Forward from: قصة وعبرة
19 الوَفاءُ بالعَهْدِ ❤️❤️
أتَى شابَّانِ وهُمَا يَقُودَانِ رَجُلًا مِنَ البَادِيَةِ إلَى الخليفَةِ عُمَرَ بْنِ الخطابِ رَضِيَ اللهُ عنْهُ وكَانَ في المَجْلِسِ، فَسألَهُمَا عُمَرُ: ما هذَا؟ قَالَا : يا أمِيرَ المَؤمنينَ، هذَا قَتَلَ أبَانَا.
فَسألَ عُمَرُ الرجلَ إنْ كَانَ كَلامُهُمَا صَحيحًا، فَاعْتَرَفَ بالقَتْلِ، فَسألَ عُمَرُ الشابين كيْفَ قتَلَهُ؟ فقالَا: دَخَلَ بِجَمَلِهِ أرْضنا فَزَجَرَهُ أبي فَلَمْ يَنْزَجِرْ، فَأرْسَلَ على الجَمَلِ حَجَرًا وقَعَ علَى رَأْسِهِ فَمَاتَ الجملُ، فقَامَ الرجُلُ فَأخَذَ الحَجَرَ فَضَرَبَ بِهِ رَأسَ أبِي فَمَاتَ.
قَالَ عُمَرُ: القَصَاص.
قالَ الرجُلُ: يا أمِيرَ المُؤمِنِينَ، أسْأَلُكَ بالذِي فَطَرَ السمَاوَاتِ والأرْضَ أنْ تَتْرُكَنِي لَيْلَةً لأَذْهَبَ إلَى زَوْجَتِي وأطْفَالِي فِي البَادِيَةِ فَأُخْبِرَهُم بأنَّكَ سَوْفَ تَقْتُلُنِي ثمَّ أعُودُ إليْكَ، واللهِ لَيْسَ لَهُمْ عَائِلٌ إلَّا اللهُ ثمَّ أنَا.
قَالَ عُمَرُ: مَنْ يَكْفُلُكَ حتَّى تَذْهَبَ إلى البَادِيَةِ ثمَّ تَعُودُ إلَيَّ؟
فَسَكَتَ الناسُ جَمِيعًا، إنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ اسْمَهُ ولا دَارَهُ ولا قَبِيلَتَهُ فَكَيْفَ يَكْفُلُونَهُ، وهيَ كَفَالَةٌ لَيْسَتْ إلَّا على الرَّقَبَةِ أنْ تُقْطَعَ بالسيْفِ.
عِنْدَئِذٍ الْتَفَتَ عُمَرُ إلَى الشابَّيْنِ وسَألَهُمَا: أتَعْفُوَانِ عَنْهُ؟
قَالَا لَا مَنْ قَتَلَ أبَانَا لَا بُدَّ أنْ يُقْتَلَ يا أميرَ المُؤمِنِينَ.
فقَامَ أبُو ذَرِّ الغِفَارِيُّ بِزُهْدِهِ وصِدْقِهِ وقَالَ يا أمِيرَ المُؤمنينَ أنا أكْفُلُهُ ولَوْ كَانَ قَاتِلًا، لَقَدْ رَأَيْتُ فِيهِ سِمَاتِ المُؤمنينَ فعَلِمْتُ أنَّهُ لَا يَكْذِبُ وسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللهُ.
قَالَ عُمَرُ: يا أبَا ذَرٍّ، أتَظُنُّ أنَّهُ لَوْ تَأخَّرَ بَعْدَ ثَلاثٍ أنِّي تَارِكُكَ؟
قالَ أبُو ذَرٍّ: اللهُ المُستعَاُن يا أمِيرَ المُؤمِنِينَ.
فَذَهَبَ الرجُلُ وأعْطَاهُ عُمَرُ ثَلاثَ لَيال ٍ، يُهَيِّئُ فِيهَا نَفْسَهُ، ويُوَدِّعُ أطْفَالَهُ وأهلَهُ وينْظُرُ فِي أمْرِهِمْ بعْدَهُ ثمَّ يَأتِي لِيَقْتَصَّ مِنْهُ.
وبعدَ ثَلاثِ لَيالٍ لَمْ يَنْسَ عُمَرُ المَوْعِدَ وفي العَصْرِ نَادَى فِي المَدِينَةِ: الصلاةُ جَامِعَةٌ، فَجَاءَ الشابَّانِ، واجْتَمَعَ الناسٌ، وأتَى أبُو ذَرٍّ وجَلَسَ أمَامَ عُمَرَ، فَسأَلَهُ عُمَرُ: أيْنَ الرجُلُ؟ قالَ: مَا أَدْرِي يا أمِيرَ المُؤمنين.
وتلَفَّتَ أبٌو ذَرٍّ إلَى الشمْسِ، وكَأَنَّهَا تَمُرُّ سَريعَةً على غَيْرِ عَادَتِهَا، وسَكَتَ الصحَابَةُ وعلَيْهِمْ مِنْ التأثُّرِ مَالَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللهُ، وقبْلَ الغُروبِ بِلَحَظاتٍ إذَا بالرجُلِ يَأتِي، فَكَبَّرَ عُمَرُ وكَبَّرَ المُسلمونَ مَعَهُ، فَقالَ عُمَرُ: أيُّها الرجُلُ، لَوْ بَقِيتَ في بَادِيَتِكَ مَا عَرَفْنَا مَكانَكَ.
قَالَ الرجُلُ: يا أمِيرَ المُؤمنينَ، واللهِ مَا عليَّ مِنْكَ ولكنْ عليَّ مِنَ الذِي يَعْلَمُ السِّرَّ وأَخْفَى، ها أنَا يا أمِيرَ المؤمنينَ، تَرَكْتُ أطفَالِيَ كَفِرَاخِ الطيْرِ لا مَاءَ ولَا شَجَرَ في البَادِيَةِ وجِئْتُ لأُقْتَلَ، وخَشِيتُ أنْ يُقَالَ لَقَدْ ذَهَبَ الوَفاءُ بالعهْدِ مِنَ الناسِ.
فَسألَ عُمَرُ أبَا ذَرٍّ: لمَاذَا ضَمِنْتَهُ؟
فقَالَ أبُو ذَرٍّ: خَشِيتُ أنْ يُقالَ لَقَدَ ذَهَبَ الخَيْرُ مِنَ الناسِ.
فقَالَ الشابَّانِ وهُما يَبْكِيَانِ: عَفَوْنَا عنْهُ لِصِدْقِهِ، ونَخْشَى أنْ يُقَالَ لَقَدْ ذَهَبَ العَفْوُ مِنَ الناسِ.
قالَ عُمَرُ ودُمُوعُهُ تَسِيلُ على لِحْيَتِهِ: اللهُ أكبَرُ، جزَاكُمَا اللهُ خيرًا أيُّها الشابانِ على عَفْوِكُمَا، وجزَاكَ اللهُ خيرًا يا أبَا ذَرٍّ يَوْمَ فرَّجْتَ عنْ هذا الرجُلِ كُرْبَتَهُ، وجزَاكَ اللهُ خيرًا أيُّها الرجُلُ لِصِدْقِكَ ووَفَائِكَ.
أتَى شابَّانِ وهُمَا يَقُودَانِ رَجُلًا مِنَ البَادِيَةِ إلَى الخليفَةِ عُمَرَ بْنِ الخطابِ رَضِيَ اللهُ عنْهُ وكَانَ في المَجْلِسِ، فَسألَهُمَا عُمَرُ: ما هذَا؟ قَالَا : يا أمِيرَ المَؤمنينَ، هذَا قَتَلَ أبَانَا.
فَسألَ عُمَرُ الرجلَ إنْ كَانَ كَلامُهُمَا صَحيحًا، فَاعْتَرَفَ بالقَتْلِ، فَسألَ عُمَرُ الشابين كيْفَ قتَلَهُ؟ فقالَا: دَخَلَ بِجَمَلِهِ أرْضنا فَزَجَرَهُ أبي فَلَمْ يَنْزَجِرْ، فَأرْسَلَ على الجَمَلِ حَجَرًا وقَعَ علَى رَأْسِهِ فَمَاتَ الجملُ، فقَامَ الرجُلُ فَأخَذَ الحَجَرَ فَضَرَبَ بِهِ رَأسَ أبِي فَمَاتَ.
قَالَ عُمَرُ: القَصَاص.
قالَ الرجُلُ: يا أمِيرَ المُؤمِنِينَ، أسْأَلُكَ بالذِي فَطَرَ السمَاوَاتِ والأرْضَ أنْ تَتْرُكَنِي لَيْلَةً لأَذْهَبَ إلَى زَوْجَتِي وأطْفَالِي فِي البَادِيَةِ فَأُخْبِرَهُم بأنَّكَ سَوْفَ تَقْتُلُنِي ثمَّ أعُودُ إليْكَ، واللهِ لَيْسَ لَهُمْ عَائِلٌ إلَّا اللهُ ثمَّ أنَا.
قَالَ عُمَرُ: مَنْ يَكْفُلُكَ حتَّى تَذْهَبَ إلى البَادِيَةِ ثمَّ تَعُودُ إلَيَّ؟
فَسَكَتَ الناسُ جَمِيعًا، إنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ اسْمَهُ ولا دَارَهُ ولا قَبِيلَتَهُ فَكَيْفَ يَكْفُلُونَهُ، وهيَ كَفَالَةٌ لَيْسَتْ إلَّا على الرَّقَبَةِ أنْ تُقْطَعَ بالسيْفِ.
عِنْدَئِذٍ الْتَفَتَ عُمَرُ إلَى الشابَّيْنِ وسَألَهُمَا: أتَعْفُوَانِ عَنْهُ؟
قَالَا لَا مَنْ قَتَلَ أبَانَا لَا بُدَّ أنْ يُقْتَلَ يا أميرَ المُؤمِنِينَ.
فقَامَ أبُو ذَرِّ الغِفَارِيُّ بِزُهْدِهِ وصِدْقِهِ وقَالَ يا أمِيرَ المُؤمنينَ أنا أكْفُلُهُ ولَوْ كَانَ قَاتِلًا، لَقَدْ رَأَيْتُ فِيهِ سِمَاتِ المُؤمنينَ فعَلِمْتُ أنَّهُ لَا يَكْذِبُ وسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللهُ.
قَالَ عُمَرُ: يا أبَا ذَرٍّ، أتَظُنُّ أنَّهُ لَوْ تَأخَّرَ بَعْدَ ثَلاثٍ أنِّي تَارِكُكَ؟
قالَ أبُو ذَرٍّ: اللهُ المُستعَاُن يا أمِيرَ المُؤمِنِينَ.
فَذَهَبَ الرجُلُ وأعْطَاهُ عُمَرُ ثَلاثَ لَيال ٍ، يُهَيِّئُ فِيهَا نَفْسَهُ، ويُوَدِّعُ أطْفَالَهُ وأهلَهُ وينْظُرُ فِي أمْرِهِمْ بعْدَهُ ثمَّ يَأتِي لِيَقْتَصَّ مِنْهُ.
وبعدَ ثَلاثِ لَيالٍ لَمْ يَنْسَ عُمَرُ المَوْعِدَ وفي العَصْرِ نَادَى فِي المَدِينَةِ: الصلاةُ جَامِعَةٌ، فَجَاءَ الشابَّانِ، واجْتَمَعَ الناسٌ، وأتَى أبُو ذَرٍّ وجَلَسَ أمَامَ عُمَرَ، فَسأَلَهُ عُمَرُ: أيْنَ الرجُلُ؟ قالَ: مَا أَدْرِي يا أمِيرَ المُؤمنين.
وتلَفَّتَ أبٌو ذَرٍّ إلَى الشمْسِ، وكَأَنَّهَا تَمُرُّ سَريعَةً على غَيْرِ عَادَتِهَا، وسَكَتَ الصحَابَةُ وعلَيْهِمْ مِنْ التأثُّرِ مَالَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللهُ، وقبْلَ الغُروبِ بِلَحَظاتٍ إذَا بالرجُلِ يَأتِي، فَكَبَّرَ عُمَرُ وكَبَّرَ المُسلمونَ مَعَهُ، فَقالَ عُمَرُ: أيُّها الرجُلُ، لَوْ بَقِيتَ في بَادِيَتِكَ مَا عَرَفْنَا مَكانَكَ.
قَالَ الرجُلُ: يا أمِيرَ المُؤمنينَ، واللهِ مَا عليَّ مِنْكَ ولكنْ عليَّ مِنَ الذِي يَعْلَمُ السِّرَّ وأَخْفَى، ها أنَا يا أمِيرَ المؤمنينَ، تَرَكْتُ أطفَالِيَ كَفِرَاخِ الطيْرِ لا مَاءَ ولَا شَجَرَ في البَادِيَةِ وجِئْتُ لأُقْتَلَ، وخَشِيتُ أنْ يُقَالَ لَقَدْ ذَهَبَ الوَفاءُ بالعهْدِ مِنَ الناسِ.
فَسألَ عُمَرُ أبَا ذَرٍّ: لمَاذَا ضَمِنْتَهُ؟
فقَالَ أبُو ذَرٍّ: خَشِيتُ أنْ يُقالَ لَقَدَ ذَهَبَ الخَيْرُ مِنَ الناسِ.
فقَالَ الشابَّانِ وهُما يَبْكِيَانِ: عَفَوْنَا عنْهُ لِصِدْقِهِ، ونَخْشَى أنْ يُقَالَ لَقَدْ ذَهَبَ العَفْوُ مِنَ الناسِ.
قالَ عُمَرُ ودُمُوعُهُ تَسِيلُ على لِحْيَتِهِ: اللهُ أكبَرُ، جزَاكُمَا اللهُ خيرًا أيُّها الشابانِ على عَفْوِكُمَا، وجزَاكَ اللهُ خيرًا يا أبَا ذَرٍّ يَوْمَ فرَّجْتَ عنْ هذا الرجُلِ كُرْبَتَهُ، وجزَاكَ اللهُ خيرًا أيُّها الرجُلُ لِصِدْقِكَ ووَفَائِكَ.