دفاعاً عن معرفيّة محمّد غني حكمت..
شاهدتُ حوار الأستاذ نداء كاظم، مع الزميل علي صادق [الرابعة] في برنامج قصّتي، والحديثُ يطول عن تصريحات الأستاذ نداء كاظم في الحلقة، لكنني سأكتفي بتفصيل يخصّ محمّد غني حكمت، أثناء عمله على تمثال الشاعر أبي الطيّب المتنبي، والموجود حالياً في باحة دار الكتب والوثائق.
أعملُ حالياً على مشروعٍ كبير يخصّ حكمت، وهذا ما أتاح لي، أثناء العمل، الرجوع لمئات الصفحات والوثائق والدفاتر التي تخصّ حكمت، والتي أتاحها لي بكرمٍ كبير: ياسر وهاجر محمّد غني، وما وجدتُ حكمت إلاّ رجلاً معرفيّاً، لعدّة أسباب:
- محمّد غني حكمت ذو مكتبة كبيرة، متنوّعة، وهي مكتبةُ قارئ، لا مُستعرض، لأن كتبه واضحٌ عليها الاستعمال والهوامش وغير ذلك.
- في كلّ عملٍ عمل عليه حكمت، كان يتلبّس أجواءه بشكلٍ واضح، وهذا يتضح على كلّ أعماله، التي تكادُ تكون فيها جنبة انطباعيّة، أكثر من كونها جنبة تجسيميّة أو تجسيديّة، مثال على ذلك: بساط الريح، يا ريحان، جدارية الطب العربيّ، وغير ذلك.
- هذا التمثال لا علاقة له بعبود الكرخي، شاعر العاميّة، لعدّة أسباب، منها السيف، الملامح، شكل الشارب، اللحية، والأنا، وهذه كلها تعود للمتنبي، فلم يُعرف عن الكرخيّ أنه ذو أنا عالية، مثل ابن الكوفة العظيم، كما أنّ حركة العباءة هي تجسيدٌ لـ: على قلقٍ كأنّ الريح تحتي - أوجّهها جنوباً أو شمالا.
- ذكر الأستاذ نداء أن المتنبي "كان نحيلاً"، مستنداً على بيتٍ شهير له:
كفى بجسمي نحولاً أنني رجلٌ
لولا مُخاطبتي إيّاكَ لم ترني
وهذا على سبيل المجاز، في إشارة لضنى الاشتياق والتعب، وهو أمر مطروقٌ شعريّاً كثيراً، لكنّه كان فارساً، ذا مهابة، وسيماً، لم يُشر أحد من شرّاح ديوانه، من المعرّي إلى البرقوقيّ وليس انتهاءً باليازجي وسواهم إلى قصرٍ أو نحول أو سقم فيه.
لمحمّد غني حكمت دفترٌ واحد، من ٣٠٠ صفحة، فيه اقتباساتٌ ممّا كان يقرأ، وأدهشني مقدارُ قراءته وتنوّعها، من أقصى الأدب والفلسفة مروراً بتأريخ الفن وليس انتهاءً بالآثار والسياسة والتشريح، فكيف يغفلُ أن يضعَ صفات المتنبي الواضحة على تمثاله؟
ابتعادُ غني عن الشللية، والمقاهي، والسهر، جعل النخبة العراقية تلتقي بمنزله في المنصور، وهذا ما تشير له عشرات الصور الفوتوغرافية، لأدباء وباحثي آثار وأطباء وغير ذلك، ما جعله شخصاً ذا رأس ذكيّ، وليس ذا يدين عبقريّتين فحسب، وهو مثقّف، قارئ، كاتب، نحّات، دؤوب.
أقول قولي هذا دفاعاً عن رجلٍ لم ألتقه في حياتي، لكن لم يشهد النحت العراقي نحّاتاً دؤوباً، ليس في حياته سوى الفن، أكثر من محمّد غني حكمت، حتى الآن!
هوّن على زملائك أستاذ نداء، حزينٌ مشهد الفخّار الذي يكسّر بعضه. خصوصاً وأنكَ إن تابعت سيرة حكمت من ألفها إلى يائها لن تجده قد مسّ أحداً بتصريح أو رأي جارح.
شاهدتُ حوار الأستاذ نداء كاظم، مع الزميل علي صادق [الرابعة] في برنامج قصّتي، والحديثُ يطول عن تصريحات الأستاذ نداء كاظم في الحلقة، لكنني سأكتفي بتفصيل يخصّ محمّد غني حكمت، أثناء عمله على تمثال الشاعر أبي الطيّب المتنبي، والموجود حالياً في باحة دار الكتب والوثائق.
أعملُ حالياً على مشروعٍ كبير يخصّ حكمت، وهذا ما أتاح لي، أثناء العمل، الرجوع لمئات الصفحات والوثائق والدفاتر التي تخصّ حكمت، والتي أتاحها لي بكرمٍ كبير: ياسر وهاجر محمّد غني، وما وجدتُ حكمت إلاّ رجلاً معرفيّاً، لعدّة أسباب:
- محمّد غني حكمت ذو مكتبة كبيرة، متنوّعة، وهي مكتبةُ قارئ، لا مُستعرض، لأن كتبه واضحٌ عليها الاستعمال والهوامش وغير ذلك.
- في كلّ عملٍ عمل عليه حكمت، كان يتلبّس أجواءه بشكلٍ واضح، وهذا يتضح على كلّ أعماله، التي تكادُ تكون فيها جنبة انطباعيّة، أكثر من كونها جنبة تجسيميّة أو تجسيديّة، مثال على ذلك: بساط الريح، يا ريحان، جدارية الطب العربيّ، وغير ذلك.
- هذا التمثال لا علاقة له بعبود الكرخي، شاعر العاميّة، لعدّة أسباب، منها السيف، الملامح، شكل الشارب، اللحية، والأنا، وهذه كلها تعود للمتنبي، فلم يُعرف عن الكرخيّ أنه ذو أنا عالية، مثل ابن الكوفة العظيم، كما أنّ حركة العباءة هي تجسيدٌ لـ: على قلقٍ كأنّ الريح تحتي - أوجّهها جنوباً أو شمالا.
- ذكر الأستاذ نداء أن المتنبي "كان نحيلاً"، مستنداً على بيتٍ شهير له:
كفى بجسمي نحولاً أنني رجلٌ
لولا مُخاطبتي إيّاكَ لم ترني
وهذا على سبيل المجاز، في إشارة لضنى الاشتياق والتعب، وهو أمر مطروقٌ شعريّاً كثيراً، لكنّه كان فارساً، ذا مهابة، وسيماً، لم يُشر أحد من شرّاح ديوانه، من المعرّي إلى البرقوقيّ وليس انتهاءً باليازجي وسواهم إلى قصرٍ أو نحول أو سقم فيه.
لمحمّد غني حكمت دفترٌ واحد، من ٣٠٠ صفحة، فيه اقتباساتٌ ممّا كان يقرأ، وأدهشني مقدارُ قراءته وتنوّعها، من أقصى الأدب والفلسفة مروراً بتأريخ الفن وليس انتهاءً بالآثار والسياسة والتشريح، فكيف يغفلُ أن يضعَ صفات المتنبي الواضحة على تمثاله؟
ابتعادُ غني عن الشللية، والمقاهي، والسهر، جعل النخبة العراقية تلتقي بمنزله في المنصور، وهذا ما تشير له عشرات الصور الفوتوغرافية، لأدباء وباحثي آثار وأطباء وغير ذلك، ما جعله شخصاً ذا رأس ذكيّ، وليس ذا يدين عبقريّتين فحسب، وهو مثقّف، قارئ، كاتب، نحّات، دؤوب.
أقول قولي هذا دفاعاً عن رجلٍ لم ألتقه في حياتي، لكن لم يشهد النحت العراقي نحّاتاً دؤوباً، ليس في حياته سوى الفن، أكثر من محمّد غني حكمت، حتى الآن!
هوّن على زملائك أستاذ نداء، حزينٌ مشهد الفخّار الذي يكسّر بعضه. خصوصاً وأنكَ إن تابعت سيرة حكمت من ألفها إلى يائها لن تجده قد مسّ أحداً بتصريح أو رأي جارح.