاء وقراءة القرآن .. ولتقم فيه بإصلاح ما فسد من العلاقات فيما بيننا.. بين الأخ وأخيه والجار وجارة ولنصل أرحامنا وعلينا أن نجعل من رمضان نقطة لتزكية نفوسنا وتهذيبها بالأخلاق وعلينا القيام بواجباتنا ومسئولياتنا على أكمل وجه ولنتراحم فيما بيننا فيعطف الكبير على الصغير والغني على الفقير ويرحم القوي الضعيف
فو الله لقد آن لنا نقوم بهذه الأعمال حتى يكتب سبحانه وتعالى لنا الفوز والنجاة في الدنيا والآخرة ولكي ينظر إلينا سبحانه وتعالى برحمته وعفوه فيرفع عنا كل شر ومكروه وبلاء،
كم من الأيام مضت، وكم من الليالي انقضت، وكم من السنوات مرت، وكم عجلة الزمان دارت، وكل ذلك من عمرك ينقص ويزول أيها الإنسان، وأنت في غفلة وغفوة، تضيع في زحمة الحياة وظلماتها، وتتيه في دروب الدنيا وفتنتها، وتنشغل بمتاعها، وتنبهر بزخرفها، وتفنى في جمع حطامها لكن كثيرا ما تنسى نفسك وتهمل روحك، فلا تمنحها حظها من التربية ولا نصيبها من التزكية، و فجأة تنطفئ شمعتك وتغرب شمسك، ويسود الظلام، فتخرج الروح من الجسد وتتوقف الحركة وتنتهي الحياة، ويموت الإنسان وقد ضيّع عمرا طويلا، وفوّت خيرا كثيرا، كبيرا دون أن يدري أن كل سنة لها قيمتها، وكل شهر له مكانته، وكل يوم له قدره والمسلم الفطن الذي
عباد الله: إن الأفراد والأمم لمحتاجون لفترات من الراحة والصفاء لتجديد معالم الإيمان، وإصلاح ما فسد من أحوال، وعلاج ما جد من أدواء، وشهر رمضان المبارك هو الفترة الروحية التي تجد فيها هذه الأمة فرصة لاستجلاء تاريخها، وإعادة أمجادها، وإصلاح أوضاعها، إنه محطة لتعبئة القوى الروحية والخلقية التي تحتاج إليها الأمة، بل يتطلع إليها كل فردٍ في المجتمع، إنه مدرسة لتجديد الإيمان، وتهذيب الأخلاق، وتقوية الأرواح، وإصلاح النفوس، وضبط الغرائز، وكبح جماح الشهوات، إنه مضمار يتنافس فيه المتنافسون للوصول إلى قمم الفضائل، ومعالي الشمائل، وبه تتجلى وحدة الأمة الإسلامية.
الصيام مدرسة للبذل والجود والبر والصلة، هو حقًّا معين الأخلاق ورافد الرحمة، ومنهل عذب لأعمال الخير في الأمة.فما أجدر الأمة الإسلامية وهي تستقبل شهرها أن تقوم بدورها! وتحاسب نفسها! وتراجع حساباتها! وتعيد النظر في مواقفها.
إنه فرصة للطائعين للاستزادة من العمل الصالح، وفرصة للمذنبين للتوبة والإنابة، كيف لا يفرح المؤمن بفتح أبواب الجنان؟! وكيف لا يفرح المذنب بإغلاق أبواب النيران؟! يا لها من فرصٍ لا يرحم فيها إلا مرحوم، ولا يحرمها إلا محروم! ويا بشرى للمسلمين بحلول شهر الصيام والقيام!
فَهَيَّا بِنَا -عِبَادَ اللهِ- جَمِيعًا بِلا استِثنَاءٍ، لِنُصلِحِ القُلُوبَ، وَلْنُطَهِّرِ الأَفئِدَةَ، وَلْنُزِلْ مَا في الصُّدُورِ وَلْنُزَكِّ النُّفُوسَ، فَـ (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) لنبعد من قلوبنا ونَجتَثَّ أَيَّ شائبة مِن شِركٍ أَو رِيَاءٍ أَو شَكٍّ، وَلْنَطرُدْ أَيَّ دَخِيلٍ مِن شَحنَاءَ أَو حَسَدٍ أَو بَغضَاءَ، فَقَبِيحٌ بِنَا وَقَد أَقبَلَ شَهرُ الخَيرِ وَدَنَا مَوسِمُ البِرِّ، وَجَاءَ شَهرُ القُرآنِ وَالغُفرَانِ وَالإِحسَانِ، أَن نَرفَعَ أَعمَالاً صَالِحَةً في أَوعِيَةٍ فَاسِدَةٍ، فَوَاللهِ! لَو أَرَادَ أَحَدُنَا أَن يُقَدِّمَ طَعَامًا لأَقَلِّ ضُيُوفِهِ قَدرًا، لاستَحيَا أَن يُقَدِّمَهُ في قَدَحٍ دَنِسٍ، فَكَيفَ -وَللهِ المَثَلُ الأَعلَى- نُقَدِّمُ لِرَبِّنَا وَخَالِقِنَا أَعمَالاً ظَاهِرُهَا الصَّلاحُ وَالنَّقَاءُ وَالصَّفَاءُ، في قُلُوبٍ دَاخَلَتهَا الأَدوَاءُ وَالأَهوَاءُ، وَأَفئِدَةٍ أفسَدَتهَا الشَّحنَاءُ وَالبَغضَاءُ؟!.
أَمَا يَستَحيِي أَحَدُنَا أَن يَدخُلَ عَلَيهِ رَمَضَانُ وَهُوَ عَاقٌّ أَو قَاطِعٌ أَو مُشَاحِنٌ، أَو مُصِرٌّ عَلَى تَنَاوُلِ الحَرَامِ يَسمَعُ قَولَ مَولاهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالى: (وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه غافر الذنوب والخطيئات.
*الخطبـــة.الثانيـــة.cc*
الحمد لله لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمد بن عبد الله وبعـــد
عبـــــــــاد الله :- فليكن رمضان هذا العام مختلف عن كل عام فنؤدي فيه الصيام بشروطه وأحكامه وآدابه ونعزم فيه على التوبة من الذنوب والمعاصي ونرد فيه الحقوق و المظالم إلى أهلها ونستغل أوقاته بالصلاة والقيام وصلاة التراويح والذكر والدعاء وقراءة القرآن .. ولتقم فيه بإصلاح ما فسد من العلاقات فيما بيننا.. بين الأخ وأخيه والجار وجارة ولنصل أرحامنا وعلينا أن نجعل من رمضان نقطة لتزكية نفوسنا وتهذيبها بالأخلاق وعلينا القيام بواجباتنا ومسئولياتنا على أكمل وجه ولنتراحم فيما بيننا فيعطف الكبير على الصغير والغني على الفقير ويرحم القوي الضعيف
فو الله لقد آن لنا نقوم بهذه الأعمال حتى يكتب سبحانه وتعالى لنا الفوز والنجاة في الدنيا والآخرة ولكي ينظر إلينا سبحانه وتعالى برحمته وعفوه فيرفع عنا كل شر ومكروه وبلاء،
كم من الأيام مضت، وكم من الليالي انقضت، وكم من السنوات مرت، وكم عجلة الزمان دارت، وكل ذلك من عمرك ينقص ويزول أيها الإنسان، وأنت في غفلة وغفوة، تضيع في زحمة الحياة وظلماتها، وتتيه في دروب الدنيا وفتنتها، وتنشغل بمتاعها، وتنبهر بزخرفها، وتفنى في جمع حطامها لكن كثيرا ما تنسى نفسك وتهمل روحك، فلا تمنحها حظها من التربية ولا نصيبها من التزكية، و فجأة تنطفئ شمعتك وتغرب شمسك، ويسود الظلام، فتخرج الروح من الجسد وتتوقف الحركة وتنتهي الحياة، ويموت الإنسان وقد ضيّع عمرا طويلا، وفوّت خيرا كثيرا، كبيرا دون أن يدري أن كل سنة لها قيمتها، وكل شهر له مكانته، وكل يوم له قدره والمسلم الفطن الذي