الأمر يرتبط بأصل “من تُخاطِب وكيف تُخاطبه”:
أما عن طلبك من الميّت فالميّت غادر الحياة ولا يسمعك ولا يقدر على فعل أيّ شيءٍ دنيويٍّ، لا من تلقاء نفسه ولا بإذنٍ من أحد؛ لأنّ انقطاعه عن الدنيا تامّ.
إذا ناديتَه فأنت تتخطّى السنن التي وضعها الله لخلقه، فتعامله كأنه يملك قوى غيبيّة أو “يشعر بحالك” و”يستجيب”، وهي صفاتٌ من خصوصيّات الله تعالى؛ إذ لا يسمع دعاء الغائب أو الميّت إلّا الله.
بهذا تكون قد أسندت للميّت ما لا يقدر عليه إلّا الخالق، وجعلته ندًّا يشارك الله في خاصيّة القُدرة والاطّلاع على قلوب الناس وحوائجهم؛ فوقع الشرك إن اعتقدت فيه النفع الذاتيّ.
أما عن طلبك من الحيّ العاج فهذا الإنسان لا يملك الوسائل البدنيّة لمساعدتك؛ فهو مشلولٌ، لا يُبصِر الكوب، ولا يسمع نداؤك، ولا ينطق. قد تقول: “ما الفرق إذًا، لا يستطيع الفعل؟”
الجواب أنّه ما زال حيًّا في عالم الدنيا، وما زال بإمكان الله أن يجعل له سببًا إن شاء، أو لا يجعل. أنت لا تُسند إليه قوّة خارقة، بل تُخاطبه بصفته حيًّا حاضرًا. فمجرّد أنه موجودٌ وجودًا واقعيًّا أمامك يُخرِج الفعل من دائرة “الاستغاثة بالغيبيّ” إلى مجرّد “طلب” قد يكون عبثيًّا أو مستحيلًا؛ لكنّه لا يرقى لدرجة الشِّرك؛ لأنّك لم تؤمن بأنّ لديه طاقة غيبية إلهية.
مثال على كلامي إن لو قلتَ لإنسانٍ حيٍّ أعمى ومشلولٍ بجانبك: “ناولني كوب الماء!” فأنت تدرك أنّه قد لا يقدر عمليًّا؛ ولكنّك لم تجعل له ربوبيّةً، ولم تؤمن بأنّه يملك قوّةً خارقة. لو حصل وأراد الله أن ينطقه أو يهيّئ له أداةً ما، فذلك ممكن ضمن دائرة الحيّ الحاضر لا صاحب سلطات أُخرويّة.
أمّا الميّت، فقد خرج عن نطاق الأسباب الدنيويّة كليًّا. حين تناديه برجاء الإجابة، تكون عمليًّا تستدعي قدرات فوق بشريّة (علم الغيب، سماع الدعاء من وراء الحجب، التصرّف الخارق في عالم الأحياء)، وهذا يختصّ بالله تعالى وحده. فمن ادّعى وجود ذلك لغير الله، فقد وقع في الشِّرك.
والخلاصة أن مناداة الميّت طلبٌ لجلب منفعةٍ (أو دفع ضرّ) من كائنٍ انقطعت صلته بالعالم دون سلطاتٍ خاصّةٍ؛ فمَن خاطبه معتقدًا قدرته الكليّة أو الغيبيّة أشركه في مقام الربوبيّة أو الألوهيّة من حيث لا يدري.
مناداة الحيّ العاجز لا تُسند له شيئًا إلا كونَه موجودًا أمامك؛ لا يملك مفاتيح غيبٍ ولا حياةً برزخيّةً تمكّنه من الإجابة، فتظلّ في إطار “طلب عاديّ” - وإن كان مآله الفشل - لكنّه لا يجعل العبد ينقل صفات الله إلى ذلك الشخص.
وبذلك يظهر أصل الفرق وهو إنّ مسألة الشِّرك لا تنحصر في “قدرة هذا/عجزه ظاهريًّا”، بل في “اعتقادنا كونَه مطّلعًا متصرِّفًا بقدراتٍ إلهيّةٍ أو غيبية.”
أمّا الحيّ وإن كان أشدّ عجزًا من الميّت ظاهرًا، فلا يزال في دائرة الطبيعة البشرية المحتملة؛ فلا يقع الطَّالب في شِركٍ لمجرّد أنّه ناشده فعلًا. أمّا أن تجعل من الميّت مستجيبًا للدعاء مشاركًا الله في سمع الغيب ونصرة العباد، فهذا عينُه نقلٌ لصفةٍ لا تليق إلّا بالله تعالى—وهو أسّ الشِّرك.
أما عن طلبك من الميّت فالميّت غادر الحياة ولا يسمعك ولا يقدر على فعل أيّ شيءٍ دنيويٍّ، لا من تلقاء نفسه ولا بإذنٍ من أحد؛ لأنّ انقطاعه عن الدنيا تامّ.
إذا ناديتَه فأنت تتخطّى السنن التي وضعها الله لخلقه، فتعامله كأنه يملك قوى غيبيّة أو “يشعر بحالك” و”يستجيب”، وهي صفاتٌ من خصوصيّات الله تعالى؛ إذ لا يسمع دعاء الغائب أو الميّت إلّا الله.
بهذا تكون قد أسندت للميّت ما لا يقدر عليه إلّا الخالق، وجعلته ندًّا يشارك الله في خاصيّة القُدرة والاطّلاع على قلوب الناس وحوائجهم؛ فوقع الشرك إن اعتقدت فيه النفع الذاتيّ.
أما عن طلبك من الحيّ العاج فهذا الإنسان لا يملك الوسائل البدنيّة لمساعدتك؛ فهو مشلولٌ، لا يُبصِر الكوب، ولا يسمع نداؤك، ولا ينطق. قد تقول: “ما الفرق إذًا، لا يستطيع الفعل؟”
الجواب أنّه ما زال حيًّا في عالم الدنيا، وما زال بإمكان الله أن يجعل له سببًا إن شاء، أو لا يجعل. أنت لا تُسند إليه قوّة خارقة، بل تُخاطبه بصفته حيًّا حاضرًا. فمجرّد أنه موجودٌ وجودًا واقعيًّا أمامك يُخرِج الفعل من دائرة “الاستغاثة بالغيبيّ” إلى مجرّد “طلب” قد يكون عبثيًّا أو مستحيلًا؛ لكنّه لا يرقى لدرجة الشِّرك؛ لأنّك لم تؤمن بأنّ لديه طاقة غيبية إلهية.
مثال على كلامي إن لو قلتَ لإنسانٍ حيٍّ أعمى ومشلولٍ بجانبك: “ناولني كوب الماء!” فأنت تدرك أنّه قد لا يقدر عمليًّا؛ ولكنّك لم تجعل له ربوبيّةً، ولم تؤمن بأنّه يملك قوّةً خارقة. لو حصل وأراد الله أن ينطقه أو يهيّئ له أداةً ما، فذلك ممكن ضمن دائرة الحيّ الحاضر لا صاحب سلطات أُخرويّة.
أمّا الميّت، فقد خرج عن نطاق الأسباب الدنيويّة كليًّا. حين تناديه برجاء الإجابة، تكون عمليًّا تستدعي قدرات فوق بشريّة (علم الغيب، سماع الدعاء من وراء الحجب، التصرّف الخارق في عالم الأحياء)، وهذا يختصّ بالله تعالى وحده. فمن ادّعى وجود ذلك لغير الله، فقد وقع في الشِّرك.
والخلاصة أن مناداة الميّت طلبٌ لجلب منفعةٍ (أو دفع ضرّ) من كائنٍ انقطعت صلته بالعالم دون سلطاتٍ خاصّةٍ؛ فمَن خاطبه معتقدًا قدرته الكليّة أو الغيبيّة أشركه في مقام الربوبيّة أو الألوهيّة من حيث لا يدري.
مناداة الحيّ العاجز لا تُسند له شيئًا إلا كونَه موجودًا أمامك؛ لا يملك مفاتيح غيبٍ ولا حياةً برزخيّةً تمكّنه من الإجابة، فتظلّ في إطار “طلب عاديّ” - وإن كان مآله الفشل - لكنّه لا يجعل العبد ينقل صفات الله إلى ذلك الشخص.
وبذلك يظهر أصل الفرق وهو إنّ مسألة الشِّرك لا تنحصر في “قدرة هذا/عجزه ظاهريًّا”، بل في “اعتقادنا كونَه مطّلعًا متصرِّفًا بقدراتٍ إلهيّةٍ أو غيبية.”
أمّا الحيّ وإن كان أشدّ عجزًا من الميّت ظاهرًا، فلا يزال في دائرة الطبيعة البشرية المحتملة؛ فلا يقع الطَّالب في شِركٍ لمجرّد أنّه ناشده فعلًا. أمّا أن تجعل من الميّت مستجيبًا للدعاء مشاركًا الله في سمع الغيب ونصرة العباد، فهذا عينُه نقلٌ لصفةٍ لا تليق إلّا بالله تعالى—وهو أسّ الشِّرك.