💍 محاسن الكلام 💍
نص كلمة آية الله الفقيه السيد محمد رضا السيستاني (حفظه الله) في ختام بحثه الفقهي لهذا اليوم وذلك بمناسبة ذكرى صدور فتوى الدفاع الكفائي
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا اليوم الثالث عشر من حزيران يصادف الذكرى السنوية التاسعة لصدور فتوى الدفاع الكفائي من على منبر صلاة الجمعة في كربلاء المقدسة. وبعده هبّ العراقيون شيباً وشبّاناً لمقارعة الإرهابيين ودفع شرهم في مشاهد رهيبة قلّ نظيرها في التاريخ القريب. وينبغي أن نستذكر بإجلال وإكبار أولئك الأبطال الذين استرخصوا دماءهم وبذلوا أرواحهم في تلك الملحمة الكبرى، فمنهم من استشهد وذهب الى ربّه مخضباً بدمه، ومنهم من أصيب وربما كانت إصابته بالغة أدّت به الى عوق دائم، ومنهم من لا يزال يقف على السواتر ويواصل القيام بمهمته العظيمة.
ومن المؤكد أنه ليس باستطاعتنا أن نوفي الشهداء الأبرار ولو جزءاً يسيراً من حقوقهم، ولكن لعل من المناسب ونحن على أعتاب زيارة الامام الحسين (عليه السلام) في يوم عرفة وهي من أهم الزيارات وأثوبها أنّ من يوفق منّا لزيارته (عليه السلام) أن يقرأ الزيارة المخصوصة ويهدي ثوابها الى أرواحهم الطاهرة، ومن يكون في الحج يأتي ولو بأشواط من الطواف نيابة عنهم. هذا شيء يسير جداً تجاه تضحياتهم العظيمة ولكنه من أحسن وجوه استذكارهم رحمهم الله. نسأل الله تعالى أن يجعلهم في أعلى عليين ويحشرهم مع الشهداء العظام ولا سيما أنصار الامام الحسين (عليه السلام) .
وقد زرت قبل مدة قبور جمع منهم في وادي السلام فخنقتني العبرة واستصغرت نفسي أمام شموخ أولئك الأبطال، شباب في عمر الزهور اختاروا بإرادتهم الحرة أن يسلكوا طريق الشهادة دفاعاً عن حياض المسلمين وأعراضهم ومقدساتهم.
قرأت على شواهد قبورهم أن بعضهم كان طالباً في الحوزة وآخر خريجاً من الجامعة وثالث كان عاملاً بسيطاً وهكذا الآخرون كلهم من عامة الناس. وقد سمعت من مواقفهم ما يهز المشاعر بل يزيل القلب عن مستقره، وللمثال حدثني والد أحدهم أنه كان قد تخرّج للتوّ من الجامعة، قال: وكنت أمنّي نفسي بتزويجه فهيّأت الدار والمستلزمات واتفقنا على خطبة إحدى القريبات ولكن عندما نادى منادي الجهاد رفض أن يتزوج وقال: أنا ذاهب الى الجبهة، وكلما حاولت ثنيه عن ذلك وإقناعه بالتريث لم ينفع، قال: هذه فرصة أين اجد مثلها؟ مقاتلة البغاة والمارقين بفتوى شرعية يكون المقتول فيها شهيداً يدفن بثيابه بلا غسل ولا كفن، أنّى أجد مثل هذه الفرصة؟ قال قلت له: في غيرك الكفاية فقال: ولكن اذا استشهد غيري فهل يكتب لي ثواب شهادته؟ فقلت له: نحن أسرة ميسورة نساهم بأموالنا في الدعم اللوجستي، والجهاد يكون بالمال كما يكون بالنفس، فقال: وأين الجهاد بالمال من الجهاد بالنفس؟ ألحّ على الذهاب الى الجبهة ولم تطل أيامه حتى جيء به شهيداً.
مقاتل آخر كان في جبهات الشمال وفي اجازته لا يرجع الى أهله بل يذهب متطوعاً الى جبهات الغرب وقد استشهد هناك. مقاتل ثالث كان لا يرضى بالاستفادة من اجازته الا اذا لم يكن لأهله ما يأكلون فيأتي ويعمل بضعة أيام لتوفير المأكل لهم ثم يرجع الى الجبهة وقد استشهد وخلفه العديد من الصغار. وهكذا الآلاف من أمثالهم. صلوات الله ورحمته عليهم وجزاهم عنّا خير جزاء المحسنين .
✋ الامة الحية هي من تمجد عظماءها وتستذكرهم دائماً وفي نسيانهم وعدم المبالات بهم موتها واستعبادها .
ومن أعظم مصاديق العظماء في عصرنا التي عشناها هو كل من لبى نداء فتوى الجهاد ضد أقذر فئة باغية ظالمة مجرمة سفاحة .
وهم من مصاديق قوله تعالى : (( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (٢٠٤) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (٢٠٥) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (٢٠٦) )) البقرة .
وهذا بخلاف من جهاد في سبيل الله فهم من مصاديق قوله تعالى : (( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ )) البقرة ٢٠٧ .
ينبغي علينا جميعاً أن نرد جميل صنعهم و لو بشيء يسيراً فنزورهم ونقرأ لهم سورة القدر سبع مرات ونهدي لهم ثواب بعض الأعمال أو ننوب عنهم ببعضها كختم القرآن ولو بأن يشترك مجموعة يقرأ كل واحد جزءا أو أكثر .
وهكذا نعجل يوماً رسمياً نستذكرهم كل سنة .
وياليت لو نعمل أنشودة لهم على قرار أنشودة ( سلام يامهدي ) .
وهكذا نكرم ذويهم من ذوي حاجات بأن نجمع لهم مبلغا من المال ونقدمه لهم كل منطقة تعمل ذلك .
نص كلمة آية الله الفقيه السيد محمد رضا السيستاني (حفظه الله) في ختام بحثه الفقهي لهذا اليوم وذلك بمناسبة ذكرى صدور فتوى الدفاع الكفائي
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا اليوم الثالث عشر من حزيران يصادف الذكرى السنوية التاسعة لصدور فتوى الدفاع الكفائي من على منبر صلاة الجمعة في كربلاء المقدسة. وبعده هبّ العراقيون شيباً وشبّاناً لمقارعة الإرهابيين ودفع شرهم في مشاهد رهيبة قلّ نظيرها في التاريخ القريب. وينبغي أن نستذكر بإجلال وإكبار أولئك الأبطال الذين استرخصوا دماءهم وبذلوا أرواحهم في تلك الملحمة الكبرى، فمنهم من استشهد وذهب الى ربّه مخضباً بدمه، ومنهم من أصيب وربما كانت إصابته بالغة أدّت به الى عوق دائم، ومنهم من لا يزال يقف على السواتر ويواصل القيام بمهمته العظيمة.
ومن المؤكد أنه ليس باستطاعتنا أن نوفي الشهداء الأبرار ولو جزءاً يسيراً من حقوقهم، ولكن لعل من المناسب ونحن على أعتاب زيارة الامام الحسين (عليه السلام) في يوم عرفة وهي من أهم الزيارات وأثوبها أنّ من يوفق منّا لزيارته (عليه السلام) أن يقرأ الزيارة المخصوصة ويهدي ثوابها الى أرواحهم الطاهرة، ومن يكون في الحج يأتي ولو بأشواط من الطواف نيابة عنهم. هذا شيء يسير جداً تجاه تضحياتهم العظيمة ولكنه من أحسن وجوه استذكارهم رحمهم الله. نسأل الله تعالى أن يجعلهم في أعلى عليين ويحشرهم مع الشهداء العظام ولا سيما أنصار الامام الحسين (عليه السلام) .
وقد زرت قبل مدة قبور جمع منهم في وادي السلام فخنقتني العبرة واستصغرت نفسي أمام شموخ أولئك الأبطال، شباب في عمر الزهور اختاروا بإرادتهم الحرة أن يسلكوا طريق الشهادة دفاعاً عن حياض المسلمين وأعراضهم ومقدساتهم.
قرأت على شواهد قبورهم أن بعضهم كان طالباً في الحوزة وآخر خريجاً من الجامعة وثالث كان عاملاً بسيطاً وهكذا الآخرون كلهم من عامة الناس. وقد سمعت من مواقفهم ما يهز المشاعر بل يزيل القلب عن مستقره، وللمثال حدثني والد أحدهم أنه كان قد تخرّج للتوّ من الجامعة، قال: وكنت أمنّي نفسي بتزويجه فهيّأت الدار والمستلزمات واتفقنا على خطبة إحدى القريبات ولكن عندما نادى منادي الجهاد رفض أن يتزوج وقال: أنا ذاهب الى الجبهة، وكلما حاولت ثنيه عن ذلك وإقناعه بالتريث لم ينفع، قال: هذه فرصة أين اجد مثلها؟ مقاتلة البغاة والمارقين بفتوى شرعية يكون المقتول فيها شهيداً يدفن بثيابه بلا غسل ولا كفن، أنّى أجد مثل هذه الفرصة؟ قال قلت له: في غيرك الكفاية فقال: ولكن اذا استشهد غيري فهل يكتب لي ثواب شهادته؟ فقلت له: نحن أسرة ميسورة نساهم بأموالنا في الدعم اللوجستي، والجهاد يكون بالمال كما يكون بالنفس، فقال: وأين الجهاد بالمال من الجهاد بالنفس؟ ألحّ على الذهاب الى الجبهة ولم تطل أيامه حتى جيء به شهيداً.
مقاتل آخر كان في جبهات الشمال وفي اجازته لا يرجع الى أهله بل يذهب متطوعاً الى جبهات الغرب وقد استشهد هناك. مقاتل ثالث كان لا يرضى بالاستفادة من اجازته الا اذا لم يكن لأهله ما يأكلون فيأتي ويعمل بضعة أيام لتوفير المأكل لهم ثم يرجع الى الجبهة وقد استشهد وخلفه العديد من الصغار. وهكذا الآلاف من أمثالهم. صلوات الله ورحمته عليهم وجزاهم عنّا خير جزاء المحسنين .
✋ الامة الحية هي من تمجد عظماءها وتستذكرهم دائماً وفي نسيانهم وعدم المبالات بهم موتها واستعبادها .
ومن أعظم مصاديق العظماء في عصرنا التي عشناها هو كل من لبى نداء فتوى الجهاد ضد أقذر فئة باغية ظالمة مجرمة سفاحة .
وهم من مصاديق قوله تعالى : (( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (٢٠٤) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (٢٠٥) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (٢٠٦) )) البقرة .
وهذا بخلاف من جهاد في سبيل الله فهم من مصاديق قوله تعالى : (( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ )) البقرة ٢٠٧ .
ينبغي علينا جميعاً أن نرد جميل صنعهم و لو بشيء يسيراً فنزورهم ونقرأ لهم سورة القدر سبع مرات ونهدي لهم ثواب بعض الأعمال أو ننوب عنهم ببعضها كختم القرآن ولو بأن يشترك مجموعة يقرأ كل واحد جزءا أو أكثر .
وهكذا نعجل يوماً رسمياً نستذكرهم كل سنة .
وياليت لو نعمل أنشودة لهم على قرار أنشودة ( سلام يامهدي ) .
وهكذا نكرم ذويهم من ذوي حاجات بأن نجمع لهم مبلغا من المال ونقدمه لهم كل منطقة تعمل ذلك .