نقل السيد عطا الله شمس دولت آبادي فقال:
قبل ستين عاماً عندما كنت طفلاً، ذهبت مع والدي للتشرف بزيارة كربلاء ولم يكن هناك آنذاك لا طائرة ولا سيارة للسفر، بل كانت هناك خيل وجمل، وهي وسيلة النقل الوحيدة للزيارة آنذاك.
وكان العرف هو أن يتجمّع المسافرون في كل مدينة ليسيروا في قافلة وفي ليالي الجمعة يقيم كل أهل مدينة مراسم عزاء خاصة بهم في كربلاء.
وكانت كل زاوية من الحرم والرواق والإيوان مختصة بموكب إحدى المدن، ولما كان أهالي "كرمانشاه" الأقرب إلى كربلاء، وكثير منهم مقيم في كربلاء، وعلى تردد دائم إليها، لذلك استأثروا بأفضل مكان لموكبهم، وهو الحرم نفسه وأطرافه.
وعند منتصف الليل يصبح الحرم خاصّاً بالزائرين من أهل كرمانشاه، فيقيمون مراسم الندب واللطم والعزاء.
وفي إحدى ليالي الجمعة، بعد ساعتين من منتصف الليل، كانت هناك مجموعة من أهالي كرمانشاه، وبينهم عدد من الرجال المتديّنين، وقد اجتمعوا في الحرم للعزاء، ولم يكن في الحرم أحد غيرهم وكان الوضع عجيباً، فالرجال المتديّنون و المحترمون قد جلسوا في أطراف الحرم، وفي الوسط حول الضريح مجموعة تلطم صدورها، ويقود المجموعة سيد كبير في السن ومحترم.
وكانت طريقتهم هي أن يسكت قائد المجموعة أحياناً، فيبقى صوت النادبين فقط. وبينما هم كذلك، والصمت عمّ الحرم كلّه لا يمزّقه إلا الندب دون أي كلام، إذ بصوت حزين ينطلق من داخل المرقد ويقول: يا خليل.
عندما سمع النادبون ذلك الصوت، خفّفوا من ندبهم، وحبسوا أنفاسهم، وتوقّفوا عن اللطم، وأدرك الجميع أنّه ينطلق من مرقد سيد الشهداء عليه السلام، وبقي الجميع صامتون ينتظرون سماع الصوت مجدّداً وهو يخرج من المرقد بإعجاز عجيب.
وبالفعل انطلق الصوت ثالثة: يا خليل. فتحرّك الجميع نحو المرقد المطهّر، وخلال ذلك أحسست بضربة قدم شديدة على خاصرتي، فأغمي عليّ.
وعندما أفقت وجدت نفسي بين ذراعَيْ والدي، وهو ينظر إليّ ويبكي وعندما رآني أعود لوعيي سألني: قل لي يا عزيزي ماذا رأيت بدورك؟ ولماذا أغمي عليك؟
فقلت: كنت في الحرم أراقب جماعة الندب ونواح الجالسين، فسمعت صوتاً من داخل الضريح يقول مرتين: يا خليل. ثم التفت الجميع نحو الضريح، وفي الثالثة توجّه الجميع نحو الضريح، وفجأة أُصبت بركلة على خاصرتي وفقدت وعيي.
فقال لي والدي: عزيزي هل تدري من قال يا خليل؟
قلت: كلا.
قال: إنه أبو عبد الله الحسين عليه السلام، عندما رأى الإخلاص في العزاء، ورآه خالياً من الرياء، اشتاق لذلك الجمع، وناداه ثلاثاً يا خليل ليظهر شكره لهم.
📚فيوضات الحسين عليه السلام على المؤمنين /نقلاً عن كشكول الشمس
🌐
https://t.me/irshad_alquloob